عائشة سلطان
(غداء في بيت الطباخة!)
العمل الذي فاز بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55 التي انتهت الأسبوع الماضي، كان رواية (غداء في بيت الطباخة) للروائي المصري محمد الفخراني، وقد جاء الموضوع الذي طرحته الرواية على رأس الأسباب التي رسخت العمل ليتصدر آلاف الروايات والكتب التي زخر بها معرض القاهرة، فما هو ذلك الموضوع؟ إنه الحرب كفضاء جامع وشامل وكأرضية دارت فيها وحولها أحداث وحوارات وعلاقات وفلسفة الرواية!
فمن خلال صداقة أو علاقة مستحيلة بين جنديين ينتميان لطرفي الحرب المتقاتلين، وفي داخل خندق من الخنادق التي يحتمي فيها الجنود وسط جحيم حقيقي من القنابل والموت والجثث والأشلاء، يلتقي جنديان بطريق الصدفة هما في الأصل مدرس تاريخ وطباخ، ليبدآ حديثاً يستدعيان فيه أفكارهما وأسئلتهما الصعبة والوجودية حول الحياة والحب والصداقة الاستثنائية والموت.
في حوار صحفي معه، سئل الروائي عن سبب اختياره الحرب موضوعاً لروايته، فقال: إن الحرب حاضرة دائماً وبقوة في كل مراحل التاريخ الإنساني، بل لعلها واحد من الأسس التي حركت التاريخ ودفعته ليسير بطريقة معينة وفي اتجاه معين، وللحرب حضورها الكبير في حياة البشر باستمرار، في الأمس البعيد الغائر في القدم، وبالأمس القريب واليوم وكل يوم، وها نحن في هذه الأيام المفصلية نشهد واحدة من أبشع الحروب التي تشن على الشعب الفلسطيني في غزة لأكثر من أربعة أشهر متواصلة بهدف اجتثاثه من أرضه، ومحو قضيته العادلة!
يقول الفخراني إن الحرب فكرة مُغوية للكتابة، وبرغم كونها موضوعاً محدداً واضح المعالم، إلا أن الحرب للذين يعانونها ويعيشون في عمق جحيمها تعكس حالات يصل فيها الإنسان إلى أقصى مشاعره، ويكتشف ما لم يكن يعرفه عن نفسه أو يتوقَّعه، ومن خلالها يمكن التأمُّل والتفكير في الحالة البشرية والعالم. لقد منح الفخراني الحرب صوتاً وجعلها تتكلم فقالت عن نفسها «أنا تاريخ لا يُنسى، لكن يتغيَّر بعدي كل شيء!».
يا ترى كيف ستغدو منطقة الشرق الأوسط بعد أن تضع الحرب أوزارها وتسكت طلقات المدافع وأصوات الانفجارات وأزيز الطائرات أخيراً؟ ماذا سيتبقى لهم، وللجميع؟ وكيف سينهض كل شيء من رماده؟
614 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع