د.ضرغام الدباغ
كرونا تجربة للحرب البايولوجية
يتابع الناس في قارات العالم المعركة مع لفيروس اللعين كوفيد 19 المسبب لكورونا، منذ سبعة شهور، وفد حصد الوباء رسمياً نحو850,000 ألف ضحية، وأكثر من 25 إصابة (إحصائية 30 / آب / 2020 والأرقام في تصاعد مقلق، وشخصياً أرجح أن الأعداد أكثر)، وكبد دول العالم ترليونات لا حصر لها من الدولارات أو اليورو، ومع أن الأنباء تشجع على توصل الهيئات العلمية لأختراع عقار مضاد، إلا أني أعتقد أن شهورا طويلة ستمر حتى يصبح العقار بمتناول الجميع بيسر لا سيما في البلدان النامية.
وسمعنا أيضاً وقرأنا سيناريوهات كثيرة، (البعض منها من مواقع سياسية رفيعة) أن الفايروس منتج في مختبرات دولة عظمى تتبادل التهديدات فيما بينها، وتضع صورة لكيفية إنتاجه، وكيفية إرساله ليتغلغل في المجتمعات، ووضعوا لكل مفردة صغيرة تفسيراتها .. حتى تحتار من تصدق ...
ولكن ... دعونا نصدق الافتراضات أن الفايروس كوفيد 19 هو منتج، وبالتالي فهو (أحد) الأسلحة البايولوجية، (قلنا أحد) ... ودفعت القوة العظمى (س) على القوة (ج) أو بالعكس فليس هذا ما يهمنا اللحظة، بل ما يهمني تأكيده الآن هو :
1. أن الطرف الذي بادر باستخدام كوفيد 19 كسلاح بايولوجي، لم يستطع أن ينج بنفسه من الآثار الفظيعة ، سواء نتيجة هجمات مضادة، أو لسهولة تفشي الفيروس.
2. أن النتائج المدمرة للسلاح البايولوجي الذي (أستخدم) لأول مرة، لا يقل في حجم أضراره عن السلاح النووي.
3. أن السلاح البايولوجي كوفيد 19 لا يهدم المدن، ولكن الإعمار (إعادة ما تخرب) لم يعد في عالم اليوم مشكلة (في ظل التطور الهندسي الكبير، والاستخدام المكثف في تكنولوجيا البناء والتشييد)، فهناك دولة كانت تحسب بين البلدان النامية شيدت مستشفيات عملاقة (بحجم مدن صغيرة) خلال أيام أو أسابيع.
4. الدول العظمى نفسها غير قادرة على استئصال الوباء بسهولة رغم التقدم العلمي الكبير، ربما أكثر ما يمكن أن تفعله، هو إبطاء سرعة سريان الفيروس.
5. أثبتت تجربة كورونا، افتقار دول عظمى (رأسمالية خاصة) أن قاعدتها الطبية رخوة جداً، وغير مؤهلة بتاتاً على خوض حروب بايولوجية (مثل أميركا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا).
6. الأسلحة البايولوجية / الجرثومية، سهلة الإنتاج، ولا تحتاج لصواريخ بالستية لتحملها، ولا لقاذفات قنابل عملاقة حكر على الدول العظمى، بل يمكن نشرها بوسائل بسيطة وبدائية ويصعب كشفها. وهي ليست باهضة الثمن، وهي كالأسلحة الكيمياوية تعتبر أسلحة الفقراء.
7. إذا تأملنا هذه المعطيات، وافترضنا أن الاتهامات المتبادلة لها نصيب من الصحة، فإن هذه التجربة ينبغي أن تدفع القوى العظمى، إلى إعادة حساباتها كلياً، أي حرب شاملة لا يستبعد استخدام السلاح البايولوجي فيها، بل هي المرجحة، لأنها سلاح نظيف لا يخرب ولا يدمر ولا يسبب الحرائق المرعبة، يلتهم المجتمعات بصمت كقاتل مهذب، يغتال بسلاح كاتم صوت. ولا تستطيع أن يدول أن تجعل نفسها بمنأى عن آثاره المهلكة.
8. وإذا واصلنا الافتراض، أن السلاح البايولوجي يمكن أن ينتشر بسرعة (أكبر من سرعة انتشار السلاح النووي اليوم نحو 10 دول في العالم)، فإن مسألة الحفاظ على السلم العالمي ستكون مسألة تفوق أهمية امتلاك الدبابات والطائرات والصواريخ وأحجام جيوش جرارة.
9. سيصبح واضحاً وجلياً ضرورة قيام منظمة أمم متحدة جديدة ومنظمات دولية (بكافة تخصصاتها) جديدة تعمل بموجب مبادئ جديدة، من أهمها لا يستطيع أحد أن يتحكم بأحد، إلغاء مبدأ استخدام القوة، والإنهاء التام للأسلحة النووية. ومن أولى مبادئها الجديدة إلغاء فكرة دول متقدمة عظمى وأخرى صغرى.
10. إن العالم يضيق بسرعة بحجم سكانه، وأن هناك مخاطر مستترة لا تقل خطورة عن كوفيد 19، تتمثل بالتلوث البيئي ونتائجه المهلكة، ومنها اختفاء دول ومدن وعواصم كبيرة. والتصاعد في درجات حرارة الكوكب الأرضي، وامتلاء الفضاء الخارجي بالأقمار والكواكب الصناعية والمركبات والنفايات، وجميعها تنطوي على أخطار جسيمة لشعوب الأرض.
11. لابد بأهمية حاسمة أن يكون من واجبات الاجتماع الدولي الجديد اعتبار الأمن القومي لكافة الأمم بمستوى واحد من الأهمية، والمناقشات في متفرعات هذا العنوان يكون من خلال احترام خصائص كل أمة، وحاجاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
بأختصار شديد، هذه أبرز فقرات ورقة أعمال أي مؤتمر يهدف لمناقشة جدية لوضع حد للمخاوف الجدية على مستقبل الجنس البشري.
1749 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع