الاستراتيجية الجديدة في المنطقة! ‏

محمدواني ‏

الاستراتيجية الجديدة في المنطقة! ‏

الأهداف الاستراتيجية لامريكا في منطقة الشرق الأوسط بعد هجمات سبتمبر عام 2001 على المركز ‏التجاري العالمي في نيويورك والتي أمتدت اثارها المدمرة الى العراق وأفغانستان من خلال غزو البلدين ‏واسقاط نظامي الحكم فيهما (أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003) هي نشر الفوضى وعدم ‏الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة وفق المشروع القديم الجديد المسمى (الفوضى الخلاقة)، فنشبت ‏سلسلة من الثورات "الربيعية" في العالم العربي ضد الأنظمة الشمولية (2011) وسقوط عدد منها ، ما ‏شكل أولى الخطوات باتجاه تطبيق المشـروع الأمريكي على أرض الواقع.. فانتشر العنف الطائفي والعرقي ‏على نطاق واسع ً، ودبت الفوضى في كثير من الدول المفصلية في المنطقة، كاليمن والعراق وسوريا ‏وليبيا وتونس، ودول أخرى أكبر وأوسع نفوذاً، جري إدخالها بالقوة في المشـروع الفوضوي الأمريكي، ‏كتركيا وإيران‎.‎

وتركّز اهتمام الدوائر الغربية على منطقة الشـرق الأوسط لانها من أكثر مناطق العالم استجابة لدعوات ‏العنف والفوضى والثورات الدموية قديما وحديثا . ‏
ويتلخص مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي ؛ بتدمير كل ما هو قائم، ومن ثم إعادة بناءه من جديد ، وفق ‏مصالحها الاستراتيجية.. ومن أكثر المفكرين الذين تحدثوا عن هذا المشروع (صامويل هانتنكتون)، ‏صاحب نظرية (صراع الحضارات)، حيث بنى نظريته على أساس أن الصراع العالمي القادم سيكون ‏حضارياً ، مع التركيز على معاداة الحضارة الإسلامية التي يرى أنها لا يمكن بحال أن تنسجم مع ‏الحضارات الأخرى.. والنظرية تعني باختصار "أنه عندما يصل المجتمع إلى أقصـى درجات الفوضى ، ‏المتمثلة في العنف الهائل ، وإراقة الدماء ، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف لدى الجماهير، فإنه يصبح ‏من الممكن بناؤه من جديد، بهوية جديدة، تخدم مصالح الجميع‎."‎‏ ‏
وجاءت (كوندوليزا رايس)، لتتبنى المشروع ، وتجرّبه على أمم وشعوب الشـرق الأوسط بكاملها، كحقول ‏تجارب بشرية بحجة أن حكومتها تريد نشـر الديمقراطية ، بعد عمليات فوضوية عارمة تشمل المنطقة ‏بأكملها! حيث قالت صراحة أن "(الولايات المتحدة) ستلجأ إلى نشـر الفوضى الخلاقة في الشـرق الأوسط ‏، في سبيل إشاعة الديمقراطية‎"‎‏ وهذه هي نتائج الديمقراطية العظيمة التي بشرت بها "رايس"حيث لا توجد ‏بقعة واحدة في المنطقة دون اضطراب وقلاقل وصراعات دموية. ‏
وكان لظهور (داعش) المفاجئ ، في العراق وسوريا، ودخول روسيا في المشهد السوري (2015)، ‏وتوسيع إيران وتركيا لنفوذهما في المنطقة ، وصمت أمريكا والدول الغربية المريب من استعمال القوة من ‏جانب القوات العسكرية العراقية والحشد الشعبي ضد الكرد في مدينة كركوك بعد عملية استفتاء الانفصال ‏التي جرت عام 2017.. ‏
كل هذه الأحداث المتتابعة ، دخلت ضمن إطار التحضيرات الأمريكية لترسيخ مشـروعها الاستعماري ‏الفوضوي في المنطقة، وجرّها إلى دوامة العنف الشديد وتدميرها باسم الديمقراطية، وإعادة تأهيلها، ‏وتأديبها (من أول وجديد)!.‏
ولكن ما لم يكن بالحسبان ولا على الخاطر اندلاع الحرب المباغتة بين روسيا وأوكرانيا في قلب أوروبا ، ‏ما دفع بامريكا والدول الغربية الى تغيير استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط بشكل كامل والتركيز على ‏سير الحرب في أوكرانيا التي قد تتحول بحسب بعض الدوائر السياسية الى حرب عالمية ثالثة لاتبقي ‏ولاتذر. ‏
وظهرت اولى بوادر هذا التغيير الطاريء في الاتفاقية التي ابرمت بين ايران والسعودية بوساطة الصين ‏المنافسة الرئيسة لامريكا في قيادة العالم! وتطبيع الأوضاع بين سوريا والدول العربية وزيارة الرئيس ‏بشار الأسد الى تلك الدول وكذلك الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الوزراء العراقي "محمدشياع ‏السوداني" الى إقليم كردستان والتوصل مع قادة الكرد وعلى رأسهم رئيس الإقليم "نيجيرفان بارزاني" الى ‏اتفاقية وفق بنود الدستور لتصفير المشاكل العالقة بين الطرفين وفتح صفحة جديدة في العلاقات بما يخدم ‏مصلحة الشعوب العراقية ويرسخ الاستقرارفي المنطقة.‏

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1445 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع