نزار جاف
العراق يغرق ليس في الفساد فقط
قائمة طويلة وعريضة جدا من التهم التي يوجهها قادة مايسمى ظلما بالعراق الجديد الى نظام حزب البعث والتي صارت من ضمن الادبيات التي تستخدمها ليس الاجهزة الامنية العراقية ضد المعتقلين على خلفية سياسية، بل وحتى الساسة أيضا عندما يقومون بسرد مساوئ حزب البعث وماجلبه على العراق من مصائب وکوارث، لکن لايتکرم هٶلاء الساسة بالحديث عن ماقدموه للشعب العراقي منذ 9 نيسان 2003، ولحد شباط 2023، من مکاسب ومنجزات؟
أکثر مالفت ويلفت نظري هو ماقد ورد کثيرا في أدبيات الاحزاب الشيعية العراقية بخصوص إن نظام حزب البعث قد جاء الى الحکم بقطار أنکلو ـ أمريکي، وقطعا فقد إتهموا ذلك النظام بالتبعية للولايات المتحدة الامريکية بشکل خاص، لکنهم لم يتجشموا تفسير عناء الاختلافات الحادة التي حدثت بين الطرفين بصورة مقنعة بل إنها إستندت دائما على ماکان ملالي إيران يرددونه وهذه الاحزاب تعيد إجتراره من بعدهم، لکنهم لايحدثوننا عن القطار الذي جاء بهم والذي صار يعلمه القاصي قبل الداني.
العراق في عهد البعث لم يکن تابعا لأية دولة أخرى في العالم ومن بينها الولايات المتحدة ذاتها، وهذه حقيقة دامغة أثبتتها مواقف العراق الدولية سواءا أيام الحرب الباردة بين المعسکرين الرأسمالي والاشتراکي أو مابعده وحتى 9 نيسان 2003، لکن وفي ظل عراق مابعد البعث والذي إضافة ل"العراق الجديد" يصفونه أيضا ب"الحر"، هل أصبح من حيث علاقته بدول العالم أفضل وصار متمتعا بمساحة أکبر من الاستقلالية في القرارين السياسي والاقتصادي؟!
لاأتحدث هنا عن الفساد السياسي والاقتصادي في العراق حيث يغرق هذا البلد به من قمة رأسه الى أخمص قدميه، فقد صار حديثا مملا من کثرة تکراره وتقديم الادلة الدامغة على ذلك، لکنني أتحدث عن فساد التبعية أو التبعية الفاسدة لنظام الحکم في العراق للقوى الخارجية وفي مقدمتها نظام الملالي في إيران الذي يعتبر صاحب حصة الاسد من حيث نفوذه وهيمنته على العراق، إذ ليس من الصعب فقط بل وحتى من المستحيل أن تجد دولة أخرى تابعة لقوى خارجية(طبعا بإستثناء اليمن ولبنان وسوريا)، کما هو الحال مع العراق حاليا، إذ أن التبعية هنا هي تبعية لامثيل لها إلا في العصور الوسطى وتحديدا خلال عهد الاستبداد الکنسي!
نظام الملالي صار من حيث هيمنته ونفوذه في العراق أشبه بالبابا في عهد الاستبداد الکنسي وکيف کان يقوم بالتلاعب بالممالك والامبراطوريات القائمة في أوربا تبعا لما تتطلب ليس مصلحته وفقط بل وحتى أهواءه، وإن الحديث عن أي تقدم أو إصلاح أو تغيير إيجابي حقيقي في العراق، هو بمثابة جدل بيزنطي لاجدوى من ورائه أبدا، إذ أن التغيير ليس في العراق فقط بل وحتى في لبنان واليمن وسوريا مرتبط جدليا بالتغيير في إيران، حيث إنه وطالما بقيت العمامة تحکم في طهران فأقرأوا الفاتحة على حدوث التغيير الايجابي في هذه الدول الاربعة!
2381 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع