د علوان العبوسي
14 /9 / 2022
امريكا واستراتيجية الازمات
درسنا في القانون الدستوري بكلية القانون قبل احتلال العراق ان الدستور والقانون الامريكي ضمن افضل الدساتيروالقوانين العالمية في تحقيق العدالة ، ولم نكن نعلم بتفاصيل هذا المبدء على المستوى الامريكي او العالم ، ولكن عندما اطلعنا على الدور الامريكي منذ نيل استقلالها في 1776 وطول سبر اغوار تاريخها حتى تاريخنا الحاضر نجد هناك خطأ دعائي لامريكا في هذا الشان فامريكا تسعى دائماً تطوير من كفاءة تسليحها واستراتيجتها العليا ،ليس من اجل الدفاع عنها ولكن من اجل فرض وجودها وتحقيق مكتسباتها العدوانية الغير مشروعة بالقوة فلو احصينا عدوانيتها يتبين لنا ( اعتدائها على الهنود السكان الاصليين عام 1789، غزو نيكاراغوا عام 1833،غزوها للمكسيك عام 1834 ، غزو ألأورغواي، ثم قناة بنما. 1873 ، غزو كولومبيا،اعتداء على هاييتي وتشيلي وكلومبيا وكوبا ، أما في 1907 تمكنت امريكا من الاستيلاء على ستة مدن من مدن هندوراس في 1907. واستمرت هذه الغطرسة وهذا العدوان ليصل مداه في 1914 حين سرقت القوات الأمريكية بإنزال جوي البنك المركزي لهايتي بحجة استرداد ديون الأمريكان بأسلوب همجي بربري لم يسبق له مثيل! وانتهت في 1915 باحتلال كل هايتي في عام 1934،التدخلات الأمريكية في السلفادور وغواتيمالا وشيلي وكامبوديا فخلعت حكومات، وأقامت أخرى بما يوائم غطرستها، وفي 1950م خاضت أمريكا الحرب الكورية،في عام 1945 قصفت هيوشيما وناكزاكي بالقنبلة الذرية وقتل حوالي 140 الف ياباني ،ولا ننسى الحرب البربرية الدموية في فيتنام عام 1955- 1975 ، التي تمثل اقسى دور اجرامي بحق هذا الشعب الذي قاوم وحشيتها وعنصريتها وسجل التاريخ احد اسوء صفحاتها العدوانية حيث سفك الأمريكان دم مليوني فيتنامي، وجرحوا الثلاثة ملايين، وتشرد أكثر من 12 مليون لاجئ، في المقابل خسر الأمريكان 58 ألف قتيل، وأكثر من 15 ألف جريح ومئات الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم لاحقًا، غزوها بنماعام 1989، ولم تزل تحشر السياسة الأمريكية المتغطرسة أنفها في شؤون غيرها بالمكر والخديعة والقوة العسكرية .
لو انتقلنا الى العراق، فبعد انتصار العراق في حربه مع ايران اعطى العديد من الدلائل والمؤشرات على تفوقه العسكري والاقتصادي والسياسي والعلمي وانعكاسه إيجاباً على أمنه القومي ، وهذا اقلق الدوائر الامبريالية والاستعمارية الساعية لتقوية مصالحها في المنطقة العربية عموماً والخليج خصوصاً وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ، شاركها الكيان الصهيوني ففي نهاية عام 1989 أعدت ألمخابرات المركزية الامريكية تقريرها الذي تضمن ان العراق ينوي مهاجمة إسرائيل والتوسع على دول الخليج العربي و يقترب من انتاج الاسلحة النووية والبايولوجية والكيمياوية وركز التقرير على نهج العراق نحو الوحدة العربية من خلال إنشاء مجلس التعاون العربي بين العراق والاردن ومصر واليمن .
لااريد الاطالة بموضع العراق واحتلاله الكويت لكني اعرج على التدخل الامريكي السافرومعها 33 دولة ضد العراق في عام 1991 بتشجيع وبكل اسف مجلس الجامعة العربية ومجلس الامن الامريكي (وليس الدولي ) ،ضد العراق ثم فرض حصار شامل ادى الى اضعاف قدراته العسكرية هيئ الاجواء لاحتلاله في 2003 ، بعد الاحتلال فرض ارادته العسكرية والادارية باضعاف قدراته الوطنية والانسانية واحلال تسع مليشيات غريبة عن الواقع العراقي وفق الامر 91 سيئ الصيت لتاسيس الجيش الجديد ، بدل قواته العسكرية الوطنية ،وكذلك باقي مؤسسات الدولة ،وبعد حين قصير سحبت قواتها من العراق ، وجرى تسليمه الى ايران لتوافقها مع النهج الامريكي والبريطاني على حد سواء في المساهمة بنشر مبدئ الطائفية وتجهيل الشعب وهو هدف تقره هاتين الدولتين لتدمير العراق ، واليوم تحقق جزء من اهدافها العدوانية والعراق بحكم الدولة فاقدت السيادة تعمل بدون دولة فوضى وفساد وتجهيل للشعب ونشر مبادئ الطائفية الهدامة بارادة ايران ، ساترك ماجرى للعراق بعد الاحتلال الامريكي الفارسي فقد اوضحت ذلك جلياً في كتابي (حرب احتلال العراق الادعاءات والنتائج 2003 – 2017 ).
في كوسوفا لم يكن التدخل الامريكي حيال هذا البلد هدفاً أميركياً عسكرياً واستراتيجياً, ولو انه كان كذلك, لما تمّ تبرير تدخلها على أسس إنسانية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية. لقد كانت حرب كوسوفو وسيلة أرادت الولايات المتحدة من خلال إظهار قدرتها على ان يكون لها الكلمة الفصل في حلّ النزاعات الدولية. وفي بعض الأحيان فإنّ أحلام واشنطن تتعدى كثيراً قدرتها, مهما تعاظمت, على تحقيق أهدافها القصوى في قيادة العالم حيث تقودها طموحاتها التي تفوق كل حدّ أكان في أوروبا أم في مناطق من العالم الثالث غير المستقرّة.
ففي خلال مؤتمر عُقد في جامعة هارفرد عام 1997, تم ّالكشف على ان أكثر شعوب الصين وروسيا وافريقيا والعالمين العربي والإسلامي ينظرون إلى واشنطن على أنها تمثّل خطراً على مجتمعاتهم، أضف إلى ذلك ان أكثر دول العالم ترفض التدخّل الأميركي في شؤونها الداخلية، ولقد أشار إلى ذلك نلسون منديلا, الرئيس السابق لجنوب افريقيا, بقوله (في العادة لا يمكننا أن نقبل بقيام دولة ما بدور شرطي العالم) يقصد الولايات المتحدة الامريكية.
دعونا نتقرب قليلا على موضوع الحرب الروسية الاوكرانية والدور الامريكي والاطلسي في هذه الحرب ودعمها سياسياً وماديا وتسليحياً، بل انها تشجع دول الناتوا والاتحاد الاوربي بشدة عليه ، انها حرب بالوكالة اي ان روسيا تقاتل حوالي 40 دولة بكافة امكانياتها وقدراتها القتالية ضد روسيا ، ماكل هذا الاهتمام وصرف مليارات الدولارات (امريكا دعمت اوكرانيا حتى الان 40 مليار دولار)، تقول امريكا من اجل الديمقراطية تؤيدها دول الناتوا والاتحاد الاوربي وتقول الشعب والحكومة الاوكرانية تقاتل من اجل هذا الهدف ، شئ مضحك ونحن في العراق لمسنا الديمقراطية الامريكية المبنية على القتل والتهجير والتحالفات المشبوهة لتحقيق الاهداف الامريكية فقط دون سواها دون ايجاد سبل لحل هذه الازمة وانعكاسها بالسلب على دول العالم دون ا ن تكترث لذلك .
من اهم أسباب التدخل الأمريكي في الحرب الروسية – الأوكرانية
• وقف سبل التعاون بين روسيا وأوروبا في مجال الغاز، وفرض نفسها كبديل لموسكو في هذا الجانب.
• محاولة اظهار قوتها بعد افولها في معظم دول العالم .
• معرفة قدرة روسيا على منافسة أمريكا على النطاق الدولي والإقليمي.
• زعزعة قوة الأقطاب الجديدة. الممثل بروسيا والصين والهند وكوريا الشمالية وغيرها من دول الاتحاد الروسي .
• اظهار قوة ودقة الاسلحة الامريكية التي بادرة في ارسالها الى اوكرانيا .
• محاولة اظهار العداء الروسي كما تدعي ضد روسيا وحلفائها
• إيجاد البدائل للغاز الروسي تحت ضغط الاتحاد الأوروبي.
• إشغال موسكو بمحيطها بما يحد من تمددها الخارجي والذي بات يقلق استراتيجية أمريكا التي تسعى إلى التفرغ لمواجهة الصين.
• إبقاء الاقتصاد الروسي تحت ضغط الاستنزاف والعقوبات.
• روسيا دولة لها مواقف متميزة مع معظم دول العالم الثالث تحفظ الصداقة ولا تخل بها كما تفعل امريكا ومعظم دول اوربا وهذا مبدئ لاتعترف به امريكا اليس انها عدوة الشعوب ولا تربطها بها سوى مصالحها فقط .
اخر الاستفزازات الامريكية ضد دول العالم ،دورها المخزي بارسال رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في زيارة استفزازية للصين الى تايوان مسجلة صفحة جديدة من خلق الازمات التي اختصت بها امريكا مما اثارة حفيظة الصين التي اعتبرتها تهديد تسعى له امريكا ، ونحن نعلم مدى اهمية تايوان بالنسبة للصين ، في خطوة لاستعادتها الى سابق عهدها السابق كجزء من الصين ، كما نجحت مع هونغ كونغ التي كانت مستعمرة بريطانية ومكاو التي كانت مستعمرة برتغالية، استعادتهما الصين عبر اتفاقات مع الدولتين المحتلين ضمنت للإقليميين قدراً من الحكم الذاتي فيما يعرف بدولة واحدة ونظامين.
لماذا المحاولة الامريكية في تايوان . لان تايوان هي الجبهة الأولى في عملية حماية حلفائها المقربين في اليابان وكوريا الجنوبية ، وحتى بعض دول جنوب شرقي آسيا، كما يمثل نجاح الصين في غزو أو ضم تايوان خطوة مبدئية في الهيمنة على دول الجزر وأشباه الجزر الأخرى في آسيا، خاصةً اليابان وكوريا الجنوبية، عليه تسعى أمريكا بشكل محموم، لتوريط اليابان وبصورة أقل كوريا الجنوبية، في النزاع الأمريكي الصيني حول تايوان، وجعل الدعم العسكري الياباني والكوري المحتمل جزءاً من معادلة أي صراع عسكري أو اقتصادي محتمل.
في الختام اقول امريكا دولة غير مؤتمنة في علاقاتها السياسية والعسكرية واكبر مثال لنا نحن العراقيين دورها في احتلال العراق وما نتج عنه من تدمير هذا البلد وتحالفها المشبوه مع ايران وداعش وباقي المنظمات الارهابية التي تسعى الى تقويض العروبة والاسلام ومحاولة اظهارهما على غير حقيقتهما الانسانية والاخلاقية ،ناهيك عن مواقفها المخزية ضد الشعب الفلسطيني والوقوف مع الكيان الصهيوني ضد كافة قضاياه المشروعة اهمها وقوفها بالضد من حل الدولتين .
2143 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع