الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
العراق من انسداد جزئي الى انسداد نهائي
بعد مسرحية اختيار عبد اللطيف رشيد (رئيسا) للعراق ثم تكليفه محمد شياع السوداني رئيسا للوزراء لانعتقد ان الازمات المفتعلة انتهت بل ربما العكس الانتخابات فالمشاكل تتشظى وتتوسع افقيا وعموديا بكل الاتجاهات ، فكل المشركين بهذه الالعوبة التافهة وما حصل من مزايدات واستغلال بشع من قبل اطراف بعينها وحصولها على مكاسب اخرى على حساب الشعب العراقي التي يستهجن كل ماحصل وسيحصل لاحقا ، أن فوز البريطاني الجنسية عبد اللطيف رشيد مكن خصمهم مسعود البارزاني ، من دق اسفين في اوضاع القوى منافسيه المتخاصمة التنافسة في السليمانية ، رغم أنه سبق لعبد اللطيف ان عين في اطار المحاصصة وزيراً بعد إحتلال العراق عام 2003 ، إلا أنه فشل واسهم في أصابة البلاد الخراب والجفاف نتيجة إدارته السيئة لوزارة الموارد المائية لمدة سبع سنوات والذي ما زال يعاني منها العراق لغاية الآن،كذلك فأن تمرير محمد شياع كرئيس الوزراء،بحد ذاته سيكون عاملا مضافا في تفجير الاوضاع وزيادة حدة المتصارعين على السلطات ومكاسبها بعيدا عن ارادة الشعب العراقي ومصالحة التي ضربها السياسيين الفاسدين العملاء،فشياع السوداني عدا كونه اخد حيتان الفساد كما ظهر ذلك واضحا فيما تم نشره عن فساده فهو متهم ايضا بكونه اداة بيد الهالكي الذي استقتل على ترشيحه،الا ان القضية لم تنتهي بل نقول ونؤكد انها بدأت،سيما وان المعلومات التي تتسرب عن وجود الخلافات داخل مكونات الاطار بخصوص توسيع المغانم والوزارات ،وسيزيدها اشتعالا الاوامر التي اصدرها مقتدى الصدر الى اتباعه ،
بتقديم استقالاتهم ،في وقت تابعنا فيه تصريح ،مشعان الجبوري بوجود سرقات( 4000 مليار دينار بيوم واحد وبدفعة واحدة )كأنها مكافئه نهاية الخدمه لحكومة الكاظمي وداعميه هي اعظم سرقة وسطو على اموال الشعب سجلت بتاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها واكد مشعان الجبوري انه سيكشف غدا للاعلام القصة الكاملة لاشتراك فريق الكاظمي والغزي فيها اضافة الى وجود 11 مليار دولار اخرى سيكتشفها الشعب وتظهر كافة التفاصيل بعد مغادرة حكومة الكاظمي مفقودة ولا اثر لها بسجلات الدولة العراقية كما وعد بأظهار الحقائق والادلة لتورط حميد الغزي وقيادات من الخط الاول لمقتدى الصدر كذلك نهب 27 شاحنة أموال البنك العراقي التي نقلت يوم السبت بالطائرات لجهة مجهولة والمعلومات تتهم الكاظمي بقيامه بتعطيل جميع كامرات المراقبة على طول مسار عملية نقل الاموال لكن هناك منظومة اخرى سجلت العملية ويبدو ان مشعان الجبوري سيقرع غداً طبول الفضيحة للعلن بالصوت والصورة؟؟؟!!
مساومات وتنازلات على حساب الشعب
من جديد حققت الأحزاب الكوردية مكاسب اخرى وهم الذين عرف عنهم قدرتهم في إستغلالهم للصراعات بين الأحزاب اللااسلامية ،التي عرف عنها استعدادها ان تبيع كل العراق وشعبه وتضحي بهما مقابل بقائها بالسلطة التي يعني فقدانها لها النهاية الابدية،ناهيك عن التخادم بينها وبين مصالح الاحتلال البريطاني الامريكي الفارسي الصفوي ...فلا احد يحسب حساب للشعب والوطن ، فهما منذ نيسان 2003 الخاسران الأكبر في كل مايحدث بعد الاحتلال ،هذه الأحزاب التي تلبس كذبا عباءة الاسلام وهو بريئ منهم ، لم تستطع أن تتصالح مع بعضها البعض غير قادرة على تنفيذ أي مشروع يخدم العراقيين ، في وقت نعتقد فيه أنها اعدت عدتها للانقضاض على خصومها واجتثاثهم سواء كانوا من اتباع، مقتدى الصدر او ثوار تشرين وتحديدا الذين لم يبيعوا ذممهم لمجرمي الاطار، دون ان نبعد عن هذه الاجواء محاولات إيران وتركيا اللتان تحاولا تعزيز نفوذها في العراق وتعزيز حضورها داخل المشهد العراقي .
الايام القادمة ستشهد صراعات محتدمة بين لصوص السلطة التي جاءت بمحمد شياع وستطالب بحصصها ، وتدخل الدول الإقليمية والقرار الدولي وأجنداته ، وهذا ماسيجعل الحكومة القادمة ان تشكلت؟؟؟!!! ، حكومة ترقيعية لتسيير الأعمال وإعلان عن إنجازات لمشاريع وهمية أمام الاستحقاقات المرحلية الملحة ، وسيتم مواجهتها من قوى تشرين التي ستزيد من فاعلية فضحها لفساد هذه الحكومة ومن جاء بها ، وستستمر الاحتجاجات والتظاهرات ولا نستبعد إلى اعلان العصيان المدني والصدام مع السلطة وشل حركتها وتعطيل أعمالها ،يساعدهم في كل ذلك أن الاسماء التي تم تنصيبها بالتفاهمات المصلحية من عبد اللطيف رشيد إلى محمد شياع هم اناس فاشلين وقد سبق تجربتهم ، وهم مرفوضين قلبا وقالبا من قبل الشعب وواضح ان نظام ملالي طهران هو الفائز الاكبر وستعمل على توظيف ذلك في جميع الاتجاهات ، ومنها ما ظهر خلال الايام القريبة الماضية عندما تواجد سفير الملالي في محافظة الانبار غرب العراق ، وقطعا سيسفيد النظام الصفوي في توظيف كل ذلك كعنصر ضغط في ملف التفاوض النووي مع الغرب ، مقابل ضعف وتردد القرار الأمريكي في العراق .
جنين بلاسخارت تحذر
رغم تحذيرات شاهدة الزور جنين بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، أمام جلسة لمجلس الأمن في الرابع من الشهر الجاري من أن الأحداث الملتهبة في العراق كان يفترض أن تمثّل جرس إنذارللطبقة السياسية الفاسدة بأن الوضع لا يزال شديد التقلب، وان العديد من العراقيين فقدوا الثقة في قدرة الطبقة السياسية في العراق على العمل لصالح البلد وشعبه..
استمرار هيمنة الفاسدين على السلطة
في ظل استمرار الطبقة السياسية الفاسدة والعميلة من تنفيذ مخططاتها ، لتحويل السلطة إلى إقطاعيات ومزارع خاصة لها، وتمكّنها من تحطيم مفهوم الدولة العراقية ، ونجحت التحالفات السياسية والكتّل الحزبية العراقية في كشف حقيقة عدم ايمانهم بالديمقراطية التي تناقض افكارهم وميولهم واهوائهم ومصالحهم الفئوية الضالة، وتمكّنت من تمييع الانتخابات وإفشالها، وهي التي تمثل التطبيق والفاعل الأبرز للديمقراطية، إلى درجة أن أيّ كتلة سياسية منهزمة لا تحتاج سوى للسلاح المنفلت، ليكون بمقدورها إيقاف العملية السياسية. وتالياً، التمثيل والعدالة اللذان يأتيان عبر صناديق الاقتراع في العراق أوجدا أسوأ أنواع النمطيات، ورسّخا أخطر نماذج التوافق؛ لأن أحجام القوة لا تقاس على أساس عدد المقاعد البرلمانية، بل بحجم السلاح وحجم السلطة الموازية للسلطة وموازين القوى على الأرض، لذا لن يغيّر نجاح أي طرف في تشكيل الحكومة من معادلة الحكم في العراق، والتكتل السياسي الموجود هو تحالف طائفي مع قوى لاتختلف في كونها لاتحرص سوى على مصالحها الضيقة ، وهي صورة طبق الأصل لكل المتصارعين المتخاصمين المستفيدين من هيمنتهم على العراق ومقدراته، أي إنه صراع للسيطرة والنفوذ وتنفيذ مشاريع تختلف في جوهرها وأهدافها.
نظام آيل للسقوط
نعم الوضع العراقي سيزداد تعقيدا وصعوبة مع مزيد من التصعيد واحتمالية انفجاره في أي لحظة، وهذا ليس مستغرباً؛ فالانسداد السياسي متجذّر في تكوين النظام السياسي الهجين في العراق بكل مناحيه، والأزمات ستبقى مستمرة طالما كانت هذه النخبة السياسية السلطة تسيطر على العراق وشعبه وثرواته، حيث تتعمّق المحاصصة كسمة ملازمة للحكم، والابواب مشرعة لاستمرار صراع الدم واندلاع الاحتجاجات ضدّها، هذا هو العراق، صراعٌ على الحكم، وغياب للدولة، وسيطرة للدولة الموازية.... الأحزاب الحاكمة لا تمتلك برامج سياسية مكتوبة، وهذه ربما حركة مقصودة لأن ذلك يُتيح المزيد من الحُرية للأحزاب التي سرعان ما انغمست في وحل الفساد وهدر المال العام، وإطلاق الوعود الخاوية، وأبقت الدولة في حالة من الركود والجمود، وهكذا سارت العملية السياسية العراقية في السنوات الأخيرة بشكل فوضوي، وتداخلت معها جميع أنواع الفشل والمصلحة النفعية الحزبية والفردية، والعلاقات والقرابة والعشائرية والواسطة والفساد الإداري بشكل عام، وقد سعت الأحزاب السياسية الحاكمة إلى تلويث عقول الناس بالخطابات الديماغوجية والوعود القشرية، ونظمت لهم آلاف الندوات والمؤتمرات وبذخت عليها المليارات من أجل كسب أصواتهم وتحويلهم إلى بيادق تحركهم متى ما أرادت، بمعنى أنها عمدت على تجهيل أكبر قدر ممكن من الجماهير لضمان دعمهم الطوعي وأصواتهم في الانتخابات، وقد نجحت في ذلك كثيرًا، وجعلت العديد من الناس يتعاملون مع الساسة بقدسية تامة، ويرفضون نقدهم أو التعرض لفسادهم، وبالتوازي مع ذلك، تبنت السُلطة الحاكمة أسلوب القمع والإقصاء بحق المُعارضين من أجل الاستمرار في السلطة والتفرد بها، وهذا الأسلوب الفاشي عطل الحياة وازدهارها، ووضع المُقدمات لانهيار النظام السياسي أخلاقيًا، وتحوله إلى سلطة معزولة منبوذة لا ترى في الوطن إلا نفسها وامتيازاتها، ولم تكن تظاهرات تشرين الأخيرة إلا دليل على حجم الكبت والرواسب السياسية المُحتقنة في النفوس، والتي لم يعد الناس تحملها، وقبل ذلك كانت خسارة بعض الساسة لمراكزهم في الانتخابات الأخيرة خير دليل على نفور الناس منهم بما في ذلك جمهورهم الخاص.
النظام السياسي في العراق معرض للسقوط لأنه لا يمتلك شرعية ولا يؤدي مهماته في خدمة الناس وتوفير حقوقهم ،لان كل الطغمة الفاسدة الحاكمة بألوانها لاتمتلك الرغبة والشعور بالمسؤولية وبعد النظر،ولا أخلاق المسؤولية ، لإن فساد السياسين هو نتاج فساد اخلاقهم وانعدام شعورهم بالمسؤولية ، وانسياقهم وراء شهواتهم، ولذا لا فائدة ترتجى من استمرار اناس لا يتمتعون بأبسط الصفات ولا يسعون لاكتسابها ، علما ان منظمات حقوق الإنسان تدعم بشكل ليس فعال لحراك الشعب العراقي ،ومع ذلك فهة بمثابة ايذان بسقوط النظام السياسي، وعودة الزخم الجماهيري مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، فالنظام لم تعد لديه اية مبررات او عوامل تساعده على النجو من الغضب الشعبي القادم، أو لديه وسائل أخرى يشرعن فيها استمراريته التي باتت على المحك.
2186 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع