الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
طارقة النحاس فريال العُمري ومسيرتها المضنية
فريال فاضل العُمري سيدة موصلية من عائلة العُمري المعروفة، وأحد أبناء عشيرة العُمَرية رُشح ليكون ملكا على العراق، وهو هادي باشا العُمَري (1860-1932)، لكن الإنكليز فضَّلوا فيصلا عليه. ومن هذه العائلة رئيس الوزراء العراقي أرشد العُمري (1888-1978) وابنته السيدة سُعاد العُمري (1927-2006).
ومن هذه العائلة أيضا الشهيدة حفصة العُمَري (1937-1959م)، ولهذه العائلة فضل كبير في تطوير الموسيقى الشرقية من خلال رعايتها للملا عثمان الموصلي (1854-1923م) واحتضانه ورعايته منذ نعومة أضفاره.
فريال العُمري:
ولدت فريال فاضل العُمري في الموصل عام ١٩٤٥، ودرست في مدرسة (الأمير عبد الإله النموذجية) (الفتوة النموذجية حاليا)، وكانت زميلتها في الدراسة الإعلامية الشهيرة (شميم رسّام)، وقد تخرجت منها عام ١٩٥٨ وكانت الأولى بالامتحان الوزاري.
درست فريال العُمري بمتوسطة الكفاح لسنة واحدة، ثم حدثت ثورة الشوّاف في الموصل سنة ١٩٥٩ واُستبيحت الموصل، فأستُشهد من عائلتها الشهيدة حفصة العُمَري ووالدها الشهيد علي العُمَري، كما نُهب دارهم.
وكان للأحداث الجِسام في الموصل وقعها الكبير على عائلة فريال العُمري، فهاجرت مع عائلتها إلى دمشق بعد ثورة الشوّاف ودرست في الصف الثامن بالإعدادية الجديدة في منطقة الصالحية بدمشق.
ثم انتقلت العائلة مرة أخرى وغادرت إلى مصر ودرست في الصف التاسع بإعدادية (الأورمان) بمنطقة الجيزة بالقاهرة، وكنت الأولى في الامتحان الوزاري عام ١٩٦٠. وقد كُرِّمت في عيد العلم بالقاهرة وحازت على الشهادة الأولوية وشهادة المواد بدرجة تامة بالهندسة.
ثم أكملت فريال العُمري الصف العاشر (أي الأول ثانوي) بالقاهرة في ثانوية الأورمان، وفي مرحلة (الثاني ثانوي) عادت مع عائلتها إلى العراق بعد ثورة ٨ شباط عام ١٩٦٣.
أكملت فريال العُمري دراستها بمعهد المعلمات المركزي في بغداد وكانت الأولى بالسنتين الدراسيتين في المعهد، وقد أحرزت معدل تخرج ٩٣ بالمئة.
تعينت معلمة للغة الإنكليزية والتربية الفنية في أربيل مدرسة اشتي، ثم نُقلت إلى الموصل وعملت في المدرسة المأمونية ثم في مدرسة السنابل بحي الكرامة. وقد برز دورها في مدرسة السنابل بظهور طلبة رسّامين متميزين على مستوى الابتدائية، ونالت إحدى طالباتها جائزة دولية عند مشاركتها في معرض في الهند.
رُشِّحت فريال العُمري لدورات الفنون التابعة لوزارة التربية، والتحقت بها ونالت تقدير امتياز في فن (الطَرق على المعادن) في الدورة المقامة بمركز الأشغال اليدوية التابع إلى المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى.
لقد كان من ثمار تفوق فريال العُمري في تلك الدورة التدريبية أن عرض عليها مدير المركز التدريبي للأشغال اليدوية العمل كمعلمة للفنون والمهن اليدوية، فوافقت وزاولت العمل في تدريب وتأهيل معلمات التربية الفنية بأسلوب جديد، وقد أبدعت في المجال التربوي والتدريبي، مما أهَّلها وشجعها للعمل في إقامة معارض في فن (الطَرق على النُحاس) وقد اشتهرت في ذلك.
وفي حقبة التسعينيات، وخلال فترة الحصار الاقتصادي الظالم على العراق، وبسبب سوء الأوضاع المعيشية هاجرت فريال العُمري مع من هاجر من العوائل العراقية إلى الأردن وبقيت فيها، حيث زاولت أعمالها الفنية هناك.
لقد حظيت فريال العُمري برعاية الأردن وحصلت على الاقامة في المملكة الأردنية، وبقي ولديها محمد ويوسف مع والديهما في الموصل لإكمال دراستهما.
لقد كان ولدها محمد طالب مرحلة ثانية في كلية الفنون الجميلة بجامعة الموصل، وقد أستشهد برصاصة قناص سنة 2005م، مما اضطرها للعودة إلى الموصل. ثم توفي زوجها سنة 2008، وبقيت هناك لحين إكمال ولدها الوحيد يوسف الامتحانات الوزارية. فأخذته معها إلى عمّان وأكمل دراسته الجامعية عام 2010م، ثم حصل على شهادة الماجستير في التدريب البدني عام 2014م.
نشاطها الفني وتكريمها:
لقد كانت بداية دخول فريال العُمري إلى عالم الفن في العام 1965، وكان أول معرض شخصي أقامته للخط العربي والزخرفة في العام 1980م في مدينة الموصل. ثم انتقل المعرض إلى بغداد ليُعرض في مبنى المتحف الوطني للفن الحديث.
ومن الشخصيات المؤثرة في فريال العُمري أستاذها الكبير يوسف ذنون (1932-2020م) الذي درست على يديه بعض الخطوط وتخصصت بالخط الكوفي بكل أنواعه. كما تربطها علاقة صداقة بالخطاطة جنَّة عدنان. وتذكر فريال العُمري أن يوسف ذنون كان المشجع الأكبر لها لإقامة معرضا للخط العربي الكوفي بالموصل عام 1981، وبعد ذلك انطلقت إلى عالم الطَرق على النُحاس.
لقد شاركت فريال العُمري في العديد من المعارض الجماعية التي كانت تُقام في الموصل وبغداد. ونالت العديد من الجوائز من المديرية العامة للتربية. كما شاركت بعمل بوستر في مهرجان الربيع، وقد نالت جائزة نقدية علاوة عن درع. كما نالت كُتب شكر وتقدير لمشاركتها بدورات لتعليم خط الرقعة، حيث قامت بدريس معلمات المدارس ومدرسات اللغة العربية والفنية خط الرقعة.
وأهداها محافظ نينوى (صبحي على خلف) ساعة يدوية بعد افتتاحه معرضها الأول بالخط الكوفي بقاعة الإعلام الداخلي بالموصل. وساهمت بمعرض في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وكرمها الوزير (عبد الله فاضل) ساعة يدوية ثمينة ومسكوكة ذهبية.
كما نالت شهادات تقديرية لمساهماتها بمهرجان الخط العربي في بغداد.
الشريفة فريال العُمري في الأردن:
لقد عاشت فريال العُمري عشرون عاما في العاصمة الأردنية عمّان، وذلك للفترة (١٩٩٩-٢٠١٩). وخلال إقامتها في الأردن أقامت العديد من المعارض الشخصية بعمان بدعم من الديوان الملكي الأردني ووزارة الثقافة ونقابة الفنانين التشكيليين.
من أعمالها المُتميزة في الأردن: التاج الملكي الأردني، وهو من النحاس الذهبي ومطلي بمادة عازلة لمنع التأكسد، وشعار (الأردن أولا) وشعار (وكلنا الأردن) و (وثيقة استقلال الأردن) وعليها صورة الملك المؤسس عبد الله الأول.
وفي العام ٢٠٠٠ كرَّمها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بساعة يدوية مكتوب عليها اسم جلالته فضلا عن كارت يحمل اسمه مع مبلغ مالي.
وفي العام ٢٠٠٣ مُنحت فريال العُمري وكافة أفراد أسرتها الإقامة السنوية. وفي العام ٢٠٠٦ كَرَّمها جلالة الملك ومنحها لقب (الشريفة) لأن النسب العُمري يلتقي بالنسب الهاشمي عند (كعب بن لؤي) من بني مرة؛ وهو الجد السادس لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
نسأل الله تعالى أن يبارك بالسيدة الفاضلة فريال العُمري وبعائلتها على ما قدمت من إبداع فني راقي ويرحم زوجها وولدها.
https://www.youtube.com/watch?v=JNwqCJeVluM
https://www.youtube.com/watch?v=7Q5Aah6UcHs
1164 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع