سحبان فيصل محجوب*
أسم بلا فعل ….دعونا نذكر
يعاني العراق منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي من عدم الاستقرار نتيجة لظروف الحروب والحصار الاقتصادي الذي فرض عليه بقرار دولي لما يقارب 12 عاماً و للفترة من عام 1991 ولغاية 2003 م الا ان الفوضى التي اجتاحت البلاد بعد الاحتلال سنة 2003 م قد أضافت المزيد من الانحدار الذي أصاب الاحوال العامة في جوانب الاستقرار السياسي والأقتصادي والأمني ، ومما زاد الحالة تعقيدًا هو استفحال ظاهرة الفساد وانتشارها بشكل خطير فكان تأثيرها على جميع شؤون الحياة العامة حيث كانت عاملًا رئيساً في إجهاض الكثير من خطط التنمية ومشروعاتها ، وعلى وفق هذا سادت نتائج الأخفاق في تنفيذ المشاريع الحكومية على نحو كبير في حين ان الكثير من مشاريع القطاع الخاص قد كتب لها النجاح الى حد ما بالأضافة الى النشاط الاقتصادي على مستوى الأفراد ..
ففي مجال مشاريع إستغلال الطاقات المتجددة نرى تقدم القطاع الخاص على القطاع الحكومي في إستيراد الواح الخلايا الشمسية وتنصيبها على أسطح المنازل الخاصة للمواطنين الراغبين باقتنائها بهدف التخفيف من وطئة المعاناة المستمرة جراء إنقطاعات الكهرباء المجهزة من الشبكة الحكومية وعلى وجه التحديد في فصلي الشتاء والصيف .
إزاء هذه الحالة وتصاعد المطالبات التي نودي بها من قبل الخبراء وكذلك العديد من مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة والمتضمنة حث المعنيين في ادارة قطاع الكهرباء العراقي على تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة لدعم منظومة انتاج الطاقة الكهربائية والتي تعتمد في تشغيل العديد من محطاتها على إستيراد الغاز الايراني باتفاقيات فاشلة لا تضمن انسيابية التجهيز وهذا ما يهدد انتاج ما مقداره الثلث ( ٦٠٠٠ ميكاواط ) تقريبًا من الانتاج المتاح ، بالاضافة الى ما يتم إستيراده من كهرباء جاهزة مصنوعة خارج الحدود وبمبالغ مالية كبيرة .. الا ان مستوى الاستجابة كانت خجولة منها الاعلان عن اتفاقيات ( ورقية) مع شركات عالمية متخصصة في إقامة مشاريع الطاقات المتجددة وكما تم الاعلان عن فتح مجال الاستثمار في انتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية الا ان الفشل كان نصيبه للشروط غير المشجعة التي تضمنها هذا الاعلان في حينه والتي كانت سببًا في عزوف المستثمرين عن التنافس والمشاركة في هذه المشاريع …للحالة المتوقعة والخاصة بمستوى عمل المنظومة الوطنية للكهرباء مستقبلا والذي كانت أولى ملامحها هي عدم الاستقرار في تجهيز التيار الكهربائي المستمر مع بقاء النقص في الانتاج المتاح وعدم القدرة على الايفاء بمتطلبات الاحمال الكهربائية المطلوبة المتوقعة ، وعلى وفق هذا فإن من ضرورات توفير متطلبات المعالجات الحكيمة في مواجهة مثل هذه الأزمات هو التوجه نحو ماهو متاح من حلول لوضع الحلول الحكيمة والبدء بخطوات جدية لتطبيقها وقبل فوات الاوان ،لذا فعلى المعنيين في قطاع الطاقة من حملة معاني الوطنية النزيهة والشجاعة في التصدي إختيار الوسائل الكفيلة بتطوير عمل المنظومة الوطنية للكهرباء وفي مقدمتها التوجه الى الاستغلال الامثل لموارد الطاقات المتجددة التي تزخر البلاد بها تنوعاً و غزارة ، ومن أولى هذه المصادر هي الطاقة الشمسية التي يتمتع العراق بمزاياها المثالية المؤثرة في نجاح مشاريع تحويلها الى طاقة كهربائية لانتاج كميات كبيرة منها تساهم في تضييق الفجوة بين الانتاج المتاح الحالي والطلب المتزايد عليها على ان يجري ذلك بوساطة إنشاء محطات شمسية على إمتداد مساحة العراق وعلى وجه التحديد في المناطق الغربية منه والتي تتمتع بشدة إشعاع شمسي يلبي متطلبات نجاحها وهي ما تميز محافظات السماوة والنجف والانبار عن غيرها من المناطق .
إن نجاح هذا التوجه يعتمد على الظروف التي تؤمن عدم تدخل أحزاب السلطة في فرض اراداتها لتأمين المنافع المادية لها بالاضافة الى إصرار المعنيين الذي يفرض تأثيره على ضمان الشروع بتنفيذ مثل هذه المشاريع بعيدا ًعن العوامل الضاغطة لإفشالها والذي يتبع لارادات إقليمية بابعادها السياسية والاقتصادية السائدة ، ولا بد من الاشارة هنا الى إن العراق كان من اوائل الدول الرائدة في مجال التقنيات المتطورة في استغلال الطاقة الشمسية وخير دليل على ذلك الشاهد الذي لا يزال شاخصاً وهو مشروع مجمع إسكان الطاقة الشمسية الذي تم انشاؤه في ثمانينيات القرن الماضي على ضفاف نهر دجلة الخالد في شارع أبو نؤاس وسط العاصمة بغداد ،حيث تم توفير ما نسبته ( ٥٠ الى ٦٠ ) بالمائة من حاجة المجمع للطاقة الكهربائية عن طريق تنصيب منظومات شمسية على وفق التقنيات المتوفرة آنذاك من هنا دعونا نذكر بأن من الوسائل الناجحة في بناء منظومات كهربائية متطورة والتي تم تجربتها سابقا ً ومنذ عقود من الزمن ليس في العراق فقط بل على مستوى العالم هي مشروعات الطاقة المتجددة …، وهذا يستدعي توافر منهج فكري قادر على اتخاذ قرارات مستقلة صائبة وبأدوات وطنية نزيهة تعمل بروح صادقة وليس باعلانات مدفوعة الثمن لإنجازات وهمية هدفها تبييض مواقف مشينة وقع فيها هذا أو ذاك وليس بتغيير أسماء أو عناوين وزارات خدمية كما حصل في إضافة كلمتين ( الطاقة المتجددة ) على تسمية وزارة الكهرباء قبل حين فالقاعدة تفيد بأن الأسماء دون أفعالها لا معنى لها .
* مهندس استشاري
1628 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع