أحمد العبدالله
إبن تيمية.. الفقيه المجتهد والعالم المجاهد
هو تقيّ الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام؛(661-728هـ), والمشهور بإبن تيميَّة, ويُلقّب بـ(شيخ الإسلام)*. وهو فقيه ومحدّث ومفسّر وعالم مجتهد, ويُعدُّ من كبار العلماء في عصره والعصور التي تلت. إذ بلغ من العلم والتقوى والصلاح ما بلغ، وذاع صيته في أرجاء العالم الإسلامي, وهو من أبرز العلماء المجددين الذين يُشار لهم بالبنان. جمع في جهاده بين السيف والقلم، ووقف وقفة العالم المجاهد في قتال المغول.
نشأ إبن تيمية في دمشق وواظب على طلب العلم، وحفظ القرآن الكريم منذ صغره ونبوغه المبكر، وكان يتميّز بذكاء فطري وذاكرة حادّة, واتجه بعد حفظ القرآن لدراسة الفقه والأصول وعلوم اللغة العربية وعلوم أخرى, وأخذ العلم من أكثر من مائتي شيخ في مختلف العلوم؛ كالتفسير والحديث والفقه والنحو. وقد شرع في التأليف والتدريس في سنِّ الـ 17, وكان كبار علماء عصره يحضرون دروسه في الجامع الأموي وهو إبن 22 عاما.
تعرّض إبن تيمية للسجن والإعتقال التعسفي مرات عديدة, كان آخرها قبل وفاته بسنتين حيث توفاه الله وهو في سجنه بقلعة دمشق, وكان يكتب في أواخر أيامه بالفحم على جدران السجن بعد منع القرطاس والقلم عنه, فيقوم تلاميذه بجمعها وحفظها. كما تعرض للتضييق والمراقبة وفرض الإقامة الجبرية عليه, بسبب مجاهرته بقول الحق دون أن تأخذه فيه لومة لائم, وهذا لا يروق لبعض الولاة والسلاطين, والذين يرغبون بعلماء خانعين على مقاسهم, ويلبّون ما يُطلب منهم.
عاصر إبن تيمية غزوات المغول على بلاد الشام، وكان له دور كبير في التصدي لهم ومقارعتهم، وقابل السلطان التتاري محمود غازان بعد قدومه إلى الشام، وأخذ منه وثيقة أمان أجّلت دخول التتار إلى دمشق إلى حين, وكانت مقابلته له في منتهى العنفوان والتحدي, وخاطبه قائلاً؛ (أنت تزعم أنك مسلم... فغزوتنا، وأبوك وجدك كانا كافرين، وما عملا الذي عملت، عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت). وعمل إبن تيمية على دفع المسلمين في دمشق لجهادهم وأفتى بوجوب قتالهم، وأنهم من جنس الخوارج, حيث كان التتار حينذاك, يُظهرون الإسلام, ولكن أفعالهم لا صلة لها به. وتوجّه مرتين إلى سلطان مصر؛ الناصر محمد بن قلاوون وحثّه على قتالهم.
وفي سنة 702هـ, شارك إبن تيمية في (معركة شقحب) التي انتهت بانتصار المسلمين على التتار في الرابع من رمضان بعد معركة حامية الوطيس استمرت ثلاثة أيام، وقد عمل خلالها على تحريض المجاهدين على القتال. وخرج إبن تيمية أيضاً مع نائب السلطنة في دمشق في السنوات 699, و704, و705هـ, لقتال الإسماعيلية والباطنية والنصيرية، لتعاونهم مع جيوش الصليبيين والتتار وخيانتهم للمسلمين.
أقام في مصر بضع سنين, استغلها لنشر العلم وإلقاء الدروس وصار له تلاميذ وأنصار كُثر وكانت صلته حسنة بسلطان مصر محمد بن قلاوون, مما أثار حسد بعض العلماء هناك, فبدأوا يدسّون عليه, وتسبب ذلك بسجنه ردحاً من الزمن, ثم خرج من سجنه منتصراً بعد تبدل الأحوال, وعرضوا عليه القصاص من القضاة الذين آذوه, إلا إنه أبى قائلا؛ من آذاني فهو في حِلّ، ومن آذى الله ورسوله, فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي. وأثّر هذا الموقف المتسامح في نفوس مخالفيه, حيث قال أحدهم وهو إبن مخلوف المالكي؛ ما رأينا مثل إبن تيمية.. حرّضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا!!.
وفي شهر شوال سنة 712 هـ, أعدَّ السلطان محمد بن قلاوون جيشاً لملاقاة التتار، فخرج إبن تيمية مع الجيش بنيّة الجهاد، إلاّ أن الأخبار وصلت بانكفائهم، فترك الجيش وتوجّه لمدينة دمشق فدخلها في شهر ذي القعدة بعد أن غاب عنها مدة سبع سنوات, ورجع للتدريس والإفتاء والتأليف.
لم يكن إبن تيمية صاحب مذهب فقهي خاص به، وإنما كان يرجع في أصوله إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ليستنبط منه الأحكام، لذلك كانت أصوله في مجملها هي أصول أحمد بن حنبل. وأهمها؛ الكتاب والسُنّة النبوية والإجماع والقياس. وعند عدم الوقوع على النص كان يلجأ إلى فتوى الصحابة الكرام، وإذا تعددت آراءهم في المسألة الواحدة, كان يلجأ إلى اختيار أقربها إلى الكتاب والسُنّة.
ومن أكثر الأكاذيب التي حاول البعض إ3لصاقها به, هي إنه؛(يبغض أهل البيت)!!, ويصرّح إبن تيمية في كتبه إن اعتقاده في أهل بيت النبي الكريم(صلى الله عليه وسلم), هو اعتقاد أهل السٌنّة والجماعة بمحبتهم والثناء عليهم، وهو يقرّر في مواضع عدة من مؤلفاته وجوب وفرضية حبِّهم، وقد تكلم أيضاً حول أفضلية أهل البيت على غيرهم، لاجتماع النسب مع الإيمان والتقوى.
ومن أشهر تلاميذ ابن تيمية؛ إبن القيّم الجوزية, وشمس الدين الذهبي, وإبن كثير الدمشقي, وكثيرون غيرهم. أما مؤلفاته فتجاوزت الثلاثمائة كتاب, أشهرها؛ منهاج السنة النبوية, العقيدة الواسطية, اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم, الصارم المسلول على شاتم الرسول, السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية, وغيرها. كما كانت له مناظرات عديدة مع أهل البدع والأهواء وأصحاب الفرق الضالّة في عصره.
رحم الله العالم والفقيه والمجاهد إبن تيمية, والذي كان العصر الذي عاش فيه مشابهاً لعصرنا تقريبا من حيث شدة التهديدات الخارجية من المغول شرقا والصليبيين غربا, التي استهدفت الأمة الإسلامية والتي كانت تعيش حالة من الضعف والتردي, مع خطر أعداء الداخل من الفرق المارقة والباطنية التي تضمر العداء للمسلمين وتتحيّن الفرصة للانقضاض عليهم. فتصدّر الصفوف داعيا لتكاتف أبناء الأمة وحشد الإمكانيات ونبذ الخلافات للحفاظ على بيضة الإسلام, فاختار طريق (ذات الشوكة), ولم يركن للدعة والتبرير والخنوع.
...................................................
* ما حفّزني على كتابة ونشر هذا المقال عن شيخ الإسلام إبن تيمية, هو(تعليق) أحد حوثة اليمن, يعرّف نفسه بأنه؛(أستاذ جامعي)!!, على مقال سابق لي بعنوان؛(الصحابة الكرام؛ والذين يبغضونهم). وارتأيت أن أورد هذيانه بحذافيره, بلا حذف أو اجتزاء, لكي يدرك من يريد أن يدرك, مدى السفالة والانحطاط التي أوصلت إليها إيران وحثالاتها من سقط المتاع, المجتمعات العربية في العراق وسوريا واليمن ولبنان. وإذا كان هذا مستوى (خريج الجامعة), فكيف بمن دونه؟!!؛
(يكفيك جهلا وعارا انك تستشهد بشيخ الكلاب ابن تيمية الناصبي..الذي يقول ان عليا كان مخذولا، وان عليا اخطأ في 17 مسألة..انت وهو وامثالكم مثل جراء الكلبة، ابيضكم نجس واسودكم نجس..قال النبي عيسى ع (شفيت الاعمى والابرص والاكمه، وما شفيت الاحمق) وانت احمق).
1405 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع