اسماعيل مصطفى
المبادئ والقيم بين الشعار والتطبيق
لا يختلف إثنان عادةً بشأن أهمية وضرورة الإلتزام بالمبادي والقيم الانسانية سواء على الصعيد الخاص (الشخصي) أو العام (الاجتماعي) لما لهذه القيم والمبادئ من تأثير كبير ومصيري على مسيرة الشخص والمجتمع على حدّ سواء، ونقصد هنا تحديداً القيم المثمرة والمبادئ السليمة والايجابية.
ما يهمّنا في هذه المقالة المقتضبة هو الإجابة عن التساؤل التالي: لماذا يحيد الانسان عن قيمه ومبادئه عندما يخوض غمار التجارب المختلفة وما تشتمل عليه في الغالب من تحديات وصعوبات تارة، ومغريات دنيوية لا يمكنه مقاومتها والتخلي عنها تارة أخرى؟
تكمن الإجابة عن هذا التساؤل الجوهري والحيوي في معرفة أنه ليس كل من تكلّم وتحدث بالقيم والمبادئ يعرف حقّاً ما هي القيم والمبادئ التي يجب التحلي والالتزام بها، كما انه ليس كل من عرف أو سمع بهذه القيم والمبادئ سيلتزم بها وبتطبيقاتها، وهذه حقيقة نلمسها مراراً وتكراراً وبوضوح على أرض الواقع، وهي تعتبر من أخطر الحقائق وأشدها مرارة في حياة المجتمعات لأن التنصل عن القيم والمبادئ أو توظيفها بشكل سيء في مرحلة معينة وظرف خاص لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية على حساب الآخرين، ثم ما يعقب ذلك من التنكر لتلك القيم والمبادئ فيه أضرار ومساوئ كثيرة جدّاً، ويصل الأمر في كثير من الاحيان بهؤلاء وأمثالهم إلى محاربة ومجابهة كل من يحمل تلك القيم والمبادئ ويريد الدفاع عنها، وهذا الأمر واضح وبيّن لكل من شاهد بأمّ عينيه كيف تلوّن الكثيرون كالحرباء بعد أن كانوا يتحدثون في مراحل سابقة عن أهمية وضرورة الالتزام بالقيم والمبادئ لكنهم انقلبوا على أعقابهم عندما تسلقوا إلى السلطة على أكتاف وجهود وأتعاب ودماء وجماجم الآخرين وباعوا كل شيء من أجل الاحتفاظ بالمنصب ومغرياته؛ بل خان هؤلاء الضالّون والمنحرفون بلدهم وشعبهم وسحقوا على ضمائرهم ووجدانهم ولبسوا الأثواب التي تتلون بها الحرباء لتلاءم لون المحيط الذي تعيش فيه، وما شاهدناه خلال العقود القليلة الماضية خصوصاً في العراق كفيل بالكشف عن طبيعة هذه الحالة النفاقية وما تنطوي عليه من مخاطر جمّة سببها الشخصية النفعية والانتهازية التي لا همّ لها سوى تحقيق مصالحها الدنيئة والوضيعة حتى وإن كان حصل ذلك على حساب مصالح الشعب وأتعابه وجهوده الهائلة وغمط حقوقه المشروعة في العيش النبيل والحرّ الكريم.
898 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع