كشكول الذكريات / ألحلقه / ١٤

                                                  

                         د.طلعت الخضيري

            كشكول الذكريات -ألحلقه ١٤

     

ألساحر الهندي
في الحرب العالميه الأولى أخذ الكثير من أهالي البصره إلى معتقل في الهند وتلتهم وجبات أخرى من أسرى الحرب العراقيين ألذين كانوا في الجيش العثماني المنهزم في العراق.
ومن هؤلاء الأسرى كان والدي وعمي والكثير من أهالي البصره ، واتهم الوالد بولاءه للعثمانيين وكان يتبرع بتوزيع الشربت في المقهى عند قرائتهم في الصحف إنتصار العثمانيون في معركه ما، بينما كان مخبروا الجيش البريطاني في بدايه الإحتلال يوصلون إلى المحتل أسماء ألموالون للحكم العثماني ،وهكذا نقل مئات من الأهالي على البواخر إلى برما ومنها إلى معتقل في الهند ألذي أصبح في الحقيقه قريه عراقيه بها دكاكين جميع الحرف من جزار وخباز ، وقد تطوع بعض الأسرى العسكريين للأنظمام إلى الجيش العربي العربي بقياده الأمير فيصل وتركوا المعتقل ومنهم من صار فيما بعد من كبار الساسه في العهدالملكي في العراق.
وقد تم إطلاق سراح المعتقلين بعد انتهاء الحرب العالميه الأولى وأرجعوا إلى العراق وكان والدي وعمي قد أقاما في المعتقل ما يقارب الخمس سنوات .
في إحدى ليالي الشتاء البارده في البصره في أربعينيات القرن الماضي ، كان والدي وعمي هاشم يتدفؤن أمام الموقد المملوء بالفحم الحجري والنار الملتهبه سأل والدي عمي ( هل تتذكر هاشم قصتنا مع الساحر الهندي ، وهل تجد لها من تعليل لأنني لا أجد لها أي تعليل ؟) فنفى العم إذا كان بقدرته أن يعلل ما حدث وسردا لنا القصه وأنا وأخي كنا جالسين معهم.
(كان المعتقل كما ذكرنا شبه قريه عراقيه ، يتنقل بها الأسرى بحريه ومنها إلى قريه مجاوره هنديه ، وفي أحد الأيام كان لفيف منهم ومعهم والدي وعمي يزورون إحدى تلك القرى المجاوره وقد أصابهم الضجر لحالهم وشوقهم إلى أهاليهم ، فتصدى لهم رجل هزيل هندي وأخبرهم أنه ساحر وباستطاعته أن يريهم بعض ألعابه السحريه في بيته ، فسر ذالك المجموعه للترفيه عن أنفسهم وأجلسهم الساحر في غرفه في بيته أرضيتها من التراب ،وسألهم هل تشتهون أن تأكلوا شيئا من بلدكم فأجاب أحدهم ( والله مشتهي خيار تعروزي) ألذي لا يتواجد هناك ، فدفن الساحر بذره في أرض الغرفه وبدأ ينشد في اللغه الهنديه التي لا يعرفها الحضور ، مصاحب بمزماره ، فشاهدوا نبته تخرج من أرض الغرفه حيث دفن تلك الحبه ثم انتشرت أوراق النبته وغصونها فغطت الغرفه ثم ظهرت ورودها وبدأت تتحول إلى خيار تعروزي كامل أخذ الساحر بقطفها ويناولها للحضور الذين تلذذوا بأكلها.
وأنا أتسائل وأسأل القارىء هل هناك من يستطيع تفسيرتلك الظاهره هل هو تنويم مغناطيسي وكيف تم ذالك والساحر غنى باللغه الهنديه وهو يعزف ولم يكن للحضور إلمام بتلك اللغه ،لغز بقى في ذاكرتي بعد عده عقود ولا أجد له أي تفسير منطقي.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

996 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع