سقوط إخوان المسلمين و انقشاع عهد الشعارات الدينية السياسية الخاوية

                                         

                         د.سامان سوراني

من الواضح بأن الدولة العصرية و تنمية المجتمع العصري لا يمكن أن تبنی بأفكار الماضين و نماذجهم و أدواتهم. فالحكم بالإستناد الی الشريعة الدينية بغض النظر الی المصدر للوصول الی الحاكمية الإلهية أو الخلافة الإسلامية وسلطة المرشد الآمن بوجود طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص، يٶدي الی عجز الإدعاء و مآله الفشل.

"حزب الحرية والعدالة" الذي إدّعی بأن وراءه حشد بشري كـ"خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أُذن الجوزاء منه زمازم تجمع فيه كل لسن وأمةٍ" بدأ بالتهويل و رفع الشعارات الإسلامية و طرح المفاهيم و الأفكار والأنماط المستقاة من نظريات سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي و هدد بسيفه بدايةً غرق في سحر السلطة من غير أن يقدر حجمه الحقيقي ووزنە السياسي. فإذا به مكون من مكونات المجتمع المصري لا غير وإذا ببطلان شعارات المشروع الأصولي الفارغة والخادعة حول شرعية الرئيس المنتخب بالأكثرية عبر الوسيلة الديمقراطية. فالفكر الأصولي القابع في عقول هدامة لا يمكن أن ينجح في تجارب المعرفة والديمقراطية والتنمية.

بعد ثورة ٢٥ ینایر ٢٠١١، التي جرت من غير قائد تاريخي أو بطل ملهم أو زعيم أوحد، يمارس الوصاية على الثورة ويحتكر السلطة ، تم مشاهدة أداء نواب جماعة الإخوان وسلوك قادتها ورموزها وتنصلهم من وعودهم التي أطلقوها أو اتفاقات أجروها مع قوی وأطراف أخری بالإضافة الی إعتماد الإخوان تحالفاً مع جماعات سلفية جهادية أو راديكالية و تعظيمهم مصالح الجماعة على مقدرات الدولة و فشلهم في إدارة أمور أكبر بلد عربي لمدة سنة.

إن بقاء "الإخوان" في واجهة المشهد سوف يٶثر فیه سلباً و المهتم بأوضاع مصر أو مايسمی بأرض الكنانة يعلم جيداً بأن عودة الجماعة مرتبطة بإنهيار الدولة و مٶسسات الجيش والشرطة أو عبر تدخل خارجي عسكري يأتي بها إلى القصور والبرلمان وهذا ما لا يمكن تصوره في المستقبل القريب.

من لا يريد أن يخدع نفسه يعرف بأن فشل تجربة "الإخوان" لە آثاره و تداعياته علی الأحزاب الإسلامية في البلدان الأخری و حتی علی الأحزاب الاسلامية في کوردستان، التي لا تهتم بمصير أبناء جلدتها في غرب كوردستان أو ما يسمی بكوردستان سوريا بل تبكي علی عزل الرئيس محمد مرسي و سقوط نظامه ، الذي أراد أن يقبض علی الأمر في مصر ، فهي بذلك فقدت مصداقيتها و شعبيتها و أخفقت في حمل الأمانة

و إدارة الدفة لتكون مرجعاً ومثالاً ومع هذا يعاند قادتها و رموزها و يستخدم الأساليب المتنوعة تحدياً للفشل الذي وقعوا فيه ومارسوه.

في تصورنا هناك قواعد حاكمة يجب أن يخضع لها الجميع و خاصة إخوان المسلمين والذي يسعي متطرفوهم وراء شهوة إقصاء كل طرف آخر إلا الحلفاء من دعاة العنف وأصحابه لفرض قواعد شاذة من خلال العنف والإرهاب في مواجهة النقاش المتعقل والحوار الصريح البناء و كلام قادتهم يعيدنا إلى ما قبل الثورة، أي إلى نظام الاستبداد الذي طوت صفحته ثورة يناير.

و مشروع إقامة الدولة الثيولوجية ، الذي سعی الیە الدكتور محمد مرسي والذي ركؔز على «الأخونة» من دون التنمية وخلق المشاكل وفجؔرها بدلاً عن حلها، و يسعی اليه آخرون في غير مكان من غير جدوی ، فانه يحمل الإسلام ما لا طاقة له على حمله، ويسيء إليه بقدر ما يؤدي إلى انتهاك القيم الدينية على يد حراسه وحماته.

الرصاصة التي خرجت من السلاح بعد بيان الفريق عبد الفتاح السيسي وإقرار عزل الرئيس مرسي لن تعود اليه، لذا من المستبعد أن ننتظر عودة الرئيس المخلوع مرسي الی سدة الحكم في مصر، فالعجلة تدور ولاتتوقف حتی وأن أصرؔ الجماعة علی الموت في سبيل الشرعية، كما جاء علی لسان المرشد محمد بديع.

وختاماً يقال: "إن من يملك حساً نقدياً وعقلاً منفتحاً، لا يركن إلى ما يطرح من الشعارات، سيما من جانب الذين يمارسون الوصاية على الناس بوصفهم ملاك الحقيقة وحراس القضايا والأوطان والبلدان، فضلاً عن ملاك الدين الذين يوظفون الاسم والرمز والفكرة، لأهوائهم وأحقادهم، أو لنفاقهم وفسادهم، أو لإرهابهم ووحشيتهم."

الدكتور سامان سوراني

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

972 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع