فارس الجواري
الحدث أم الحادث ... ماحصل لمحرك طائرة الخطوط الجوية العراقية رحلة دبي
شهد قطاع الطيران حول العالم الكثير من مشاكل الطيران التي حدثت أثناء الطيران أو على الأرض مما شكل تهديد حقيقي لسلامة الطائـرة والطاقم والركاب , فتاريخ تلك الاحداث والحوادث ظهرت مع المحاولات الأولى للطيران وما شخصية العربي عباس بن فرناس وماحصل له وغيرها من القصص التي فقدت البشرية بسببها الارواح والخسائر ألا شاهد على تلك الحوادث والاحداث.
لهذه الاسباب أصبح من الضروري الاهتمام الجدي بالتحقيق في حوادث الطيران بمهنية عالية تهدف الوصول الى الحقائق اولا ومنع تكرارها ثانيا من خلال فريق عمل متخصص ينتدبه قسم السلامة الجوية في سلطات الطيران المدني للدولة التي تقع فيها الكارثة, من هذه المقدمة التي بدأت فيها مقالتي الخاصة بحدث تعرضت له طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية قادمة من دبي قبل أيام معدودة حيث قام احد محركات الطائرة بسحب إحد الشواخص ( التحذيرية ) الموضوعة في ساحة وقوف الطائرات وهو ماأعلنت عنه سلطة الطيران المدني وسمته (بالحادث) بعكس ماأطلقت عليه في مقالتي بتسمية (الحدث) كون ان الفرق بين المصطلحين أشارت له المنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو في أحدى ملاحقها عن الفروقات بين المصطللحين حيث وضحت معنى مصطلح ال (accident) أي الحادث بوقوع الخطر الذي ينتج عنه فقدان للأرواح أو خسارة في الممتلكات أي بمعنى فقدان طائرة أو أحد الأطقم الجوية , فيما أطلقت مصطلح (incident) أي الحدث أو الحويدث على كل واقعة تؤدي الى إصابة بشرية غير مميتة أو خسارة في الممتلكات نتيجة خطأ بشري أو فني .
أما تحليلي للحدث بواقعة الطائرة العراقية أردت أن أتطرق في البداية الى التعليمات الصادرة من المنظمات العالمية ذات العلاقة وتحديدا الاياتا وهذه التعليمات من المفروض ان تكون ضمن توصيات وقوانين سلطتنا المحلية , حيث توضح تلك التعليمات الأجراءات الواجب تنفيذها كمسؤولية مشتركة بين قائد الطائرة وطاقم العمل الخاص بشركة الخدمات اللارضية تلك الاجراءات التي تبدأ بعد توقف الطائرة عن الحركة في أرض المطار وتتضمن في الخطوة الاولى منها أعطاء أشارة التوقف التام للطائرة من قبل المارشال أو الشخص الذي يقف أمام الطائرة لاعطاء هذه الاشارة , تتبعها الخطوة الثانية وهو أجراء خاص بقائد الطائرة يقوم من خلاله أيقاف عمل المحركات توقفا نهائيا تبدأ بعدها الخطوة الثالثة المهمة حيث يقوم قائد الطائرة بأطفاء مصباح يسمى ( beacon light) او (البيكون) وهو مصباح يبث ضوء التحذير الخاص بأستمرارية دوران المحرك , فعند الاطفاء تفهم هذه الاشارة من قبل الطاقم الارضي بالبدء باجراءات الخطوة الرابعة وهي قيام أفراد الطاقم الارضي بأعمالهم الروتينية المعتادة وبضمنها وضع الشواخص الحمراء اللون بمسافة متر واحد عن أجزاء محددة من الطائرة , أذن من هذه الخطوات الاربعة يمكن أن نحدد المسؤول عن ماحصل على الطائرة العراقية موضوعة بحث مقالتي هل هو قائد الطائرة أم أفراد طاقم الخدمات الارضية ؟
فأيقاف عمل المحرك بصورة كاملة من قبل قائد الطائرة يتبعها أجراء أطفاء مصباح البيكون يخلي مسؤولية قائد الطائرة عن الحدث , مالم يكون قد أطفئ المصباح قبل أطفاء المحرك ! غير ذلك يذهب التحقيق باتجاه صحة أجراءات عمل طاقم الخدمات الارضية , هل تم وضع الشواخص قبل مايتم أطفاء ضوء مصباح البيكون للطائرة ؟ أم هل كانت هذه الشواخص موجودة على أرض المطار في مكان تقرب الطائرة للوقوف النهائي ؟ أما ماذكر في بيان السلطة عن أنه تم سحب الطائرة إلى وكر الصيانة بدون تبليغ شعبة العمليات أو قسم السلامة الجوية فهي تعد مخالفة يتحملها طاقم الصيانة للطائرة .
يذكرني هذا الحدث بعادة صينية غريبة حيث يقوم المسافرون الصينيون جواً بإلقاء النقود المعدنية بعد صعودهم سلم الطائرة باتجاه محركها "من أجل الفأل الحسن" ومن أجل رحلة آمنة رغم التحذيرات الرسمية من خطورة مثل هذا العمل حيث اعتقلت السلطات الصينية العديد من الاشخاص لمحاولتهم إلقاء حفنة نقود معدنية باتجاه محرك الطائرة في مناسبات عدة خلال العام الماضي.
برغم تلك الحوادث والاحداث في قطاع الطيران تبقى الطائرة من وسائل النقل الأمنة بالنسبة للبشر حسب أحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الاياتا) التي أشارت الى ” أنه في حال سافر شخص ما كل يوم بالطائرة وقام بـ14 ألف رحلة عندها فقط يكون هناك احتمال لتعرضه لحادث طائرة ”.
فارس الجواري
باحث وأستشاري طيران
828 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع