أغنياء متعففون

                                           

                             مثنى عبيدة

         

                        أغنياء متعففون
 
من العنوان نعرف وتعرفون من هم هؤلاء الكرام الذين وصفهم الله تعالى في محكم التنزيل

 ( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )
 
سادتي الأفاضل
أن هذه الفئة الاجتماعية الكبيرة موجودة بيننا داخل القرى والأرياف مثلما حاضرة في المدن والأحياء السكنية بيوتهم أن كانوا يسكنون في بيوت أو أكواخ من البردي أو الصفيح أو خيام ٍ ممزقة في مهب الريح أو نجدهم اتخذوا من المزابل بيوتاً أو أي مكان يضمهم وفقرهم بين دفتيه حتى أن الناظر لهم يتصور أنهم صامتون لا ينطقون أو أغنياء مترفون .
 
هؤلاء هم أهلنا وإخوتنا وأخواتنا في الدين والوطن والإنسانية هؤلاء الصامتون الذين يعتاشون على أقل من القليل من الطعام آو الغذاء والماء ويلبسون ثياباً تجدها عليهم طوال الصيف والشتاء يكدحون طوال الليل والنهار من أجل لقمة خبزٍ مغمسة بالكرامة والاعتزاز بالنفس قد لا تجدها لدى محدثي النعمة في زماننا هذا...
 
لقد وصفهم  الله تعالى بأنهم المتعففون ويا له من وصف جميل راقي يرتقي بإنسانيتهم وآدميتهم حتى يثير فضولنا ويجعلنا تبارك وتعالى نبحث عنهم في طرقاتنا وفي جوارنا وحولنا وهم موجودن لكنهم يترفعون عن السؤال وأن اضطروا للسؤال فإنهم يسألون مرة واحدة وبدون إلحاح ثم ينصرفون إلى شأنهم ويتركون صاحب الضمير أو من بيده الأمر إلى ضميرهم ودينه وخلقه هل يستجيب لهم هل ينقذ نفسه ويــُحسن إليه ويقدم الخير لها ؟
 
المتعففون من كبار السن والشيوخ وأصحاب العائلات الفقيرة والمحتاجة تجدهم بقربك يؤدون الصلاة معك ويذهبون للعمل معك وأطفالهم في مدارس مع أولادك يجلسون جنباً إلى جنب ، المتعففات من الأرامل والنساء الكادحات الكريمات اللواتي فقدن المعيل والسند سواءً كان زوج ٌ أو ولد تلك السيدات اللواتي في عنق كل واحد ٍ منا مساعدتهن ولو بكلمة طيبة أو عرض قضاياهن أن كنا لا نملك ما نقدمه من مالٍ أو غيره ،
 
المتعففون لم يتخذوا طريق التسول أو يسلكوا طريق الجريمة والعنف والسرقة وغيرها من أساليب يترفعون عليها معتزين بدينهم وأخلاقهم وصدق ِ انتماءهم لوطنهم ومجتمعهم هؤلاء أحق الناس بأن نعضد فيهم كل خصال الخير خصوصاً لدى أبناءهم لكي لا ينزلق قدم أحدهم في مسالك لا تحمد عقباها على الفرد والمجتمع .
 
قالوا ( عرب تغني بيت وبيت لا يغني عرب ) مثل شعبي قديم سمعناه من أهلنا وأجدادنا وتوارثناه مع الأجيال وهو حقيقة ممكن تطبيقها على أرض الواقع الحالي حيث نستطيع أن نقدم ما موجود لدينا وأن كان قليل ولكنه ربما يـُسهم في سد حاجة ٍ لدى الآخرين
 
نستطيع ونحن في هذا الشهر الفضيل أن ندق الأبواب الموصدة على المتعففين ونحمل لهم سلة غذائية متكاملة تضم أنواع الغذاء لكي يستفيدوا منها في تناول طعام الفطور والسحور نأخذ أولادهم مع أولادنا ونشتري لهم ملابس وهدايا العيد خصوصا الأيتام منهم ، نهدي مكائن خياطة نوفر وسائل لتنمية الدخل أو دفع لهم إيجار البيت أو دفع أجور عملية جراحية قد يحتاجها أحدهم وغيرها من حالات إنسانية أترك لكم حرية اتخاذ الخطوة المناسبة لكل حالة وحسب المستطاع والمتوفر أو ما يمكن تحقيقه وما يناسب هؤلاء الكرام المتعففون .
 
المتعففون فيهم ومنهم من لهم أيادي بيضاء على الكثير منا يوم كان هذا المتعفف في موقع ٍ يسمح له بالمساعدة والبذل والعطاء واليوم من حقه علينا أن نقف معه ونأخذ بيديه نحو حياة تليق به وبإنسانيه،
 
أنا هنا أعول على عوامل الخير الكامنة فينا وروح كل واحد ٍ منا وأرجو أن لا يفهم من كلامي بأني أعفي الدولة والحكومة من واجباتها لا  ليس الأمر هكذا ولكن أنا أقول أن عجزت حكومة ما عن أداء واجباتها تجاه أهلها وناسها فهي ستقف مسئولة عما قصرت به أمام الله تعالى ثم سيقول التاريخ كلمته في حقها ولكن أقول أيضاً التاريخ حفل لنا بالكثير من الشواهد التي تزخر بها كتبه وأحداثه عن مواقف التكافل والتآخي بين أفراد المجتمع ولن أستطرد في هذا المقال ولكني أحببت أن أترك لكل أخوتي وأخواتي الكرام ممن فتح الله عليهم ومن الساعين للخير أن يكثروا من تبرعاتهم وصدقاتهم ويباشروا إلى استغلال هذه الأيام الفضيلة من هذا الشهر الكريم إلى إدخال الفرح والسرور على قلوب ٍ طاهرة كريمة هم أهلنا المتعففون .
 
أن ما نراه على شاشات التلفاز من مشاهد مؤلمة للعائلات الفقيرة والمحتاجة هو غيض من فيض لان هناك عائلات متعففة لم تصل لها الكاميرا أو لا ترضى أن تعرض حالتها على العموم  هؤلاء أنا وأنت وكلنا نعرفهم ونستطيع التحرك من أجلهم .
 
هي دعوة مفتوحة لنا جميعاً وأرجو الله تعالى أن يفتح قلوبنا وعقولنا وضمائرنا نحو عمل الخير وأن نــُسهم في تخفيف معاناة عائلات كريمة عزيزة علينا جميعاً ترنو عيونهم لمن يطرق عليهم الباب ويبدد صمتهم المفعم بالكبرياء والاعتزاز أنهم المتعففون أهلنا وأخوتنا وأخواتنا جميعاً . 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع