د.شورش حسن عمر
يا رئيس الوزراء الى متى لم تجد لنا مخرجا بين مطرقتكم وسندان حكومة الاقليم؟!!
ان القانون لايعبر عن الارادة العامة الا من خلال ضمان احترام الدستور، مع الاسف في بلدنا انتهك الدستور الى ابعد الحدود وفي شتى المجالات ، أهمها خرق مبدأ المساواة المواطنيين امام القانون في الحقوق والواجبات، الأمر الذي يعصف بجميع الحقوق والحريات المقررة في الدستور لهم. فيا للعجب والمفارقة، الموظف والمتقاعد العراقي التابع للحكومة الاتحادية سوف يستلم راتبه الشهري بالتمام والكمال في الشهر الذي يستحقه ، في حين نفس الموظف العراقي التابع لما يسمى بحكومة اقليم كوردستان يحلم اذ استلم راتبه الشهري بعد أكثر من شهر أو شهرين ، ناهيك عن المتقاعدين الذين قد يصل الى ثلاثة اشهر في بعض الأحيان !!
وهنا نتساءل أليس حقوق موظفي الاقليم في ضمان رواتبهم الوظيفية والتقاعدية، تقع ضمن المسؤليات الاساسية للحكومة الاتحادية بمعناها الواسع، أي وقوع هذه المسؤلية على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، لاسيما رئيس رئيس الوزراء الذي بيده السلطة الفعلية وكذلك رئيس الجمهورية الذي تولى هذا المنصب على حساب حصة الاقليم بناء على التوزيع الطائفي للمناصب السيادية في العراق، وهما باعتبارهما حاميا للدستور وفق منطوق المادة (67) منه . وذلك في حالة انتهاك هذا الحق الدستوري المقرر للموظفين والمتقاعدين في الاقليم من قبل سلطات اقليم كوردستان بأية ذريعة مبررة أو غير مبررة من الناحية القانونية، فمن المفروض على السلطات الاتحادية المذكورة التدخل لمنع هذا الانتهاك ، كون الحكومة الاتحادية مسؤولة حصرا في كل المسائل المالية من ضمنها الرواتب في كافة انحاء واقاليم الدولة الفدرالية، أستنادا الى نص المادة (110/ثالثا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي بموجبها منح الاختصاصات المالية بيد الحكومة الاتحادية حصرا حينما نصت على ان( تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية: أولا:.... ثانيا: .... ثالثا- رسم السياسة المالية،والكمركية،وأصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة التقنية وأنشاء البنك المركزي وادارته). اذن وفق النص المذكور اليس من الواجب ومسؤلية الحكومة الاتحادية التحرك لمنع هذا التجاوز على الحقوق الدستورية للمواطنيين في الاقليم منذ عام 2014 أي حوالي عقد من الزمن، وبشتى الوسائل اللاقانونية، كسرقة رواتب الموظفين تحت ماكان يسمى بنظام الادخار السيئة الصيت، وعدم صرف الرواتب لشهور عديدة وتأخرها، والعجب في الأمر ان ما يسمى بحكومة الأقليم مستمرة على ممارسة هذه السياسة لحد كتابة هذه السطور بشتى الذرائع اللامنطقية ومنها تحمل الحكومة الاتحادية مسؤولية كل ذلك دون وجه حق !!
ونحن هنا نتساءل ان كان الأقليم لا يأبه بحياة المواطنين وحقوقهم في ممارسته لهذه السياسة الجائرة، فبماذا نفسر سكوت الحكومة الاتحادية ازاء هذه التجاوزات على حقوق الموظفيين والمتقاعدين في عدم استلام رواتبهم بانتظام كحال اخوتهم في الحكومة الاتحادية، مع الاسف ان السكوت يمكن ان يفسر بانه في معرض الحاجة بيان ، اي هي علامة الرضا من الحكومة الاتحادية على سياسة تجويع جزء من الشعب العراقي من قبل الآغوات الاقليم، وهي انتهاك صريح لمباديء دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وروحه، والا كان بامكان الحكومة الاتحادية من خلال اتباع عدة الوسائل والآليات اجبار الاقليم على دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين في مواعيدها اسوة بزملائهم في الحكومة الاتحادية، أستنادا الى مجموعة النصوص الدستورية منها المواد(2/أولا/ ب وج ، 5، 13،14، 46، 105، 106و 111) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وذلك ألتزاما بهذا الدستور وتنفيذا لنصوصه .
لقد وجدنا ان الحكومة الاتحادية قد مارست الضغوط على حكومة الاقليم اواخر عام 2017 بعد فشل الاستفتاء الشعبي التي اجريت في نفس العام من قبل حكومة الاقليم بخصوص تقرير مصير اقليم كوردستان في العراق بالانفصال او البقاء ضمنه ، اذ سيطرت الحكومة الاتحادية بعد اجراء الاستفتاء على حركة المطارات المتواجدة في الاقليم وكذلك على المعابر الحدودية التي تربط الاقليم بالدول المجاورة، وقد أخضعت الحكومة الاتحادية كافة منافذ الحيوية لحكومة الاقليم تحت سيطرتها ، مما ادى الى استسلام حكومة الاقليم لجميع مطالب الحكومة الفدرالية. فاذا كان بامكان الحكومة الاتحادية اخضاع حكومة الاقليم لمطاليبها الدستورية في اي وقت تشاء ، فلماذا هي ساكتة عن التجاوزات الدستورية لهذه الحكومة على الحقوق الاساسية لمواطني الاقليم من الموظفين والمتقاعدين ؟!
عليه نضع السلطات الاتحادية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية أمام المسؤلية التاريخية لهذه المرحلة الحساسة في تاريخ شعبنا، بان يبذلوا كل جهودهم وبموجب نصوص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ومبادئه السامية، بان يحفظوا كرامة شعب الاقليم من خلال ضمان حقوقه الدستورية في التمتع بكافة حقوقه المقررة في الدستور استنادا الى مبدأ المساواة الواردة في المادة(14) من دستور جمهورية العراق، بان يجعلوا مواطني الاقليم من الموظفين والمتقاعدين التمتع بحقوقهم الاساسية من استلام الرواتب والامتيازات الاخرى المقررة لهم في مواعيدها الشهرية المقررة اسوة بزملائهم القاطنيين تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، وبعكسه يثبت لنا بان تلك السلطات الاتحادية ليسوا الا زوبعة امام سلطات حكومة الاقليم، وانهم فعلا تابعين لسلطات حكومة الاقليم على العكس من كل التجارب الفدرالية، الامر الذي يتنافى مع كل المباديء والاسس المقررة في الدستور الفدرالي، والخاسرفي هذه التجربة المرة الفريدة ليس الا مواطنيين من الموظفين والمتقاعدين الذين لاحول لهم ولاقوة ، فمن الذي يحمي حقوق هؤلاء المستضعفين امام بطش وظلم الحاكمين الذين ياكلون التراث اكلا لما، ويحبون المال حبا جما !!
واختم كلامي بقول الجواهري هذا:
وتساءل المتعجبون لحالة نكراء من هم أهل هذا الدار ؟
هي للذين لو أمتحنت بلاءهم لعجبت من سخرية الأقدار !!
795 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع