أحمد العبدالله
إيران؛(القرادة)التي تعتاش على دم العراق
هنالك تحالف استراتيجي بين الفرس والغرب عمره أكثر من خمسة قرون, منذ أن(شيّع) الصفويون بلاد فارس بالحديد والنار. وكلاهما يتفقان على إن الإسلام(السُنّي) هو الخطر الأكبر عليهما, لذا وجب محاربته ومحاولة القضاء عليه بكل الطرق والوسائل. وتنظيما؛ القاعدة وداعش هما أداتان مرحليّتان في ذلك المشروع الخبيث, وهما الوجه الآخر للميليشيات الإجرامية الطائفية. فلغرض شيطنة الإسلام والمسلمين لدى شعوب الغرب, لابد من اختراع تنظيم ارهابي يُلصَق بأهل السُنّة والجماعة, لتأليب الرأي العام الغربي عليهم, وشن الحروب ضدهم, وتدمير مدنهم وقتل وتهجير أكثر ما يمكن منهم. وما يجري منذ حين, يثبت بالدليل الدامغ ما ذكرته.
وإذا كان هناك تنظيم خدم المخطط الإيراني الشيطاني خلال العقود الثلاثة الأخيرة, فهو تنظيم القاعدة وصِنْوه داعش المشبوهان. وإيران لا يهمها مصير الشيعة العرب إذا ما قتل منهم داعش أيَّ عدد, فهم بالنسبة لها وقود رخيص لتحقيق أهدافها العدوانية التوسعية العنصرية في أرض العرب. كما إنه من جهة أخرى, يُزيد من ارتماء الشيعة في الحضن الإيراني. خصوصا مع وجود مراجع فرس يقلّدهم غالبية الشيعة العرب, وبذلك أحكمت ايران قبضتها عليهم من الجانبين.
وتنظر إيران للعراق المستقل المقتدر بمثابة مصدر تهديد لها حاضرا ومستقبلا، ولا يمكنها أن تنسى أبداً تجرّع دجالها(خميني)كأس السم على يد العراقيين خلال حربنا الدفاعية العادلة معها، ولذلك تسعى للهيمنة عليه وإضعافه والحيلولة دون بناء دولة قوية ستشكل خطرا عليها. ولقد انتهزت الاحتلال الأمريكي وتغلغلت من خلال حثالاتها وأتباعها, في مختلف مفاصل الدولة العراقية، وأوجدت طبقة سياسية مرتبطة بها؛ طمعا أو خوفاً أو ولاءاً(طائفيا)، لكي تضمن مصالحها من خلالها بشكل قانوني.
وتمكنت عن طريق هذه الطبقة السياسية الفاسدة من شرعنة ميليشياتها وإدخالها في هيكلية السلطة وأمدّتها بكل أسباب الدعم كي تبتلع الدولة كما هو الحال مع حرسها الثوري. ووظفت هذه الميليشيات العابرة للحدود لتهديد دول الجوارالعربي واستهدافها انطلاقا من الأراضي العراقية. كما عملت على طمس هوية بعض المناطق، وممارسة التغيير السكاني في مناطق أخرى عبر تلك الميليشيات الولائية. جاعلة من العراق(بقرة حلوب), وسخّرت موارده لتمويل ميزانيتها المفلسة واقتصادها المنهار وعملتها النقدية التي وصلت إلى أدنى من الحضيض, والالتفاف على العقوبات التي فرضت عليها, وتصدير بضاعتها الرديئة للعراق وتهريب العملة الصعبة إليها عن طريق مزاد البنك المركزي اليومي لبيع الدولار, وغير ذلك. فهي كالقرادة*الطفيلية التي تمتصّ الدم من ضرع الشاة, لكي تعتاش!!.
واستراتيجية إيران في حماية نظامها, تقوم على نقل معاركها إلى خارج حدودها, لتكون بمثابة(مصدات ودروع) تحميها, بدلا من مواجهة أعدائها بعقر دارها. وهي (لا ترى ضيراً في سبيل الحفاظ على المركز(إيران) من تدمير تلك الدروع والمصدات)**. وهذه المصدات هي التي أسمتها من باب الخداع والتقية؛(دول محور المقاومة)!!.
وإيران تعتبر العراق جزءاً من إمبراطوريتها وإحدى محافظاتها، وهو ما عبّر عنه المدعو علي يونسي مستشار الرئيس روحاني ووزير الاستخبارات في حكومة الرئيس خاتمي إذ صرّح بكل صلافة ووقاحة, قائلا؛(إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي)!!. وقبله قال يحيى رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري والمستشار العسكري الحالي لخامنئي؛(حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة, بل تصل إلى جنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط)!!. في إشارة إلى حدود الامبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام.
وبلا أدنى خجل يعترف(صفوي) هذا, وكأنه يبصق في وجوه حثالاته في محور الدجل والنفاق, فيقول؛(تدخل إيران في سوريا والعراق لم يكن مجاناً، بل إنه بثمنٍ مالي, ففي كل مرة كنا نساعد فيها العراقيين، نحصل على المال بالدولارات, نحن نساعد كل بلد مسلم وغير مسلم يريد ذلك، لكننا نقبض الأموال مقابل ذلك)!!
وتتوالى تصريحات المسؤولين الإيرانيين ومن كل المستويات, فهذا(محمود جهارباغي)؛ القيادي في الحرس الثوري، يصرّح بلا(تقية), قائلا؛(العراق أصبح كمحافظة من محافظاتنا. يمكن أن يُلحظ ذلك حين يذهب مواطنونا للزيارة في ذكرى الأربعين. الرموز والمظاهر التي تشير إلى إيران موجودة في العراق أكثر من إيران نفسها. لقد أثاب الله شبابنا الذين قاتلوا ضدّ العراق وعاقب العراق وجعله محافظة من المحافظات الإيرانية. وهذا من بركة دماء الشهداء)!!.
ولكن كل تلك التصريحات المتغطرسة والمليئة بالعنجهية, لم تحرك ساكنا لدى(خيالات مآتة المنطقة الغبراء), والذين ينعقون ليل نهار في حديثهم المستهلك عن(السيادة)!!. وهو اللغو الفارغ ذاته الذي يكرره(غلام الفرس)الحاكم على(دمشق وضواحيها), في ثرثرته هو الآخر عن(الثيادة)!!.
.............................
* القِراد؛ حشرة طفيلية صغيرة تعتاش على امتصاص دم الحيوان والإنسان. وعندما تنشب مخالبها في ضرع الشاة مثلا, يغدو من الصعب جدا إزالتها من مكانها, وإذا سُحبت من موضعها بقوة, فإنها تقتلع معها جزءاً من جلد الضحيّة!!. وهذا الذي وصفت, وكنتُ قد رأيته في طفولتي رأي العين, يصوّر بدقة متناهية علاقة إيران بالعراق بعد 2003. فالقرادة هي(إيران), ومخالبها,هم حثالاتها وأذرعها في العراق الذين تمتص بواسطتهم خيرات بلادنا!!.
** ذلك وفق توصيف الكاتب؛ محمد عبد المجيد, في مقاله المعنون؛ هل بات الحرس الثوري يعتبر العراق محافظة إيرانية؟, والمنشور في موقع؛(تي آر تي عربي) بتاريخ 24-5-2021.
1910 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع