احمد الحاج
العمالقة يتقاتلون بالعصي والأحجار..والاقزام بالقنابل وإطلاق النار!!
يبدو أن مقولة العالم الفيزيائي الشهير البرت آينشتاين قد تحققت بالفعل يوم قال "أنا لا أعرف ما هي الاسلحة التي سوف تكون في الحرب العالمية الثالثة، ولكن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة !" .
وقد تستغرب جدا اذا ما علمت بأن الدولتين النوويتين الاكثر نفوسا في العالم (عدد نفوس الصين مليار و439 مليون نسمة عدا الصينيين خارجها )،( عدد نفوس الهند مليار و380مليون نسمة ) ، الدولتان الثالثة والرابعة على التوالي في قائمة أقوى الجيوش في العالم بحسب موقع "غلوبال فاير باور" حيث تمتلك الصين ( 290 قنبلة نووية ) وتحتل المركز الرابع بأقوى جيوش العالم تجهيزا وتسليحا وعدة وعددا، تليها الهند بـ( 100 رأس نووي ) وبذات المواصفات مع ميزانيتين عسكريتين سنويتين ضخمتين لكل منهما ،الصين والهند العضوان البارزان في النادي النووي العالمي والذي يضم 9 دول فقط حول العالم هي (اميركا ،روسيا ،الصين،بريطانيا ، فرنسا ، الهند ، الباكستان ، الكيان الصهيوني المسخ ،كوريا الشمالية ) هاتان الدولتان المرعبتان عسكريا ونوويا وبشريا واقتصاديا لم تتقاتلا فيما بينهما على الشريط الحدودي في حادث التوتر الأخير وهو الاول من نوعه بين البلدين منذ عقود بأي نوع من أنواع الاسلحة التقليدية ولا النووية مطلقا ..لالالا ..القتال الذي أسفر عن مقتل وإصابة 60 جنديا من البلدين الجارين وببساطة شديدة " كان بالعصي والحجارة والبوكسات والجلاليق فقط ...نعم هكذا كان القتال ، ولم تطلق فيه رصاصة واحدة !!" .
القتال بالعصي والاحجار وما ترتب عليه من توتر لم يتطور الى - خروج سياسي معفن يبرى بظفره القلم - لايمتلك غير كم مسلح مخربط خارج على القانون ليجلجل ويتوعد ويزبد ويرعد ويصرخ بأعلى صوته (سنمحو الصين / الهند ) من الخارطة الجغرافية والبشرية ردا على العدوان، كما حدث ويحدث عندنا مرارا وتكرارا في العراق حين يتوهم الصغار جدا من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام والرويبضات والإمعات بأنهم قد صاروا كبارا على حين غفلة من الزمان وآت..لماذا ؟
لأن الاقوياء والاذكياء لاحاجة لهم لأن يضيعوا جهدهم ووقتهم ومالهم وأعمارهم ويضحوا بشعوبهم ومواردهم واقتصادهم وبلدانهم التي أفنت الاجيال فيها كابرا عن كابر الغالي والنفيس في بنائها وإعمارها وتحقيق قوتها وترسيخ مكانتها عالميا بين الدول وعلى الصعد كافة في حروب عبثية وبالاخص اذا ماكانت تلكم الحروب مع - الجيران ، وحق الجار على الجار - ولاسيما اذا ما كانت الدول القوية الاخرى الحاقدة على البلدين الجارين تتربص بهم الدوائر وتتحين الفرص لإضعافهما وتدميرهما لتتخلص منهما سوية بشتى الوسائل والطرق..فعندما يحكمك قادة دهاة ، عقلانيون ،واعون ، عسكريون حقيقيون وليسوا " دمج ولا همج " ،سياسيون محنكون حقا وليسوا - طك عطية -، وطنيون فعلا وليسوا أذنابا للاجانب وعلى أبناء جلدتهم أسود ، حيئنذ لن تذهب ببلدك مهما كانت الظروف كالحمقى ، كالمغفلين ، كالمجانين ، كالمتهورين ،لتحوله الى - لحم بعجين - يلاك بأفواه من يتربص بك شرا ولا يريد لك ولا لشعبك ولا لبلدك خيرا قط لتستنزف مواردك وقدراتك وخبراتك وكفاءاتك وطاقاتك كلها في حروب ضروس قد لاتكون متكافئة ولا نافعة ولامجدية البتة ، وبالاخص اذا ماكنت تلكم الحروب لاناقة لشعبك ووطنك فيها ولاجمل وكلها حروب بالوكالة لصالح دول أخرى تعمل - جنابك الكسيف جدا - أجيرا وذيلا وعبدا ذليلا عندها برغم كم العنتريات والوطنيات والفرارات والبوستات والتغريدات الهائلة !
وها انذا أضحك من كل قلبي وأنا أتابع عن كثب التصريحات النارية بشأن ضرورة ملاحقة أسلحة اﻷطفال البلاستيكية وتجارها برغم إقراري التام بخطورتها وعديد الإصابات المهلكة التي تتمخض عنها سنويا وباﻷخص في اﻷعياد والمناسبات اﻻأنني أتساءل كما في كل مرة ” إذا كانت هذه اﻷلعاب الخطيرة محظورة على وفق القانون والكل يطالب بمنعها ، فيا ترى كيف تدخل الى البلاد إذا ، كيف تباع في الشورجة وجميلة على عينك ياتاجر ، كيف تعرض في المولات واﻷسواق العامة ليبتاعها اﻵباء بإلحاح من أبنائهم ممن يفضلونها على جميع اﻷلعاب اﻷخرى تقليدا للعراضات والنزاعات والدكات العشائرية العراقية التي تستخدم فيها مختلف أنواع اﻷسلحة بضمنها اﻷحاديات والثنائيات والرباعيات والراجمات والهاونات والقاذفات بل وحتى المسير - الدرون - من الطائرات ، علاوة على أفلام اﻷكشن اﻷجنبية واﻷلعاب اﻷلكترونية وفي مقدمتها البوب جي والفورتنايت ، فضلا عن النشرات الإخبارية التي يراق من جراء عنفها اللامتناهي وبراميلها المتفجرة وسياراتها المفخخة يوميا على جوانب التلفزيونات..الدم ؟ !”
ومابال أسلحة الكبارالحقيقية ، بل قل ترساناتها المكدسة وبعضها يفوق ترسانات الجيش والشرطة نوعية وعددا بإعتراف كبار قادة اﻷجهزة اﻷمنية وضباطها وفي أكثر من تصريح متلفز ومؤتمر صحفي عقد لهذا الغرض ، أليست تلكم اﻷسلحة التي تباع ويتم تناقلها بعتادها وقطع غيارها في أماكن معروفة حرية بالملاحقة أيضا أسوة بأسلحة ..الزعاطيط البلاستيكية .. أم أن شعار ” يد بيد ، لاسلاح باليد ” مجرد هواء في شبك شأنه في ذلك شأن – همبلات – مكافحة الفساد والاصلاح والنزاهة وإعادة البناء وإعمار المناطق المدمرة التي صدعوا رؤوسنا بها منذ عقد ونيف وحالنا معها حال من يسمع جعجعة تصم اﻵذان طوال النهار وﻻيرى طحينا يأكل منه وعياله خبزا في آخره ؟!
وأعجب أكثر حين يطالب عضو بارز أو نائب عن حزب ما بمنع تداول اﻷسلحة البلاستيكية وملاحقة مستورديها ، ويتناسى عن قصد اﻷجنحة المسلحة التابعة لحزبه زيادة على أفراد حمايته ومواكبه المدججة بالسلاح التي تذرع الشوارع وتروع اﻵمنين وتنغص عيشهم ليل نهار !
وهنا لايسعني إﻻ أن أعيد ما سبق لي ذكره مرارا عن مديرة إحدى دور الايتام في العاصمة بغداد عام 2004 حين نهرت أحد ممثلي الجمعيات الخيرية بشدة بعد أن قدم بحسن نية للاطفال هدايا لإدخال السرور على قلوبهم كان من بينها – 6 مسدسات مائية بلاستيكية ملونة فقط – وقالت له بالحرف ” لقد ودعنا مرحلة تجييش الدولة وعسكرة المجتمع ونريد طي الماضي وقلب صفحة جديدة تتضمن تعليم الاطفال الحب والسلام حتى في لعبهم ! يومها أصيب الرجل الطيب بالخجل وتصبب عرقا وقال على إستحياء مطأطأ رأسه” كلامك صحيح 100% وأعدك في المرة المقبلة لن يكون بين الهدايا أية لعب تشجع على العنف ولو كانت مخصصة للمياه المعدنية ” .
وما هي الا ايام قلائل حتى عدت بصحبته وبمعيته ألعاب وهدايا جديدة ﻻسلاح فيها البتة واذا برتل من الهمرات الاميركية يقف أمام الدار ، واذا بجنود الاحتلال يتجولون بعدتهم وعتادهم في الدار ، واذا بالاطفال يلعبون بخوذ الجنود الاميركان ويتحسسون اسلحتهم المتدلية وسط فرح المديرة الغامر بتلك الزيارة الميمونة التي تبشر بغد مشرق كله سلام وحب ووئام بعيدا عن العسكرة والطرطرة والفشخرة والسرسرة كما زعمت في لقائنا الاول معها ومنذ ذلك الحين وانا أستذكر هذا الموقف العجيب كلما سمعت بكدس عتاد أو مخزن سلاح تابع لفصيل مسلح يتفجر وسط اﻷحياء السكنية مخلفا عشرات الضحايا بين شهيد وجريح ، كلما تناهى الى سمعي عملية تسليب على الطرق الخارجية بالإكراه بحق ركاب وسائقي العجلات والشاحنات والناقلات ، بسطو مسلح في وضح النهار على مكتب للصيرفة أو أحد دور المواطنين على يد مجهولين قبل أن يلوذوا بالفرار الى جهة مجهولة ، بتهديد مديري ومعاوني مدارس من قبل ذوي بعض الطلبة الكسالى ﻷن -ابنهم الافندي – رسب في المرحلة الابتدائية ،كلما تناقلت وسائل الاعلام أنباء إعتداء على الطواقم الطبية او مقتل طبيب علي يد مسلحين مجهولين كما حدث مع الدكتور محمد الخفاجي طبيب التخدير في مدينة الامام الحسين الطبية الذي اختطف وقتل في الشعلة ، كلما ضجت النشرات الاخبارية بمقتل مثقف عراقي كما حدث مع الروائي علاء مشذوب بـ 13 رصاصة في كربلاء ، كلما هوجمت قرى آمنة من قبل مسلحين وقتل عدد من ابنائها بدم بارد ﻷثارة الفتن وتأجيج الضغائن وإحداث التغيير الديمغرافي كما حدث في قريتي ” المحولة وابو خنازير” التابعتين لناحية ” ابو صيدا” في ديالى، كلما اطلقت الاف العيارت النارية في اﻷفراح واﻷتراج والليالي الملاح وفوز أحد منتخباتنا بكرة القدم – عثرة بدفرة – ببطولة ما وإن كانت غير معترف بها دوليا واقليميا على أضعف فريق كرة قدم بالعالم !
وألفت الى أن اسلحة الاطفال البلاستيكية خطيرة جدا وقد أصابت أكثر من 50 طفلا بسبب (الصجم) المستخدم فيها على وفق احصائية وزارة الصحة خلال العيد الماضي ناهيك عن الحروق التي أحدثتها الالعاب والمفرقعات النارية ، وأن البرلمان سبق له أن شرع قانونا يحظر الألعاب المحرضة على العنف بكافة أشكالها، ويتضمن القانون الذي أقره مجلس الوزراء عقوبة تصل الى 3 سنين سجن بحق المخالفين ، وغرامات مالية تقدر بـ 10 ملايين دينار بحق المستوردين لها، إﻻ أنه - خلي بالك زين - ظل كملفات الادانة بحق حيتان الفساد مجرد حبر على ورق وباﻷخص حين يفر هؤلاء بجنسياتهم الثانية الى دول – التجنيس – باﻷموال التي نهبوها من الخزينة العامة أثناء توليهم المناصب الرفيعة بالجنسية العراقية على إثر فوزهم ولو تزويرا بالاصابع البنفسجية ..هذه الاصابع التي نجحت نجاحا باهرا بإيصال جل ولا اقول كل ، سقط المتاع الى السلطة ..هذه الاصابع التي تتحمل وزر كل فاسد تولى مسؤولية في العراق يوما ما بعد 2003 ..هذا الاصابع التي سرقتنا قبل ان يسرقنا الفاسدون الصاعدون من جرائها ..لماذا ؟ لأنها اصابع يضحك عليها كل من هب ودب ويجعلها تتعنصر وتتمحور وتتحفتر قبيل الانتخابات فتذهب كالمنومين مغناطيسيا لتنتخب مشاهير السراق وكبار الفسدة والمفسدين في الارض لأنهم من طوائفهم ، قومياتهم ، دياناتهم ، محافظاتهم ، مذاهبهم !
وأختم وبصريح العبارة بأن ﻻ أمن ولا آمان ..ﻻسلم ولاسلام ..ﻻمصالحة وﻻوفاق وطني ..ﻻدولة مؤسسات وإستثمارات ومصانع وشركات بوجود السلاح المنفلت في اليد العابثة وﻻبد من مصادرة كل أنواع السلاح خارج إطار الدولة جبرا لا إختيارا في حملة وطنية كبرى شاملة لامحاباة فيها ولاتهاون إطلاقا ، وعلى السياسيين وقادة الكتل واﻷحزاب وتجار الحروب الكف عن – قشمرة – الجماهير بغد مشرق – بالمشمش – وبعضهم يقود جماعات وأجنحة مسلحة خارج إطار الشرعية ﻻ رقيب عليها ولاحسيب لها ، بعضها اغلقت مقارها الوهمية في حملات سابقة وبعضها مازال يمارس عمله بحرية تامة ، وبخلاف ذلك فإن ما قاله الكاتب المصري الساخر جلال عامر، ينطبق علينا حرفيا ( نحن الشعب الوحيد الى يستخدم المخ فى السندوتشات) وأضيف ( واللسان في مؤتمرات الضحك على الذقون والاستخفاف بالعقول ووووالباجة !!) وحقا ما قاله المثل " علك المخبل ..ترس حلكه "، اذ شتان ما بين الكبار كالصين والهند يوم يمتلكون ويصنعون سلاحا ليتقاتلوا فيما بينهم بالعصي والاحجار بعيدا عنه ويسعون سريعا وقبل تطور الاوضاع الى التفاهم والدبلوماسية والحوار، وبين الاقزام حين يستوردون سلاحا فقتالهم حينئذ يكون على - مطي - بالهاونات والكاتيوشات والرمانات والراجمات والقاذفات وبإطلاق النار . اودعناكم اغاتي
2156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع