لوحة وجهة نظر:

                                                      

                              د.سالم الشماع

     

لوحة وجهة نظر:

كل انسان له عقل خاص به مختلف يفكر ويضمر, لديه وجهة نظر لأي حالة يشاهدها او يسمعها او يقرأ عنها او ما تدور في فكره او يسال احدهم عنها. وتتكون وجهة النظر من خلايا ترابط المعلومات المخزونة في الذاكرة (في جينات خلايا الدماغ) وهي تؤطر العقل الباطن, وقد تراكمت من خلال ما قد استلمت أي شيء قد وصلها من انبعاثات الحواس الخمسة في كل مكان وزمان حوله, ومن التجارب الاجتماعية والقراءات العلمية والثقافية والسياسية والحوادث التي تدور في عالمنا الصغير الذي اصبح كل شيء فيه معلوم في التو عند حدوثه, ومن جملتها الحروب والاقتتال بين الناس والدول وأيضا حدوث الكوارث الصحية والمناخية والتغيرات المجتمعية السريعة مثل المثلية وتطورها والحفلات الإباحية ومفاهيم الحريات الشخصية وتشرذم المعتقدات بأنواعها ... وتباين التغيرات هذه في الدول المتقدمة وبتلك الدول التي تتسارع الى اللحاق بها, ولا زالت كثير من المجتمعات متأخرة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وشبابها يجازفون بحياتهم لأجل اللحاق بالدول المتقدمة بأي طريقة وقد يموتون غرقا مع عوائلهم.

وجهات النظر هذه دخلت في كل هذا وفي الدين أيضا. فكل دين اصبح لديه مذاهب بالعشرات ... وكل حزب بما لديهم فرحون. وتتفاعل وجهات النظر وتتبادل فيما بينها ولكن عندما تبدأ بفقد خواصها السلمية من حوار ومناقشة الى جدال والى اختلاف شديد تحدث الطامة الكبرى. فإن جرت بين دول ذات قوة هائلة عسكرية او نووية, وعندما يكون هناك دوافع ومصالح دولية ويقود هذه الدول اشخاص او أحزاب راديكاليون فلا مناص من حروب كما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية وفي حروب الخليج ولم تخمد بعد, وما يحدث الان في أوكرانيا من تدمير في المدن والبشر, وروسيا تحاول استرجاع اوربا الى اتحاد كالسابق وما تحتاج من مصالح لها بتحسين اقتصادها والصناعة والزراعة والجيوسياسية التي فقدتها.
ونظرية وجهة النظر الأخرى المميزة هي الموضوعية القوية وتسمى أيضا نظرية الافراد المهمشين و \ أو المضطهدين التي تقودها النظرة النسوية ساندرا هاردينغ (فيلسوفة أمريكية ١٩٣٥, استاذه باحثة في قضايا منهجية العلوم الاجتماعية) تتحدى الوضع الراهن للمجتمعات التي توضح امتيازات الشخص الذكري الأبيض السائد في عالمنا. والمعنى ان وجهة النظر هذه لا يمكن ان تلتقي وتتعارض مع وجهة النظر المجتمعي مع الذكر الأبيض لأنه حاليا هو الأقوى في كل الدول وخاصة الكبرى, حيث ما زال هناك تسلسل هرمي للمجتمع. ان الحقيقة التي يجب ان تسود هي تلك التي ينادي بها أولئك الذين يمثلون الطبقة الأقل في المجتمع, وتحتاج الى ان تبحث في موضوع القيم العائلية بدلا من البحث في السياسة والا فقد المجتمع كماليته اذا بقيت السيادة للذكر الأبيض. القيم العائلية تتأثر بوجهة نظر الاختلاف الديني والسياسية والحاجات الاقتصادية ومصالح الدول.
وعندما تبدأ مناظرة بين طرفي الاختلاف في وجهة النظر هناك عوامل ضاغطة بينهما وهي:
* علم الوراثة.
* العادات الاجتماعية وتأثيراتها.
* مدى التحكم الإيجابي والسلبي.
* الايمان والعقائد الدينية وتأثيرها على المناظرة.
ان حالات وجهة النظر الشخصية في السياسة او غيرها قد تؤدي الى موت او افظع منه بالتعذيب الجسدي والنفسي والعاطفي والسجن الانفرادي والتجويع والترويع المستمر.
وجهات نظر مختلف موجودة بصورة دائمة في أي مجتمع ومكوناته واهمها العائلية باعتبار انها وحدة المجتمع ويجب ان يسودها الالتقاء الفكري بين مكوناتها. وفي كل يوم يوجد حالة ما تستدعي مناقشته بالحوار والمناقشة. ولا يجب ان يكون هناك جدال, فالجدال يعتمد أصلا على التعنت من احد الطرفين او كليهما وغالبا ما يحدث ان يكون هنالك تنازلات كبيرة او صغيرة لإدامة الحياة بصورة مقبولة, وهذا الموضوع اللوحة المرسومة.

في اللوحة:
هنالك حالة عائلية تحدث يغم عنها وهي موجودة منذ الازل وقد وجدث في الآية ١٢٨ من سورة النساء ما اعطاني فكرة لرسم هذه اللوحة (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير واحضرت الانفس الشح وان تحسنوا وتتقوا فان الله كان بما تعملون خبيرا)
المعاني هنا كثيرة لكلمات النشوز والاعراض والشح ... واسبابها اكثر مما نتصور ومتفرعة ومن الضروري معاينتها ومناقشتها وكيفية تجاوز الخلافات في وجهات النظر المختلفة.
والاصل هو ان تكون العلاقة بينهما وفق ما يريد الله من الزوج بالتحديد, والمعنى ان المرأة لا تكاد تسمح بنصيبها من زوجها وهو لا يكاد يسمح عليها بنفسه ان كان هناك شخص آخر. واصبح من الضروري عليه انقاء ما يحدث في نفسها من ضيق شديد من الصعوبة لها تجاوزه وقد تحتاج الى كثير من المرونة والوقت.

سالم الشماع
بغداد في 5/2022

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

892 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع