عبد يونس لافي
نختلِفُ عن بعضِنا، ولكنَّ صفةَ المخلوقيَّةِ تجمعُنا
أخالُني أنّى مَشيتُ،
تُكلِّمُني الْأحجارُ والْأنهارُ والْأَطيارُ والْأشجارُ،
فتقولُ لي أنّي لسْتُ إلّا شَكْلًا آخرَ
من أشكالِ الخَلْقِ
لا أختَلِفُ عنها،
فلِكُلٍّ روحُ، ولِكُلٍّ حياةُ،
غيرَ أنّي مُنِحْتُ ما لم تُمْنَحْ،
لِأنّي كُلِّفْتُ بما لم تُكَلَّفْ،
وأنا إذ رضيتُ بِحَمْلِ الأمانةِ،
فأنا المسؤولُ وليست هي.
نعم هو الأمرُ كذلكَ لا فرقَ بيننا،
فَلسْنا إلّا مخلوقاتٌ وُجِدَتْ بإرادةِ الذّاتِ العُلْوِيَّةِ؛
حيثُ لا أعْلى منها ولا أسْمى،
الأزَلِيَّةِ الأبَدِيَّةِ؛ فلا بدايةَ لها ولا نهاية،
القادرةِ؛ وقدرتُها لا يُحيطُ بها تقدير،
الحكيمةِ الحليمةِ؛ وحكمتُها مطلقةٌ وحِلمُها كذلك،
الفريدةِ السديدةِ؛ وتفرُّدُها بالجلالِ وسَدادُها لا حدَّ لهُما
يمكن ان يوصَف بعقولٍ قاصرةٍ محدودة،
" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ،
وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن
لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا".
لِنَعْلَمْ أننا نختلِفُ عن بعضِنا بما أّوتينا،
وما أُّوتينا يكتسبُ صفةَ التفرُّدِ لكلٍّ مِنّا.
إنَّ التفرُّدَ هو من خواصِّ الجِبِلَّةِ البشريةِ
كما اقْتَضَتْها الحكمةُ الإلهيَّة،
ولكنَّ صفةَ المخلوقيةِ تجمعُ بيننا
وما يحيطُ بنا من أشياءَ،
فلا تَغمِطِ الآخرَ حقَّهُ،
ولاتتكبرْعليه،
بل كن متواضعًا معه،
واخْفِضْ جناحَكَ له،
وتلك لَعمري خصالُ مَن فَهِمَ كَيْنونَتَه.
3007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع