د. محمد البرزنجي
بالرغم من توقف الجولة الأولى من الحراك العربي الغربي دون حل الأزمة المصرية، فما زلت متفائلاً كمؤرخ وباحث بدور رئيسي وفعال لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة في فك الاشتباك بين طرفي الأزمة المصرية، وذلك للأسباب التالية
اولاً: ان الرأي العام المصري حساس جدًا فيما يتعلق بالدور الأمريكي، بل يعتبره الكثيرون تدخلاً خارجيًا.
ثانياً: وإن كانت مصر بحاجة لكل جهد صادق أوروبي أو غير ذلك لحل أزمتها الخطيرة.
ثالثاً: بالمقابل فإن الدور العربي الإسلامي وبالأخص الدور الخليجي مقبول لدى الشعب المصري لأنه صادر من أشقاء عرب مسلمين
رابعاً: إن الدبلوماسية الأمريكية لا تدفع بالأمور إلى الحل إلا بقدر ما يتعلق بالحفاظ على المصالح القومية لها بغض النظر عما يقال في الإعلام
خامساً: القيادة الأمريكية الحالية قيادة متحفظة في علاجها السياسي مترددة تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، وهذا لا ينفع في المحنة المصرية التي تتأزم يومًا بعد يوم ...
سادساً: ان القيادات الخليجية تدرك أن المستفيد الوحيد من هذه الأزمة أولاً الحكومة الإسرائيلية وبالدرجة الثانية المحور الإيراني, والخاسر الأكبر مصر وبقية الدول العربية.
وكي نضع النقاط على الحروف نقول:
هنالك مبادرات مصرية خالصة طرحها عقلاء مصر وحكماؤها، وفيها نقاط مشتركة تستطيع أن تنزع فتيل الأزمة، وبالتالي فإن دعم دول الخليج لهذه المبادرات المصرية البحتة وبالسرعة المناسبة هو الباب الأفضل لحقن دماء المصريين والحفاظ على الأمن القومي المصري وتماسك العالم الإسلامي المضطرب أصلاً.
ولعل الحل الأنجع والله أعلم،
يتمثل في إطلاق سراح جميع المعتقلين
ووقف الحملات الإعلامية المضادة
وعودة الرئيس المنتخب إلى قصر الرئاسة،
ولكن بشرط أن يتنازل عن شطر صلاحياته لرئيس وزراء من غير الإخوان يرتضيه الجميع، وتشكيل حكومة شراكة حقيقية، وتعيين
موعد محدد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية لا تتجاوز أشهرًا
إن تغليب منطق الإقصاء والاستبداد بالحكم تدهور في مسار المشروع الحضاري للأمة الإسلامية..
وبالمقابل فإن تغليب منطق الانقلابات على مبدأ الحوار انتكاسة في الوعي العربي، ثم إن مصر وبقية دول الجوار العربي بحاجة إلى تماسك المؤسسة العسكرية المصرية، بعيدًا عن الصراع السياسي الداخلي, ودخول مصر - لا سمح الله - في دوامة الإقصاء والتهميش والعنف لا يخدم أيًا من العرب والمسلمين, لذلك بات من واجب الجميع منع مصر من الوصول إلى هذه الهاوية وباستطاعة قادة مجلس التعاون الخليجي القيام بهذا الدور المشرف.. ولا يقل أهمية عن هذا الدور السياسي، دور القيادات الإعلامية والعلمية في تهيئة الأجواء للحوار وعدم شيطنة الطرف الآخر، وأقول لرجال الإعلام وأصحاب القنوات الفضائية: اتقوا الله في دماء شعب مصر, لا تصبوا الزيت على النار, فلمصلحة من هذا الشرخ بين أبناء الشعب الواحد؟! إننا مسئولون جميعًا أمام الله عن كل كلمة نلقيها تزيد النار اشتعالاً.
ولنا (في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام وثنائه على صنيع السيد الهاشمي الحسن رضي الله عنه)، خير دافع ومشجع لتبني الحوار والصلح، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأخيرًا يا قادة العالم الإسلامي: الحياة الدنيا مواقف نسجلها على أنفسنا ثم نحملها على عواتقنا ونمضي بها إلى بارئنا فالله الله في هذه الأمة.
1276 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع