كشكول الذكريات / ألحلقه / ١٨

                                                   

                          د.طلعت الخضيري

كشكول الذكريات /ألحلقه ١٨

             

عائله سوربو ألسويسريه(١)

ترجع بي الذاكره إلى سبعه عقود مضت عندما سكنت عند عائله لنسميها (سوربو) في لوزان وأنا قادم لطلب العلم في جامعه تلك المدينه ،كان رب العائله سويسري الجنسيه في العقد السادس من عمره ، عاش في طفولته وشبابه في روسيا ، كان مهندسا في روسيا واليوم عاطلا في سويسرا يعيش بأعمال بسيطه يوفرها له مكتب العاطلين عن العمل بين آن وآخر ويتكلم الفرنسيه بصعوبه لإصابته بصمم جزئي، أما الزوجه فهي كانت روسيه وهي مهندسه زراعيه تعمل في حدود مهنتها في دائره زراعه حكوميه في لوزان وتجد صعوبه في تكلم اللغه كزوجها ، وقد قاما بتأجير غرفتان في شقتهما كانت إحداهما من نصيبي.
إمتدت علاقتي بأفراد تلك العائله لسنوات طويله لمست فيها لديهم ألطيبه والكرم واستمعت خلالها إلى قصه حياتهما ألتي ذكرتني بروايه الحرب والسلام الشهيره لتلوستوي ، والتي قرأناها في كتاب أو أنتجتها هوليود والسينما الروسيه بأفلام ، ونالت شهره عالميه وتعتبر من الأدب الكلاسيكي الخالد.
وقد تكون قصه عائله سوربو السويسريه مشابهه بأحداثها الحقيقيه إلى ماذكرت عن روايه تولستوي وساسردها إلى القارىء كما سمعتها من أصحابها لما بها من معاناه ووقائع إنسانيه ، تحدث دوما خلال الحروب والثورات و الإنقلابات العسكريه.
عاش رب العائله وعائلته في مدينه بيترسبورغ ( عاصمه روسيا ماقبل الحرب العالميه الأولى وسميت لينين غراد لاحقا واليوم أعادوا لها أسمها القديم )، وكان رجل أعمال ثريا ، وضمت عائلته أبناء وبنات ، بينهم فلاديمر صاحب سكني ، وبدت ملامح الثوره القادمه خلال الحرب العالميه الأولى ، وخلال السنوات ماقبل الثوره توسل ألأبناء أبيهم أن يحول ثروته إلى بلده سويسرا ضمانا لمستقبل العائله ولكن الوالد كان يجيبهم لا تقلقوا فإن القيصر قوي ولن يحدث شيئا في المستقبل ، وخاب ظنه عندماحدثت الثوره البولشفيه في روسيا في أكتوبر سنه 1917 وتم تأميم المصارف وغير ذالك ،فقرر ألأب أخيرا أن يسحب أمواله ويغادر البلد ، وكانت المفاجأه عندما توجه إلى المصرف ليخبره موظف البنك( أتأسف سيدي لايوجد لديك حساب في المصرف فقد صادرت الدوله أموالك) وأخذ الرجل بالصراخ محتجا أنه سويسري ويجب إعاده أمواله له ، وأجابه موظف المصرف بلطف ، (إنني أودك وأحترمك سيدي لذلك أنصحك أن تلزم الصمت ومغادره ألمصرف بهدوء).
وفهم الرجل الموقف وغادر المصرف وهو لا يملك شيئا ،وقد تم فيما بعد إرسال ولده فلادمير إلى أوكرانيا يعمل مهندسا لدى النظام الجديد ، وكانت أوكرانيا سله الغذاء إلى روسيا بمزارعها الممتده وحقول القمح الواسعه ، وحصلت المجاعه في لنينغراد(بيترسبورغ) التي امتدت مابين سنه 1922 و1923 ، واستلم فلادمير رساله من أبيه يستنجده بها أن يرسل له بعض الغذاء وقام الإبن بإرسال طرود بريديه بما استطاع إرساله من المواد الغذائيه، وبعد انتهاء المجاعه وانتهاء عمله رجع الإبن إلى مدينته ليعلم أن والده قد توفى جائعا حاله كحال الكثيرمن سكان المدينه وقد شاهدت شخصيا فلما سينمائيا وثائقيا لتلك المجاعه التي أصابت سكان تلك المدينه في أعقاب الحرب العالميه الأولى .
يتبع.....

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع