د.رمضان مهلهل سدخان
كلية آلآداب / جامعة البصرة
فعالية التواصل غير اللفظي في المقابلات التلفزيونية
يشير التواصل غير اللفظي، أي التواصل بدون استخدام الكلمات، إلى الطرق التي يستخدمها الأفراد في نقل شتى صنوف المعلومات التي تفصح عن عواطفهم واحتياجاتهم ونواياهم ومواقفهم وأفكارهم دون استخدام اللغة اللفظية، أي باستخدام الكلمات، تلك اللغة التي درجَ الناس على استخدامها. إن عملية التواصل، اللفظية منها وغير اللفظية، لم تعدّ خصيصة بشرية فقط، بل تتعداها لتشمل موجودات أخرى مثل الحيوانات وحتى النباتات منها حسب معطياتٍ تفرضها عليها قوانين طبيعة عيشها.
يتواصل الأفراد مع بعضهم البعض في اللحظة التي يتقابلون فيها، إن لم يكن ذلك عن طريق التواصل اللفظي، فإنه يكون عن طريق التواصل غير اللفظي. كما أن الناس يتواصلون فيما بينهم من أجل تلبية احتياجاتهم، ونقل الرسائل، والأفكار، والمعلومات، والمشاعر وتبادلها مع بعضهم البعض.
ونظراً الى الدور المهم الذي يلعبه التواصل غير اللفظي، قامت الباحثة تقى محمود محمد، من قسم اللغة الانكليزية / كلية الآداب / جامعة البصرة بتقصّي فعالية هذا النوع من التواصل البشري عبر رسالتها الموسومة "فعالية التواصل غير اللفظي في المقابلات التلفزيونية" التي نوقشت صباح يوم الثلاثاء 28-3-2023. وأظهرت الدراسة بأن هناك الكثير من العناصر غير اللفظية التي تؤثر على الرسالة التي ينقلها الأشخاص أثناء عمليات التواصل اليومي؛ الأمر الذي يعني بأن التواصل الناجح يعتمد بشكل كبير على الاستخدام الفعال لهذا النوع من التواصل. ودرستْ الباحثة ذلك من خلال أخذ عشر عيّنات، هي عبارة عن مقابلات تلفازية أجريت باللغة الانكليزية، وطبّقتْ عليها نموذج مهرابيان )1972, 1982) المسمّى بـ PAD (أي المتعة والإثارة والهيمنة) ونموذج باترسون (1995،2001) المسمى بـ "نموذج العملية المتوازية" الذي يفيد في تفسير الحركات الجسدية التي يقوم بها المتحدّث وتِبيان معاني لغة حسده.
وكان الهدف وراء هذا الدراسة هو الكشف عن أن كفاءة نقل نوايا المتحاورين عن طريق التواصل غير اللفظي تضارع كفاءة النقل عن طريق التواصل اللفظي، علاوة على الكشف عن الكيفية التي يقوم بها هذا النوع من التواصل من إماطة اللثام عن بواطن شخصيات المتحاورين، والإفصاح عن مشاعرهم وخلجاتهم. أظهرت النتائج بأن التواصل غير اللفظي أمر يحدث في كل عملية للتواصل؛ إذ يستغرق ما يتراوح بين (20.8%) و(92.1%) من الوقت أثناء كل عملية تواصلية، وبالفعالية نفسها التي يتّصف بها التواصل اللفظي.
وبرهنت الباحثة عن أن المتحاورين عبر تواصلهم غير اللفظي بإمكانهم أن يعكسوا شخصياتهم على اختلاف أنواعها؛ إن كانت طيبة، متواضعة، ودودة، مهذبة، محترمة، لطيفة، صارمة، جادة، قوية، واثقة النفس، خجولة، حييّة، نشطة، أو هادئة. فضلاً عن أن المتحاورين يمكنهم أن يكشفوا عن مشاعرهم حتى بدون أن ينطقوا بكلمة واحدة، سواء أكانت حالتهم تنم عن السعادة، أم الحزن، أم الحماس، أم الغضب، أم غير ذلك من الحالات، مما يُظهر تأثر اختيار الإشارات غير اللفظية واختلافها باختلاف مشاعرهم. هذا، وقد أظهرت نتائج الدراسة الحالية بأن التواصل غير اللفظي هو النوع السائد في كل رسالة ينقلها الأفراد فيما بينهم، كما أنه يحتل الجزء الأكبر من مجموع عملية التواصل بأكملها، مما يُبرز فعالية التواصل غير اللفظي الذي يحتلّ نسبة كبيرة في حوارات الأفراد.
يُذكَر بأن هذه الدراسة تتكون من خمسة فصول. يتضمن الفصل الأول ملاحظات تمهيدية، وبيان المشكلة، وأهداف الدراسة، وفرضياتها، والأسئلة التي طرحتها، ونطاقها، والمنهجية المتبعة فيها. بينما يعطي الفصل الثاني ملمحاً حول التواصل اللفظي وأنواعه ووظائفه واستخداماته. بعد ذلك، يعرّج صوب تصنيفات التواصل غير اللفظي وتمظهراته من خلال (تعابير الوجه، وسلوك العينين، وحركات الجسد، ودرجة الصوت)، ووظائفه، وغير ذلك. ويغطي الفصل الثالث منهجية البحث، وينطوي على معلومات حول الإجراءات المتبعة فيه، والعينات المستخدمة وأساليب تحليلها. وانصبَّ الفصل الرابع على تحليل تلك العينات المختارة، لتنتهي الدراسة بالفصل الخامس الذي أعطى الاستنتاجات المتوصَّل إليها وهي أن التواصل غير اللفظي يشكّل ركناً أساسياً من أركان التواصل بين بني البشر حتى من دون أن ينبسوا ببنت شفة.
1465 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع