فيروس كورونا الجديد يتحدى العملاق الصيني

                                             

               الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط

   

       فيروس كورونا الجديد يتحدى العملاق الصيني

خلال النصف قرن الأخير تطورت قدرات العملاق الصيني المختلفة على نحوٍ كبير، وغزت منتجاته الأسواق العالمية، وتطور اقتصاده على نحوٍ لافت للنظر. ونتيجة لذلك فقد صرَّح الرئيس الصيني منذ بضعة أشهر قائلا: "لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع إيقاف تطور الصين". وكان الجواب سريعا: نعم يوجد كائن بسيط هو فيروس كورونا الجديد: هذا الكائن المتناهي في الصغر جعل الصين تعيش في حالة رعب شديد، ومُني اقتصادها بخسائر مالية جسيمة، وأخذت بلدان العالم تسحب مبعوثيها وطلبتها من الصين.

الفيروس كلمة يونانية تعني (سم)، والفيروس عامل ممرض صغير لا يمكنه التكاثر إلا داخل خلايا كائن حي آخر. والفيروسات كائنات صغيرة جدا ولا يمكن مشاهدتها بالمجهر الضوئي وتصيب جميع أنواع الكائنات الحية، ولا يوجد للمضادات الحيوية أي تأثير على الفيروسات، لذا يتوجب تطوير أدوية خاصة مضادة لكل فيروس على حده.

هناك الملايين من الأنواع المختلفة من الفيروسات، ويعود الاٍكتشاف الأولي للفيروسات إلى عالم النبات والأحياء المجهرية الهولندي مارتينوس بيجيرينك (1851- 1931) عام 1898.

 

تأثير الفَراشة Butterfly Effect:

" تأثير الفَراشة" مفهوم رياضي فلسفي خلاصته أن حدث بسيط تافه قد يُسبب تداعيات خطيرة، ويعدُّ هذا المفهوم من الركائز الأساسية في النظرية الرياضية المعروفة بنظرية الفوضى Chaos، ويُعد أستاذي المشرف في جامعة مانشستر في الماجستير والدكتوراه البروفسور الصيني Howell Tong من رواد هذه النظرية المثيرة.

تتلخص فلسفة " تأثير الفراشة" بعدم الاستهانة بصغائر الأمور، كما يقول ابن قيم الجوزية (1292-1350)م:
كلُّ الحوادثِ مبدأُها من النظرِ ... ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ

ويعبِّر عن ذلك المَثل العربي الشهير "القشَّة التي قصمت ظهر البعير" وتستخدم عبارة "Straw that broke the camel's back" كمقولة ذات أصل عربي يستخدمها الغربيون لهذا الغرض. فيجب عدم الاستهانة بصغائر الأمور لأنها قد تؤدي إلى نتائج وخيمة، ولرُبَّ رفرفة جناح فراشة في الصين تصنع زلزالا في مكانٍ آخر من العالَم!.

لقد كان أول ظهور لفيروس كورونا الجديد المرعب في سوق للأسماك في مدينة ووهان وسط الصين، ثم بدأ بالانتشار وعَبر إلى اليابان، ثم انتقل إلى شرق آسيا ثم الشرق الأوسط، ثم وصل إلى أوربا والعديد من بلدان العالم.

الوباء الجديد:
لقد انتشر الوباء الجديد الناجم عن فيروس كورونا الجديد في أنحاء العالم، ويُعدُّ هذا الفيروس من الفيروسات التي لم يستطيع العلماء من إيجاد علاج لها إلى الآن، وأخذ هذا الوباء يحصد الأرواح. فقد بلغ عدد الوفيات بسبب هذا الفيروس 1665 شخصا بنهاية يوم السبت 16/2/2020، وارتفع عدد الإصابات المؤكدة ليبلغ العدد الإجمالي للمصابين بالفيروس 68500 شخصا حتى الآن.

إن ما يتميز به فيروس كورونا الجديد قدراته الاضافية على إصابة خلايا الكلى والتسبب بالفشل الكلوي فضلا عن إصابة الجهاز التنفسي. وإلى الآن لم يُعرف مصدر هذه السلالة الفيروسية الجديدة، فقد تكون هذه السلالة ناجمة عن طفرة وراثية لسلالة سابقة، أو قد يكون الفيروس أحد فيروسات كورونا التي تصيب الحيوان في الأصل ونتيجة لإصابة الإنسان به أصبح الفيروس تحت ضغط مما أدى إلى تكيّفه وأصبح الفيروس قادرا على إصابة الإنسان، وربما أن الخفافيش هي مصدر الفيروس الأساسي.

لقد تم اتخاذ اجراءات صارمة حتى أن الصين قامت بحرق المتوفين بسبب ذلك الفيروس، ومع هذا أخذ المرض بالانتشار وتوفي أطباء كانوا يقومون بعلاج المرضى المصابين. ونتيجة لهذا المرض أخذت شركات الأدوية العالمية تتسابق مع الزمن من أجل اكتشاف علاج لهذا الفيروس الجديد.
ولأجل الحد من انتشار المرض فقد قام البنك المركزي الصيني بتعقيم العملة الورقية المتداولة وتخزيها لمدة 14 يوما قبل إعادة طرحها للاستخدام مجددا. وقد وصلت حالة الذعر في الصين حتى أن " القطط المُقنَّعة" بدأت تظهر في شورعها.

الخلفية التاريخية:

يعدُّ فيروس كورونا من الفيروسات التي تنتمي إلى أسرة الفيروسات التاجية في عائلة الفيروسات التاجية. وينتمي هذا الفيروس إلى إحدى العوائل الفيروسية الكبيرة المعروفة بتأثيرها على الإنسان والحيوان، وقد تم اكتشاف أول فيروس من هذه العائلة في عام 1960م. وكورونا كلمة لاتينية تعني (التاج)، حيث أن شكل الفيروس يأخذ شكل التاج عند العرض بالمجهر الإلكتروني. ويتراوح طول قطر الفيروس بين 120-160 نانو ميتر، وحجم المادة الوراثية يتراوح بين 27-32 ألف قاعدة نيتروجينية.

حتى بدايات الألفية الثانية كان علماء الفيروسات مدركين وجود فيروسين فقط من هذه العائلة تصيب الإنسان، وفي عام 2003 ظهر فيروس سارس في منطقة هونك كونك وسجل الوباء 8422 حالة إصابة، منها 916 وفاة حول العالم بنسبة وفيات تقترب من ١٠٪ للمصابين. وفي العام 2004 م تم اكتشاف سلالة جديدة، وفي العام 2005 م تم اكتشاف سلالة خامسة.

في سنة ٢٠١٣ تم تشخيص ١٣٩ حالة مؤكدة في العالم توفي منهم ٦٢ وكانت السعودية الأكثر إصابة بالفيروس، وكانت ٨٠٪ من الحالات في السعودية في الذكور، ويعتقد أن نِقاب النساء كان له دور في تقليل معدل الإصابة لأنه يحمي الفم والأنف من انتقال الفيروسات.

لغز موت مُكتشف الفيروس:
لقد استجوبت السلطات الصينية مُكتشف الفيروس الطبيب (لي وين ليانغ) واتهمته بنشر شائعات عبر الإنترنت، وقد توفي بعد ذلك (لي وين ليانغ) الذي حذَّر من انتشار فيروس كورونا الجديد (ووهان) في كانون الأول 2019. وهناك روايات متباينة عن سبب الوفاة، وحسب وسائل الإعلام الحكومية الصينية فإن الوفاة كانت نتيجة إصابته بالفيروس في مدينة ووهان الصينية.

الرقابة:
نؤكد على ضرورة قيام الجهات الحكومية بتعزيز الرقابة على المنتجات الغذائية الطازجة، كالفواكه والخضروات، المستوردة من الصين، وندعو التجار أن يتقوا الله بالمواطنين وعدم إدخال أي مادة للبلد مشكوك فيها. وأذكر في سنة 2015 أصيب ابني الصغير بمرض (أبو صفار) واتصلنا في وقتها بخاله وهو طبيب في أستراليا، فلما سمع بمرض ابني قال: بس لا يكون أكل فراولة؟.. فقلنا له: نعم أكل فراولة.. ولكن كيف عرفت أن أبو صفار منها؟ قال هذه السنة استوردوا في استراليا فراولة من الصين ففحصتها الرقابة فتبين أنها ملوثة بأبو صفار فمنعوها فورا واتلفوها.

وصدق رسول الله عليه صلوات الله وسلامه حين قال: "إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإن كنتم فيها، فلا تخرجوا منها' وقد كان يطبق الحجر الصحي على جميع القادمين من البحر، خاصة من مناطق الأمراض المعدية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

769 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع