نظرات في كتاب (دليل خارطة بغداد المفصل في خطط بغداد قديما وحديثا) تاليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور احمد سوسة .

سمير عبد الحميد

نظرات في كتاب(دليل خارطة بغداد المفصل في خطط بغداد قديما وحديثا) تاليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور احمد سوسة .

الدكتور مصطفى جواد -رحمه الله -غني عن التعريف فهو الباحث والمحقق والخططي واللغوي الذي اغنى المكتبة العربية بكتابات وبحوث قل عنها النظير.

ان تعيين الاماكن القديمة التي ورد ذكرها في كتب التاريخ، وتحديد مواقعها في بغداد الحالية، ليس بالامر الميسور، بل انه من الصعوبة بمكان، نظرا لبعد الشقة بين الحاضر والماضي، وزوال معالم تلك المواقع واثارها كليا وتغير اسمائها بسبب الدمار والتخريب الذي نال بغداد، فالبحث في هذا المجال يحتاج الى جهد كبير ووقت وصبر وعلم ورجوع الى المصادر التاريخية القديمة وماكتبه القدماء والمحدثون في هذا الميدان.
والدكتور مصطفى جواد منذ العشرينيات من القرن الماضي، كان يكتب ويبحث ويحقق في هذا الميدان الشائك فقد كتب بحوثا عديدة عن هذا الموضوع في المجلات والجرائد العراقية وغيرها، كما حقق عدة كتب تاريخية ومخطوطة منها كتاب الحوادث الجامعة لمؤلف مجهول اعتقد الدكتور جواد في وقته انه لابن الفوطي فنشره ونسبه الى ابن الفوطي سنة1934 الا انه تراجع عن هذه التسمية بعد اعتراض بعض العلماء. وحقق ايضا تاريخ ابن الساعي وتلخيص مجمع الاداب لابن الفوطي سنة 1964 وغيرها لذا فهو جدير بالتقدبرللجهود التي بذلها في هذا الشان. ومن خلال قراءاتي المتكررة لكتاب خارطة بغداد وقراءاتي لكتب الخطط لاحظت وجود اختلاف بين الاوصاف التاريخية للمواضيع وبين ما سطره الدكتور الجواد، فرايت من الامانة العلمية والبحث عن الحقائق ان اكتب هذه النظرات، مشيرا في ذات الوقت الى المصادرالتي استندت اليها في هذا الشان والله المستعان:
نهر عيسى:يقول الدكتور -رحمه الله- واما النهر الرئيس الذي كان ياخذ من نهر الفرات وينتهي الى دجلة جنوب بغداد، وهو النهر الذي كان نهر الرفيل (نهر عيسى)احد فروعه فصار يعرف باسم (نهر عيسى الاعظم )لتميزه عن نهر عيسى( الفرع )وقد سماه اليعقوبي بهذه التسمية فقال: ((ان نهر عيسى الاعظم الذي ياخذ من معظم الفرات تدخل فيه السفن العظام التي تاتي من الرقة ويحمل فيها الدقيق والتجارات من الشام ومصر تصير الى فرضة عليها الاسواق وحوانيت التجارلاتنقطع في وقت من الاوقات فالماء لاينقطع))......ويقول ايضا (وقد ذكر فرع بغداد ابن سعيد المغربي في جغرافيته قال وينزل من الفرات نهر عيسى فيصب في دجلة بين القرية والرملة، وهو من الانهار الكبار التي تخرج من الفرات فيسقي من الضياع عدد ايام الشهور) نستخلص مما تقدم انه كان في غربي دجلة نهران باسم نهر عيسى الاول هو نهر عيسى الرئيس وقد سماه بعض المؤرخين باسم نهر عيسى الاعظم كان ياخذ من نهر الفرات وينتهي الى دجلة جنوب بغداد بمسافة اثني عشر كيلومترا منها وكانت الوسائط النهرية التي تنقل تجارات الشام ومصر تسير بطريق هذا النهر حتى تدخل نهر دجلة ثم تصعد فيه حتى تصل بغداد ومما يدل على ان نهر عيسى الاعظم هذا كان من الانهار الواسعة التي تصرف قسما كبيرا من مياه الفرات ان بعض المؤرخين العرب اعتده فرعا من الفرات ينتهي الى دجلة فقد ذكر النويري في كتابه نهاية الارب في فنون العرب: ان الفرات بعد ان يمر بهيت ويتجاوز الانبار ينقسم قسمين قسم ياخذ نحو الجنوب قليلا وهو المسمى بالعلقمي والقسم الاخر يسمى نهر عيسى وهو منسوب لعيسى بن علي بن عبد الله بن عباس وهو يصب في دجلة اما النهر الثاني فهو عيسى(الفرع)الذي يتفرع من نهر عيسى الرئيس فيمتد شرقا بموازات نهر الصراة العظمى من الجنوب حتى ينتهي الى دجلة في جوف مدينة بغداد. انتهى كلام الجواد.اما نص النويري فهو:يمتد (اي نهر الفرات)حتى يمر بهيت والانبار فاذا جاوزها انقسم قسمين:قسم ياخذ نحو الجنوب قليلا وهو المسمى بالعلقم ،ينتهي الى بلاد سورا وقصر ابن هبيرة والكوفة والحلة الى البطيحة التي بين البصرة وواسط والقسم الاخر يسمى نهر عيسى منسوب الى عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ،وهو ينتهي الى بغداد،ويمر حتى يصب في دجلة.من نص النويري،ان الفرات ينقسم الى نهر الفرات الاصلي الذي يصب في البصرة والقسم الاخر هو نهر عيسى الوحيد الذي يدخل الى بغداد ويصب في دجلة وهو المقصود بالاعظم.اما الدكتور عماد عبد السلام رؤوف فقد اشار في كتابه خطط بغداد في دراسات المحدثين ان الدكتور صالح احمد العلي الذى اغنى علم الخطط من اول بحث لهوان اهم ما توصل اليهمن الناحية الخططية انه لم يثبت وجود نهر اخر يحمل اسم عيسى في نهاية القسم الجنوبي من غربي بغداد وذلك استنادا الى سكوت المصادرالكامل عن مسالة وجوده فنقض بذلك- وان لم يصرح تصريحا- اهم ما كان مصطفى جواد واحمد سوسة قد اثبتاه في دراستهما لخطط هذا الجانب ،انتهى كلام الدكتور عبد السلام رؤوف
موقع دار الخلافة العباسية في بغداد
في صفحة 157 من الكتاب يقول :(وكانت قصور الخلفاء جنوب المدرسة النظامية تشغل مع البساتين الملحقة بها مساحة واسعة من الارض تمتد على ضفة دجلة الى مسافة زهاء كيلومتر واحد ،وقد سورت بسور على هياة نصف دائرة ،ابتداؤه من ضفة دجلة جنوب محلة سوق الثلاثاء عند شريعة السموءل وانتهاؤه الى دجلة جنوبا عند شريعة المربعة الحالية او نحوها ،وصارت تعرف هذه القصور وملحقاتها من ابنية وبساتين باسم دار الخلافة.......وكان للسورالذي يطوق هذه الدار تسعة ابواب رئيسة،وهي من الشمال باب الغربة سمي بذلك لان شجرة غرب كانت نابتة بالقرب منه وكان قريبا من ضفة دجلة مجاورا لمشرعة الابريين (شريعة سوق السموءل)......ثم باب البستان قبل ان يصل السور الى الباب الذي يليه،وهو الباب المسمى باب المراتب وكان بالقرب من ضفة النهر...انتهى. ويفهم من اعلاه ان باب المراتب يقع عند شريعة المربعة او نحوها قرب ضفة نهر دجلة.
في الصفحة149 يقول وفي سنة 383ه عقد بهاء الدولة البويهي جسرا بين مشرعة القطانينومصب نهر عيسى من الجانب الغربي وبين سوق الثلاثاء من الجانب الشرقي ويعلق في الهامش مشرعة القطانين تقابلاليوم مشرعة بيت الايلجي قرب دار النواب على شاطيء دجلة الغربي وعلى هذا يكون الطرف الشرقي في شارع المحاكم المدنية المعروف يشارع المتنبي انتهى الهامش ولكن ابن الجوزي اورد عقد الجسر في المنتظم في حوادث سنة383 هجرية على النحو التالي(وفي يوم الاربعاء لاربع بقين من جمادى الاولى وقع الفراغ من الجسر الذي عمله بهاء الدولة في مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد انتهى كلام ابن الجوزي وقد حدد موقع الجانب الشرقي من الجسر بحضرة دار مؤنس فاين يقع دار مؤنس هذا
يقول في الصفحة128 وفي اوائل القرن الرابع الهجري اقام الامير مؤنس المظفردار فخمة عظيمة على دجلة في شمال قصور الخلفاء وفي قسم من هذه الدار انشئت فيما بعد المدرسة النظامية على عهد السلاطين السلاجقة والامير مؤنس هذا كان قائد جيش الخليفة المقتدر وقد اعلن عصيانه وخلع الخليفة في سنة 320 ثم نصب الخليفة القاهر في مكان اخيه المخلوع غير ان القاهر لم يلبث ان امر بقتل مؤنس في السنة الثانية من توليه الحكم فقتل يستفاد ان الجهة الشرقية للجسر انشئت في دار مؤنس المظفر اي في المحاكم المدنية اي في شارع المتنبي الحالي وبما ان المدرسة النظامية قد انشئت كذلك في دار مؤنس فانها تقع في شارع المتنبي والان لنرى العلاقة بين موقع المدرسة النظامية وباب المراتب الذي هو الباب الجنوبي لدار الخلافة العباسية في بغداد في كتاب تاريخ بغداد تحقيق الدكتور بشار عواد ص36(وذكر ابن الجوزي انه استقر اي ابن الخطيب في حجرة بباب المراتب بدرب السلسلة جوار المدرسة النظامية )وبما ان النظامية تقع في شارع المتنبي بجوار باب المراتب فان باب المراتب يقع في شارع المتنبي وهو الباب الجنوبي لدار الخلافة حسب قول الجواد فان دار الخلافة يقع في ابنية وزارة الدفاع القديمة في الباب المعظم وليس بين شارع السموءل والمربعة كما قال الجواد..

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

836 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع