بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة /القاتل المجهول - الجزء الثاني
من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://algardenia.com/maqalat/51718-2021-12-01-11-21-39.html
في ناحية ثانية بشرق بريطانيا وبالتحديد في سجن بركستون قام السجّانين بادخال بيانات الدكتور توني في سجلاتهم ونظامهم المحكم ثم هموا بتعريته من ملابسه وتفتيشه تفتيشاً دقيقاً شاملاً ثم اعطوه الزي الموحد واقتادوه الى زنزانته. فُتِحت باب الزنزانة ودخل توني ليجد رجلاً من اصول افريقية من اصحاب الاجسام العملاقة مستلقياً على سريره. حياه توني تحية مهذبة الا ان السجين لم يرد على تحيته. وضع توني امتعته فوق السرير العلوي الشاغر وراح يهيئه كي يكون جاهزاً للاستعمال. بعد قليل جلس السجين ذو اصول افريقية على سريره وسأله،
الرجل : ما اسمك؟
توني : انا اسمي توني وانت؟
الرجل : اسمي ولسن واياك ان تناديني ولي.
توني : حسناً يا ولسن تشرفت بمعرفتك.
ولسن : هل هذه اول مرة تدخل فيها السجن ؟
توني : اجل.
ولسن : لماذا اتوا بك الى هنا؟
توني : لقد اتهمت زوراً بقتل امرأة لم التقيها من قبل بحياتي.
ولسن : هذا جواب كلاسيكي. كل المساجين الجدد يدعون انهم ابرياء ولم يرتكبوا اي جرم بحياتهم.
توني : انا لست منهم. انا انسان صالح ومهنتي الطب.
ولسن : لامر عظيم ان يكون معي طبيب. فاذا تشاجرت مع احد النزلاء واصبت بجروح وكسور فهل ستقوم بتطبيبي؟
توني : بالطبع هذا عملي وهو واجبي.
ولسن : إذاً انت مرحبٌ بك رسمياً.
بعد يومين دخلت انجي مركز شرطة بادنغتون گرين وذراعها محمول بحمالة فوجدت جميع زملائها ينتظرون قدومها وقد اعدوا لها تجمعاً بسيطاً ليحتفلوا بسلامتها وعودتها للعمل. بعد ان تناولوا الكعك وشربو الشاي طلبوا منها ان تلقي خطاباً على الجميع. وقفت، سعلت قليلاً لاجلاء حنجرتها ثم قالت، "زملائي الاعزاء، اعرب لكم جميعاً عن شكري وامتناني العميقين بهذا الترحيب الجميل والمشاعر الساخنة وكعك الفواكه اللذيذ مع الشاي. متمنية من كل قلبي ان اقف معكم واساندكم يوم تحتاجون اليّ. كما تعلمون فالسيد جورج رئيس المركز طلب مني ان اقود فريق التحقيق بقضية جريمة فتاة الليل بنيوكاسل ونسي ان يبعثني دورة كي اتعلم ممارسة العهر. <ضحكات من الجمهور>. دعوا المزاح جانباً. لقد نسق المدير مع شرطة نيوكاسل كي يقدموا لي ولفريقي كل المساعدة والدعم حتى نتمكن من جمع المزيد من المعلومات والادلة كي ندين المشتبه به الدكتور توني ستيفنسون والذي وجهت له التهمة بعد الحصول على تطابق كامل لبصماته وحمضه النووي. بقضية مثل هذه يجب ان لا تكون هناك اخطاء من قبلنا نهائياً لان أي خطأ نرتكبه سينعكس سلباً على سلامتنا ومركزنا ومكانتنا. علماً ان سكوتلانديارد وافقت بكل صدق على تقديم الدعم الينا حينما نحتاج اليه. والآن دعونا نعود لعملنا الآن لان لدينا الاطنان منه"
بعد ان فرغ افراد الشرطة من تناول الكعك، ذهبوا الى مكاتبهم وصاروا يمارسون اعمالهم بجد واحترافية عالية. رفعت انجي الهاتف وطلبت مركز شرطة نيوكاسل لتتحدثت مع رئيس المركز النقيب فلتݘر. أكد لها استعداده الكامل للتعاون معها في فتح التحقيق من جديد بقضية فتاة الليل. اخبرته انها سوف تزور نيوكاسل بالقريب العاجل.
في اليوم التالي ذهبت انجي الى مشفى سانت ميري كي يزيلوا لها الضمادات فاجلسوها بقسم التمريض لتأتيها ممرضة مسنة تدعى هيلين كي تعتني بها فدار بينهما حديث ودي لتسألها،
انجي : لقد اخبرتني رئيسة الممرضات انك تعملين هنا منذ امد بعيد، هل هذا صحيح؟
هيلين : اجل يا سيديتي، اعمل هنا منذ عام 2003.
انجي : إذاً انت تعرفين جميع الاطباء والممرضات بالمشفى اليس كذلك؟
هيلين : اعرف اغلبهم ليس كلهم طبعاً لان هناك قسم الجرياترك البعيد عن هنا لذلك لا اعرف من يعمل به. اما باقي الاقسام فاعرفهم جميعاً.
انجي : وهل تعرفين الدكتور توني ستيفنسون؟
تنهدت وتحسرت ثم قالت،
هيلين : اوف يا الهي، ومن لا يعرف ذلك الطبيب الجميل الوجه وجميل الروح وطيب القلب. يجامل كل الناس ولا يبخل على احد بالمساعدة والنصح انه افضل طبيب لدينا بالمشفى.
انجي : وهل تعرفين زوجته؟
فجأة ظهر على وجهها الامتعاض وادارت وجهها بعيداً ثم قالت بتهكم،
هيلين : اجل اعرفها، الكل يعرفها وخصوصاً الرجال.
انجي : ماذا تقصدين؟
هيلين : اقصد انها افعى على هيئة امرأة. لقد دارت حول توني كثيراً حتى جعلته يترك خطيبته الدكتورة لولّي فتزوجت به. لكن هل اكتفت بامتلاكه؟ ابداً، كانت متزوجة منه وتتحدث بشكل مخجل مع كل الرجال الذين تصادفهم وتكوّن علاقات مشينة معهم من وراء ظهر زوجها.
بهذه اثناء ازالت الممرضة كل الضمادات من ذراع انجي لانها تعافت تماماً من جرحها. فسألت انجي،
انجي : إذا كانت بهذه الخسة والوضاعة فلماذا لم تحذروا زوجها كي يتركها ويطلقها؟
هيلين : لانه كان متيماً بها ولا يصدق الاخبار التي ترده عن خيانتها. كان معصوب العينين من ناحيتها. انا لا اشك بانها هي التي ورطته بالشجار الذي دار بالشارع بينه وبين اولئك السفلة المتشردين.
انجي : وكيف عرفت كل ذلك؟
هيلين : تحدثت مع احد المتشردين لما كان يراجع عندنا بالمشفى بعد ان اخرجوه من مشفى ارلز كورت فاخبرني ان بتلك الليلة التي وقع فيها الشجار كانت دورين تبتسم بوجهه وتغمز له باعثةً له اشارات تودد بشكل مثير اثناء سيرها الى جانب زوجها مما شجعه كي يتحرش بهما بتلك الليلة المشؤومة.
انجي : يا الهي كم هي رخيصة، انا اشكرك على هذه المعلومات. ولكن اخبريني، هل تعمل دورين اليوم؟
هيلين : سوف تبدأ ورديتها بعد نصف ساعة. انها تدخل من الباب الخلفي لانها تصفّ سيارتها بمراب الاطباء فهي تقود سيارة زوجها الآن. انظري الى الحظ، قبل ان تتزوج بتوني كانت تركب الحافلات.
انجي : شكراً على مساعدتك يا هيلين.
هيلين : اخبريني إن اردت اي شيء اخر وبالاخص عن تلك الساقطة.
ضحكت انجي وأومأت برأسها دلالة على امتنانها للممرضة. خرجت من القسم وتوجهت مباشرة الى موقف السيارات لتبقى واقفة هناك تنتظر قدوم دورين حتى رأت سيارة توني تدخل المراب تقودها زوجته دورين فتوارت خلف احد العواميد وصارت تراقبها. توقفت السيارة على مقربة من المحققة انجي فاصبح مجال الرؤيى واضحاً لتشاهد دورين خلف عجلة القيادة والى يسارها رجل يرتدي صدرية زرقاء. اوقفت السيارة وقبل ان تنزل منها قربت من الرجل الجالس بجانبها وقبلته قبلة ساخنة فراح يداعب نهديها ثم تحدثت معه قليلاً وصارت تعدل ملابسها ثم نزلت من السيارة فنزل هو الآخر من الجانب الايسر واتجه الى باب خلفي للمبنى. قررت انجي تتبعه فركضت ودخلت الباب ورائه. بقيت تلاحقه من ممر لآخر حتى فتح باباً كُتب عليه <قسم الخدمات والتنظيف>. فتوقفت ولم تدخل من الباب كي لا ينكشف امرها. بقيت واقفة امام الباب حتى انفتح من جديد وخرج نفس الرجل الذي كان يرتدي الصدرية الزرقاء فرأته يدفع عربة تنظيف فتقربت منه وسألته،
انجي : سامحني سيدي اين قسم الجراحة العامة؟
العامل : انت دخلت بالمكان الخطأ يا سيدتي. الجراحة العامة بالجهة المقابلة لشارع پرايد. لماذا دخلت من هنا؟
نظرت الى شارته لتقرأ الاسم اكاستوس باروس فقالت له،
انجي : لقد اوقفني سائق التاكسي امام موقف السيارات الخلفي فدخلت من اول باب اعترضني. ولكن قل لي هل انت يوناني؟
اكاستوس : اجل، وكيف عرفت ذلك؟
انجي : انه واضح من اسمك، فانا احب اليونان لانني قضيت اجمل اجازاتي باليونان.
اكاستوس : لكنني لست من اليونان. انا يوناني قبرصي.
انجي : انه نفس الشيء اليس كذلك؟
اكاستوس : كلا هناك فرق وليكن صغيراً. على العموم، اذهبي بهذا الاتجاه ثم انحني يساراً وسوف تصلين الاستعلامات. بامكانك ان تسألي هناك عن قسم الجراحة العامة.
انجي : شكراً لك سيد اكاستوس.
نظر اليها بنهم ولاحظ جمالها ورشاقة جسدها واناقة ملبسها قال،
اكاستوس : إذا كنت متفرغة اليوم فلماذا لا نتناول بعض الطعام بمطعم يوناني قريب من المشفى يدعى (كوورفو تاڨيرنا)؟. قد يجلب لك الذكريات الجميلة التي قضيتيها باليونان.
انجي : يبدو عليك انساناً مهذباً جداً. ولمَ لا. اين سالتقيك؟
اكاستوس : ساخرج من هذا الباب الخلفي تمام الساعة الثانية عشرة.
انجي : ستجدني بانتظارك يا اكاستوس.
ذهبت باتجاه الاستعلامات كي لا يتقد انها كذبت عليه. بقيت تتجول بالمشفى وتجمع المعلومات من الممرضات والاطباء حتى حان موعدها مع اكاستوس فعادت الى المراب الخلفي لتراه يخرج من باب الخدمات وقد خلع صدريته وارتدى معطفاً جلدياً اسوداً فاشارت اليه بيدها من بعيد كي يراها ويقرب منها. دنا بوجهه من وجهها يبغي تقبيلها لكنها صدته وقالت،
انجي : ابهذه السرعة تريد ان تقبلني؟
اكاستوس : ولمَ لا فاننا اصدقاء اليس كذلك؟
انجي : كلا، انا بالكاد اعرف اسمك. كيف تتوقع مني ان اقبلك؟
اكاستوس : سامحيني سيدتي فهذا تقليد قبرصي بحت. نحن نقبل بعضنا البعض بكل المناسبات وبشتى مستوى العلاقات.
انجي : نحن في بريطانيا الآن ولا نفعل ذلك. السيدة لا تقبل احداً الا إذا كان حبيبها او زوجها. وبالمناسبة اليست تلك زوجتك التي اوصلتك الى المشفى هذا الصباح؟ لقد رأيتك تقبلها بداخل السيارة.
اكاستوس : انا لست متزوجاً. تلك كانت الممرضة دورين. الكل يسميها عاهر المشفى فهي تكون علاقات جنسية قصيرة الامد مع جميع رجال المشفى وغالباً ما تكون لليلة واحدة فقط. فهي مصابة بمرض الشبق الجنسي وذلك يعني انها تريد ممارسة الجنس باستمرار.
انجي : هل افهم من ذلك انك لا علاقة لك معها بشكل دائم؟
اكاستوس : كانت مجرد ليلة واحدة عابرة وحسب. لكن لو كان لدي حبيبة بجمالك فلسوف اخلص لها وابقى معها طول عمري.
انجي : شيء جميل. انا احب الرجل المخلص.
سار الاثنان سوياً ليأخذها الى مطعم كوورفو تاڨيرنا فدخلاه قال،
اكاستوس : دعينا ننزل الى السرداب فالاجواء هناك اجمل.
نزل الاثنان فشاهدا طاولات كثيرة موزعة بالصالة الصغيرة. بآخرها جلس رجل يحمل آلة البزق المشهورة لدى اليونانيين يعزف عليها لحناً شرقياً يبدو عليه يونانياً قالت،
انجي : ان المكان حقاً يضفى بجو رائع. من الواضح انك تأتي هنا دائماً.
اكاستوس : فقط عندما يكون معي شخص مميز مثلك. هل سبق لك ان تذوقت الاطباق اليونانية؟
انجي : بعض الشيء عندما كنت باليونان.
اكاستوس : إذا دعيني اختار لك الطعام بنفسي وسوف يعجبك بدون شك.
انجي : حسناً فاجئني.
رفع اكاستوس يده كي يسترعي انتباه النادل وراح يحدثه باليونانية ثم جمع منهما القوائم وغادر فقال،
اكاستوس : لقد طلبت موزاكا وكليفتيكو وكوپيپيا وشفتاليا.
انجي : لا اعرف اي واحد منها لكنني اثق باختيارك.
اكاستوس : هل نطلب بعض الاوزو؟
انجي : وما هو الاوزو؟
اكاستوس : انه مشروبنا الوطني.
انجي : اهو مشروب كحولي؟
اكاستوس : اجل لكنه يسبب الانتعاش الفوري.
انجي : لا، هذا غير ممكن.
اكاستوس : لماذا. الا تريدين ان تقضي معي اوقاتاً جميلة؟
انجي : الساعة الآن الثانية عشر والربع ومازال امامي اليوم باكمله. يجب علي العودة الى عملي بعد تناول هذه الوجبة.
اكاستوس : هل تصدقين شيئاً؟ انا لم اسألك عن نوع عملك.
هنا دست انجي يدها في حقيبتها وضغطت على زر التسجيل الصوتي بهاتفها النقال وقالت،
انجي : دعني اعرفك بنفسي، انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو من شرطة بادنغتون گرين.
اكاستوس : وهل جئت لتقبضين عليّ؟
انجي : ولماذا اريد ان اقبض عليك؟ هل قمت بعمل منافٍ للقانون؟
اكاستوس : كلا انا امازحك وحسب.
انجي : حسناً بما اننا اصبحنا اصدقاء ونريد ان ننظف الاجواء، اخبرني عن علاقتك بالممرضة دورين. فانا لا ارضى بمنافس.
اكاستوس : ليس هناك ما اقوله عنها، فالفتاة متزوجة لكنها تخرج مع اي رجل يعرضها ويتكرر ذلك كل يوم. بالرغم من كل ذلك لكن زوجها غائب الآن متهمُ بالقتل، لذا فانها تستغل هذه الفرصة لتمارس هوايتها المفضلة في مضاجعة الرجال.
انجي : يا الهي كم هذا مقزز. وهل سبق لك ان خرجت معها قبل هذه المرة؟
اكاستوس : ابداً، انها لا تكرر العلاقة مع اي رجل اكثر من مرة واحدة لانها تقول انها مخلصة لزوجها ولو كررتها مع الرجل لاكثر من مرة فهي بمثابة خيانة زوجية. لانها تريد فقط اشباع غرائزها الجنسية لا غير.
انجي : انه امر مثير ومفرح.
اكاستوس : ولماذا تقولين مفرح؟
انجي : اجل... اقصد.. افرح لانني لم يسبق لي ان سمعت الكثير عن هؤلاء الاشخاص الذين يطلق عليهم مصطلح (نمفومينياك).
اكاستوس : لو صح التعبير فانها ستكون ملكة النمفومينياك بالعالم.
انجي : مسكين.
اكاستوس : من هو المسكين؟
انجي : زوجها طبعاً.
اكاستوس : اعتقد ان هناك غشاوة على عينيه. فالكثير من زملائنا بالمشفى حاولوا اخباره بتصرفاتها الا انه لم يصدق ما قالوه عنها فنهرهم بشدة ونعتهم بالكذب والتلفيق.
انجي : وانت، ما رأيك بها؟ هل اعجبك ادائها؟
اكاستوس : اعتقد انها خبيرة جداً بالممارسة الجنسية فقد هيأت لي اجواءاً مثيرة وارتدت ملابس داخلية سوداء مخرمة تسمى شبكة الصياد. وضعت احمر شفاه لامع ومكياج وسبحت بالعطور الثمينة. قبلتها فدفعتني الى الوراء لاسقط على ظهري على السرير فصعدت فوقي لتمتطيني كالفرس. طلبت مني ان امارس الجنس معها بشدة ثم قالت لي اعطني كل ما لديك يا اسد؟ ترأست العملية ولم تدعني اعمل اي شيء عن ارادتي، كانت هي التي تبادر بكل شيء.
انجي : يا الهي، من المؤكد ان ذلك كان ممتعاً لكليكما.
اكاستوس : بالتأكيد لكنه كان مجرد جنس وخالِ من المشاعر.
بهذه الاثناء رجع النادل حاملاً الكثير من الصحون على يد واحدة وراح يصفها امامهما حتى امتلأت الطاولة. قال،
اكاستوس : كال اوريكسي.
انجي : وماذا يعني ذلك؟
اكاستوس : اتمنى لك شهية طيبة.
راحت انجي تتذوق الاطعمة وتتنقل من صحن لآخر فتُعجب بجميع ما تأكل. بعد ان فرغوا من تناول الطعام نظرت الى ساعتها وقالت،
انجي : يا الهي. انظر الى الوقت، انها الواحدة والربع. لقد تأخرت عن عملي.
اكاستوس : حسناً بامكانك ان تذهبي فوراً، ساقوم انا بتولي كل شيء.
انجي : كلا، ساقوم بدفع الفاتورة قبل ان اخرج.
اكاستوس : هذا مستحيل ابداً، انا قبرصي وفي عرفنا هذا لايجوز. فالرجل هو الذي يدفع فاتورة الطعام.
انجي : حسناً، ادفعها انت، انا اشكرك.
اكاستوس : هل ساراك ثانية؟
انجي : اكتب لي رقم هاتفك وساتصل بك عندما اتفرغ من عملي.
كتب رمقم هاتفه على منديل ورقي واعطاها اياه. نظرت اليه نظرة ملؤها الاثارة الجنسية، غمزت له وبعثت اليه بقبلة هوائية ثم خرجت من المطعم وهي تبتسم وتحدث لنفسها قائلة. "يا سلام يا دورين، اتضح انك عاهر من الدرجة الاولى ولا تستحقين توني باي شكل من الاشكال. اقسم انني ساخذه منك يوماً". سارت حتى وصلت موقع سيارتها بالقرب من المشفى لتنطلق بها متجهة الى مركز الشرطة.
بالطريق اعادت الاستماع للتسجيل فوجدته واضحاً جداً يفضح اعمال غريمتها دورين بشكل لا يقبل الشك.
دخلت مكتبها ورفعت سماعة الهاتف، طلبت مركز شرطة نيوكاسل فاوصلوها بقسم المراقبة المرئية. تحدثت مع الرقيب مكورمك وسألته عن الكامرات بمنطقة الفندق وما جاورها فاخبرها ان لديه مقطع فديو يظهر الجاني الذي دخل الفندق قبل قتل المجني عليها بساعة. ولغرض التحقيقات قام الرقيب بالاحتفاظ به في ارشيفه بالحاسوب. طلبت منه ان يرسل نسخة منه اليها عبر البريد الالكتروني فوعدها بانه سيرسله خلال دقائق معدودات. وفعلاً استلمت رسالة ببريدها الالكتروني تحتوي على مرفق فيه مقطع الفديو. لم تنتظر كي تعرضه على احد من اعوانها بل قامت بعرضه على شاشة حاسوبها لترى رجلاً يهم بالدخول الى الفندق. لكنه قبل ان يفتح باب الفندق ادار رأسه ونظر مباشرة صوب الكاميرا فاصبح وجهه مقابلاً تماماً للمشاهد الا ان ملامحه لم تكن واضحة وليس بالامكان التعرف على تقاطيع وجهه بتاتاً. رفعت سماعة هاتفها واتصلت بالقسم الفني بمركزهم واخبرته عن ذلك الفديو. فقال انه سيحاول توضيح الصورة بتقنيةII وهي (اماج انتيربولايشن) وتعني تقنية تناظر اجزاء الصور بمجاوراتها. وبذلك قد يتمكن من جعل الصورة اكثر وضوحاً. فاخبرته انها ستحضر الى مكتبه فوراً. وضعت المقطع باصبع الفلاش وهبطت به الى الطابق الاول فوجدت الباب مفتوحاً، مع ذلك طرقت على الباب ودخلت فرحب بها. كان شاباً يبدو عليه انه مراهق لكنها تعلم ان الشرطة لا توظف احداً دون سن العشرين. حيته فسألها،
كليف : اين الاصبع؟
انجي : ها اهو، لقد وصلني قبل قليل من نيوكاسل عبر البريد الالكتروني ولم اتمكن من التعرف على وجه احد الاشخاص فيه.
اخذ منها الاصبع وادخله بجهاز حاسوبه. طلبت منه ان يقدم الشريط الى النقطة 23:29 فقدمه وبدأ يعرضه على الشاشة حتى اشارت اليه باصبعها وقالت هذا هو الشخص المجهول. اريد ان توضح لي وجهه. قام بالكبس على زر الفارة عدة مرات ثم قطع الفديو الى مقاطع فحمل الجزءالمقطوع ووضعه بداخل برنامج حاسوبي آخر وراح يوضح الصورة. بقي يعمل عليها لما يقرب من 20 دقيقة حتى توقف بعدها وقال،
كليف : هذا اقصى وضوح استطيع ان احصل عليه.
نظرت انجي الى الوجه بتمعن فوجدت وجه وتقاطيع الدكتور توني. كبر الصورة لاقصى حد وصار الوجه اكثر قرباً وكانت تقاطيع توني تتوضح اكثر فاكثر ليجعل قلبها يخفق بسرعة كبيرة واحمر وجهها ثم تداركت نفسها وقالت،
انجي : اطبع لي نسختان للوجه ونسختان وهو واقفاً امام الكاميرا.
كبس على بعض الازرار فراحت طابعته تخرج الصورتان اللتان طلبتها انجي. اخذت الصور منه وشكرته ثم رجعت الى مكتبها. الصقت الصورة التي فيها وجه توني على السبورة ثم وضعت الصور الباقية في حقيبتها لتخرج من مكتبها متجهة الى السيارة. قادت سيارتها لساعتان واوقفتها امام سجن بركستون. دخلت وطلبت من شرطي الاستعلامات الموافقة على زيارة السجين. طلب منها هويتها فقدمتها له. تحدث بالهاتف الداخلي وطلب منها الدخول الى ردهة المقابلات. فتح لها احد الحراس باب الردهة فجلست على احدى الطاولات تنتظره هناك حتى دخل عليها توني بصحبة احد الحراس. فورما شاهدها ابتسم وقال،
توني : اهلاً بك يا انجي. كيف حالك؟ وكيف اصبح ذراعك؟
انجي : انا بخير، وذراعي يتحسن يوماً بعد يوم والفضل يعود اليك يا دكتور. اليوم فقط ازالوا منه الضماد. اريد ان اريك صورة علها ترجع لك ذاكرتك انظر.
اخرجت الصورتان وعرضتها عليه فامسك بالاولى وتمعن فيها. وضعها على الطاولة ثم التقط الثانية وراح يدقق فيها قال،
توني : ان الشكل شكلي 100% لكنني لم اذهب الى هذا المكان قط. هل التُقِطَتْ هذه الصور بنيوكاسل؟
انجي : اجل.
قرب الصورة من وجهه وراح يدقق فيها اكثر وبقى ينظر الى كل التفاصيل بتمعن ثم صاح،
توني : هذا ليس انا. انا لست الشخص الذي بالصورة.
انجي : وكيف عرفت ذلك؟ ما هو الدليل؟
توني : انظرِ الى قميص (التيشرت) الذي يرتديه بالصورة. حاولي ان تتفحصيه جيداً. انه قميص ذو الرقبة المدورة وانا لا ارتدي هذا النوع من القمصان لانها تجعلني اشعر بالاختناق. انا ارتدي القمصان التي على شاكلة الحرف V.
انجي : حسناً ولكن كيف سنقنع القاضي والمحلفين والادعاء العام بهذه النقطة؟
توني : انا لا اريد تقديم ادلة. انا اخبرك فقط ان الشخص الذي بهذه الصورة ليس انا. فانا منذ ان كنت صغيراً كنت اصاب بالجنون لو البسني احد قميصاً من هذا النوع.
انجي : وكيف حصل ذلك إذاً؟ وماذا عن باقي الادلة؟ الحمض النووي، بصمات الاصابع المغرقة بالدماء، شكل الوجه، الطول.
توني : لا اعلم لكنه حقاً ليس انا. صدقيني يا انجي. انه شخص ثاني.
انجي : طيب ساستمر بابحاثي. هل تريد شيئاً مني؟
توني : اجل، اريد ان اعرف سبب عدم السماح لزوجتي دورين بزيارتي.
انجي : الم تزرك لحد الآن؟ كيف حصل ذلك؟
توني : لا اعلم. هاتفتها وسألتها نفس السؤال عدة مرات فقالت ان السلطات لم تأذن لها بالزيارة واخبروها انني ما زلت قيد البحث ولا يجيزون زيارة الاهل والاقرباء.
انجي : ولكن هذا هراء بالتأكيد. سابحث بالامر وسارجع اليك لاحقاً.
بهذه اللحظة ارادت ان تخبره عن خيانات زوجته مع الرجال الا انها تراجعت عن ذلك لعلمها ان ذلك سوف لن يغير شيئاً وسيزيد من ازمته النفسية كونه بداخل السجن الآن. لذا قررت ان تحتفظ بالسر لنفسها لكنها سألته،
انجي : هل يعاملوك معاملة حسنة بداخل السجن؟ هل تتعرض لاي اعتدائات او عمليات تنمر او مضايقات؟
توني : كلا ابداً، حتى بالامس وقع شجار بين اثنين من السجناء ولم يرغبوا باعلام حراس السجن بالشجار فالتجؤوا الي كي اضمد جراحهم فقمت باللازم مما جعلني محبوباً بين جميع النزلاء.
انجي : هذا جيد جداً. اسمع توني اعدك بانني ساستمر بابحاثي حتى اتمكن من العثور على الفاعل الحقيقي واخرجك من هذا المأزق اللعين.
توني : شكراً لك يا انجي. بالحقيقة لا اعلم إن كان عليّ ان اخبرك بذلك ام لا ولكن... اسمعي... انا مازلت اتذكر تلك القبلة التي اهديتيني اياها وكلما اذكرها تجتاحني مشاعر لم اعهدها بامرأة من قبل. انه شعور يصعب شرحه.
انجي : ارجوك انسى ذلك الامر الآن فقد كانت غلطة ولن تتكرر ثانية. رجاءاً انظر اليّ الآن كشرطية وحسب. انا اقوم بواجبي ولا اتوقع منك المقابل.
توني : لكنني لا استطيع التحكم بمشاعري. هناك قوة مغناطيسية تجذبني اليك بشكل عجيب. يتملكني الاحساس بالحرارة عندما اكون معك.
انجي : انسى هذا الامر الآن فانت احوج لان تتحكم بمشاعرك كي تتمكن من الصمود بين اربع جدران.
توني : على العموم، شكراً لاهتمامكِ بي.
انجي : سازورك ثانية وسانظر بامكانية السماح لزوجتك كي تزورك هي الاخرى.
خرجت من القاعة وهي تتخبط بافكار متشابكة متشعبة معقدة. فما قاله عن القميص ذو الياقة المدورة والياقة المحددة كان دليلاً كبيراً ولكن من الذي يضمن ان المحلفين سيصدقون ذلك؟ سيقولون انه اختلق تلك القصة كي ينفذ من العقاب. كذلك الموضوع الآخر، لو كان يعلم ان زوجته تخونه لكان ذلك سيرميه الى الهاوية فيموت من شدة الحزن. وماذا عن مشاعره نحوي؟ انه لا يعلم انني اتذكر تلك اللحظات التي كنت فيها بين ذراعيه ولا يفارقني الاحساس بتلامس شفتينا ابداً. شعرت وقتها وكأنه قد اوصل التيار الكهربائي الى جسدي عبر شفتينا. لكنني لا استطيع ان استغل خيانة زوجته كي احل محلها لان ذلك سيجعلني رخيصة وانتهز الفرص كي اقود مشاعره نحوي. ساترك الامور على حالها وساركز على العثور على الجاني وسافضحه حتى لو كان توني هو الجاني فانا شرطية قبل ان اكون امرأة.
ركبت سيارتها ونظرت الى الساعة امامها لتجدها تشير الى الخامسة مساءاً. هي تعلم ان دورين قد انتهى عملها بالمشفى الآن لذلك قررت ان تذهب لزيارتها ببيتها. قادت سيارتها واوقفتها امام بيت الدكتور توني، ضغطت على جرس الباب وانتظرت قليلاُ حتى انفتح الباب ووقف امامها رجل طويل القامة ملفوف العظلات عاري الجسد حافي القدمين قام بلف منشفة بيضاء على خصره ليغطي عورته قال،
الرجل : نعم، ماذا تريدين؟
انجي : انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو من شرطة بادنغتون گرين، اريد ان اتحدث مع دورين.
التفت ورائه ونادى باعلى صوته قائلاً، "دورين، هناك من يريد التحدث اليك". نزلت دورين من الطابق العلوي ترتدي الملابس الداخلية وحسب فاصبحت وجهاً لوجه مع المحققة انجي لتصاب بصدمة وذهول، ارادت ان تتفادى الامر لكنها علمت انها قد اصبحت امام الامر الواقع. طلبت من انجي الدخول الى الصالة فصعد عشيقها الى الطابق العلوي وتوارى عن الانظار. ارتدت دورين فستاناً قصيراً وجلست امام انجي في الصالة قالت،
دورين : اعذريني حضرة المحققة فالامر ليس كما يبدو. انا اليوم فقط شعرت بالوحدة القاتلة وكان هذا الرجل الذي رأيتيه يصلح المواسير ببيتي فقام بـ... اقصد انني لم اتمكن من ممارسة ضبط النفس فقمت بـ...
انجي : هذا الامر لا يعنيني. لقد جئتك اليوم كي اسألك عن سبب عدم زيارتك لتوني؟
دورين : بالحقيقة كنت اريد زيارته لكنهم منعوني؟
انجي : من الذي منعك؟ دعيني اعالج الامر واحصل لك على إذن بالزيارة.
دورين : بالحقيقة، انا لم اشأ ان ازوره لانني قد اسبب له احراجاً كبيراً وكما تعلمين فاننا نحب بعضنا حباً جماً وانا اخاف على مشاعره واتجنب ان اجرحه عندما اقف امامه وهو بملابس السجن. وما رأيتِ اليوم هو اول مرة بحياتي، فانا لم اخنه طوال فترة زواجنا.
انجي : ارجوك يا دورين، كفاك كذباً وتمثيلاً، انت تتحدثين مع محققة. انا اعلم بكل مغامراتك الجنسية. فكل الرجال بالمشفى يتحدثون عنها. انت مشهورة جداً بينهم.
دورين : كلهم يكذبون...
قاطعتها بقوة وبصوت مرتفع قالت،
انجي : ومـــــــــــاذا عن اكاستوس؟
دورين : من هو اكاستوس؟ انا لا اعرف ذلك الاسم.
انجي : بالطبع لا تعرفينه لان الرجال بحياتك كثيرون وقد فقدت العد والفرز بينهم. اكاستوس باروس هو الرجل القبرصي الاصل يعمل بقسم الخدمات والتنظيف بالمشفى والذي عملت معه علاقة مشينة وكنت تمارسين معه الجنس بالليل واوصلتيه الى موقف السيارات بالمشفى ثم قبلتيه. لقد شاهدت ذلك بام عيني شاهدت كيف كان يداعب نهديك اثناء القبلة بداخل السيارة. كفاك مراوغة.
دورين : اجل حسناً بما انك تعرفين كل شيء فلماذا لا تعلمين ان توني انسان بارد المشاعر ولا يحب سوى عمله. لقد توقفنا عن ممارسة الجنس منذ اكثر من سنتين.
انجي : اسمعي مني جيداً يا دورين. انا لا تعنيني اموركم الشخصية. المهم عندي انك تقومين بزيارة زوجك كي تقدمين له الدعم النفسي.
دورين : انه مجرم قاتل وقد كان يمارس الجنس مع العاهرت بنيوكاسل. اليس ذلك هو سبب حبسه؟
انجي : هذه تهمة لم تثبت بعد. المتهم بريء حتى تثبت ادانته. انت عليك ان تزوريه كي تهوني عليه بقائه بالسجن.
دورين : حسناً ساحاول ان ازوره. هل هناك شيء آخر؟
انجي : اجل، اين كنت بتاريخ 10 حزيران 2015؟
طرقت حنكها بسبابتها وقالت،
دورين : دعني ارى، دعني ارى، اجل كنت بزيارة امي في دورست.
انجي : هل كان توني بصحبتك؟
دورين : كلا، كان في المشفى الجامعي ولم يتمكن من مصاحبتي.
انجي : طيب، هذا كل ما لدي الآن. تذكري جيداً، يلزمك زيارة زوجك. فهو مازال زوجك لحد الآن اليس كذلك؟
دورين : اجل، اجل اننا متزوجان ولكن ليس للمزيد من الوقت. ساطلب منه الطلاق باقرب وقت ممكن، فانا لا يشرفني ان اكون زوجة قاتل.
انجي : هذا شأنك انت.
خرجت انجي وهي في غاية الغضب من تصرفات تلك الساقطة التي لا تعرف قيمة زوجها توني. بالحقيقة كانت انجي سعيدة بداخلها بعض الشيء لما سمعته من دورين بخصوص الطلاق لان توني سيصبح متاحاً لها. ولكن من قال انه سيريد ان يصبح حبيبها؟ ربما كان يتحدث عن مشاعر مرت عليه بسبب حبسه بالسجن. وربما سيتغلب حبه على هذه المعتوهة المعوقة ذهنياً دورين الوضيعة. لكنها ستبقى تحبه مهما طال الزمان ولن تستطيع قضبان السجن من الحلول بينهما.
بالايام التالية بقيت انجي تمارس عملها بمركز الشرطة وتقود فريق البحث الذي تحت امرتها كي ينبشوا الادلة باحثين عن الحقيقة. وبعد اسبوع اتصل بها نائب المدعي العام ليخبرها ان المحكمة قد حددت موعداً لاول جلسة لمحاكمة توني بعد شهرين. علمت وقتها انها لا تملك الكثير من الوقت كي تحاول اثبات برائة حبيبها. يجب عليها ان تبرئه كي يعود لاحضانها. فزوجته قد تخلت عنه بعد اول زيارة لها في السجن وقد طلبت الطلاق منه الا انه لم يوافق على طلاقها بعد وبقيت القضية معلقة حتى قررت انجي حسم الموقف لصالحها فذهبت لزيارة توني بالسجن. دخلت مبنى السجن وانتظرت بداخل ردهة المقابلات حتى دخل عليها توني بصحبة احد الحراس. حياها ببرود واضح وجلس امامها.
انجي : ما الامر يا توني؟ لماذا انت بهذه الحالة؟ لماذا وجهك متجهم؟ هل اقلقتكَ زيارتي؟
توني : الم تسمعي الخبر السعيد؟ لقد طلبت مني زوجتي الطلاق. لقد اتهمتني بانني مجرم قاتل واضاجع العاهرات. مهما حاولت ان اوضح لها موقفي واخبرها ببرائتي لكنها لم تستمع الى ما اقوله، بقيت تكيل لي الاهانات والتهم وطلبت مني الانفصال باقرب وقت.
انجي : ربما ذلك هو الافضل يا توني.
توني : كيف تقولين ذلك؟ انت تعلمين اكثر من اي انسان بالعالم مدى حبي لها فقد تعرفت عليها عندما كنت طالباً بكلية الطب ثم تزوجنا وبقيت الى جانبي تتحمل الليالي التي كنت اضطر العمل بالمشفى خافراً. فتبقى وحيدة بالبيت تنتظر رجوعي.
انجي : ربما كانت تستغل وقتها باجراء علاقات غرامية مع رجال اثناء غيابك. وخفاراتك كانت بمثابة فرصة ذهبية لها كي تشبع نهمها نحو الجنس.
توني : كيف تقولين ذلك عنها؟ حسبتك انسانة سوية وطيبة. انا جداً مستاء من كلامك هذا لانك تستمعين للشائعات المغرضة. اجل انا سمعت كل الوقيعة عن زوجتي من قبل العاملين بالمشفى. لكنني لم افتح المجال للنميمة.
انجي : زوجتك دورين تخلت عنك وصارت تضاجع كل من يأتي في طريقها.
توني : تباً لك يا انجي. كيف تستطيعين ان تتهميها بهذا الشكل؟ هل لديك دليل على ذلك؟
انجي : اسمع هذه المحادثة التي جرت بيني وبين احد عشاق زوجتك اسمه اكاستوس ويعمل بقسم الخدمات والتنظيف بالمشفى.
اخرجت هاتفها الخلوي وعرضت التسجيل على توني فراح يستمع بهدوء في البداية لكنه بعد قليل صار يحكم قبضة يديه بقوة لتحمر كالطماطم ويطرق بها على الطاولة وعندما انتهى التسجيل قال،
توني : يا الهي، انت على حق. كم كنت غبياً واهبلاً. انها تمارس الجنس مع الرجال كما لو كانت تمارسه معي تماماً. اتمنى لو انها كانت الى جانبي لوضعت يدي على عنقها وقطعت نبض الحياة اثر غلق التركيا المؤدي الى البرونكاي فينقطع الاوكسجين عن الدماغ وتموت.
انجي : وهل تريد ان يقال عنك قاتل؟
توني : كلا لكنه الشعور بالخذلان من الخيانة يا انجي. لقد آلمني كثيراً. لقد عشت معها سنين طوال اعتقد انها تخلص لي وتحبني كثيراً. فانا كما تعلمين يتيم وليس لي اقارب. بذلت كل حياتي لعلمي ودراستي وعندما ظهرت دورين فجأة بحياتي حمّلتها كل مشاعري وصرت احبها بجنون. لم اتقبل كل النميمة التي وصلتني عنها واعتبرتها شائعات مغرضة. واليوم اكتشف منك بعد كل تلك السنين بما لا يقبل الشك انها كانت تخونني ببشاعة ونهم كبيرين.
انجي : لا عليك حبيبي، ساكون انا الى جانبك، سادعمك وساثبت برائتك كن على يقين.
توني : انا جداً محظوظ لانني التقيتك يا انجي. انا لا يمكن ان انسى تلك القبلة الساخنة التي قبلتيني فيها فبعثت بي الشعور بحرارة مشاعركِ. وقوفك الى جانبي الآن هو عزائي الاكبر ازاء فقداني لدورين.
انجي : الآن تمالك اعصابك وكن طبيعيا لتتمكن من الصمود بداخل السجن. وساثبت برائتك بكل طاقاتي وقدراتي.
وقف توني لما رآها تقف ونظر اليها فقبلته قبلة مقتضبة من شفتيه ثم ادارت رأسها وخرجت من الردهة.
كانت تلك المقابلة ذات حدين. فمن ناحية شعر توني بالارتياح لانه كان مخدوعاً من قبل زوجته التي كانت تفتح باب خيانتها على مصراعيه وهو مخوع باكاذيبها وكلامها المعسول، ومن ناحية اخرى رفعت معنوياته كثيراً ومنحته احساساً بالطمأنينة عن مشاعرها نحوه. اما بالنسبة لانجي فقد حفزها الموقف اكثر كي تندفع بعمل حثيث لتثبت برائة حبيبها، اجل حبيبها فهي لا تخجل الآن من ان تسميه حبيبها لانه اصبح الآن حراً من تلك الزوجة الساقطة التي تتنقل بين احضان الرجال كل يوم. رجعت المركز وجلست امام مكتبها فدخل عليها رئيس المركز ليسألها،
جورج : كيف تسير الامور يا انجي؟
انجي : ليس كما اردت سيدي، فانا لم اجد الادلة التي كنت اصبو اليها.
جورج : نحن لا نريد ان نبرئ الجاني توني. نحن نريد ان نجمع ادلة كافية كي نضمن عدم افلاته من العدالة، اليس كذلك؟
انجي : اجل، اجل جورج بالتأكيد، ذلك هو هدفنا وعليه فانا ذاهبة الى نيوكاسل بعد عطلة نهاية الاسبوع كي افتش عن المزيد من الادلة واتحدث مع اكبر عدد ممكن من الناس.
جورج : لدي كل الثقة بقدراتك يا رئيس عرفاء. بامكانك طلب اي دعم مني وساقدمه لك لان المحاكمة ستكون...
انجي : اجل سمعت من الادعاء العام، ان المحاكمة ستكون بعد شهرين.
جورج : لذا يجب علينا ان نكون مستعدين لها. حظاً اوفر بعملك.
قالها وخرج من المكتب ليغلق الباب ورائه. بعد نهاية عطلة الويكاند في فجر يوم الاثنين ركبت سيارتها وذهب بصحبتها احد زملائها الرقيب رودز ليتوجها الى الطريق الخارجي قاصدين نيوكاسل. استغرقت الرحلة قرابة الست ساعات حتى دخلت المدينة فسألها الرقيب قائلاً،
رودز : ماذا سنفعل اولاً؟
انجي : بعد ان نتناول وجبة طعام دسمة باحدى المطاعم سنذهب الى مسرح الجريمة لنلقي نظرة عليه.
دخل الشرطيان مطعماً محلياً فطلبت هي اليوركشاير پودنغ مع البطاطة المقلية بينما طلب زميلها سجق دم الخنزير مع البطاطة المهروسة والخضار. لم يستغرقا كثيراً بتناول طعامهما حتى يتمكنا من القيام باكثر قدر ممكنٍ من المهام. رجعا الى السيارة فادخلت انجي عنوان الفندق الذي وقعت فيه الجريمة ليقودهم الجهاز اليه. نزلت من السيارة وراحت تدور حول الفندق وتتفحص المكان كله من الخارج حتى عثرت على الكامرا الامنية المواجهة لباب الفندق. وقفت امامها لتتفحصها و تلتقط لها الصور بهاتفها النقال ثم التقطت المزيد من الصور لمدخل الفندق والبنايات المجاورة فسألها الرقيب،
رودز : الا ندخل الى داخل الفندق؟
انجي : اجل دعنا ندخل.
دخلت من الباب الرئيسي وهي تتفحص كل شيء حولها وكانها تريد ان تأخذ كل شيء معها كدليل. دخل رودز خلفها ليلتقيا بامرأة خمسينية بدينة بافراط قالت لهما،
المرأة : ليس لدينا غرف شاغرة لا لفترة قصيرة ولا لفترة طويلة.
اخرج الشرطيان شارتيهما وعرضاها على المرأة قالت،
انجي : انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو وهذا زميلي رودز جئنا لنطرح عليك بعض الاسئلة.
المرأة : اسفة على الخلط. انا اسمي المدام فروستومز مديرة الفندق كيف استطيع خدمتكما؟
انجي : منذ متى وانت تعملين هنا؟
فروستومز : منذ اكثر من 12 سنة. كان زوجي يطلب مني التوقف عن العمل هنا لانه يريدني ان اعتني به واصرف المزيد من الوقت بالعناية به لانه يشكو من آلام في...
قاطعتها انجي وقالت،
انجي : هل كنتِ هنا في ليلة العاشر من حزيران عام 2015؟
فروستومز : اجل.
اخرجت انجي هاتفها وعرضت عليها صورة الدكتور توني وسألت،
انجي : هل سبق لك ان شاهدت هذا الرجل هنا بهذا الفندق؟
اصيبت المرأة بالرهبة وصارت ترتعش وتنظر حولها ثم قالت،
فروستومز : كلا لم اره في حياتي.
انجي : إذاً ساقوم بالقاء القبض عليك بتهمة التآمر والشروع بالقتل. والتستر على المجرم.
اخرجت انجي الاصفاد وهمت بوضعها على معصم فروستومز فتوسلت وقالت،
فروستومز : لماذا يا سيدتي؟ انا لم اعمل شيئاً. ارجوك انا فقط اشتغل هنا.
انجي : انظري الى هذا المقطع.
وضعت هاتفها امام وجه المديرة وبه مقطع دخول الرجل الى الفندق. ثم قالت،
انجي : إذا كنت هنا فكيف لم يتسنى لك ان تشاهدي هذا الشخص وهو يدخل الى الفندق. انظري جيداً واخبريني بصدق والا ساترك القيود على يدك واخذك معي فوراً.
هنا صارت المرأة تبكي وترتجف ارتبكت كثيراً وقالت،
فروستومز : ارجوك سيدتي اعفيني من تلك المهمة الصعبة فانا لا احب الدخول بالمشاكل.
انجي : ستدخلين معي بمشاكل اعظم لو لم تجيبي على اسئلتي، سوف اخذك معي الى لندن واستجوبك هناك وربما ساوجه لك تهمة القتل المتعمد. هيا اخبريني هل شاهدت هذا الرجل في ليلة العاشر من حزيران 2015؟
فروستومز : اجل انه زبون دائم عندنا.
انجي : اتعنين انه عميل مسجل دائم عندكم بملفاتكم؟
فروستومز : كلا، انه يأتي وقتما يشاء وينزل باي غرفة يختارها دون ان يسجل اسمه. لكنه كان يدفع الاجرة بشكل مضاعف.
انجي : اتعرفين اسمه؟
فروستومز : لا احد يعرف اسمه الحقيقي لكن الجميع يناديه (القيصر).
انجي : ومتى شاهدتيه آخر مرة؟
فروستومز : قبل بضع شهور.
انجي : هل تعرفين المزيد عنه؟
فروستومز : اعرف انه قواد متنفذ ويحتكم على غالبية فتيات الليل بالشوارع. يقال عنه انه عنيف جداً ومجرم وقاتل.
انجي : وهل كان بالغرفة التي عثر فيها على جثة العاهر ليلة وقوع الجريمة؟
فروستومز : اجل.
انجي : افتحي لي الغرفة اريد ان القي نظرة عليها.
ازالت انجي القيد من يد السيدة واستمعت اليها تقول،
فروستومز : سوف لن يُجْدي ذلك نفعاً لان الفندق قام بتنظيف الغرفة بعد ان مسحها الشرطة وفريق البحث الجنائي بدقة. ولكن تفضلي مفتاح الغرفة رقم 102 في الطابق الاول.
صعدت انجي ومساعدها رودز السلم حاملين مفتاح الغرفة ليدخلوها فوجدوها نظيفة خالية من اي شيء ممكن ان يدلهم على الجاني. بقوا بداخلها يدققون بكل شيء حتى علموا انهم لن يعثروا على اي دليل بعد مرور اربع سنوات من وقوع الجريمة. اغلقا باب الغرفة ورائهما ونزلا الى المرأة فسألتها،
انجي : هل سمعت اي صراخ او صوت امرأة تستنجد ليلة وقوع الحادث؟
فروستومز : كلا. لم اسمع اي شيء نهائياً.
انجي : هل شاهدت القيصر وهو يخرج من الغرفة؟
فروستومز : اجل.
نظرت انجي لمساعدها وقالت،
انجي : دعنا نخرج.
خرجوا خارج الفندق ليسألها،
رودز : والآن الى اين؟
انجي : دعنا ننتظر قليلاً هنا ونراقب الفندق ثم سنذهب الى الشارع الذي ترتاده فتيات الليل لنسأل هناك.
بقي الشرطيان يراقبان الفندق من الخارج لعدة ساعات فلم يجدا شيئاً يثير الريبة لذا قررا الذهاب الى شارع العاهرت. اوقفا السيارة بالشارع الموازي وسارا على الاقدام يسألون كل فتاة ليل يقابلونها ويعرضون عليها صور للمغدورة فلستي لكن احداً منهن لم يتعرف عليها. سألوهن ايضاً عن القيصر وعرضوا عليهن صورة توني فلم يعترفن انهن يعرفن ذلك الشخص خصوصاً وان علامات الخوف كانت تبدو على وجوههن فورما يرون الصورة. بقيا لساعات طويلة يستجوبان الفتيات ولكن دون جدوى. كلهن كنّ خائفات من الادلاء باي شيء عن القيصر خوفاً من تداعيات حديثهن عنه فهو شرير ولا يرحم ابداً وهن يتذكرن ما فعل بزميلتهن فلستي. يئس المحققان فجلسا على ناصية الطريق كي يريحا اقدامهما قليلاً قال،
رودز : اعتقد ان مجيئنا الى نيوكاسل كان خطئاً كبيراً فالفتيات لن يتكلمن خوفاً من القيصر والفندق نظيف من كل الادلة اما مديرة الفندق فهي بنفس القارب، ترتعد من النطق باسم القيصر. لقد مرت سنين طويلة على الجريمة ولم يبقى اي اثر لها. لقد فشلت مهمتنا يا سيدتي.
انجي : اسمع مني يا رودز، ضع نفسك مكان العاهر فلستي. لماذا يقتلها قوادها إذا كانت مصدراً للمال الذي تجنيه له؟
رودز : ربما كانت تخفي عنه بعض الدراهم لنفسها.
انجي : هذا غير صحيح لان اولئك القوادين اذكياء ولديهم طرقهم الخاصة في التأكد من عدم حصول ذلك.
رودز : لماذا يقوم بقتلها إذاً؟ هل اراد ان يواقعها فرفضت؟
نظرت الى زميلها نظرة استخفاف وقالت،
انجي : اسمح لي يا صديقي فانت ساذج ومغفل بعض الشيء. هؤلاء العاهرات يمارسن الجنس عشرات المرات باليوم فهل ستمتنع عن ممارسته مع قوادها الذي يمتاز بالعنف والقساوة؟ كلا، كلا، هناك شيء آخر بالتأكيد.
رودز : ما هو سيدتي؟
انجي : انها ارادت ان تتركه وتهرب وتتخلص من براثنه فعلم بامرها وقتلها. ارادت ان تترك حياة العهر وتذهب حيث لن يجدها فتنظف نفسها وتعمل عملاً شريفاً.
رودز : ولكن اين ستذهب فالمدينة كلها ملكٌ للقيصر؟
انجي : بالضبط. انها كانت تريد السفر الى مدينة اخرى، لندن او برمنغهام او كوفنتري. اي مكان بعيداً عن ذلك الوغد.
رودز : هذا يعني انها ارادت الهرب بالحافلة او القطار.
انجي : تفكير سليم جداً يا رودز. دعنا نذهب لمحطة القطار غداً صباحاً، لان اغلب الموظفين قد رحلوا الى منازلهم الآن.
رجع المحققان الى السيارة وعادا بها الى الفندق الذي سيبيتان به. في صباح اليوم التالي انطلقا نحو محطة قطارات نيوكاسل المركزية ليتوجها مباشرة الى مكتب الحجوزات والتذاكر فشاهدا شاباً اسود البشرة يعمل هناك. ابرزا هوياتهم اليه ثم عرضت انجي عليه صورة فلستي وسألته،
انجي : هل سبق لك ورأيت المرأة التي بهذه الصورة؟
بائع التذاكر : كلا سيدتي.
انجي : كم مضى من الوقت وانت تعمل بوظيفتك هنا؟
بائع التذاكر : سنتان ونصف.
انجي : هل هناك موظف آخر عمل لفترة تزيد عن اربع سنوات بهذه المحطة؟
بائع التذاكر : اجل سيدتي، هناك توم العجوز. عمل بهذه المحطة منذ اكثر من 25 سنة.
انجي : هل بامكاني التحدث اليه؟
بائع التذاكر : لحظة واحدة ساستدعيه من غرفة الاستراحة.
ترك بائع التذاكر موقعه ودخل الغرفة المجاورة ثم عاد بعد قليل وقال، "سوف يأتي ويتحدث معكما بعد قليل". ما هي الا دقائق وخرج اليهما رجل ستيني بدين البنية انصبغ شعره بياضاً كالوفر تملأ وجهه المستدير ابتسامة مريحة قال،
الرجل المسن : تفضلي سيدتي، هل اردت التحدث اليّ؟
انجي : اجل نحن محققان من شرطة لندن. هل رأيت هذه السيدة من قبل؟
الرجل المسن : اجل انها فتاة الليل المقتولة بالفندق. قبل بضع سنين ملأت صورها الجرائد.
انجي : هل سبق لك وان قابلتها وجهاً لوجه؟
الرجل المسن : اجل، في صبيحة اليوم الذي قتلت فيه. اشترت مني تذكرة قطار الى گلازگو.
انجي : ومتى كان موعد الرحلة؟
الرجل المسن : الثانية بعد منتصف الليلة الموالية.
رودز : وهل سافرت الى گلازگو سيدي؟
الرجل المسن : لو كانت سافرت لما قتلت يا شاب.
انجي : لماذا لم تخبر الشرطة بهذه المعلومة؟
الرجل المسن : لان الشرطة لم تأتي لتسألني عنها.
انجي : شكراً لك سيدي.
خرج المحققان من المحطة وقد بدت الفرحة على وجهيهما إذ قالت،
انجي : دعنا نرجع الى مركز الشرطة المحلية الآن ثم نعود الى شارع العاهرت بالمساء، فلقد حصلنا على معلومة في غاية الاهمية.
ذهبا الى مركز شرطة نيوكاسل المركزي ليسألا عن المحققين الذين عملوا بقضية فتاة الليل المقتولة فتقدم احدهم وقال، "انا العريف المحقق كليف عملت على القضية وقتها قبل اربع سنوات"
انجي : يا محقق هل كنت تعرف لماذا قتلت فلستي ومن الذي قتلها؟
المحقق كليف : العاهر عادة تقتل لانها تخفي المال عن قوادها. اما من قتلها فقد عملنا كثيراً ولم نصل الى الجواب.
انجي : هل سمعت عن قواد يدعى القيصر؟
المحقق كليف : الكل سمع به لكن احداً لم يراه ويعرف شكله او اسمه الحقيقي. احياناً كنا نعتقد انه شخصية خيالية اختلقتها العاهرات كي يضعن اللوم عليها عندما يمسك بهن اثناء ممارسة الدعارة. تحرينا عنه لفترة طويلة ولن نصل الى اي اثر يوصلنا الى شخصيته او اسمه الحقيقي.
انجي : حسناً انا اشكرك حضرة المحقق. نهارك سعيد.
خرج الاثنان من مركز الشرطة فسألها مساعدها،
رودز : لماذا لم تخبريه بنية المجني عليها السفر الى گلازگو قبل ان تقتل؟
انجي : لان من الواضح ان المحقق كليف لم يقوم بدوره على اتم وجه ولو فعل ذلك لكان قد امسك بالجاني الآن. لو اخبرناه بالمعلومة التي حصلنا عليها اليوم من محطة القطار لصرح بها امام الاعلام ونسبها لنفسه. لذا دعنا نواصل ابحاثنا بهدوء وسوف نعمل ما بوسعنا كي نصل الى الجاني.
رودز : والآن؟
انجي : والآن سننتظر حتى الليل ثم نذهب الى شارع العاهرت من جديد. هل انت جائع؟
رودز : اتضرع جوعاً سيدتي.
انجي : إذاً دعنا نأكل. هل تحب الطعام الصيني؟
رودز : اجل.
انجي : لماذا لا نذهب الى مطعم صيني لمحته بالقرب من فندقنا. كانت الروائح الخارجة منه تسيل لعابي.
جلسا بالمطعم الصيني وتناولا وجبة البط المشوي على الطريقة الكانتونيزية مع الرز المقلي بالبيض والبازلاء. وبعد الانتهاء من الطعام سألت زميلها،
انجي : هل تعلم ان آخر وجبة تناولتها المقتولة فلستي هي الطعام الصيني؟
رودز : كلا لم انتبه على ذلك.
انجي : لقد قرأت هذه المعلومة بتقرير الطبيب الشرعي الذي شرح جثة القتيلة قبل اربع سنوات لذا دعنا نسأل صاحب المطعم.
نادت انجي صاحب المطعم وسألته،
انجي : هل هناك مطعم صيني بمنطقة غرب جيزموند يا سيدي؟
صاحب المطعم : اجل هناك مطعم اسمه (لي هو فوك). لكني لا انصحكما بالذهاب الى هناك لان المنطقة سيئة السمعة فهي بالقرب من شارع العاهرات.
رودز : وهذا بالضبط مطلبنا.
صاحب المطعم : يا الهي، كيف تستسيغون تناول طعامكما بتلك الاجواء، الا إذا... الا إذا...
انجي : اجل، اجل، انا عاهر وهذا قوادي الذي بصحبتي.
صُدِم صاحب المطعم وفتح فاه لاقصى درجة ثم قال بصوت خافت،
صاحب المطعم : اتمنى لكما ان تجنيا الكثير من المال هناك.
خرج المحققان وهما يضحكان من جراء ذلك الاداء الهزلي الرائع لانجي. ركبا السيارة وتوجها الى مطعم (لي هو فوك) بمنطقة شارع العاهرات. دخلا المطعم وسألا صاحب المطعم عن المجني عليها فلستي وعرضا عليه صورها الا انه انكر معرفتها وقال بان الكثير من الفتيات يدخلن الى مطعمه لذلك فهو لا يعير انتباهاً لاشكالهن. علم المحققان انهما سوف لن يجنيا اي تقدم من الحديث معه فقررا الرجوع الى الفندق حيث راجعا بعض النصوص والاوراق هناك ثم استعدا للخروج ثانية الى شارع العاهرات. وعندما حان الوقت ركبا السيارة وتوجها الى شارع العاهرات وصارا يتجولان به ويسألان كل العاهرات اللواتي يخرجن امامهما عن القيصر الا انهن جميعاً انكرن معرفتهن به. لذا بلغ اليأس لدى انجي الى اقصى حدوده فقالت لزميلها،
انجي : اللعنة، لقد سئمت، دعنا نذهب للفندق وننام ثم نفكر بشيء آخر غداً.
سار الاثنان كي يعودا الى موقع السيارة وفي الطريق سمعا صوت امرأة تبكي يأتيهم من مكان مظلمٍ بعيد. نظرت انجي بعين زميلها فارتسم الاستغراب على وجهه وفتح كفيه فمالت برأسها وعينيها بمعنى، "دعنا نستكشف الامر". سارت انجي باتجاه الصوت لتجد امرأة نصف عارية، تجلس بين اكياس القمامة تبكي بكائاً مراً. تقربت منها انجي وحاولت ان تهون عليها فامسكت بكتفها. الا ان المرأة انتفضت وابعدت يد انجي عنها وصرخت،
المرأة : ماذا تريدين يا عاهر؟
انجي : على رسلك يا سيدتي، انا لا اريد ان اؤذيك. هوني عليك واخبريني، ماذا بك؟ ولماذا تبكين؟ هل اعتدى عليك احد؟
المرأة : انه ذلك الوحش الكاسر. قسماً بالله ساقتله يوماً ما. يعتقد اننا عبيد عنده. يفعل ما يشاء بنا ثم يضربنا ويرمينا بحاوية القمامة. سانتقم منه يوماً.
انجي : من هو الذي اعتدى عليك؟ عمن تتكلمين؟
المرأة : وهل هناك غيره؟ انه الوحش القذر الذي يسمي نفسه القيصر.
انجي : انا ايضاً خلف القيصر اريد ان اعرف عنه المزيد. هلا اخبرتيني عنه رجاءاً؟
نظرت المرأة بوجه المحققة وقالت،
المرأة : من انتِ وماذا تريدين منه؟
انجي : انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو وهذا شريكي الرقيب رودز من لندن. جئنا نبحث عن القيصر.
المرأة : لكنه سيقتلني إن عرف انني اتحدث الى الشرطة.
انجي : لا تقلقي ابداً سنحميك بكل ما لدينا من سلطة اطمئني واسترخي، فقط حدثينيا عنه.
المرأة : إذاً خذاني الى مطعم لانني اتضرع جوعاً ثم نذهب بعد ذلك الى مكان خاص آمن لأحدثكما عن كل شيء تريدانه.
انجي : قومي معنا سنأخذك الى مطعم بعيد من هنا.
ركب الثلاثة السيارة وذهبوا بعيداً عن شارع العاهرت. بعد سير دام عشرين دقيقة دخل الثلاثة مطعماً انكليزياً تقليدياً فطلبت المرأة الطعام فذهب النادل ليحضره لها لتسألها،
انجي : ما اسمكِ؟ وما هي علاقتك بالقيصر؟
المرأة : انا اسمي سارا، جئت الى نيوكاسل قبل 7 سنوات تعرفت فيها على جوليوس الذي يطلق على نفسه القيصر. كان يكنّ لي الكثير من الحنان وتصورت انه سيكون حبيبي لذلك صار يشكل كل شيء في حياتي. لكنه بمرور الزمن صار يطلب مني تعاطي المخدرات حتى ادمنت عليها ثم راح يمنعها عني بحجة انها اصبحت باهظة الثمن لذا كان علي ان ابيع جسدي حتى اتمكن من دفع ثمنها. بعد ذلك علمت ان لديه جيشاً كبيراً من العاهرات، قد دفعهن جميعاً نحو الادمان كي يعملن لصالحه ويستغلهن ليجني منهن ثروة كبيرة.
بهذه اللحظة اخرجت انجي صورة توني من حقيبتها وعرضتها على سارا لتسألها،
انجي : هل هذا هو القيصر؟
امسكت سارا بصورة توني وصارت ترتعش من الخوف وقالت،
سارا : اجل هذا هو جوليوس اللعين. من اين اتيت بهذه الصورة؟ هو لا يسمح لاي مخلوق كي يلتقط صورته.
انجي : لا عليك الآن، اخبريني كل ما لديك.
سارا : ليس لدي الكثير من المعلومات عنه لانه كتوم ولا يتحدث عن نفسه او ماضيه ابداً. ما عدى بعض المقتطفات التي باح لي بها عندما كان بحالة نفسية تعيسة.
انجي : هل قال اي شيء عن عائلته او اين يسكن او اي شيء من هذا القبيل؟
سارا : كل الذي اعرفه عنه انه كان يتيماً وانه تربى بمكان يقال عنه (قيصر)، لذلك اطلق على نفسه ذلك الاسم.
انجي : وما هو هذا المكان برأيك؟
سارا : لا اعلم، ربما هو مأوى لرعاية الايتام او شيء من هذا القبيل.
انجي : حسناً، هل تعلمين بجريمة نيوكاسل التي وقعت قبل اربع سنوات؟
سارا : اتقصدين مقتل المسكينة فلستي؟
انجي : اجل، هل كنتِ تعرفينها؟
سارا : كنا صديقنان حميمتان فقد كانت تشكي لي عن آلامها والضرب المبرح الوحشي الذي كانت تتعرض له كل يوم من قبل القيصر.
انجي : وهل تعتقدين ان القيصر هو الذي قتلها؟
سارا : بالتأكيد. جائني في الصباح الباكر وضاجعني بغرفتي ثم حكى لي كل شيء عن كيفية تهشيم رأسها.
انجي : ولماذا قتلها برأيك؟
سارا : قال انها تنوي ترك العمل لديه وتهرب بعيداً عن نيوكاسل. استناداً لقوانينه فذلك يشكل الخيانة العظمى وعقوبتها الموت المؤكد.
انجي : لماذا لم تبلغي الشرطة عن جريمة القتل؟
سارا : لانني كنت اخاف ان يقتلني انا ايضاً.
انجي : ولماذا رضيتِ ان تخبرينا الآن؟
سارا : لانكما وعدتماني بانكما ستوفرا لي الحماية من شر انتقامه. اليس كذلك؟
انجي : اجل، اجل بالتأكيد. إذا لم نوفر لك الحماية فهذا يعني اننا سنخسر شاهداً مهماً ضد المجرم الذي نلاحقه منذ سنوات. تأكدي يا سارا اننا سنحميك بكل ما لدينا من سلطة. والآن سيبقى زميلي رودز معك ليلازمك ويحميك ويأخذك لفندقنا كي تبقي معنا وتتواري هناك بينما اخرج انا لاجلب المزيد من الادلة.
بعد ان دخلا الى غرفة الفندق واطمأنت عليها مع رودز. خرجت وهي تشعر بسعادة كبيرة فقد بدأت تضع يدها على شخصية تختلف تماماً عن حبيبها توني. لكنها ما زالت ترمو لوضع يدها على كل الحقيقة كي تستل حبيبها من قارعة السجن وترجعه الى عمله بالمشفى والى احضانها. فتحت هاتفها النقال وراحت تبحث عن جميع دور رعاية الايتام بنيوكاسل حتى رأت بالخط العريض، "دار القيصر لرعاية الايتام" قامت بنسخ العنوان وادخلته بنظام تحديد المواقع العالمي فبدأ يعطيها الاتجاهات. تتبعت ارشادات الجهاز حتى اوصلها الى بناية كبيرة بتصميم فكتوري قديم كتب على جدرانها تأسست عام 1946. دخلت المبنى فوجدت حارساً هناك سألته،
انجي : انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو، جئت لاتحدث مع مديرة الملجأ.
الحارس : السيدة روزميري هي مديرة الملجأ وهي نائمة الآن. بامكانك مقابلتها غداً صباحاً. ستكون بمكتبها تمام الساعة الثامنة.
انجي : حسناً سارجع غداً.
ركبت السيارة وعادت الى الفندق فرأت شريكها رودز جالساً الى جانب سارا يتحدث معها بداخل الغرفة. قالت،
انجي : لقد عثرت على المأتم الذي تربى به القيصر وسأذهب غداً صباحاً لاجري التحقيق فيه. دعنا ننام الآن فانا متعبة جدا.
ذهبت الى سريرها بينما نامت سارا على السرير الثاني وتسطح رودز على الاريكة ليطفئوا النور ويناموا جميعاً. بصباح اليوم التالي استيقضوا الساعة السابعة فراحت انجي تغير ثيابها لتنهي ما بدأت به بالامس بينما خرج رودز الى مخبز قريب على ناصية الشارع ليشتري المعجنات والقهوة. بعد ان تناولت قهوتها خرجت تاركة ورائها رودز وسارا. وصلت انجي بسيارتها دار الايتام فنزلت منها ودخلت على مكتب روزميري مديرة الملجأ قالت،
انجي : صباح الخير سيدتي، انا المحققة رئيسة عرفاء انجي اندرو من شرطة لندن.
روزميري : اهلاً وسهلاً كيف لي ان اساعدك سيدتي؟
انجي : جئت لاسألك بعض الاسئلة بخصوص نزيل كان لديكم بالمأتم اسمه جوليوس.
روزميري : اجل جوليوس ومن لا يتذكر جوليوس، ذلك الصبي الشرير الذي كان وراء جميع المشاكل التي وقعت بالمأتم.
انجي : هل تعرفين آبائه؟
روزميري : كلا، جاء به اللورد قيصر مؤسس المأتم وقال انه عثر عليه على ناصية الطريق وهو الذي اطلق عليه اسم جوليوس. كان ذلك الطفل كثير البكاء والعويل فكان يقلق جميع من كان يعمل بالمأتم. لكننا كنا نشفق عليه ونحاول تهدئته.
انجي : هل كنتِ مديرة المأتم وقتها؟
روزميري : كلا، المديرة كانت السيدة بلوم، اما انا فكنت مساعدتها.
انجي : هل كان لجوليوس اخ توأم.
روزميري : آه... اقسم بالله انني كنت اعرف ان يوماً ما ستخرج القطة من الكيس. الجواب هو نعم ولا.
انجي : وكيف يكون نعم ولا يا سيدتي؟ انه جواب مبهم. كيف يكون له توأم ولا يكون له توأم؟
روزميري : دعيني اخبرك بكل شيء لان الامر مضى عليه عقود طويلة وانا لم اكن راضية عما يجري بالمأتم.
انجي : ارجوك اخبريني فانا في حيرة من امري.
روزميري : كانت السيدة بلووم مديرة المأتم تتذمر كثيراً من صراخ الطفل الرضيع جوليوس الذي لا ينقطع ابداً فتحدثت مع احد اقربائها وهو عالم ابحاث يعمل بجامعة ادنبورا بسكوتلندا اسمه البروفسور كاربنتر وهو الذي نجح بانتاج النعجة المستنسخة (دولّي) والذي كتبت عليه كل الصحف والمجلات. اعطته الطفل جوليوس كي يتمكن من اسكاته بطرق علمية. على الاقل هذا ما قالته لي وقتها. ولكنني كنت اعتقد ان البروفسور كان يدفع لها ثمن توفير الاطفال كخنازير غينيا ويطبق عليهم التجارب المخبرية الغير شرعية. بعد ان غاب عنا الطفل جوليوس لفترة طويلة جداً رجع الى المأتم مع توأمه. كان من الصعب على اي من العاملين وقتها التفريق بينهما شكلاً لذلك قمنا بكتابة اسميهما على ملابسهما.
قاطعتها انجي وسألت،
انجي : ماذا كان اسم الطفل الثاني؟
روزميري : اطلقت عليه اسم (توني) لان السيدة بلووم مديرة المأتم كانت تحب احد ممثلي هوليود الذي اسمه توني كرتس.
انجي : إذاً جوليوس هو الاصلي وتوني هو المستنسخ. وماذا حل بالطفلين؟
روزميري : قامت عائلة من مدينة برمنكهام بتبني توني وهو في سن 13 شهراً. اما جوليوس فبقي بالمأتم حتى بلغ السن القانوني وخرج بنفسه. لا نعلم عنه اي شيء بعد ذلك.
انجي : واين استطيع ان اجد السيدة بلووم؟
روزميري : في المقبرة. لقد توفت السيدة بلووم قبل 4 سنوات وحليت انا محلها كمديرة للمأتم.
انجي : وماذا عن البروفسور كاربنتر الذي اجرى عملية الاستنساخ؟
روزميري : لقد مات هو الآخر قبل السيدة بلووم ببضع شهور.
انجي : هل تعرفين اي شخصٍ يعرفه او من نفس عائلته او صديق له حتى؟
روزميري : بالحقيقة، كان لديه احد الاقرباء من الباحثين الذي كان يعمل معه كمساعد في المختبر وهو ابن اخته يدعى البروفسور فالكون والآن يعمل فالكون بجامعة ادنبورا.
انجي : شكراً لك سيدتي لقد ساعدتينا كثيراً.
خرجت انجي من المأتم لتركب سيارتها وتتوجه بها الى مدينة ادنبورا. بعد ساعة ونصف اوقفت سيارتها امام مبنى جامعة ادنبورا وسألت الاستعلامات عن البروفسور فالكون فادلها على مكتبه. سارت بالممر حتى عثرت على المختبر بعد شق الانفس، طرقت الباب ودخلت لتجد رجلاً سبعينياً نحيفاً يقف خلف جهاز الطرد المركزي يتابع انابيب الاختبار وهي تدور بسرعة هائلة وتصدر صوتاً يشبه صوت الطائرات قالت،
انجي : مرحباً سيدي، هل انت البروفسور فالكون؟
فالكون : مرحباً، اجل انا فالكون كيف استطيع خدمتك؟
انجي : انا المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو من شرطة بادنغتون گرين بلندن اردت ان اتحدث معك بخصوص خالك البروفسور كاربنتر. علمت انه توفى قبل مدة ولكنني جئت اليوم كي استفسر عن بعض الابحاث التي كان يجريها خالك بشكل سري.
فالكون : كنت اعرف دائماً ان السر سينكشف يوماً وان هناك تداعيات ستؤدي به الى الهاوية. لقد حذرت خالي منها لكنه كان عنيداً جداً ومصراً على رأيه فهو سكوتلندي الاصل وانت تعلمين السكوتلنديين وعنادهم. كان يعتقد ان ابحاثه سوف تخدم التطور العلمي على المدى البعيد بالرغم من تحذيرات الحكومة التي كانت صارمة جداً وامرت بعدم اجراء الاستنساخ الآدمي.
انجي : وكيف كان يدير خالك الامور ومن اين كان يأتي بالاطفال الذين يجري تجاربه عليهم؟
فالكون : بعد ان نجح في تجاربه على النعجة دولي قام باجراء المزيد من التجارب على استنساخ حيوانات اخرى مثل ابقار، قطط، غزلان احصنة وارنب واحد. بعدها توقف لانه كان ينوي ان يجريها على البشر لكن ذلك كان منافياً للقانون. الا انه بالرغم من ذلك قام بتجاربه بشكل سري. واول تجربة اجراها خالي على طفل رضيع في اسبوعه الرابع. لكن الطفل المستنسخ توفى بعد ايام من الولادة. لذلك ارجع الطفل الى المأتم ثم عاد واحضر طفلاً آخر ليتوفى الطفل المستنسخ هو الآخر. وفي التجربة الثالثة نجح الاستنساخ وقام بجميع الفحوصات على المستنسخ ليجده بصحة جيدة. بقي يجري عليه جميع انواع التجارب وحين تأكد انه يسصبح انساناً اعتيادياً ارجعه الى المأتم مع الطفل الاصلي وقال لمديرة المأتم انهما توأمان. لقد حاولتُ ان اثنيه عن تجاربه كثيراً لكنه كان عنيداً كالثور. اراد ان يكمل التجارب قبل ان يموت لان ايامه كانت معدودة فقد كان يعاني من سرطان البروستات.
انجي : بما انك خبير بهذا المضمار سيدي اريد ان اسألك سؤالاً علمياً محدداً. هل هناك طريقة للتفريق بين الاثنين بفحص الحمض النووي؟
فالكون : دعيني اشرح لك بشكل مفصل اكثر. التجارب الفاشلة الاولى التي ادت الى وفاة الاطفال كانت تسمى embryo twinningلذلك قام البروفسور بتغييراسلوب الاستنساخ بتبني طريقة جديدة اخرى تدعى somatic cell nuclear transfer. والتي ادت الى نجاح التجربة. وبهذه الطريقة فإن فحص الحمض النووي DNA سوف لن يتمكن من التفريق بين مستنسخين. الا ان هناك شيء آخر يمكن البحث به وهو الـ SNPs.
انجي : السؤال الاهم الآن، هل تتمكن من التفريق بين الاطفال واقصد الشخص الاصلي والشخص المستنسخ إذا اجريت عليهما فحصاً مخبرياً؟
فالكون : اجل هذا شيء مؤكد.
انجي : إذاً ساتصل بك إن امسكنا بمجرم ما يحمل نفس جينات المستنسخ. هل انت مستعد للمجيء معي الى لندن والادلاء بشهادتك هناك؟
فالكون : اجل انا مستعد.
انجي : شكراً لك يا بروفيسور فالكون. ساتصل بك لاحقاً.
خرجت انجي وهي تبتسم لانها اخيراً حصلت على برائة حبيبها توني. لكن الاهم من ذلك هو الامساك بالقيصر ونقله الى لندن. اخرجت هاتفها واتصلت بشريكها رودز فسألها،
رودز : هل تمكنت من الحصول على اي شيء؟
انجي : اجل رودز اجل لقد نجحنا. انا في طريقي الى نويكاسل ارجو منك الحفاظ على سارا لاني اريد ان اتحدث معها بامر مهم للغاية.
رودز : انها تتناول شريحة الهامبركر وتتفرج على مسلسل (گايم اوف ثرون).
انجي : ساكون عندكم خلال ساعة ونصف.
اغلقت الهاتف معه وراحت تسرع في سيارتها. وبعد ساعتان صفت السيارة امام الفندق ودخلت الغرفة فوجدت سارا نائمة قالت،
انجي : اصحي يا سارا لو سمحت.
فتحت سارا عيناها وسألت،
سارا : متى عدت يا انجي؟
انجي : لقد عدت الآن تواً. كيف تشعرين؟ ها، امازلت متألمة.
سارا : اقل بقليل عن ذي قبل.
انجي : ستصبحين بخير، لا بأس عليكِ. اريد ان اسألك سؤالاً مهماً جداً يا سارا، اين استطيع ان اجد القيصر؟
سارا : هذا ما يسمى سؤال الست ملايين جنيه. فالقيصر لا يثبت بمكان واحد لليلتين على التوالي. ولا ينام بمكان يعرفه احد. نادراً ما كان يأتي عندي بغرفتي بشكل مفاجئ. وإذا فعل ذلك فانه لا يكررها الا بعد مرور بضع شهور ويأتي دون اخباري مسبقاً. من الصعب الامساك به باي وقت تشائين. لكنك كعاهرة سوف تجدينه فوق رأسك إذا ما حاولت ان تتصرفي خارج تعليماته.
انجي : وكيف سنمسك به إذاً؟
سارا : الطريقة الوحيدة هو ان تترصديه مع بعض من زملائك الشرطة في شارع العاهرات.
انجي : اسمعي مني يا سارا، إذا رآك القيصر فهل سيقوم بمهاجمتك؟
سارا : اجل لانه يريد ان يتأكد انني لن اغادر نيوكاسل لانني مصدر دخل كبير له.
انجي : ماذا لو رآك تمارسين عملك وتخفين عنه النقود؟
سارا : هذا ما سيصيبه بالجنون. سوف يفقد اعصابه ويقتلني هذه المرة.
انجي : هل انت مستعدة كي تستدرجيه حتى نقبض عليه؟
سارا : لا هذا خطر جداً. انا اخاف من ردة فعله، ماذا لو قتلني؟ هل ستعيديني للحياة وقتها يا انجي؟
انجي : صدقيني سوف يهجم عليه الشرطة وينقضون فوقه كالصقور ليمسكوا به.
سارا : إذا كان كذلك فحسناً، انا موافقة.
انجي : إذاً سوف ننفذ الخطة غداً مساءاً.
تحدثت انجي مع شريكها رودز واخبرته بنتائج مباحثاتها مع البروفسور فالكون ثم خرجت من الفندق متجهة الى مركز شرطة نيوكاسل وتحدثت بالهاتف مع رئيس المركز النقيب فلتݘر لتخبره انها بالطريق اليه. دخلت المركز فرأت النقيب فلتݘر بانتظارها. ادخلها مكتبه وعرض عليها فنجان شاي فجلست وترشفت منه ثم قالت،
انجي : سيدي لقد نلنا من القضية وتفتحت جميع طلاسمها.
فلتݘر : وكيف فعلتم ذلك؟
انجي : حققت بكل المعطيات المتاحة حتى توصلت الى الفاعل الحقيقي الذي يدعى القيصر. ليس لدي الكثير من الوقت كي اشرح لك كيفية التوصل للادلة لكنك يجب ان تثق بي.
فلتݘر : وما هو المطلوب مني؟
انجي : ان تزودني غداً مساءاً بقوة متنكرة بزي مدني يكون تعدادها 30 عنصراً سيتوزعون على طول شارع العاهرات. لاننا سنمسك بقاتل فلستي وقتها.
فلتݘر : هذا مستحيل، نحن مقيدي الايدي وعدد عناصرنا لا يكفي. كل ما استطيع تزويدك به هو 4 عناصر. هل تعرفين عدد الايام المطلوبة لكي يستمروا معك؟
انجي : سوف يكون عملهم بالليل. واغلب الظن يوم او يومان فقط.
فلتݘر : حسناً سوف يكونوا رهن اشارتك.
ضغط فلتݘر على زر نظام الاتصال الداخلي وتحدث قليلاً فدخل اربعة من رجال الشرطة. وجه لهم تعليماته كي يكونوا تحت امرة رئيس عرفاء انجي للقبض على قاتل العاهرة فلستي. خرجت انجي من مكتب المدير ومعها الرجال الاربعة وصارت تحدثهم عن الكمين الذي سينصبوه للقيصر بشارع العاهرات في الغد.
باليوم التالي ارتدى العناصر الاربعة ملابس مدنية وتسلحوا بمسدساتهم ليخفوها تحت معاطفهم والتقوا بانجي ورودز ومعهم العاهر سارا. ذهبوا جميعاً الى شارع العاهرات. لكنهم اوقفوا سياراتهم بالشوارع الموازي ونزلوا منها ليتفرقوا حسب تعليمات انجي. اشارت انجي لسارا كي تسير بالشارع وحدها. صار عناصر الشرطة يراقبونها من بعيد. بقيت سارا تتحدث مع الزبائن بالشارع وتساومهم على العمل حتى جائها رجل وقال،
الرجل : كم هو الثمن؟
سارا : 200 جنيه استرليني؟
الرجل : لماذا؟ هل انت ملكة جمال العالم؟ كل زميلاتك يطلبن 100 جنيه.
سارا : إذا كنت غير قادرٍ على سعري فاذهب لواحدة غيري.
الرجل : بالتأكيد سافعل ذلك.
رحل عنها ورجعت سارة تمشي باحثة عن المزيد من الزبائن. فجأة جائها رجل يرتدي معطفاً اسوداً ويضع قبعة سوداء فوق رأسه ونظارة داكنة على عينيه. ليتقرب من سارا فلمحته انجي واتصلت باللاسلكي مع الشرطة قالت، "كونوا على استعداد، السمكة تقترب من الطعم". بقيت انجي تراقب الاثنين حتى صفعها وراح يضربها ويلكمها على وجهها فسقطت على الارض. بعدها صار يركلها بقدمه عدة مرات فهجمت عليه انجي والشرطة الاربعة ليمسكوا به. بقي يقاومهم ويشتبك معهم بالايدي لانه كان شديد البأس. الا انهم تمكنوا من تثبيته على الارض وربط معصمه بالاصفاد. رفعوه ليقف امامهم فتقربت منه انجي وازالت نظارته وقبعته فرأت امامها شخص يشبه حبيبها توني بالضبط. بقيت تدور حوله وتقول، "مذهل، عجيب، لا يصدق". ما اسمك؟
القيصر : جوليوس.
انجي : لقبك؟
القيصر : انا لقيط وليس لدي لقب.
انجي : يا جوليوس، انا القي القبض عليك بتهمة قتل فتاة الليل فلستي. اي شيء تقوله سيستخدم ضدك بالمحكمة. هل لديك اي اقوال؟
القيصر : متى ساضاجعك يا جميلة؟ ستجنين مني الكثير من المال.
قالها وهو يبتسم وكأنه متأكد من انه سيفلت من العدالة. نظرت انجي الى رجال الشرطة وقالت، "خذوه". وجهت كلامها لسارا وسألت،
انجي : هل انت بخير؟
سارا : لا تقلقي من اجلي، انها صفعة واحدة وبضع ركلات فقط لكنها كانت مجدية لانها تستحق ذلك فقد اوقعنا بالقيصر القذر.
انجي : ارجعي للسيارة سوف نذهب جميعاً الى مركز شرطة نيوكاسل.
ركب الجميع بسياراتهم وتوجهوا للمركز فوجدوا النقيب فلتݘر مبتسماً يهنئهم على الصيد الثمين.
باليوم التالي وبعد ان تمت جميع اجرائات التسليم والاستلام ركبت انجي وزميلها رودز وسارا ومعهم البروفسور فالكون بسيارتهم ليتجهوا الى الطريق السريع المؤدي الى العاصمة لندن تتبعهم عربة شرطة مغلقة جلس فيها القيصر جوليوس بالخلف ومعه اربعة من عناصر شرطة نيوكاسل لحراسته.
بعد يوم كامل من وصولهم العاصمة لندن دخلت انجي مبنى الادعاء وقابلت المدعي العام لتقدم له جميع الادلة التي تحصلت عليها. وبعد الاستماع لشهادة سارا قال رئيس الادعاء العام،
رئيس الادعاء العام : رجاءاً يا بروفسور فالكون هل لك ان تنيرنا عن ملابسات فحص الحمض النووي؟ ففي المرة الاولى تطابق مع المشتبه به الدكتور توني. وانت تقول ان التطابق غير صحيح، كيف ذلك؟
البروفسور فالكون : في الـ (دي ان اي) هناك اماكن تدعى الجينوم حيث تسبب الاختلاف بين الناس. في حوالي حرف واحد من كل 1000 حرف من الكود ، ستصادف أحد هذه الأحرف حيث قد يكون لديّ حرف C وقد يكون لديك حرف T، ويمكننا أن نطلق عليها SNPs. معظم النيوكلوتايد لا تفعل الكثير، لأنها جزء من الجينوم. فالجينوم ليس له وظيفة كبيرة. لكن بعضها ينطوي على مخاطر الإصابة بأمراض مثل السكري أو أمراض القلب ، وتلك التي تحظى باهتمام كبير في الوقت الحالي بسبب ما يعلموننا إياه عن سبب حدوث هذه الأمراض.
رئيس الادعاء العام : وكيف ستغير تلك المعلومة ابحاثنا في التحقق من قاتل المجني عليها فلستي؟
البروفسور فالكون : يجب ان يعاد فحص الدي ان اي مع الاخذ بالـ SNPs في عين الاعتبار. فإذا كان التطابق 100% فالـ SNPs سوف لن يتطابق. مما سوف يشير بالجزم الى القاتل الحقيقي للمجني عليها.
رئيس الادعاء العام : إذاً سيقوم المخبر الجنائي التابع للادعاء العام بفحص عينات ال دي ان اي ومقارنتها بالسائل المنوي الذي عثر عليه بداخل المجني عليها آخذين بعين الاعتبار توصيات البروفيسور عن الفحص الاكثر دقة بمقارنة الـ SNPs.
خرج الجميع من مكتب المدعي العام وتوجهوا جميعاً لمتابعة عملية تحليل الدي ان اي المكثف لكلا المتهمين توني وجوليوس الملقب بالقيصر. ثم عاد كلٌ الى موقعه بينما اقتيد المتهم الى السجن بانتظار النتائج.
تقدمت انجي وقالت لسارا،
انجي : بامكانك ان تقيمي معي بشقتي اثناء فترة الانتظار ما رأيك؟
سارا : سيكون ذلك كرم منك سيدتي إن لم كن لديك مانع من ايواء واحدة مثلي... اقصد...
انجي : اتقصدين ايواء عاهر؟ لا تقلقي عزيزتي فالعهر منتشر بين جميع الناس هذه الايام. حتى نساء الشرطة يطلق عليهن العاهرات.
ضحكت المرأتين وذهبتا بسيارة انجي. وبعد اربعة ايام اتصل مساعد انجي تلفونيا واخبرها ان نتائج الفحص الجديدة قد ضهرت وان الادعاء العام سيصدر حكمه النهائي. ركبت انجي وسارا ليتوجها مباشرة الى مكتب المدعي العام فوجدت الجميع جالسين هناك. دخل المدعي العام وقال دون اي مقدمات،
رئيس الادعاء العام : بعد الاستماع لتوصيات البروفسور فالكون لاجراء فحوص مخبرية مكثفة تأكد لنا ان عينة السائل المنوي الذي عثر عليها بداخل المجني عليها كان للمتهم جوليوس الملقب بالقيصر مما يشير الى ان الدكتور توني ستيفنسون بريئ من جميع التهم الموجهة اليه في عملية قتل فتاة الليل فلستي. لذا قررنا اطلاق سراحه دون شروط مسبقة.
باليوم التالي وقفت زوجته دورين وانجي خارج مبنى سجن بركستون ينتظران خروج توني. فجأة لمحوه يخرج من الباب الرئيسي للسجن بصحبة احد الحراس فانطلقت دورين كي تعانق زوجها توني الا انه صدها ودفعها الى الخلف. فاستغربت كثيراً وقالت،
دورين : ما الامر؟ ماذا جرى لك يا حبيبي، لماذا لا تريد ان تعانقني. لقد اشتقت اليك كثيراً.
توني : انا لم اشتق اليك ابداً وسوف نتطلق فوراً كما طلبتِ. انت خائنة وانا اعرف كل شيء عنك.
نظرت دورين الى انجي وقالت،
دورين : هذا عملك انتِ ايتها الساقطة. انت التي اخبرتيه بكل شيء اليس كذلك؟
توني : انجي ليس لديها علاقة بذلك. كان القرار قراري وسوف لن نكون مع بعضنا بعد الآن.
امسك توني بانجي وقال،
توني : دعينا نرحل من هنا. فانا اريد ان اذهب معك بعيداً عن هذا المكان. خذيني اينما شئت.
انجي : هل ينفع بيتي؟
توني : بالتأكيد، خذيني هناك. سيكون لدينا حياة جديدة.
امسك بها وقبلها قبلة ساخنة جعل من دورين تشتعل غضباً. ادارت انجي المحرك وتوارت بعيداً مع حبيبها توني.
1383 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع