الدبلوماسية السرية

                                                       

                            د.ضرغام الدباغ

   

المراسلات :
Dr. Dergham Al Dabak : E-Mail: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دراسات ـ إعلام ـ معلومات
العدد : 271
التاريخ : 2021

    

الدبلوماسية السرية

                              

حين قرأت لأول مرة كتب الدبلوماسي البريطاني العريق هارالد نيكلسون (Harold George Nicolson)
وهو أحد شهراء مؤرخي الدبلوماسية في العالم، ودبلوماسي وسياسي وكاتب. ويكتب عن تاريخ الدبلوماسية في مراحلها النشطة، (مطلع القرن العشرين وإلى الحرب العالمية الثانية). وبوصفه أبن دبلوماسي محترف ولد في طهران حين كان والده دبلوماسياً في بلاد فارس (لم تكن إيران قد تأسست ككيان بعد)، ولا يمكن أن يكون نيكلسون بعيداً عن الأجواء التي ولد وترعرع فيها، ثم أنظم إليها كدبلوماسي. فهو يتحدث (ربما وضع كتابيه عن الدبلوماسية بعد أن أحيل للتقاعد بعد الحرب العالمية الثانية)، يتحدث بإعجاب عن الدبلوماسية الغابرة التي كانت عبارة عن تفاهمات أسر ملكية تحكم أوربا وتقتسم العالم، ويأسف لأفولها. وكانت أجواء الدبلوماسية وممارساتها تعبر عن ثقافة تلك المرحلة وطقوس العمل، وتدور بين ممثلوا أرستقراطية الدول العظمى. هارولد نيكلسون يتأسف على أفول تلك الدبلوماسية الارستقراطية، والتي كانت الدبلوماسية السرية أسلوباً شائعاً ومعتمداَ. (1)

وكانت الدبلوماسية السرية هي الشكل الغالب على الأنشطة الدبلوماسية، حيث تدور تفاهمات سرية ثنائية غالباً، والأنظمة كانت أسر ملكية متصاهرة، متفاهمة كأساس، وبالطبع مع وجود الرغبة في التوسع، لا سيما بعد الثورة الصناعية ومرحلة الميركانتيلية (Mercantilism) ثم عصر الاستعمار، ولم يكن العالم قد شهد بعد الأنظمة البرلمانية الدستورية بصيغه المتقدمة اللاحقة، والعمل الدولي بصفة حقيقية قبل تأسيس عصبة الأمم (باريس / 1919، حيث بلغ أقصى عدد أعضاءها 58 دولة).

الدبلوماسية السرية : مثلت أسلوبا شائعاً سائداً في العلاقات الدولية، وبصورة أساسية بين القوى الأوروبية الكبرى، طوال الفترة الممتدة من القرن الخامس عشر الميلادي حتى الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من النتائج والآثار السلبية التي خلفها هذا النمط من العمل الدبلوماسي، ومن تلك الآثار المسؤولية عن اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكن هذا النمط من الأسلوب لم ينته ولم يختف من مسرح العلاقات الدولية، وحتى بعد الحرب العالمية الأولى، كان هناك العديد من التفاهمات والاتفاقات السرية، وفي أرجاء شتى في العالم.

المعاهدة السرية : هي اتفاقية دولية يتفق فيها الطرفان المتعاقدان (أو أكثر)، سواء في بنود المعاهدة أو بشكل منفصل، على إخفاء وجودها أو على الأقل مضمونها أو جزء منها عن الدول الأخرى وعن الجمهور ولا تودع نسخاً منها لدى مؤسسات دولية. ووفقا للمعطيات حول المعاهدات السرية (بحث منشور في عام 2004، أن هناك 593 معاهدة سرية تفاوضت عليها 110 دولة وكيان سياسي مستقل منذ عام 1521 . وقد كانت المعاهدات السرية أداة مركزية لما يعرف بدبلوماسية ميزان القوى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

كانت معاهدة إعادة التأمين في يونيو 1887 التي عقدت بين الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية الروسية التي تفاوض عليها المستشار الألماني أوتو فون بسمارك من أجل تجنب ألمانيا الدخول في حرب على جبهتين "معاهدة سرية للغاية" تعهدت القوتان لفترة ثلاث سنوات بالبقاء على الحياد في حالة تورط الطرف الآخر في حرب مع دولة ثالثة، إلا إذا هاجمت ألمانيا حليف روسيا منذ فترة طويلة فرنسا أو روسيا هاجمت النمسا حليفة ألمانيا منذ فترة طويلة.

ومن بعض المعاهدات السرية الهامة تلك المعاهدة التي أبرمها سرا التحالف العثماني الألماني، المبرمة في القسطنطينية في 2 / آب ــ أغسطس / 1914 . تنص هذه المعاهدة على أن تظل ألمانيا وتركيا محايدة في النزاع بين النمسا والمجر وصربيا، ولكن إذا تدخلت روسيا "بإجراءات عسكرية"، فسيصبح البلدان حليفين عسكريين.

وهناك معاهدة سرية أخرى مهمة هي معاهدة لندن، المبرمة في 26 / نيسان ـ أبريل/ 1915 ، والتي وعدت فيها إيطاليا ببعض التنازلات الإقليمية مقابل الانضمام إلى الحرب على جانب الوفاق الثلاثي (الحلفاء).

ومعاهدة سرية أخرى هي معاهدة بوخارست، المبرمة بين رومانيا وقوى الوفاق الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا) في 17 آب ــ أغسطس/ 1916، وتعهدت بموجب هذه المعاهدة، رومانيا بمهاجمة النمسا والمجر وعدم السعي لتحقيق سلام منفصل مقابل بعض المكاسب الإقليمية. وتنص المادة 16 من تلك المعاهدة على أن "الترتيب الحالي سيكون سراً"..

ومن تلك الاتفاقات والتفاهمات التي طالت منطقتنا العربية، كتب عنها وكشفتها الأحداث التاريخي مثل معاهدة " سايكس ــ بيكو ـــ سازانوف". وسازانوف كان وزير الخارجية لروسيا القيصرية، وبعد انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى / 1917 قام وزير الخارجية السوفيتي بالانسحاب من المعاهدة، وكشف عنها وعن موادها. ولكن بريطانيا وفرنسا لم يكشفا شيئاً عن المعاهدة وفيما إذا كان قد طرأ عليها تعديلات، أو إضافة ملاحق بعد خروج روسيا القيصرية (الاتحاد السوفيتي) من التعاهد.

وفي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، كانت مرحلة شرعنت فيه منظمة عصبة الأمم الاستعمار بصراحة مدهشة. وأقرت مواد العصبة نظام الانتداب. وينص " نظام الانتداب الفقرة A " يمكّن الدول المنتدبة، على إدارة نفسها بنفسها، على أن تقف على قدميها، وهذا الانتداب يقوم بالاتفاق بين الشعب المنتدب والمنتدبة، في استفتاء في البلد المعني لكي يصح الانتداب.وهذا الانتداب قد أقرته عصبة الأمم، وهذا الانتداب بدون أجر،لأنها مهمة مقدسة في نشر المدنية، والانتداب هو مؤقت، وينتهي عندما تبلغ الأمة الواقع عليها الانتداب درجة من التقدم ما يمكنها من حكم نفسها بنفسها، وبنفس الوقت تمارس الدولة المنتدبة انتدابها بأصم عصبة الأمم الذي سيمارس السيطرة على هذه الفعالية " . (2)

الجهود المبكرة للإصلاح
وبعد اندلاع ثورة أكتوبر التي جلبت البلاشفة إلى رأس السلطة في روسيا في نوفمبر 1917، نشر وزير الخارجية السوفيتي ليون تروتسكي المعاهدات السرية التي أبرمتها الحكومة القيصرية مع قوى الوفاق(سايكس بيكو)، بما في ذلك معاهدة لندن واتفاق القسطنطينية . واقترح إلغاء الدبلوماسية السرية. تسببت هذه الخطوة في إحراج دولي و"رد فعل قوي ومستمر ضد الدبلوماسية السرية". وكان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون معارضًا للدبلوماسية السرية، واعتبرها تهديدًا للسلام. وجعل إلغاء الدبلوماسية السرية النقطة الأولى في نقاطه الأربعة عشر المنصوص عليها في خطابه أمام الكونجرس في 8 يناير 1918، بعد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب. لقد فصل ويلسون الولايات المتحدة عن التزامات الحلفاء السرية السابقة وسعى إلى إلغائها إلى الأبد بمجرد انتصار الحرب.

استندت النقاط الأربعة عشر إلى مسودة ورقة أعدتها لجنة التحقيق، كانت مسودة ردًا مباشرًا على المعاهدات السرية، والتي عرضها وزير الحرب نيوتن بيكر . كانت "أخذ المعاهدات السرية، وتحليل الأجزاء التي كانت مقبولة، وفصلها عن تلك التي اعتبرناها غير محتملة، ثم تطوير موقف تنازل عن الحلفاء قدر الإمكان، وكان كل ذلك مرتبطا بالمعاهدات السرية. هذا ما قرر ما ذهب إلى أربعة عشر نقطة. " كرر ويلسون نقاطه الأربعة عشر في مؤتمر فرساي للسلام ، حيث اقترح التزاما بـ "العهود المفتوحة ... التي تم التوصل إليها علنا" والقضاء على "التفاهمات الدولية الخاصة من أي نوع (بحيث) يجب أن تستمر الدبلوماسية صريحة وتحت نظر الرأي العام." تم تدوين موقف ويلسون في المادة 18 من ميثاق عصبة الأمم، التي تقضي بأن تسجل جميع الدول الأعضاء في عصبة الأمم كل معاهدة أو اتفاق دولي مع أمانة العصبة، وبأنه لا توجد معاهدة ملزمة ما لم يتم تسجيلها وقد أدى ذلك إلى ظهور نظام تسجيل المعاهدات وعلى الرغم من أنه لم يتم تسجيل كل المعاهدات.

             

عهد عصبة الأمم
ومن المفارقات أن إحدى المعاهدات السرية الرئيسية في فترة ما بين الحربين العالميتين حدثت في فترة عصبة الأمم. ففي عام 1935، كانت إيطاليا الفاشية مصممة على ضم الحبشة (اثيوبيا) وحاولت العصبة التوسط بين البلدين دون نجاح يذكر. وفي أكتوبر من نفس العام وضع وزير الخارجية البريطاني صمؤيل هوار خطة سرية مع رئيس الوزراء الفرنسي بيير لافال للتخلي عن معظم أراضي الحبشة لموسوليني. بعد ذلك بشهرين، تسربت أنباء عن حلف هواري لافال، وتم إجبار السياسيين على الخروج من السلطة وسط غضب شعبي، كان المخطط مبنيًا على معاهدة سرية عام 1906 التي أقامت إثيوبيا بين القوى الأوروبية دون علمها.

وكان أحد المعاهدات السرية الأكثر شهرة في التاريخ هو البروتوكول الإضافي السري لميثاق مولوتوف - ريبنتروب في 23 أغسطس 1939 بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية، والذي تفاوض عليه وزير الخارجية السوفياتي فياتشيسلاف مولوتوف ووزير الخارجية الألماني يواكيم فون ريبنتروب. كانت الاتفاقية نفسها، وهي اتفاقية عدم اعتراض مدتها عشر سنوات، علنية، لكن البروتوكول السري الإضافي (الذي حل محله بروتوكول سري مشابه لاحق، معاهدة الحدود الألمانية السوفيتية، الشهر المقبل)، أدى
إلى ظهور مناطق نفوذ في أوروبا الشرقية بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي، ووضع فنلندا وإستونيا ولاتفيا بيسارابيا (جزء من رومانيا)، وشرق بولندا في دائرة النفوذ السوفيتي، وغرب بولندا وليتوانيا ضمن مناطق النفوذ الألماني. ولم يتم الكشف عن وجود البروتوكول السري حتى عام 1989، عندما أصبح عامًا، تسبب بموجة غضب في دول البلطيق .

وكانت اتفاقية النسب المئوية بمثابة اتفاقية سرية بين رئيس الوزراء السوفيتي جوزيف ستالين ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خلال مؤتمر موسكو في 9 ــ 19/ أكتوبر/ 1944، حول كيفية تقاسم النفوذ بين مختلف الدول الأوروبية الشرقية. تم نشر الاتفاقية رسميًا بواسطة تشرشل بعد اثني عشر عامًا في المجلد الأخير من مذكراته عن الحرب العالمية الثانية .

(صورة الوثيقة بخط رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، حول تقاسم النفوذ في أوربا الشرقية بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي، وهو ما لم يطبق بحسب النتائج النهائية على الأرض بعد الحرب)

الدبلوماسية السرية بعد الحرب العالمية الثانية
بعد الحرب العالمية الثانية، استمر نظام التسجيل الذي بدأ مع عصبة الأمم من خلال الأمم المتحدة. وتنص المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، استناداً إلى المادة 18 من ميثاق عصبة الأمم، على ثلاث فقرات مهمة، يفترض أنها تحد من الدبلوماسية السرية
:
ــ كل معاهدة وكل اتفاق دولي يبرمه أي عضو في الأمم المتحدة بعد دخول هذا الميثاق حيز التنفيذ، يجب تسجيله في أقرب وقت ممكن لدى الأمانة وينشر من قبلها.
ــ لا يجوز لأي طرف في أي معاهدة أو اتفاق دولي لم يتم تسجيله وفقًا لأحكام الفقرة 1 من هذه المادة أن يحتج بتلك المعاهدة أو الاتفاق أمام أي جهاز من أجهزة الأمم المتحدة.
ــ كذلك، تطلب المادة 80 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (التي دخلت حيز النفاذ في عام 1980) من طرف في الاتفاقية تسجيل أي معاهدة تكون طرفاً فيها بمجرد دخول المعاهدة حيز النفاذ.

نلاحظ أن الدبلوماسية السرية واقعياً تمثل جانبا رئيسا في العلاقات الدولية، رغم الإدانات لها، سواء كان ذلك بين القوى العظمى أو الدول الأصغر. وأدين البعض لممارستها وأجبر البعض الآخر على الاستقالة بسببها، لكنها لا تزال سارية المفعول في العديد من الأوساط السياسية.

وكان الاعتقاد سائداً أن زمن الدبلوماسية السرية قد أنقضى، وأن عصر الأمم المتحدة (تأسست منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1945)، وأن الدبلوماسية في ظل الأمم المتحدة ستكون أكثر شفافية، وتشير المعطيات إلى تسجيل المعاهدات قد سجل:
من كانون الأول ــ ديسمبر 1946 إلى تموز ــ يوليو 2013 ، سجلت الأمانة العامة للأمم المتحدة أكثر من 200,000 معاهدة منشورة في سلسلة معاهدات الأمم المتحدة عملاً بالمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم يتم تسجيل عدد كبير من المعاهدات، ويرجع ذلك أساسا لأسباب عملية، مثل الميثاق الإداري أو المؤقت لبعض المعاهدات."

والمعاهدات غير المسجلة ليست بالضرورة سرية، حيث يتم نشر هذه المعاهدات في أماكن أخرى. ومع ذلك، لا تزال بعض المعاهدات السرية الحقيقية موجودة، في الغالب في سياق اتفاقات إنشاء قواعد عسكرية أجنبية.، أو لأسباب مختلفة أخرى.

وبتقديرنا فإن إن هذا النمط (الدبلوماسية السرية) لم ينته من العلاقات الدولية وما زال يتواصل بكثرة أو بندرة، يصعب تحديدها، لأن الجهات التي تريد أن تبقى الاتفاقيات سرية أو بعض فقراتها، أو ملاحق لها، لا تنشر أخباراً عن ذلك. ومن ما يمكن التوصل إليه عبر استنتاجات، وجود اتفاقيات وملاحق سرية أسفرت عن لقاء الرئيسان: جورج بوش الأب، وميشائيل غورباتشوف في لقاءهما على ظهر البارجة السوفيتية (مكسيم غوركي) في مياه جزيرة مالطا (3 ــ 4 / كانون الأول / 1989) وقد صدرت مؤشرات لبعض الاتجاهات العامة، ولكن هناك مؤشرات مادية على أن العديد منها لم ينشر.

وتبتدع الدول الراغبة في الإبقاء على النصوص المهمة والحساسة (التعاون العسكري والاستخباري، والعلمي) أساليب متعددة لتفادي إعلان الاتفاقيات والمعاهدات، وذلك بالتذرع بإلحاق النصوص والفقرات المطلوب إبقاؤها في السرية، بتسميها ملاحق، أو مواد تكميلية، وتنجح أحياناً بإبقاءها قيد الكتمان حقب طويلة من الزمان، ولكن في أغلب الأحيان، فإن التغيرات السياسية الحاسمة، تدفع أحد الأطراف لإعلان الفقرات السرية من المعاهدة، للتنصل من تبعاتها ونتائجها السياسية.

على سبيل المثال، بعد معاهدة الأمن لعام 1960 بين الولايات المتحدة واليابان، دخلت الدولتان في ثلاث اتفاقيات (وفقًا للجنة الخبراء التي عقدتها وزارة الخارجية اليابانية) يمكن تعريفها على أنها معاهدات سرية، على الأقل بالمعنى الواسع . تضمنت هذه الاتفاقيات عبور وتخزين الأسلحة النووية من قبل القوات الأمريكية في اليابان على الرغم من سياسة اليابان الرسمية للأسلحة غير النووية . قبل إصدارها العلني في عام 2010 ، كانت الحكومة اليابانية قد ذهبت إلى حد إدانة الصحفي نيشياما تاكيتشي، الذي حاول فضح معاهدة واحدة، للتجسس. كانت عملية كوندور معاهدة سرية بين الولايات المتحدة وخمس دول في أمريكا الجنوبية لتنسيق مكافحة التمرد و " الحرب القذرة " ضد المتمردين الشيوعيين وغيرهم من اليساريين في أمريكا اللاتينية. وفقًا لتعليق دورر وشمالينباخ حول اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، "الحقيقة أن المعاهدات السرية اليوم لا تلعب دورًا أساسيًا وهي أقل نتيجة للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة".

وتعتبر الدبلوماسية السرية غالبا، جانبا رئيسا في العلاقات الدولية حتى العصور الراهنة، سواء كان ذلك بين القوى العظمى أو الدول الأصغر. وأدين البعض لممارستها وأجبر البعض الآخر على الاستقالة بسببها، ووجهت لها الانتقادات، لكنها بقيت سارية المفعول في العديد من الأوساط السياسية. وغالبا ما تتوصّل الدول إلى حل وسط وتصوغ الاتفاقيات النهائية من خلال الدبلوماسية السرية. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال اتفاقية بريسبس بين اليونان ومقدونيا(2018)التي صيغت وراء الكواليس.(3)

وقد تتنصل بعض الدول من أسلوب العلاقات الدبلوماسية السرية، إلا أن الحاجة تدفع إلى ممارستها، والولايات المتحدة في مقدمة من يدين الدبلوماسية السرية، إلا أنه تعمد لممارستها، ومن ذلك اعتماد إدارة أوباما على الدبلوماسية السرية بصورة مكثفة، سواء في التوصل لاتفاق البرنامج النووي مع إيران في 2015 أو لتطبيع العلاقات الأمريكية – الكولومبية في 2016 .

كانت الدبلوماسية السرية هي النمط الأساسي السائد في العلاقات الدولية، وبصورة أساسية بين القوى الأوروبية الكبرى، طوال الفترة الممتدة من القرن الخامس عشر الميلادي حتى الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من التداعيات السلبية التي خلفها هذا النمط، وتحميلها مسؤولية اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، فإن هذا النمط لم ينته من العلاقات الدولية، وهو ما يتضح من اعتماد إدارة أوباما عليه بصورة مكثفة، سواء في التوصل لاتفاق البرنامج النووي مع إيران في 2015 أو لتطبيع العلاقات الأمريكية – الكولومبية في 2016 .

وغالبا ما تشارك بلدان ثالثة ذات تأثير على أصحاب المصلحة في هذه العمليّة من خلال الانخراط في جهود الوساطة. وهذا ما حدث في حالة الاجتماع السري الأخير في برلين بين إيليني سوراني مستشارة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس وإبراهيم قالين مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجان هيكر مستشار الزعيمة الألمانية أنجيلا ميركل.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


هوامش

1. Sir Harold George Nicolson KCVO CMG (* 21. November 1886 in Teheran, Iran; † 1. Mai 1968 auf Sissinghurst Castle in Kent) war ein britischer Diplomat, Autor und Politiker.
نيكلسون، هارولد : الدبلوماسية عبر العصور، بيروت / بلا تاريخ
نيكلسون، هارولد : الدبلوماسية مع مقدمة في علم السياسة ، بغداد / 1953

(2) الدباغ، د. ضرغام : المقدمات السياسية للاستقلال الوطني في العراق، ضفاف / 2012


ديباجة صك الانتداب البريطاني على العراق
بناء على نص المادة 132 من معاهدة الصلح الموقع عليها في سيفر، في اليوم العاشر من شهر آب ــ أغسطس سنة 1920 والتي بموجبها تنازلت تركيا عن كل حقوقها وتملكها في العراق، إلى الدول المتحالفة الرئيسية، وبناء على المادة 94 من تلك المعاهدة، التي بموجبها قررت هذه الدول الكبرى، وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 22 من الفصل الأول (عهد جمعية الأمم) بأن تعترف بالعراق دولة مستقلة، يشترط عليها قبول المشورة الإدارية والمساعدة من قبل منتدب، إلى أن تصبح قادرة على القيام بنفسها وحدها، وإن تحديد تخوم العراق، سوى ما هو مقرر في المعاهدة المذكورة، واختيار المنتدب، تتفق عليه الدول الرئيسية المتحالفة، قد اختارت صاخب الجلالة البريطانية، منتدباً من قبلها على العراق، وبما أن شروط الانتداب الآتي ذكرها، رفعت إلى مجلس جمعية الأمم، للمصادقة عليها، وبما أن صاحب الجلالة البريطانية، قبل أن يكون منتدباً على البلاد المذكورة، وتعهد بذلك، بالنيابة عن جمعية الأمم، طبقاً للمواد الآتية لجمعية الأمم، توافق على شروط هذا الانتداب، كما يلي ......(نص صك الانتداب).

(3) اتفاقية " بر يسبس" التي انتقدت بشدة من قبل أحزاب المعارضة اليمينية في كلا البلدين، أضافت مقدونيا كلمة "الشمال" إلي اسمها الرسمي، منهية خلافاً يعود تاريخه إلي عام 1991 وفتحت الطر يق نحو الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي. وقد أرجأ حزب الديمقراطية الجديدة الذي يتزعمه رئيس الوزراء اليوناني كير ياكوس ميتسوتاكيس، والذي عارض الاتفاقية بشدة، طرح عدد من الاتفاقات الثنائية المعلقة للتصويت في برلمان البلاد. 16 يونيو 2018

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

517 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع