نشأة علم البحار وتطوره في الحضارة العربية الإسلامية

                                                     

                    الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
                          الموصل / العراق

نشأة علم البحار وتطوره في الحضارة العربية الإسلامية

علاقة الإنسان مع البحر قديمة قدم وجوده على الأرض. حيث أنه لم يكتفي بالبحث عن الغذاء على الشواطئ بل استطاع عمل قوارب خشبية ثم قام ببناء السفن (الفلك) وذلك للحصول على المزيد من الغذاء أو للانتقال أو للهرب إلى مناطق أخرى للعيش فيها. وكان نتيجة تراكم تجارب الإنسان في مساره الطويل مع البحر نشوء علم أطلق عليه مؤرخوا العلوم بجدارة علم البحار ، ومما لا شك فيه كان للعرب المسلمين دور متميز في تطوره ، سنتناول نشأة علم البحار وتطوره في الحضارة العربية الإسلامية من خلال محاور ثلاث :

المحور الأول - علم البحار عند الأمم السابقة :
اختلف الباحثون ولا زالوا حول تحديد اسم البلد الذي ظهر فيه فن الملاحة البحرية ومن قام بذلك لأول مرة .
أولاً - المصريون : فثمة رواية تقول بان المصريين، هم أول من صنع المراكب وقادها في الأنهار والبحار. فقد بدأوا باعتلاء جذوع الأشجار من أحد شواطئ النيل إلى الشاطئ المقابل ، ثم ربطوا الجذوع إلى بعضها ببعض، وشدوا وثاقها بالأعشاب المتينة كالبردي ، وكونوا منها كتلا من الخشب أمسكوها بأيديهم مستعملين أقدامهم كمحركات ، ثم جعلوا فيها مقاعد واستعملوا أيديهم أو قطعا من الخشب كمجاديف إلى أن أتقنوا صنعها ، فحفروا تلك الكتل الخشبية وجوفوها ، فصارت مراكب أخذت تطفو على سطح الماء . ويرجع تاريخ أول صورة مركب شراعي مصري إلى سنة 6300 قبل الميل .
ثانياًً - الفينيقيون : ويذهب باحثون آخرون إلى أن الفينيقيين ، ملاحي صور وصيدا في لبنان، هم أول من جاب البحار ، وأول من أسس المستعمرات التجارية عبرها . ولكنهم حفظوا سرهم وكتموا ما توصلوا إليه من معلومات في مجال البحار، فكانوا أول الرواد الذين أبحروا غربا للتجارة والكسب .
أما كيف تعلموا ركوب البحر ، فثمة أساطير تلقي أضواء على نشاطاتهم الأولى ، ومنها أن الصدف شاءت أن يكون هناك قوم منهم يقطنون سواحل الشام في غابات واسعة الأرجاء ، فضربت صاعقة رؤوس الأشجار، فاشتعلت،وامتد اللهب إلى أن التهم كل أشجار الغابة ، , ولما لم يجد أهل تلك المناطق نجاة من النار عمدوا إلى قطع أشجار تلك الغابة المحترقة ما أمكنهم والقوها في البحر، واعتلوا متنها وكان قائدهم أوزوس ، ثم سعى أولئك فيما بعد إلى تحسين هذا القارب البسيط .
وكان للفينيقيين قبل عدة قرون قبل الميلاد نشاطات بحرية طويلة وكانوا يحتفظون بأسرار اكتشافاتهم خوفا من منافسة اليونانيين في ذلك الوقت . وقد ذكر في بعض سجلاتهم أنهم قاموا بتأسيس مدينة قرطاجنة بالقرب من مدينة تونس حاليا. ومن قرطاجنة قام احد زعمائهم واسمه (هانو) برحلة بحرية كبيرة من شمال إفريقيا إلى اتجاه الغرب ثم الالتفاف باتجاه الجنوب بمحاذاة ساحل قارة إفريقيا حتى وصلوا جزر الرأس الأخضر .
ولقد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت إن الملك الفرعوني (نخاو) أرسل بحارة فينيقيين في رحلة بحرية للدوران حول إفريقيا ونجحت هذه الرحلة التي استمرت ثلاث سنوات. ولقد تم العثور على اكتشافات في صقليه واسبانيا على سفن قديمة وكبيرة ومصنعة من خشب الارز ومعالجة بمواد كيميائية .
ثالثاً - العراقيون : برع العراقيون كذلك في صنع وسائل لنقلهم عبر دجلة والفرات ، وعلى جدران معابدهم ما يثبت ذلك ، ففي خورسيباد مثلا رسوم تشبه "الكلك" المعروف ومن منا يستطيع ان ينكر سفينة نوح التي كانت من أحكم وأتقن ما سبق ذكره من سفن ومراكب: (( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون)) .
رابعاً - اليونانيون : ساعدت المنافسة بينهم وبين الفينيقيين في ذلك الوقت إلى تقدم المعرفة البحرية الاكتشافات ونبوغ كثير من العلماء والكتاب حيث أخذ فن الملاحة نصيبه من التقدم على يد اليونانيين ، والرومان القدماء ، ومع هذا فقد كان الرومان يستخدمون سفن الفينيقيين في حروبهم وتجارتهم .
ولقد قام اليونانيون بكثير من الرحلات في كل الاتجاهات لجمع المعلومات الجغرافية والتجارية, ومن أشهر البحارة اليونانيين هو ( يودوكوس) حينما كانت إحدى رحلاته إلى الهند لإحضار التوابل ومجوهرات وأثناء رحلته الثانية انجرفت سفينته جنوبا إلى طرف القرن الأفريقي حيث عثر هذا البحار على حطام سفينة أسبانية حيث اعتقد بعد هذا الاكتشاف بإمكانية الدوران حول أفريقيا لكن لم ينجح هذا البحار عندما حاول الدوران في المرة الثالثة حيث اختفى هو وجميع البحارة .
أما أهم أعمال الكشف البحري اليوناني حيث قام أحد قادة الإسكندر الأكبر واسمه (نياركوس) حينما بدء من الهند بتقسيم جيشه إلى قسمين أحدهما يسير عن طريق البر والأخر يبحر مواز الساحل ليقوم برسم خرائط لسواحل كل من باكستان – إيران – بلاد العرب .
ثالثاً- القرطاجيون : كان القرطاجيون أول من كشف عن المحيط الأطلسي حيث قطع هفون حاكم قرطاجنة
( 490 ق.م ) مسافة 2600 ميل إزاء شاطئ أفريقيا الغربي وكان قبل البرتغاليين بألفي سنة . وانطلق القرطاجيون في بعثة استكشاف إلى ساحل أوربا الغربي فبلغوا بريتاني وجزر الكناري حيث يقول في ذلك سارتون في كتابه تاريخ العالم (( إن الملاحين الفينيقين وخلفاؤهم القرطاجيون قد اضطلعوا بأعمال . . . أكبر خطراً من تأملات الإغريق في اللانهاية أوفي اللامنطقية الحسابية )).
رابعاً - علم البحار عند العرب قبل الإسلام : نالت الملاحة والتجارة البحرية منذ القدم اهتمام العرب وخاصة الساكنين منهم في المناطق الساحلية من الجزيرة العربية والخليج العربي ، حيث عرف عنهم بأنهم من أقدم رجال البحر كالحضارمة وأهل عمان والبحرين وغيرهم من أهل الخليج . فقد كونوا لهم علاقات تجارية واسعة وطرق ملاحية في الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي ، والتي أدت إلى زيادة صلاتهم وتوثيقها مع أمم شرق القارة الأفريقية والبحر الأحمر والهند والصين ، وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه العلاقات والرحلات إلى تطوير بناء سفنهم والوصول إلى الأماكن البعيدة وزيادة معرفتهم بالمواضع الخطرة والمسالك الأمينة في البحار الفاصلة بينهم وبين تلك الأمم والشعوب ، وتعززت هذه الصلاة مع الزمن بحيث تركت أثرها واضحاً في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والفكرية ، وإلى هؤلاء العرب القدامى يرجع الفضل في معرفة الطرق البحرية قبل الإسلام .
المحور الثاني - علوم البحار عند العرب المسلمين :
أولاً - بداية ظهور الأسطول العربي الإسلامي: لما ظهر الإسلام وخفقت راياته على سواحل الشام ومصر، أزمع العرب المسلمون على ارتياد البحر والركوب فيه . ولما ولي عثمان رضي الله عنه الخلافة ( 23-35 هـ / 634 – 644 م ) ، طلب منه معاوية بن أبي سفيان ، وكان يعمل والياً على الشام آنذاك ، أن يسمح له بغزو الروم بحراً فوافق الخليفة على ذلك بشرط أن لا بقسر أحدا من المسلمين على ركوب البحر ، بل جعله اختيارا . ونجح معاوية في هدفه، وتشجع المسلمون، وأقدموا على العناية بالقوة البحرية والتي كان لها أثر كبير في اتساع رقعة الدولة الإسلامية . وقد يكون من المناسب أن نشير الى موقعة ذات الصواري التي حدثت بين الأسطول الإسلامي والأسطول الرومي في البحر المتوسط سنة 34 هـ / 626 م . وكما هو معروف فإن الخليفة معاوية ( 40-60 هـ / 660-680 م ) قد أولع وخاصة ، عندما تسلم الخلافة ، بإنشاء السفن وقد وصل حجم الأسطول العربي الإسلامي في عهده إلى قرابة (1700) سفينة . وكانت المراكب البحرية العربية أنواعاً مختلفة وبأحجام مختلفة.
كما استخدم المسلمون الأسطول في فتح الكثير من الجزر الكبرى في البحر المتوسط ، أمثال صقلية ورودس . وقد اهتم العرب المسلمون بعد ذلك بإنشاء دور الصناعة ((الترسانة ))، وأول دار للصناعة بنيت في تونس على عهد الخليفة عبد الملك بن مروان سنة54 هـ / 674م . وقد سمى العرب مجموع السفن ( أسطولاً مستعيرين اللفظ اليوناني Stolos . وكانت السفن العربية أضخم من السفن البيزنطية ، إلا أنها كانت أقل سرعة ، وسرعان ما تحسنت السفن العربية . ويدين العرب للبيزنطيين ، بفضل تعليمهم الفنون الحربية ، والتي سرعان ما أصبحوا أساتذة بها . وقد انتشرت بعض الاصطلاحات البحرية التي استعملها العرب في أوربا . ومن هذه الاصطلاحات لفظة أمير البحر Admiral وكلمة Coruette المأخوذة عن لفظة " غراب " العربية والتي تعني نوعاً من أنواع المراكب العربية . ويبدو أن ، تأثير العرب في مناطق حوض البحر المتوسط ، كان أكثر من تأثيرهم في أوربا ، فقد استخدم البنادقة الغراب العربي في القرنين العاشر والحادي عشر إبان معاضدتهم للصليبيين .
لقد توزعت البحرية الإسلامية توزيعا جغرافيا بين بحرين : هما المحيط الهندي والبحر المتوسط ، وتبعا لذلك تميزت السفن التي تمخر عباب البحر المتوسط عن نظيراتها في المحيط الهندي والخليج العربي . فقد كانت مراكب المحيط الهندي والخليج العربي تخاط بالليف ، بينما كانت مراكب البحر المتوسط تدق بالمسامير . وقد ترك لنا الرحالة العرب والأجانب وصفا لتلك السفن ولعل مراجعة بسيطة لما كتبه ابن جبير في القرن الثاني عشر الميلادي ، وماركو بولو في القرن الثالث عشر الميلادي دليل واضح على ما نقول . ويمكن هنا الإشارة إلى أن ابن جبير قدم وصفا جميلا للخيوط المستعملة في تثبيت الألواح فهو يقول أن هذه السفن مخيطة بأمراس من القنبار وهو قش جوز النارجيل يرسونه أي صناع السفن إلى أن يتخيط ويفتلون منه أمراسا يخيطون بها المراكب .
ثانياً - المصادر العربية التي تعرضت لذكر البحر : يمكن تقسيمها إلى ما يلي :
أ - القرآن الكريم : شجع الدين الإسلامي على ركوب البحر والاستفادة من خيراته وموارده ، كما أسهم بشكل عام في إحياء الفكر الجغرافي وفي تحفيز الجغرافيين المسلمين لتحمل مسؤولياتهم وصولاً إلى ما هو أفضل في مجال المعرفة الجغرافية بالأرض وواقعية الحياة في أنحائها .
وقد ورد في القرآن الكريم ثمان وعشرون آية في سور مختلفة ذكر فيها البحر والفلك ومن تلك الآيات :
(( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام )) سورة الرحمن آية 24. ومنها أيضاً قوله تعالى ((ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيماً )) سورة الإسراء آية 66 . وغيرها من البينات التي تثير الحاسة الجغرافية وتستنفر الإدراك الحسي ، ذلك لأن طلب المعرفة الجغرافية من وجهة نظر الإسلام هدف في حد ذاته .
ب - القصص البحرية : تعد القصص البحرية من المصادر المهمة التي تعرضت لوصف البحر ، وإن الكثير مما أورده جغرافيو العرب ورحالتهم عن البحر يكاد يعد قصصاً بحرية ، وقد اعتمدت في جانب كبير منها على كتب الرحلات والعجايب ، مع ملاحظة أن هناك العديد من القصص البحرية المليئة بالأساطير ، على أن الملاحظ أن الأسطورة البحرية هي جزء لا ينفصل عن المعارف البحرية . والقصة البحرية هي حكاية يصور المؤلف حدوثها داخل البحر أو فوق أمواجه أو على سواحله وجزره ، ويكون البحر حاضراً في ذهن المؤلف والقارئ، وأشخاص القصة كلهم أو بعضهم ، وللبحر أثر واضح في حوادثها .
ومن أشهر تلك القصص وأروعها في التراث العربي قصة السندباد ، فهي القصة البحرية الكبرى في الأدب العربي ، وفضلاً عن هذا هي واحدة من أهم قصص البحار في التراث الأدبي العالمي .
إن رحلات السندباد السبع تلخيص لمعارف الإنسان البحرية لأنها الغاية التي تنتهي إليها القصة .
ج - كتب الرحلات والرحالون المسلمون : وهي عديدة ولها أهمية في تبيان تراث العرب الجغرافي ، إذ قدمت بعض جوانب المعرفة الجغرافية عن الأقاليم التي رحل إليها الرحالون وتعاملوا مع سكانها . وقد كانت تلك الرحلات من وراء تطوير أساليب ركوب البحر ، وتطويع البحر ، وحسن استخدام السفينة .
إن الانفتاح على البحر قد أسهم في زيادة الاحتكاك الحضاري بين حضارات حوض المحيط الهندي والشرق الأقصى من ناحية ، وحضارات حوض البحر المتوسط وجنوب غرب آسيا من ناحية أخرى . ومن ثم ليس غريباً أن نلاحظ لمسات الحضارة العربية الإسلامية في جهات شرق وجنوب آسيا .
إن كتب الرحلات زاخرة بوصف وتحليل وتفسير الكثير من الظواهر البحرية بأسلوب علمي دقيق ومتميز . كما أن تراكم المعرفة العلمية من تلك الرحلات قد مكنتهم من معرفة المسالك البحرية ، ومن قيادة سفنهم بكل مهارة وإتقان ، فهذا ابن جبير على سبيل المثال يصف في رحلته أثناء عبوره منطقة البحر الأحمر مهارة البحارة العرب فيقول (( ودخول هذه المراسي صعب المرام بسبب كثرة الشعاب والتفافها ، وأبصرنا ما صنعه هؤلاء الرؤساء والنواتية في التصرف بالجلبة أثناءها أمراً ضخماً ، يدخلونها على مضايف ويصرفونها خلالها تصريف الفارس للجواد الرطب العنان السلس القياد ويأتون في ذلك بعجب يضيق الوصف عنه )) .
وإن ظهور بعض المؤلفات العربية القيمة في علوم البحار للمعلم أحمد بن ماجد وسليمان المهري نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر للميلاد والتي اعتبرها الدكتور أحمد سوسة بأنها ظاهرة جديدة في الجغرافيا ، يمكن أن يطلق عليها ( الجغرافيا الملاحية) أو ( الجغرافية البحرية ) وهي لا ترتبط بالمدرسة الجغرافية الكلاسيكية .
إن علوم البحار عند العرب المسلمين في الحقيقة جاءت نتيجة للتراكمات العلمية التي أضافها العلماء العرب والمسلمون في جميع مجالات العلوم ، وكانت جهودهم الكبيرة في التأليف والإبداع تصب بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تطور وبلورة علوم البحار والمحيطات بالشكل الذي يدل على نبوغ العرب وأثرهم الكبير والمميز في التقدم العلمي الذي اتسمت به حضارتهم العريقة وتراثهم الغني الذي خلدوه لخدمة الإنسانية
ورقيها .وكان للرحالة والربابنة العرب والمسلمين إسهامات فعالة في تطوير العلوم البحرية ، وخدمة جليلة في هذا المضمار ، وكانوا على جانب من المعرفة بشؤون البحار.
ففي رحلات المسعودي ( 957 م ) فنرى وصفاً للصعاب التي واجهها في رحلاته في عدد من البحار كبحر الصين والروم والزنج . ومن المميزات التي يتصف بها المسعودي انه اتخذ المشاهدة أساساً في دراسة رحلاته .
وهناك أيضاً الكثير من الكتب والمؤلفات العربية المعروفة بدقة الملاحظة والبراعة في العرض والسلامة في الاستنتاج والتي كان لها الدور الرئيس في تقدم علوم البحار ، فنرى العلامة أبا ريحان محمد بن أحمد البيروني ( 972 -1048 م ) قد عالج المواضيع الجغرافية والفلكية في كتابه ( الآثار الباقية من القرون الخالية ) واشتهرت على نحو الخصوص آراءه في توزيع البحار وإحاطتها بالأرض واعتقاده بأن المحيط الهندي يتصل بالمحيط الأطلسي في جنوب القارة الأفريقية .
أما كتاب الشريف الإدريسي ( 1166 م ) ( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ) الذي ذيله بتسع وستين خريطة ظلت مرجعاً في هذا المجال لقرون طويلة . وكان أبو معشر البلخي ( 886 م ) أول من اهتدى إلى حقيقة طلوع الفجر وغيابه وأثرها في تنظيم ظاهرة المد والجزر ، فترجمت كتبه إلى الكثير من اللغات الأوربية .
أما شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي ( 1779 – 1229 م ) فلقد تطرق في كتابه ( معجم البلدان ) والذي جاء في خمسة مجلدات عن مواضيع تخص الأنهار والبحار بصورة عامة وعن المحيط الهندي والخليج العربي وخليج البصرة بشكل خاص وهناك أيضاً العلامة العربي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي ( 1355 – 1418 م ) الذي وضع موسوعته الكبرى ( صبح الأعشا في صناعة الإنشا ) التي تضمنت دراسات ومعلومات عن المحيط الأطلسي وبحر الروم ومضيق جبل طارق والبحر الأسود والمحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر كما تكلم عن البحار التي لها اتصال بالمحيط كبحر الخزر .
أما أبرز العلماء العرب الذين طوروا وأضافوا إلى العلوم البحرية التي كانت في أوج تقدمها العلمي خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد المعلم أحمد بن ماجد وسليمان المهري .
أحمد بن ماجد : وهو شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي النجدي ، فهو بهذا ينتمي إلى نجد غير أنه ولد على الساحل العربي لخليج عُمان . ينحدر ابن ماجد من صلب أسرة اشتغل أفرادها بقيادة السفن . فجده وأبوه كانا
( معلمين ) أيضاً وخلف اسميهما في عالم الملاحة وكان أبوه يلقب ( بربان البرين ) أي ساحلي البحر الأحمر وقال ابن ماجد (( وكان جدي نادر ذلك البحر ( البحر الأحمر ) واستفاد منه والدي وقد أخذت علم الرجلين مع كثرة التجربة )) وآثار ابن ماجد كثيرة ويقال بأنها 40 مؤلفاً بينما يحصرها آخرون في نحو 30 مؤلفاً ولاشك أن بعضاً مما كتب ربما فقد ولم ير النور لحد اليوم . إن معظم مؤلفات ابن ماجد قد تمت صياغتها شعراً أو على شكل أراجيز غير أن واحداً من مصنفاته الكبرى الهامة قد كتب بالنثر عام ( 1475 م ) بعنوان ( كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد ) وينقسم هذا الكتاب إلى اثني عشر قسماً يطلق على كل منها ( فائدة ) والذي يعتبر دستوراً للملاحين وموسوعة ملاحية عن المحيط الهندي والبحار الجنوبية حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي ، ويحتوي هذا الكتاب على معلومات بحرية قيمة عن وصف الطرق البحرية وعن الملاحة والفلك وعلوم البحار بالإضافة إلى وصف مفصل للشواطئ والجزر المختلفة والتي تفيد البحارة في تعيين موقعهم من البحر والوصول إلى غاياتهم بدقة . أما كتاب ابن ماجد الآخر فهو على شكل قصيدة شعرية أسماها ( حاوية الاختصار في أصول علم البحار ) ويحتوي على أحد عشر فصلاً تشرح بعض العلامات والأدلة المفيدة للبحارة .
وله مؤلف بعنوان ( فكرة الهموم والغموم والعطر المشموم في العلم المبارك المقسوم في العلامات والمسافات والنجوم ) تطرق فيه إلى معرفة السنين القمرية والشمسية والكبائس والنجوم ومنازل القمر وحلول الشمس في البروج وعلم الأيام والساعات والدقائق وزيادة الليل والنهار ، وله أيضاً العديد من الأراجيز والمؤلفات
الأخرى .
يعتبر أحمد بن ماجد من المؤلفين الحقيقيين لخرائط الملاحة العربية وهو الجغرافي العربي الوحيد الذي لم يتبع مذهب بطليموس في تقسيم الدائر إلى 560 درجة فلقد قسمها إلى 224 إصبعاً وبهذا يساوي الإصبع درجة وسبع وثلاثون دقيقة .
ولا ترجع شهرة ابن ماجد إلى كونه ملاحاً قديراً حسب ولا إلى مؤلفاته الغزيرة في علوم البحار والملاحة وإنما اكتسب هذا الملاح فضلاً عم ذلك شهرة دولية حين ترجمت مؤلفاته إلى اللغات العالمية حيث اعتبرت من المصادر القيمة لعلوم البحار في المحيط الهندي والبحار الجنوبية في القرون الوسطى .
اعتمد أحمد بن ماجد في تأليف كتبه على كتاب المجسطي لبطليموس وكتب البتاني وأبي حنيفة الدينوري وكتاب المشترك لياقوت الحموي وكتب ابن سعد وابن حوقل وكان عالماً بالفلك وتقويم البلدان وعلم البحار ، مولعاً بنظم الشعر .لقد اعتبرت آثار ابن ماجد من المصادر الأساسية في تأليف وإعداد البحوث والكتب العلمية المهمة في بلورة علم المحيطات الحديث ، الذي يعود الفضل الكبير في توضيح خطوطه الجوهرية إلى تقدم العلوم البحرية والملاحية لدى العرب .
سليمان المـهـري : وهو سليمان بن أحمد بن سليمان المهري المحمدي 851 هـ المعروف بالسيرافي ، ينحدر من عائلة عربية من حضرموت زاول نشاطه بعد نصف قرن بالتقريب من أحمد بن ماجد وكانت مصنفاته عربية صرفة ولكنها تقدم مزيجاً مركباً في تجربة عدد كبير من الشعوب .
توجد من كتب سليمان المهري خمسة مصنفات محفوظة ومكتوبة نثراً ويقسم أكبرها وهو ( العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية ) ألفه عام ( 1511 م ) إلى سبعة أبواب تقسم بدورها إلى فصول . أما المصنف الثاني الكبير فهو ( كتاب المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر ) وهو مقسم أيضاً إلى سبعة فصول ، وله رسالة أخرى بعنوان ( تحفة الفحول في تمهيد الأصول ) يتحدث سليمان المهري في مؤلفاته عن أصول الفلك البحري والنجوم والطرق البحرية والقياسات المختلفة وعن الرياح الموسمية السائدة في المحيط الهندي وعن وصف البحر الأحمر وطرقه الملاحية وعن تقسيم بيت الإبرة ، ويؤكد سليمان المهري في مؤلفاته بأن المعرفة بالشؤون البحرية إنما تقوم على أساس مزدوج من سلامة التفكير والخبرة العملية
وتعد رحلة التاجر سليمان المهري من أهم السجلات العربية عن الأسفار البحرية في المحيط الهندي وبحر الصين في القرن الثالث الهجري ، وربما كانت هذه الرحلة هي الأولى التي تحدثت عن سواحل البحر الشرقي والطريق الملاحي على أساس الخبرة الشخصية مع تطبيق المنهج الذي سار عليه .
لقد اقتصرت دراسات سليمان المهري في مادتها على المذهب الشرقي وحده ولا يوجد أي أثر للنفوذ البرتغالي عليها البتة على الرغم من أن نشاطه الملاحي قد وقع في عهد سيطرة البرتغاليين الذين تعرفوا على التجربة العربية في الملاحة منذ لحظة دورانهم حول رأس الرجاء الصالح ، بل أن أقدم ما دونوه في هذا المجال يحمل آثار النفوذ العربي بوضوح أضف إلى ذلك أن بعض الاصطلاحات الفنية البرتغالية ليست سوى ترجمة صرفة لمثيلاتها العربية .
وتعتبر مؤلفات ابن ماجد وسليمان المهري ، المصادر الوحيدة التي بقيت لحد الآن لفن الملاحة البحرية عند العرب قبل قدوم البرتغاليين إلى الشرق وقبل أن يستبدل البحارة قياس النجوم والاهتداء بها بقياس الشمس بآلة السدس والأصابع بالدرجات .

المحور الثالث - إسهامات العرب والمسلمين في مجال تطور العلوم البحرية :
لقد بلغ العلماء العرب أوج التقدم العلمي في مجال الدراسات والعلوم البحرية في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر للميلاد ووصلوا أعلى درجة من التطور .
وجاءت مشاهدات فاسكودي كاما عام ( 1498 م ) لتؤكد المقدرة الملاحية البحرية عند العرب .
إذ أبصر سفن عربية إلى الشمال من موزمبيق تحمل البوصلة ( بيت الإبرة ) ، لتوجيه السفن وآلات للرصد وخرائط بحرية . وكان من أبرز العلماء العرب الذين نبغوا وطوروا وأضافوا إلى العلوم البحرية في هذه الفترة ( كما ذكرنا )المعلم أحمد بن ماجد وسلميان المهري الذين كانا يجوبان المحيط الهندي من أطرافه الشرقية إلى أطرافه الغربية والمعلم عند رجال البحر العرب هو أسمى مرتبة من الربان ويسمى أيضاً الأستاذ والرئيس .
وإن أبرز ما ساهم به العرب والمسلمون في مجال تطور العلوم البحرية يمكن تلخيصها بما يلي :
أولاً : الأجهزة والآلات المستعملة في علم البحار :
1 – البوصلة : تعد البوصلة احد الاختراعات الحاسمة في تاريخ الحضارة الإسلامية، وهي سميت في المراجع الأجنبية (Boussola)، ولم يكن العرب هم أول من عرف الخاصية المغناطيسية، فقد عرفها الإغريق والصينيون قبلهم، ولكن المسلمين كانوا أول من استفاد من هذه الخاصية في صنع أول بوصلة وذلك بحك الإبرة على المغناطيس ثم وضعها فوق إناء فيه ماء بحيث تطفو على عودين صغيرين من الخشب.. فتتجه الإبرة نحوالشمال. وقد ظل هذا النوع من البوصلة مستعملا في السفن العربية التي تمخر عباب المحيط الهندي من موانئ اليمن وفارس إلى كانتون في الصين.. وتلك التي تعبر البحر الأبيض المتوسط.
وفي سنة 475م اخترع عالم البحار ابن ماجد أول إبرة جالسه على سن لكي تتحرك حركة حرة دون الحاجة إلى وعاء الماء. وفي ذلك يقول في كتابه (الفوائد): "ومن اختراعنا في علم البحر تركيب المغناطيس على الحقة بنفسه ولنا في ذلك حكمة كبيرة لم تودع في كتاب".
وقد انتقلت البوصلة إلى أوروبا على مرحلتين- المرحلة الأولي أثناء الحروب الصليبية عن طريق ملاحي البحر الأبيض المتوسط المسلمين، والمرحلة الثانية هي (حقبه ابن ماجد) في القرن الخامس عشر الميلادي وذلك عن طريق ملاحي جنوبي آسيا المسلمين عندما استعان بهم البحارة الأسبان والايطاليون .
الإسطرلاب : ومن الآلات المستعملة في الرصد والدراسات الفلكية آلة تعرف بالأسطرلاب ، أو كما يسميها العرب الآلة الشريفة ، وربما تعود هذه الصفة لإرتباط الأسطرلاب بالعلم الذي يجله الإسلام . وقد إختلف المؤرخون في تفسير كلمة الأسطرلاب ، إلا أنه لما كان الأسطلاب يستند إلى الأعمال الرياضية في المثلات الكروية ، وإن العلم هذا لم ير الوجود ولم يتطور ويتقدم إلا على يد العرب أنفسهم ، وهو ما يدل على أن الآلات التي بين أيدينا منه عربية أصيلة ، ومن نتاج الفكر العربي ، وليست مأخوذة من أناس غير عرب
وكان العلامة إبراهيم الفزاري أول من عمل الأسطرلاب من العرب المسلمين ‘ ومن بعده طوره العرب المسلمون وتفننوا في صنعه وتعدد أنواعه مثل الأسطرلاب التام والمسطح والهلالي والعقربي والقوسي والزروقي وغيرها .
وقد كان لذالك أثر كبير في تقدم العلوم البحرية عند العرب ، حيث استخدم البحارة العرب آلة الأسطرلاب في تحديد مواقعهم وتعيين مساراتهم في البحار من خلال معرفتهم بالنجوم والأبراج والمنازل والوقت والإتجاهات .
وقد استعمل البحارة العرب أجهزة أخرى مثل السدس – التيودوليت - استعمل البحارة العرب البوصلة في عهد الإدريسي - أما المنظار المقرب فلم يعرفه العرب إلا في القرن السابع عشر بعد ما ابتكره جاليليو الإيطالي .
ثانياً : أصل المحيطات :هناك نظريات عديدة حول نشأة المحيطات إلا أن أكثرها قبولاً هي التي تؤكد أن المصدر الأصلي لمياه البحار والمحيطات هو المياه الأولية والتي يقصد بها تلك المياه التي تظهر لأول مرة على سطح الأرض أو قاع المحيط والتي مصدرها باطن الأرض نفسه أو الصخور البركانية التي تقذف مع انبثاق المصهورات البركانية وتكوين السدود والعروق البركانية .
وعلى الرغم أن المسعودي الذي عاش في القرن الرابع الهجري م العاشر الميلادي قد جاء بفكرة مقاربة للنظرية المتعلقة بأصل المحيطات حيث يقول (( إن البحر بقية من الرطوبة الأولى التي جفف أكثرها جوهر النار ، وما بقي منها استمال لاحتراقه ، ومنهم من قال أن الرطوبة المتجمعة لما احترقت بدوران الشمس وانعصر الصفو منها استمال الباقي إلى ملوحة وحرارة ومنهم من رأى أن البحار عرق تعرقه الأرض لما ينالها من احتراق الشمس لاتصال دورها ، ومنهم من رأى أن البحر هو ما بقي مما صفته الأرض من الرطوبة المائية لغلظ جسمها )) .
ثالثاً - ظاهرة المد والجزر : لقد تأثر العرب في العصور الوسطى بالقصص الخرافية التي تشرح ظاهرة المد والجزر كما تأثر غيرهم من الأمم كالرومان واليونان بهذه القصص التي كانت شائعة عن تلك الأزمنة .
وكان للعرب دور فعال في تعريف هذه الظاهرة ودراستها وبشكل دقيق في الخليج العرب وشط العرب ، اعتمدوا في ذلك على المشاهدة والخبرة في تحديد علاقتها بارتفاع القمر أو زواله . وذكروا بأن ارتفاع مناسيب المياه عند حصول المد يتبع صعود القمر بينما يتبع انخفاض المياه عند حصول الجزر ، غروب القمر ، ولقد خص المقدسي ( 985 م ) في كتابه (حساب التقاسيم ) فصلاً عن البحار والأنهار شرح فيها ظاهرة المد والجزر
وذكر بأن الماء يرتفع عند حصول المد أقصى ارتفاع في وسط الشهر العربي ( القمري ) ومرتين في اليوم ، وذكر أيضاً بان البصرة تتأثر بظاهر المد والجزر فيندفع الماء في شط العرب ، بعكس اتجاهه عند حصول المد وتمتلئ الروافد والقنوات والحقول الزراعية وفي وقت الجزر فإن الماء ينسحب إلى البحر ويكون ذو ارتفاع منخفض في القنوات والأنهر .
أما العلامة العربي شمس الدين أبو عبد الله الدمشقي المعروف باسم ( شيخ الربوة ) فلقد تطرق بشرح مفصل عن ظاهرة المد والجزر في كتابه ( نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ) عام ( 1325 م ) ذكر فيه معلومات دقيقة عن ظاهرة المد والجزر حيث لم يحين الوقت المضبوط لحدوث هذه الظاهرة ولفترات طويلة ، ومن هذه المعلومات قدم جدولاً للتهيؤ بأوقات المد والجزر للفترة التي تلت تلك الدراسة ، وأضاف العلامة الدمشقي ، أن جميع مياه الأنهار ترتفع وتنخفض مرتين كل يوم فعند حدوث المد يسرع الماء بالدخول إلى شط العرب فيرتفع مناسيب مياهه وكذلك بطئ الروافد والقنوات وأن الأهالي الراغبين في سقاية حقولهم وحدائقهم يفتحون بوابات لهذا الغرض وتستمر مناسيب المياه بالارتفاع خلال ست ساعات تهدأ بعدها وتقف لمدة قصيرة وبعدها تبدأ بالانسحاب والرجوع وتستمر ظاهرة الجزر مدة أطول من فترة وبعدها تهدأ وتركد ليبدأ المد مرة أخرى وهكذا دواليك بأوقات ليست ثابتة في جميع الأيام أو تختلف من يوم إلى آخر . وهناك رسالة في دراسة ظاهرة المد والجزر للفيلسوف الكندي ( 850 م ) أيضاً .
رابعاً : تذبذب سطح البحر خلال الأزمنة الجيولوجية : تؤكد النظريات الحديثة حدوث تغير مستمر في مستوى سطح البحر ،وان ذلك التغير يؤثر في التوزيع الجغرافي لليابس والماء من عصر جيولوجي إلى آخر ، وكان آخر تلك التغيرات ما حدث خلال عصر البلايوستيف إذ أدى تكون الغطاءات الجليدية على سطح اليابس إلى انخفاض مناسيب المياه في البحار والمحيطات، وقد نجم عن ذلك اتساع في مساحة سطح اليابس . وسرعان ما أخذت الغطاءات الجليدية بالذوبان لترتفع مناسيب المياه ولتصل إلى ما هو عليه الحال الآن .
وقد سبق العلماء العرب غيرهم من علماء أوربا في القول بحدوث انحسار للبحار عن مواضع ، وطغيانها على مواضع أخرى . ومن البصمات التي يبحث عنها المختصون في هذا المجال أصداف البحر وبقايا الحيوانات البحرية في المناطق البعيدة عن الشاطئ . وإلى هذا أشار المسعودي بقوله (( فليس موضع البر ابداً براً ولا موضع البحر ابداً بحراً ، بل قد تكون براً حيث كان مرة بحرا ويكون بحراً حيث كان مرة براً ))
كما أشار البيروني ( المتوفى سنة 440 هـ ) في حديثه عن تلك التغيرات ، مع ذكر أسماء بعض المناطق التي اجتازت تلك المرحلة ومنها قوله (( وعلى مثله ينتقل البحر إلى البر والبر إلى البحر ، في أزمنة أن كانت قبل كون الناس في العالم فغير معلومة ، وان كانت بعده فغير محفوظة ، لأن الأخبار تنقطع إذا طال عليها الأمد ، وخاصة في الأشياء الكائنة جزءاً بعد جزء ، بحيث لا يفطن لها إلا الخواص . فهذه بادية العرب وقد كان بحراً فانكبس ، حتى أن آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها ، فإنها تبدي أطباقاً من تراب ورمال ورضراض ، ثم يوجد فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يحمل على دفن قاصد إياها هناك . بل يخرج منها أحجار إذا انكسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك ، أما باقية فيها على حالها ، أما بالية فق تلاشت وبقي مكانها خلاء متشكل بشكلها ، كما يوجد مثله باب الأبواب على ساحل بحر الخزر .ونحن نجد مثل هذه الحجارة التي يتوسطها آذان السمك في الفازة الرملبية التي بين جرجان وخوارزم ، فقد كانت كالبحيرة فيما مضى ، لأن مجرى جيمون أعني نهر بيلخ ( أموداريا حالياً) كان عليها إلى بحر الخزر على بلد معروف ببلخان ( كراستوفورسك حالياً ) .
خامساً - الاستدلال بالبحار على كروية الأرض :أعطى العرب تصوراً واضحاً عن المسطحات المائية التي تغطي سطح الكرة الأرضية ، وآمنوا بأن البحار متصلة بعضها ببعض حيث أشار المسعودي إلى أن بحر الصين ، بحر الهند ، الخليج العربي ، وبحر اليمن متصلة مع بعضها وأن ما يشاهد من اختلاف في بعض الظواهر البحرية يرجع بالأساس إلى اختلاف في اتجاهات هبوب الرياح
كما آمن العرب بأن المياه تغطي ثلاثة أرباع الكرة الأرضية . ولعل أصدق تعبير عن ذلك ما ذكره العالم العربي أبو الفداء ( المتوفى سنة 732هـ ) في كتابه تقويم البلدان حيث ذكر (( والقدر المكشوف من الأرض هو بالتقريب فمغمورة بالبحار )) .
وقد استدلوا عن طريق رحلاتهم البحرية فيها على كروية الأرض ، ذلك لأن المغادر والقادم للساحل تتراءى له الأشياء في الساحل تباعاً ، ومنها قول ابن الفقيه في كتابه مختصر كتاب البلدان (( إن البحر أيضاً كروي مدور وبرهان ذلك أنك إذا لججت فيه وغاب عنك الأرض والجبال شيئا بعد شئ حتى يغيب ذلك كله ولا ترى شيئاً من شوامخ الجبال ، فإذا أقبلت نحو الساحل ظهرت لك تلك الجبال وأجسامها شيئاً بعد شئ فإذا قربت من الساحل ظهرت الأشجار والجبال )) .
ومثل ذلك قول الدمشقي (( البحار مستديرة باستدارة كرة الأرض ولذلك الراكب في البحر إذا توغل فيه غابت عنه الأرض . وإذا ما استشرف على السواحل فأول ما يظهر له رؤوس الجبال العالية ، لا يزال يرى شيئاً بعد شئ إلى أن يقرب إلى الساحل فيرى الأرض في الساحل كما يراها ساكنها )) .
سادساً - الاستكشافات البحرية :
1 – إكتشاف أمريكا : اتجهت العديد من الدراسات إلى إثبات ريادة العرب في مجال الاستكشافات البحرية ، وأكدت أنهم أول من عرف أمريكا قبل كولومبس بعدة قرون . وقد كان أهم ما أسفرت عنه تلك الدراسات ما ورد في كتاب ليووينر ( إفريقيا واكتشاف أمريكا ) من وجود كلمات عربية في لغة الهنود الحمر مما جعله يرجح تأثر تلك اللغة بلغة العرب ، وقد نشر عالم الأجناس الأمريكي ( جيفريز ) سنة 1955 جانباً من أبحاثه عن أصل الشعوب الأمريكية القديمة وصلاتها بشعوب العالم القديم ، فأكد أن العرب كانوا على صلة بالشواطئ الأمريكية قبل مجيء كولومبس بأربعة قرون وكان مما استدل به على صحة رأيه أن الذرة هو نبات أمريكي وقد انتشر في العالم القديم منذ ذلك الزمن على أيدي العرب .
وقد أشار الجغرافي الإدريسي ( المتوفى سنة 560 هـ ) في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق إلى رواية لرحلة فتية غروراً بانفسهم فركبوا بحر الظلمات ، وظلوا فيه اشهراً ثم عادوا ، وكان ذلك في القرن الرابع الهجري ، وهم ثمانية رجال كانوا أخوة وأبناء عمومه ، حيث أعدوا مركباً كبيراً ، وزودوه بالماء والمتاع ، ثم دخلوا البحر مع هبوب الرياح الشرقية ، وأجروا فيه مركبهم نحو أحد عشر يوماً ، ولم يلبثوا أن انتهوا إلى مجهول ، فأيقنوا أنهم هالكون لا محالة ، فسارعوا إلى تغيير وجهتهم فداروا إلى الجنوب وظلوا كذلك اثني عشر يوماً ، فتراءت لهم جزيرة فيها عمارة فنزلوا بها ، وبعد هنية أحاط بهم رجال منهما شعورهم مبسطة ، طوال القدود ، ولنسائهم جمال عجيب ، وساقوهم إلى المدينة واعتقلوهم في دار ظلوا بها ثلاثة أيام ، وفي اليوم الرابع دخل عليهم رجل يتكلم بلسانهم العربي فسألهم عن أحوالهم ، وغايتهم ، ومن أين جاءوا فأخبروه بقصتهم وطمأنهم ، ووعدهم خيراً ، وأخبرهم أنه ترجمان الملك ، ولما نشطت الريح أخرجهم أهل المدينة سراً في زورقهم وأعلموهم أن بينهم وبين الأندلس مسيرة شهرين ، وأن المكان الذين رسوا فيه يقع في أقصى المغرب ... وبعد أهوال ومخاطرات ، وصلوا إلى بلدهم ، فأطلق عليهم الناس اسم الفتية المغررين .
وقد ذهب بعض الباحثين إلى تأكيد أن ذلك كان الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية ، في حين ذهب آخرون إلى القول بأنها أحد جزر الأزور حيث انتقلوا بعدها إلى جزيرة ماديرا . وقد ذكر الدكتور حسين مؤنس في مؤلفه الضخم تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس أنهم لم يصلوا إلى الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية على أساس أنهم قضوا في البحر 38 يوماً وبما أن معدل سرعة السفينة في ذلك الوقت هو في حدود 100 ك/ في اليوم فهذا يعني أنهم قطعوا 3800 كم في مياه المحيط ، وهذه أطول مسافة قطعت فيه إلى ذلك الحين ، وذلك في حد ذاته عمل عظيم سبق به العرب غيرهم .
وأخيراً نقول كما يقول الأستاذ لطف الله قاري إن وجود العالم الجديد ظل مجهولاً لدى غالبية الناس في العالم القديم ، لضعف وسائل الإعلام في ذلك الزمن ، ولقلة عدد الرحلات التي تمت بنجاح وعاد أفرادها إلى أرض الوطن ، ولكون هؤلاء الأفراد من مغموري الناس . فلما تم اكتشاف كولمبس ، وتتابعت الرحلات المتلاحقة المنظمة المدعومة من حكومتي إسبانيا والبرتغال ، وتلاها الإستعمار الكبير للقارتين ، كان ذلك أكبر بكثير من أن يبقى مجهولاً لدى العالم القديم .
وعلى العموم ، فإن الرحلات المعروفة لدينا – مثل رحلة خشخاش ورحلة المغررين – نصدق ونجزم بامكانية وقوعها كما قال العقاد ، ولكن تفاصيل أخبارها قابلة للنقاش والأخذ والرد . ويجب على الباحث في هذا المجال ألا يذهب بعيداً في حسن الظن فيفترض إفتراضات لا تثبت صحتها .
2 – جزر المحيط الأطلسي ( الكناري والأزور وماديرا والرأس الأخضر ) :يقال بأن هذه الجزر كانت معروفة
لدى الجغرافيين المسلمين ، بينما كتب الغرب تقول بأنها اكتشفت أي عرفها الأوربيون في السنوات القريبة من إكتشاف الأمريكتين ، يمكن قول نفس الشئ عن العالم الجديد : حيث كان معروفاً لدى الملاحين الذين سافروا إليه من الشرق الأقصى ، ومعروفاً لدى بعض العلماء الذين صرحوا بوجود أراض خلف المحيط الأطلسي ، وكان الرواد المسلمون الذين إقتحموا المحيط الأطلسي على يقين من وجود جزر وبلدان على شاطئه الغربي .
3- تأثير حضارة الإسلام على كولومبس : عندما أبحر كولومبس إلى الغرب في رحلته الشهيرة سنة 1492كان معه من الآلات الفلكية بوصلة بحرية من اختراعات ملاَحي العرب ، وتنسب إلى الملاح الشهير أحمد بن ماجد ، وربع مجيب طوره الفلكي الشهير كمال الدين بن يونس ، وخرائط بحرية ، ومزاول شمسية ، وجداول فلكية ، وخيوط رصاص لسبر أغوار البحار وكل هذه الأدوات الأخيرة من إختراعات الأندلسيين المسلمين ز
ورغم أن المصادر الغربية تقول بأن كولومبس لم يطلع على الكتب العربية لأسباب دينية وسياسية واضحة : فالنصارى من إفرنجة الغرب المؤيدون لملكي إسبانيا كانوا في حالة حرب مع المسلمين ، إلا أن الكتب الغربية التي إطلع عليها كانت معتمدة على معلومات المسلمين في الفلك والجغرافية وعلوم البحار وكل ما يتصل برحلة كولومبس . فالمعلومات الموثوقة الحديثة في ذلك العهد لم يكن بالوسع الحصول عليها إلا من مراكز الحضارة والعلم في الأندلس وديار الإسلام . فالكتب التي كان يكثر من قراءتها مثل كتاب صورة العالم للكردينال بيير الإيلي كانت معتمدة على مصادر عربية .
ويؤكد المستشرق الألماني الفريد شلشيت في كتابه ( العرب وأوربا ألفاعام تاريخ مشترك ) فضل علوم المسلمين على كولومبس بقوله (( لولا مساعدة رجال البحر العرب وعلومهم في هذا المجال إضافة إلى علومهم في الفلك ودوران الشمس والقمر وحركة النجوم لما إستطاع كولومبس اكتشاف أمريكا ))
4- إكتشاف أستراليا : كما كان العرب من الرواد الذين تصورا وجود أرض إلى الجنوب من العالم القديم ، وهي التي تعرف حالياً بأستراليا ولعل مصداق ذلك ما يبدو واضحاً من خريطة الأرض للمسعودي ، حيث تعد دقيقة في الكثير من الحقائق التي تضمنتها ، وقد رسمت حسب التقليد العربي على شكل دائرة تمثل النصف المعمور من الكرة الأرضية ، يحيط به بحر محيط يخترق سطحه خطان رئيسان متعامدان ، خط الاستواء ماراً بجزيرة سرنديب ( سيلان ) وخط ( قبة الأرض ) ماراً بشرق إفريقيا .
وقد ثبت المسعودي في الخارطة بحر آرال في موضعه الحقيقي شرق بحر الخزر ( قزوين ) ، وسماه بحيرة الجرجانية ، كما ثبت في الخارطة نهري سارداريا وجيمون ، وهما يصبان في بحر آرال كما هو عليه الحال الآن ، كما يبدو في الخارطة بحر الخزر معزول عن البحار ألأخرى . وتلك الحقيقة أشار إليها العديد من العلماء العرب ، ومن ذلك قول الدمشقي (( إن بحر الخزر غير متصل بشيء من البحار وهو مستدير إلى
طول ، وإذا أراد مريد أن يطوف على سواحله لم يجد ما يمنعه سوى الأنهار الداخلة إليه حتى يعود إلى المكان الذي ابتدأ طوافه حوله منه وهو بحر واسع صعب المسالك )) .
5– دراساتهم عن البحر المتوسط والأحمر والمحيط الهندي والهادي : كما أسهم العرب في دراسة بحر الروم ( البحر المتوسط ) إذ وصفوا جزره وسواحله وأعطوا قياسات دقيقة عن أبعاده ، فقد أسهم العرب مثلاً في تصحيح طول بحر الروم الذي كانت الدراسات الإغريقية تعطيه طولاً أطول من حقيقته بما يزيد على أربعمائة فرسخ . ومن أوصاف هذا البحر ما ذكره ابن حوقل في كتابه صورة الأرض إذ ذكر (( والأرض التي تقع عليه متصلة بحيث أن المرء إذا سار من طنجة باتجاه الشرق متتبعاً سواحل البحر سوف يدور على جميع بحر الروم ، ويصل إلى الأندلس لا يمنعه مانع إلاّ نهر يصب فيه ... وتقع على هذا البحر جبال كثيرة في بلد الروم عند ساحله الشمالي ، وعدد من الجزر بين صغيرة وكبيرة ، منها جزر معمورة وأخرى غير معمورة ، فالقسم الأول أكبرها جزيرة صقلية ثم قبرص وأخريطس ( كريت ) وميرقة ومن الجزر غير المعمورة جزيرة مالطة )) .
كما كان للعرب معلومات وافرة عن بحر القلزم ( الأحمر ) وبحر الهند ( المحيط الهندي ) والبحر الزفتي
( المحيط الهادي ) ، فقد كانوا على دراية واسعة بجزره وشعابه المرجانية والمظاهر الطبيعية التي تكتنفه ، بل أنهم أول من اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح ، فقد تم ذلك على يد الملاح العربي الشهير أحمد بن ماجد .
سابعاً : الإرشادات البحرية :
كان العرب حريصين على نقل المعارف العلمية إلى غيرهم من الشعوب ، وكانوا يسجلون خبراتهم البحرية في كتب كانت تعرف بالرحماني ، وهو عبارة عن كتاب يحوي الإرشادات والتعليمات والإيضاحات التي يحتاجها الربان في سفره في البحار ، وعموماً فإن المعلومات والإرشادات البحرية كانت تنشر بين رجال البحر وتنقل من جيل إلى آخر عن طريق الأسفار والأراجيز بالشكل الذي يسهل من عملية تداولها وعدم نسيانها من تلك الأراجيز الشهيرة أرجوزة الرحالة أحمد بن ماجد المعروفة (( ثلاث أزهار في معرفة البحار )) التي تحصى فيها خبرته البحرية التي امتدت لأكثر من نصف قرن على ظهر السفن ، وقد تضمنت الأرجوزة حقائق كثيرة عن الملاحة، وأكد ابن ماجد فيها ضرورة أن يأخذ الملاح معه عند الإبحار ستة أشياء :
1 . خريطة للطريق 2 . وبوصلة 3 . والآلات التي تحدد ارتفاع النجوم 4 . وحجر يستخدم في الصيد 5 . وآلة لقياس عمق الماء ( بلد ) 6 . وفانوساً لإعطاء الإشارات ثم طور ابن ماجد معارفه العلمية البحرية وشرحها بالتفصيل في كتابه (( الفوائد في أصول علم البحر والقواعد )) الذي تضمن اثني عشر فصلاً أو فائدة .
واستخدم العرب في أسفرهم البحرية وسائل قياس عديدة لمعرفة الاتجاهات والخطوط الملاحية والتي عرفت باسم الدير ، كما استخدموا ما يعرف بالأخنان للدلالة على الاتجاهات وهي عبارة عن مؤشرات في دائرة إبرة البوصلة يؤشر كل منها إحدى النجوم في السماء ، وهي اثنان وثلاثون خناً يقابل اثنين وثلاثون نجماً ، حيث يستدل من إبرة البوصلة على موقع واتجاه السفينة ، كما استخدموا وسائل لقياس سرعة السفينة منها ما يعرف بـ ( الباطلي ) .


المصادر :
- حوراني ، جورج فاضلو : العرب والملاحة في المحيط الهندي ، ترجمه وزاد عليه الدكتور السيد يعقوب بكر ، مكتبة الانجلو المصـرية ، (القاهرة ) ، ص29-30
- المصدر نفسه ، ص 16.
- المصدر السابق ، ص 285 .
- تتحدث النقوش السومرية والاكدية التي ترجع الى الالف الثالث قبل الميلاد عن صلات بحرية بين ارض الجزيرة وبلاد دلمون ( البحرين) وماجن (عمان) انظر : حوراني ، المصدر السابق ، ص 27
- القرآن الكريم ، سورة يس ، الاية (41
_ ابراهيم خليل العلاف ، الخليج العربي ، دراسات في التاريخ والسياسة والتعليم ، سلسلة شؤون اقليمية رقم (11) مركز الدراسات الاقليمية ، دار ابن الاثير للطباعة والنشر ، جامعة الموصل (الموصل، 2007) ص285
- عبد العليم ، أنور : الفوائد في أصول علم البحر والقواعد ، لابن ماجد الملاح : تراث الإنسانية ، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر – القاهرة ، المجلد 5 ص 274 – 286 .
- صبحي الصالح ، النظم الإسلامية ، نشأتها وتطورها ، دار العلم للملايين ، ( بيروت ،1965) ،ص 513
- رحلة ابن جبير ، دار التراث – بيروت 1968
- حوراني ، المصـدر السابق ، ص 16 ـ 17 ، 248 ـ 249
- المصدر نفسه ص 256-257.
- طعماس ، يوسف يحيى : دور العرب في تطور العلوم البحرية ، بحوث الندوة القطرية الخامسة لتاريخ العلوم عند العرب 1989
مركز إحياء التراث العلمي العربي – جامعة بغداد الجزء الأول ، ص 176 .
- د. حسين فوزي : حديث السندباد القديم ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، 1977 ، ص256 .
- المصدر نفسه ص 178 .
- ابن جبير ، مصدر سابق ص 46
- سوسة ، الدكتور أحمد : الشريف الإدريسي في الجغرافية العربية ، الباب الأول والثاني ، نقابة المهندسين العراقية ، 1974.
- الدباس ، الدكتور معتز عبد الستار : علوم البحار عند العرب : دراسة في تاريخ العلوم عند العرب ، مركز إحياء التراث العلمي العربي – جامعة بغداد ص 187 .
- العقيقي ، نجيب : المستشرقون ، ثلاثة أجزاء ، القاهرة 1964- 1965 .
- المصدر نفسه .
- الدباس ، الدكتور معتر عبد الستار : علوم البحار عند العرب – مجلس البحث العلمي ، ص 188 .
- محمد ، صباح محمود : دراسات في التراث الجغرافي العربي - دار الرشيد ، بغداد 1981 .
- أ ، كرتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي – ج 1 ، ج 2 ، القاهرة 1965 .
- أحمد بن ماجد : ثلاثة أزهار في معرفة البحار – تحقيق ونشر تيودور شوموفسكي ، ترجمة محمد منير موسى ، القاهرة 1969.
- العزاوي ، عباس : موجز علم الفلك في العراق – مطبوعات المجمع العلمي العراقي ، 1958 .
- محمد ، خالد سالم : ربانية الخليج العربية ومصنفاتهم الملاحية – الكويت 1982 .
- حسن ، زكي محمد : الرحالة المسلمون في القرون الوسطى، مصر 1945 ، ص 22
- محيط العلوم : دار المعارف بمصر ، 1966 .
- شهاب ، حسن صالح : فن الملاحة عند العرب - مركز الدراسات والبحوث اليمني ،صفاء دار العودة ، بيروت ، الطبعة
الأولى ، 1982 .
- شوكت ، إبراهيم : الأسطرلاب طرق وأساليب رسمه وصنعته ، مجلة المجمع العلمي العراقي مج19 /6،8
- أبو العينين ، د. حسن سيد أحمد : الأقيانوغرافيا ، المطبعة الحديثة ، الإسكندرية ، 1976 ، ص 110 .
- المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر ، ج1 ، تدقيق يوسف أسعد داغر ، بيروت ، 1965 ، ص 144 .
- كرتشكوفسكي :مصدر سابق .
- طعماس : دور العرب في تطور العلوم البحرية، مصدر سابق 181
- المسعودي : مروج الذهب ، مصدر سابق ص 112 .
- الغندي ، جمال الدين : البيروني ، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، القاهرة 1968 ، ص 112.
- Ibrahim Showket , Arab Geography till the end of the tebth Century , ph.D thesis , Clark University, 19544, p 131 .
- أبي الفداء ، عماد الدين ، تقويم البلدان ، مطبعة رينو دوي سلان ، باريس ، 1840 ، ص19 .
- ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان ، مطبعة بريل ، ليدن ، 1885، ص153 .
- الدمشقي ، شمس الدين : نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، لايبزك ، 1923 ، ص128 .
- الفحام ، إبراهيم : مجلة العربي – العدد 11 ، 1959 .
- عفيفي ، د . محمد صادق : تطور الفكر العلمي عند المسلمين - القاهرة 1976 ، ص 257 .
- حسن ، د . زكي محمد : الرحالة المسلمون في العصور الوسطى - دار الرائد العربي ، بيروت ، 1981 ، ص 459 – 50 .
- مؤنس ، د . حسين : تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس – مطبعة معهد الدراسات الإسلامية ، مدريد ، 1967 ،
ص 277 – 287 .
- قاري ، لطف الله : العرب قبل كولومبس ، دار القلم ، دمشق 1999 ، ص 86 .
- المصدر نفسه ص 45-46 .
- Ibrahim Shoket : Op.cit , P. 132 .
- اعتاد الجغرافيون العرب أن يوجهوا خارطاتهم بحيث يكون الشمال في أسفل الخارطة والجنوب في أعلاها ، وهذا لا يغير من صحة الاتجاهات الجغرافية لوضع الأماكن فيها ، ويرى البعض أن سبب وضع الجنوب في أعلى الخارطة هو وقوع جزيرة العرب بما فيها يثرب ومكة في أقصى الجنوب ، ولم يشأ هؤلاء الجغرافيون أن يعلوهما بلد .
- الدمشقي : المصدر نفسه – ص 146 .
- لوبون ، د . جوستاف : حضارة العرب – ترجمة عادل زعيتر ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1979 ، ص 566 .
- أسود ، د . فلاح شاكر : خرائط ابن حوقل في كتابه صورة الأرض – مجلة كلية الآداب ، العدد 26 ، حزيران 1979 ،
ص 640 .
- ابن ماجد ، شهاب الدين أحمد : ثلاث أزهار في معرفة البحار – تحقيق ونشر تيودور شموفسكي ، القاهرة ، 1969 ، ص 89.
- شهاب ، حسن صالح : علوم العرب البحرية من ابن ماجد إلى القطامي – شركة المطبعة العصرية ، الكويت ، 1984 ،
ص 17 – 19 .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

570 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع