عبدالكريم إبراهيم
مسلسل (فدعة)مشكلة اللهجة وبطء الحركة
استلهام الأحداث التاريخية، وإعادة صياغتها بصورة درامية يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ حتى تكون بقدر الموضوع المطروح. لم تسمح لي الظروف في وقتها من مشاهدة المسلسل المحلي (فدعة) على قناة العراقية، ولكن التفاتة جيدة من الأخيرة في إعادة عرضه الذي يبدو من وهلة الأولى إن الإمكانيات المادية متوفرة للدخول في هكذا موضوع ،لان هذا النوع من المسلسلات يتطلب قدرات مادية وفنية ضخمة. برغم من هذه الصفة نجد المسلسل كان متواضعاً جداً،ولم يكن بحجم (فدعة) تلك المرأة التي طالما أشادت بها المصادر التاريخية والسن الرواة من راجحة العقل والفطنة والإمكانية الشعرية والحكمة حتى ضُرب بها المثل. كم من الملاحظات التي يمكن أن تسجل على المسلسل منها : انشغاله بالشخصيات الثانوية وترك صلب القضية (فدعة). ولعل الصياغة التاريخية لم تكن موفقة في محاكاة إحداث تلك المرحلة الزمنية، ربما يعود إلى قلة المصادر، وعدم الرجوع لأهل الاختصاص في الموضوع . أكثر من يعيق نجاح المسلسلات الريفية والبدوية هي اللهجة التي يجب إن يكون الممثلون على قدرة كبير منها. وفي الغالب يلجأ القائمون على هذا النوع من الأعمال على الاستعانة بخبراء اللهجات كي يرجعوا النصوص حتى نجد في المسلسلات العربية ممثل من أهل المدينة يجيد اللهجة الصعيدية والبدوية بشكلٍ بارع. ولكن في مسلسل(فدعة) اختلطت الأمور، لم يستطع الممثلون إن يكونوا بقدر لجهة الدراجة، فجاءت هجينة فاقدة الهوية المكانية والزمانية. وكذلك مشاهد حركة الفرسان والسيطرة عليهم يبدو كأنها جامدة خالية من روح الحركة التي تتطلب أن ينطلق الفارس بسرعة البرق للإبلاغ خبر مهم أو تحري أمر ما، وكان الأجدر الاستعانة ببدائل يجدون ركوب الخيل كما في مسلسلات الحركة والاكشن فضلا عن تكرار بعض المشاهد لمرات عديدة، ولد نوعاً من الملل الحركي وجماد الصورة .
وأيضا هناك بعض المخالطات التاريخية العشائرية كما في شخصية( الفريضة ) حيث صورت على أنها صاحبة مكيدة ودعاء شريرين، ولكن المتعارف عنه إن (الفريضة العشائرية)هي صاحبة (بخت)مما يجعلها ملجأ المتخاصمين للمقاضاة والتحكيم، ولا يصل إلى هذه المرتبة إلا نفر قليل من الناس امتازوا راجحة العقل والفراسة ومخافة الله وسبحانه وتعالى، ومطلعة على السنن العشائرية وغيرها من البديهيات التي تتصف بها (الفريضة).
المسلسل كان يمكن إن يكتب له النجاح لو تجاوز هذا بعض السلبيات لاسيما انه فتح الباب إمام توظيف التاريخ بطريقة درامية يجعل العراقيين يتمتعون بمشاهدة عمل محلي متكامل،سبق لهم سمعوا عن بعض شخصياته من أفواه الأجداد. هذا النوع من المسلسلات يحتم على القائمين مسؤولية تاريخية وفنية يستطيعون من خلالها عرض الموضوع بصورة مشوقة خالية من بعض الهفوات اللغة والثوابت التاريخية.
1479 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع