زيارات تفقدية للرؤساء الإيرانيين للعراق ؟

                                           

                              داود البصري

في ظل أوضاع داخلية عراقية متهاوية بالكامل ، ومع إزدياد هيمنة الجماعات الصفوية الإرهابية على محاور السلطة العراقية ، وفي ظل التحذير الأممي الواضح من إستفحال حالة الحرب الأهلية الطائفية ،

ومع غياب دور مؤسسة الرئاسة العراقية التي خف بريقها وهوى نجمها مع الغياب الطويل للرئيس العراقي جلال طالباني بسبب حالته الصحية المتردية والتي جعلت الفرع الآخر من حزب الدعوة ( تنظيم العراق ) وهو الأشد و الأكثر إرتباطا بطهران ومن خلال النائب الرئاسي خضير الخزاعي يسيطر على تلكم المؤسسة ، قام الرئيس الإيراني المثير للجدل و المنتهية ولايته بزيارة بروتوكولية ورمزية للعراق ( كما قيل )! ومن المؤمل أيضا أن يقوم الرئيس الإيراني الجديد الشيخ حسن روحاني بزيارة رسمية مماثلة خلال الأيام القادمة إستكمالا لمنهج النظام الإيراني في تحصين و تعزيز مواقعه الإقليمية ، وفي تفقد تحصيناته و إستعراض عناصر سطوته و الإطلاع على ملفاته الحساسة و أدواته الخاصة التي إستطاع تثبيتها في العراق بعد إخراجه بالكامل من المعادلة الأمنية للصراع في الخليج العربي بفعل الإحتلال الأمريكي الذي دمره بالكامل و أجهز عليه وحطم مؤسسات و أركان الدولة العراقية وحولها لمحمية طائفية متخلفة تديرها حكومة مهشمة متزعزعة الأركان هي عنوان حقيقي للفشل بأبشع و أدق صوره و معانيه ، ومن حق الرؤساء الإيرانيين الإستعراض و التفاخر من خلال زياراتهم التفقدية لمواقعهم الستراتيجية المتقدمة في العمق العربي ، فالنجاح الإيراني الإستراتيجي الكبير في العراق لايعادله أي نجاح آخر ، وهو يمثل قمة الإنجازات الحقيقية المستندة لتعاون دولي مشبوه و لصبر طويل في الإعداد و التهيئة و من ثم الحصول على النتائج ، مايميز النظام الإيراني عن النظام السياسي العربي العام ، هو إستناده لتخطيط ستراتيجي طويل و لإستثماره القوي و المتميز لعلاقات تخادمية حساسة و لتبنيه و مراهنته على أدواته الطائفية الخاصة وفي ظل أصعب الظروف وحيث راهن النظام الإيراني على خياراته طويلا و نجح بعد ذلك في حصد النتائج ! ، وعودة بسيطة لأوراق و ملف العلاقات الإيرانية / العراقية تعطينا فكرة شاملة عن حجم وطبيعة الإنجازات الإيرانية المتميزة ، فبعد ( إضطرار ) النظام الإيراني في صيف عام 1988 لإيقاف الحرب مع العراق و( تجرع كأس السم ) و التخلي العلني عن شعار ( فتح كربلاء و إقامة النظام الإسلامي الإيراني في العراق )! بدا للعيان بأن الإيرانيين قد تخلوا عن أحلامهم وطووا شعاراتهم الثورية و الإنقلابية! ولكن الحقيقة كانت تقول غير ذلك بالمرة ، فقد بدأ منذ تلك الحقبة تنفيذ برنامج إيراني متدرج لم تمنع تطور العلاقات مع العراق أواخر أيام صدام من تنفيذه المتدرج وبصبر و دأب معروف ، وكانت مرحلة حكم الرئيس هاشمي رفسنجاني التي أعقبت رحيل الخميني عام 1989 وتقاسم التركة بين أقطاب النظام وحيث صعد علي خامنئي ( الرئيس الأسبق ) لمنصب المرجعية العليا فيما تحول رفسنجاني لرئيس للجمهورية و مارس كدأبه سياسة براغماتية إصلاحية حاولت تحسين صورة إيران في العالم العربي و أستثمرت خير إستثمار أجواء المتغيرات في العلاقات الإقليمية بعد غزو نظام صدام لدولة الكويت عام 1990 بل و ضحكت حتى على النظام العراقي السابق بملف إيواء طائراته الحربية التي إستحوذت عليها لاحقا و أعتبرتها ضمن ملف ( تعويضات حربها مع العراق )!!!، وقتذاك بدأت صياغة المشروع الستراتيجي الإيراني بجعل المنطقة الممتدة بين كابول ( أفغانستان ) و بيروت ( سواحل المتوسط ) منطقة نفوذ إيرانية مطلقة بما فيها عاصمتي الخلافة الإسلامية ( دمشق و بغداد )!! وفعلا و بسبب حالة التخبط العربي و الصراعات العقيمة تم تنفيذ السيناريو الأكبر من ذلك التصور الستراتيجي الذي تحول من الورق لأرض الواقع! مع الإشارة إلى كون النظام الإيراني قد إعتمد على رجاله في العراق من أهل الأحزاب الطائفية الذين إنشق بعضهم عن تنظيماتهم الطائفية العراقية ليذوبوا في الجسد الإيراني و ليكونوا أدوات ورسل للولي الإيراني الفقيه في العراق و المنطقة كأمثال أبو مهدي المهندس و بقية رموز العصابات الطائفية التي نبتت لاحقا كالصدريين و الخزعليين و جماعة البطاط و غيرهم من ألأدوات الذين تكفل فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني بإدارة أمورهم و إعدادهم لليوم الإيراني الموعود! ، وطبيعة العلاقات الخاصة جدا بين النظام الإيراني و الأحزاب الطائفية العراقية معروفة بكونها علاقات تخادم صميمية محضة فالمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق كان و منذ تأسيسه عام 1981 أداة إيرانية صرفة في الجسد الشيعي العراقي ورغم تغيير إسمه للمجلس الإسلامي العراقي إلا أن هويته التخادمية وولائه النهائي معروف وواضح ، ورغم ذلك فقد حرص الإيرانيون على إدارة الإنشقاق داخل صفوفه ليبرز من بينهم تيار أشد ولاءا و أرتباطا بإرادة الولي المقدس الفقيه وهو تيار ( فيلق بدر ) العسكري الذي يقوده العميد في الحرس الثوري ووزير النقل العراقي الحالي ( هادي العامري ) كرمز إيراني ساطع في العمق العراقي... زيارات رؤساء النظام الإيراني للعراق مهما تعددت صيغ و أوصاف تبريراتها تظل بمثابة طقس سياسي إيراني لإستعراض إنتصارات الجهود السرية الإيرانية في تنفيذ مخطط ( المجال الحيوي الإيراني ) في الشرق القديم ، و الذي تحقق الشطر الأكبر منه... إنها زيارات المنتصرين لمواقعهم المتقدمة...!.         

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

979 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع