د.طلعت الخضيري
كشكول الذكريات -ألحلقه٢٩
سفره نهريه
في أواخر عشرينيات القرن الماضي لم يكن الطريق ما بين بغداد والبصره معبدا ، ولم يكن سالكا بعض أيام الشتاء وخلال نزول الأمطار فكان هناك إمكانيه السفر بالقطار أو بالبواخرالنهريه ومنها باخره يملكها عبدالجبارالخضيري وأعتقد أنها كانت سابقا ضمن الإسطول النهري لأخيه عبد القادر .
كان والدي يكره السفر لذا كان من الصعب إقناعه الذهاب في العطله الربيعيه للمدارس إلى بغداد ولكنه رضخ أخيرا لتوسلاتنا ودموعنا المنهمره على السفر وعلى متن باخره كانت تسمى سابقا(ألقادري) يملكها كما أسلفت قريبي عبد الجبار.
لأصف قليلا تلك الباخره ألتي رست بمحاذاه بدايه نهر العشار ، وتسير وعلى جانبيها مايسمى( ألسربس) ، وهومجذاف دائري يدور فيدفع السفينه إلى الأمام بدل المروحه التقليديه للبواخر، وعلى سطح السفينه غرف عديده للركاب ، وحجز لنا الوالد غرفتان بينما أجرت عائله أخرى غرفه مجاوره على سطح السفينه، و تحتوي كل غرفه على مرافق ومغسله ، وفي الباخره مطبخ يجهز الركاب بالوجبات الغذائيه الثلاث.
غادرنا البصره وكنت طفلا ،وأنا وإخوتي بمنتهى الفرح والسعاده ، ومستوى مياه دجله عاليا وتياره المائي سريعا ،وأتذكر أن الباخره كانت عندما تلتقي بأخرى قادمه من بغداد يتداولان التحيه بإطلاق صفاره خاصه مثبته على المدخنه .
عند توقف الباخره في قريه ، ما قبل مدينه العماره ، وقد تكون قريه العزير ،إشترينا من الباعه( ألچمه) وهي أثمار من الفطريات صحراويه ، ولم نعلم أن بعضها سامه مما أدى إلى مرضنا خلال يومين وإصبنا بزحار شديد وحمدنا الله على السلامه بعد ذلك.
كانت السيدات يقضين الوقت بلعب الورق مع العائله الأخرى ، أما نحن فكنا نتلهى باللعب على سطحها ، أو نقف بجانب ربان السفينه في غرفه القياده و كان يداعبنا دوما.
إستمرت السفره لعده أيام إجتزنا خلالها قرى ومدن متعدده كانت الباخره ترسو بجانبها أحيانا ، تمتعنا بجمال الطبيعه الخلابه وكثره المزارع على ضفاف النهر. دامت الرحله حوالي اسبوعا .إستقبلنا في العزيزيه جدي الذي اصطحبنا إلى بيته الذي كان يقع على ساحل النهر في منطقه الكراده وقرب الجسر المعلق اليوم.
ذكرى جميله لأيام خلت طبعت صورها الباهته في مخيلتي حتى يومنا هذا.
1030 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع