هل سيبيع الإيرانيون حزب الله من أجل عيون بشار...؟

                                              
مثيرة و عجيبة تلك الصفقة و المقايضة التي عرضها النظام الإيراني على الإدارة الأمريكية من خلال حكومة المالكي العراقية وعن طريق وفد الكونغرس الأمريكي الذي زار بغداد مؤخرا ؟ ،

وهي صفقة قيل عنها الكثير و لكن لم يتم تداولها إعلاميا إلا بشكل محدود للغاية ، و القصة تبدأ من تقديم عرض إيراني واضح المعالم للغرب يتضمن وقف برنامج تخصيب اليورانيوم وصولا حتى لتطبيع محدود مع الإسرائيليين و لكن الأهم في الموضوع هو العرض الإيراني الرسمي و القاطع بتحجيم دور حزب الله اللبناني و بالسماح للجيش اللبناني بالإنتشار و بسحب سلاح حزب الله الصاروخي و بتطبيع الأوضاع في الجبهة اللبنانية و بما يسمح بعودة هيبة الدولة اللبنانية و إنهاء التوتر الداخلي بالكامل ، وطبعا تلك العروض السخية و المبالغ في كرمها لم تأت لوجه الله تعالى أو مجانا بعد أن هبطت فيوض السلام و السكينة على صدور القادة في إيران بل أن تنفيذها و الإلتزام بها مشروط بشرط رئيسي و مقدس وهو ضرورة إلتزام الولايات المتحدة و الغرب الأوروبي بالحفاظ على وجود و إستمرارية نظام بشار الأسد في الشام و السماح بسحق الثورة السورية مع الإستعداد لتقديم بعض التنازلات السياسية الشكلية!! ، بعض المراقبين يشكك بوجود مثل تلك العروض الإيرانية المغرية ؟ فيما البعض الآخر يستبعد تماما أن تساوم طهران على مصير و مستقبل حزب الله اللبناني وهو جوهرة الصناعة الإيديولوجية الإيرانية ودرة تاج الولي الفقيه ؟ و لكن من يعرف العقلية السلطوية و طبيعة تفكير القادة في إيران يعلم تماما بأن الإيرانيين تجار شاطرين و مستعدين للمضي حتى النهاية في عقد الصفقات التي يتصور البعض أنها خرافية وغير قابلة للتصديق فضلا عن التنفيذ ! ، و الواقع إن النظام الإيراني وهو يواجه أعتى العواصف الدولية و الإقليمية التي تهدد وجوده الداخلي بعد قطع شرايين مواصلاته و إتصالاته الإقليمية وفي ظل حالة الحصار الدولي القاسي المطبقة على عنقه و المهددة بخنقه تدريجيا و بطريقة قد تكون مشابهة أو أشد قسوة من طريقة الحصار الذي فرض على نظام صدام حسين الراحل في العراق، مستعد بالكامل لتبني مثل ذلك الخيار و عرض تلك الصفقة بل و الذهاب أبعد من ذلك بكثير من أجل تأمين خطوط و مواصلات النظام و الحفاظ على صفوة حلفائه و محاولة منع الإنهيار الشامل الذي سيحيق حتما بإيران و حلفائها و من يؤيدها في الشرق القديم بعد سقوط النظام السوري ، وهو السقوط الذي ترتعد أوصال الولي الفقيه من إحتمالاته و نتائجه ، الإيرانيون و كما أثبتت الأحداث و الوقائع الميدانية و تاريخ إدارة الصراع الإقليمي طيلة العقود الثلاث الأخيرة من عمر المنطقة و كانت عقود دموية عاصفة وساخنة و غير مسبوقة في التاريخ لا تحركهم أبدا النوازع الإيديولوجية ، ولا يلقون بالا لمصير حلفائهم و أنصارهم إن تضاربت مصالح إيران القومية مع مصالح أولئك ، ثم أن جميع الأحزاب الشيعية في الشرق القديم سواءا في العراق أو لبنان أو الخليج العربي و حتى باكستان و أفغانستان هي في خدمة نظام الولي الفقيه و ليس العكس ، فالنظام الإيراني قد تحالف مع ألد خصومه من السلفيين و التكفيرين و أهل القاعدة و حتى الطالبان الأفغان ووفر لهم مداخل و مخارج الخلاص و اللجوء و الحماية في خراسان الإيرانية رغم مابين الطرفين من خصومة وعداء دموي رهيب ! ، و النظام الإيراني سبق في أواسط ثمانينيات القرن الماضي أن إضطهد وحارب بعض التجمعات و الأحزاب الشيعية العراقية وطفشها من إيران و عمل على تفكيكها و إنشقاقها و إضعافها لأنها لم تبايع نظرية ولاية الفقيه الخمينية رغم شيعية تلكم الأحزاب و إلتزامها بالخط الفكري العام الذي يسير النظام الإيراني ، ثم غن الإيرانيين اغدقوا الأموال و الهبات وكل أنواع المساعدات على حركة حماس و الجهاد الإسلامي في فلسطين رغم التباين الفكري و المذهبي الكبير و الواضح ، الإيرانيون لا تحرك نوازعهم و لا تثير أعصابهم الباردة أصلا و سلوكيا إلا مصالحهم القومية و الوطنية الخاصة و التي يسعون لها وإن تناقضت مع الحالة الإسلامية التي بها يبشرون ! ، و نظام بشار الأسد البعثي وجها والعلماني سلوكا و البعيد عن التدين و كل ماله علاقة بالدين و الروحانيات واقعيا يظل في نظر قادة إيران أهم بكثير من كل الحركات و الأحزاب الطائفية التي تبايعهم أو تنفذ منهجهم و تحركهم و التي قد تتحول أحيانا كما هو قائم حاليا لحمولة ثقيلة لا بد من التخلص منها إن أرادوا سلامة الوصول للهدف ، نظام بشار الأسد يظل محوريا في الحفاظ على الجبهة الإيرانية وفي جعل رياح التغيير بعيدة عن الملعب الإيراني الداخلي لإن إنهيار نظام بشار يعني أساسا إنهيار منظومة ( دول حلف نوروز ) التي تضم العراق أيضا ، وهو إنهيار سينعكس على الوحدة الداخلية لإيران التي قد تشهد تنفيذ برنامج تقسيم داخلي عبر تفعيل حركات الشعوب غير الفارسية كالعرب و الكرد و البلوش و الآذريين ، فالبيت الإيراني الداخلي هش للغاية ، والربيع الثوري الشرق أوسطي و الذي كان الربيع الإيراني ذاته بواكيره ستضرب عواصفه الرهيبة العمق الإيراني بكل شدة و بما من شأنه تغيير الخرائط التي وضعتها بريطانيا خلال العقدين الأولين من القرن الماضي ، إنها صفقة إيرانية شهية وسخية أيضا ولكنها تفصح عن ضعف داخلي ملموس من السهل تماما تلمس ملامحه و تحديد مساراته ، لقد تخلى الإيرانيون في صيف عام 1988 بعد أن تجرعوا السم و أوقفوا الحرب ضد العراق عن حلفائهم في المعارضة الشيعية العراقية وأقاموا علاقات تجارية وحتى سياسية مع أشرس أعدائهم و تركوا قادة المعارضة العراقية و جماهيرها يتقافزون في قوارب الموت المتجهة من بوشهر للجزر الإسترالية و لم يعبأوا كثيرا بتعهداتهم الإعلامية بإقامة النظام الإسلامي في العراق وذلك حفاظا على العمق الإيراني الذي كان مهددا و اليوم يبدو التهديد للنظام الإيراني أكثر خطورة بكثير من الماضي وحزب الله اللبناني قد تحول لحمولة ثقيلة وقد إنتهى الغرض الإيراني من وجوده ، فإيران لا تراهن أبدا في النهاية على إقامة النظام الإسلامي الشيعي في لبنان المقسم منذ أن نشأ وفق صيغة طائفية تقاسمية معروفة ، و لكن نظام بشار الأسد شيء آخر و مختلف... و من أجل عيون بشار الزرقاء سيتخلى الإيرانيون عن حمولتهم الثقيلة ؟ ولكن السؤال المهم والذي تجاوزته الصفقة التجارية الإيرانية هو هل سيسمح الشعب السوري الحر بعمليات البيع و الشراء و المقايضة ؟ ذلك ماهو مهم...؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

648 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع