أحمد العبداللّه
المجوس يبغضون(القعقاع)..وما تُخفي صدورهم أكبر!!
تعدُّ معركة القادسية؛(15هجرية -636م), واحدة من أهم وأبرز المعارك الفاصلة في التاريخ العربي الإسلامي, لأنها كانت بداية النهاية للإمبراطورية الفارسية الكسروية المجوسية وتحطيمها, والتي كانت تسيطر على نصف العالم القديم. ولذا نستطيع أن نفسّر هذا الكمّ الهائل من الحقد والبغضاء الذي يضمره الفرس للعرب والمسلمين, والذي ما يلبث أن يتفجر كبركان يضطرم ويكاد يتميّز من الغيظ للانتقام والثأر من العرب وتشويه الإسلام والسعي لهدمه من الداخل بعد دخولهم له ظاهريًّا, متى ما وجد أيَّ فرصة للتعبير عمّا تكنّه صدورهم. ومن هنا نشأت وابتدأت حركات الزندقة والشعوبية*.
كان موقف المسلمين حرِجًا في يومها الأول, فثلاثون ألف مقاتل بمواجهة (200)ألف من جيش الفرس العرمرم المعزّز بـ(33)فيل, والتي تماثل الدبابات والمدرعات في عصرنا الحاضر. فكتب الخليفة عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح(رضي الله عنهما), بأن يُرسل تعزيزات من الشام إلى العراق لمؤازرتهم، فأرسل أبو عبيدة ستة آلاف مقاتل, يتقدّمهم(القعقاع بن عمرو التميمي), الذي وصفه الخليفة أبو بكر الصدّيق(رضي الله عنه),بأنه؛(رجل بألف رجل). ومع تباشير فجر اليوم الثاني للمعركة وصل القعقاع على رأس ألف مقاتل, فكان ذلك سببًا مهمًّا في رفع معنويات الجنود المسلمين واستبشارهم بالنصر.
وقد أقدم القعقاع على خدعة حربية بارعة تدلّل على دهائه وحنكته, فقسَّم فرقته إلى أعشار، وانطلق أول عشرة وفي مقدمتهم القعقاع، ثم تبعتهم العشرة الثانية، وهكذا حتى اكتملوا. وأدّى ذلك إلى إيهام الفرس بأن ألوفًا مؤلّفة من المقاتلين قد وصلت من الشام، فشعروا باليأس والوهن، وحذا حذوه قادة مدد الشام جميعهم. وكان القعقاع يشدُّ من أزر جند المسلمين بخطبه الحماسية وارتجاز الشعر الملحمي, لتحريضهم على القتال والصمود والمصابرة, ويصيح بهم؛(إن النصر مع الصبر).
طلب القعقاع المبارزة, وهو الفارس الشجاع ذو البأس الشديد الذي لا يُشقُّ له غبار, والذي خبره الفرس جيدا في معارك تحرير العراق، فبرز له القائد الفارسي(بهمن جاذويه), وهو من صناديد فارس, فحمل عليه القعقاع وقتله، ثم طلب من يبارزه مرة أخرى، فخرج قائد آخر اسمه(البيرزان)، فضربه بالسيف وأطاح برأسه, فانهارت معنويات الجيش الفارسي وهم يرون خيرة قادتهم قد هلكوا. وانتهى اليوم الثاني لصالح المسلمين، وأثبت القعقاع قدرة وقوة المسلمين وشجاعتهم ودهاءهم في القتال.
وتمكّن القعقاع من تحييد خيّالة الفرس في الميدان، وذلك بإلباس الجِمال خرقًا وبراقع، فنفرت منها خيل الفرس وولّت هاربة. وأبلى المقاتلون العرب المسلمون بلاءًا عظيمًا في اليوم الثالث للمعركة, واستمر القتال بدون توقف خلال الليل, وكانت هذه هي التجربة الأولى لجيش المسلمين في(القتال الليلي), وسُمّيت هذه الليلة الأخيرة بـ(ليلة الهرير), والتي انجلت عن نصر كبير وباهر, كان(القعقاع)أحد أبطاله المتميّزين.
هذا استعراض موجز لجانب من مآثر هذا القائد العربي المسلم, والذي تفتخر الأمّة الإسلامية جمعاء بتاريخه وبطولاته وشجاعته, وسعت لتخليده واستذكاره عن طريق الكتب والمناهج الدراسية والأفلام والمسلسلات, ليكون منارة تقتدي به الأجيال. وفي بلدنا العراق تردّد اسمه كثيرًا إبان حربنا الدفاعية العادلة مع الفرس المجوس(1980-1988), وأطلق اسمه على مدارس وأحياء سكنية وشوارع ومصانع وساحات, وغير ذلك. كما كان الاسم الرمزي للفرقة الرابعة في الجيش العراقي(سابقًا), هو(قوات القعقاع).
وبيت القصيد من هذا الاستعراض, هو إنه في سنة 2010 عُرضت معاملة تخص صرف أموال لترميم وتوسيع بناية مدرسة متوسطة في بغداد/ حي الخضراء, تحمل هذا الاسم الخالد؛(القعقاع), على المدعو(خضير الخزاعي)؛وزير التربية(الدعوجي)في حكومة الهالكي الأولى. وما أن وقَعت عينه على الاسم, حتى أصابه مسّ من الجنون, وتذكّر كيف كان لهذا البطل العربي الإسلامي صولات وجولات مع الفرس المجوس في معارك تحرير العراق في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب(رضي الله عنه), يوم جعل(كسراهم)يتجرّع(كأس السم), كما تجرّعه خميني الدجال في القادسية الثانية. فهمّش على المعاملة بما يلي؛(لن تتم الموافقة على صرف أي اعتماد مالي لهذه المدرسة حتى تغيّر اسمها البغيض)!!!.
إن هذا الزنديق, الذي رضع الحقد والبغضاء على العرب والمسلمين من أثداء فارسية مجوسية!!, قد تكلّم هذه المرّة بدون(التقية)المعهودة. قال تعالى؛((قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)).
.............................
* من شدّة بغض الفرس المجوس للإسلام والمسلمين, فقد أوعزوا لحثالاتهم بعد احتلال العراق بتغيير تسمية محافظة(القادسية), والتي تشرّفت بحمل هذا الاسم باعتبار إن المعركة الخالدة قد دارت رحاها ضمن نطاقها الجغرافي!!!.
1604 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع