سرور ميرزا محمود
((الاعظمية عظيمة بتاريخها ورجالها ومنهم صباح ميرزا محمود))
الاعظمية وما ادراك ما الاعظمية التي لايمكن لاي انسان مهما كانت قدرته على وصفها ورسمها وبيان جمالها فى كل معالمها الاجتماعية والسياسية والادبية والرياضية قد لايكون وفيا لها بذلك الوصف وفى تلك المعانى لانها اكبر واشمل واوسع بكثير مما يتناولونها فانها التاريخ القديم والحديث لمدينة بغدادعاصمة الرشيد..
ونشأ فيها من الاعلام رجال ونساء وشباب وفتيات مالم تجده فى مدن العراق شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ومنها تعلمت المدن الاخرى وارادت ان تكون مثلها فى المكونات والسيرة ولذلك فانها تبقى تحمل تراثها وعظمتها فى حياة العراقيين وهى ليست فقط مدرسة للذين اردوا ان يكتبوا عنها ويتغنوا بها بل هى مدرسة لكل المدارس العراقية فى الخلق والكرم والشجاعة ففى الخلق ترى ان من سكن فيها تعلم من تاريخها معانى الوفاء والصدق والعبادة والشجاعة والاخلاص لكل عمل يناط بها، ففى السياسة كانت النواة لكل ماهو يمت بالعروبة والاسلام وهى فى الادب والشعر والفن كانت مدرسة لهما والحديث عن هذا وذاك يسحبنا الى معالمها السياسية ففيها نشأ رجال الحكم الوطنى من الملكية والى النظام الجمهورى، وفى الاحزاب كانت منارا لكل مجاميع الاحزاب الوطنية وفى الادب والشعر والقانون كانت ملتقى لتلك الالوان وفى بناء الجيش تررع فيها القادة والضباط الذين كان لهم دور الحفاظ على حدود العراق، وفى اجهزة الشرطة كان لها المكانة اللائقة وحدث فلا حرج عن رجال القانون، وفى الرياضة كانت تمثل العراق، فيها اكبر كلية للقانون وفيها اكبر ملعب لكرة القدم الكشافة ..
وفيها اكبر نادى رياضى وهو النادى الملكى وفيها دار للمعلمين التى تخرج منها علماء العراق وفيها اعظم كلية نموذجية وهى كلية بغداد ذات النظام الامريكى فى التدريس وفيها كلية العلوم والأقتصاد والآداب والشريعة،
واخيرا وليس اخرا كان فيها القصر الملكى يطلق عليه قصر شعشوع على جانب نهردجلة الايمن الذى سكن فيه ملك فيصل الاول فى العشرينيات، والبلاط الملكى الذى ادار الدولة العراقية قبل عام1958، وحتى لااكون مزايدا على الغير من الذين يملكون معلومات واسعة عن مدينة الاعظمية فقد اردت من تلك المقدمة ان انتقل الى الحديث عن شخصية معروفة فى مدينة الاعظمية أستجابة لمداخلة من قبل أحد قراء مجلة الگاردينيا التي أنارت الدروب المضيئة للعراقيين من أن يساهموا في رفد مقالاتهم المعبرة التراثية والسياسية والفنية وبذلك أصبحت مجلة يتلق قراؤها موضوعاتها الجميلة بكل شوق وترقب، وأورد نص مداخلته وكما يلي:
(رائع دائما أنت كما عودتنا في كل مواضيعك أستاذ سرور ،، إستعراضك لهذه ألكوكبه من مخلصي ألعراق وألأعظميه ألحبيبه هو أقل وفاء نقدمه لهم ولما قدموه ،، وهنا أحب أتوقف عند سيرة ألشهيد صباح مرزا محمود إنه رحمه الله كان من أكفأ من قاد ألحركه ألرياضيه وخاصه كرة ألقدم ونادي ألشباب وإني مؤمن إن يد ألغدر وألؤم قد إغتالته حيث إني إلتقيته قبل شهر من وفاته في شارع فلسطين جالسا مع مجموعه من ألأصدقاء وأبناء منطقة ١٤ تموز وكان في صحه جيده وفي كامل لياقته ومرحه وإبتسامته ألمعهوده ، فأرجوا من سيادكم تخصيص مقال أو أكثر تستعرض فيها حياته رحمه الله إصافا ووفاءا له ومرجعا تأريخيا لهذه ألشخصيه ألعراقيه ألعامه ويا حبذا لو تذكر لنا سبب موته ألمفاجئ إن أمكن لكم ذلك ،، تحياتي لك وتمنياتي لحظرتكم ألصحه وألتوفيق)، جاء ذلك بعد الأطلاع على مقالتي المعنونة( ذكريات رياضية أصحابها معروفين في العراق والعالم في خلقهم وتربيتهم ومبادئهم الوطنية: الأعظمية وشخصياتها الرياضية ودورهم في الحركة الرياضية، العراقية، العربية والدولية كما عشناها).
ولكى يكون مثلا لصدق مااوصفته عن هذه المدينة وعن تاثيرها فى حياة عموم العراقيين وتلك الشخصية المعروفة فى وسطها اولا ومن ثم فى العراق تباعا واردت بهذا المقال ان انقل عن الخصائص العلمية والتربوية والسياسية والرياضية التى يتمتع بها هذا الرجل الذى كان مثالا للوفاء فى عمله وتربيته
ومكانته التى كان كل عراقى يتمنى ان يكون شبيها لها..
صباح ميرزا محمود نشأ من عائلة مكونة من عشرة افراد خمسة منهم اولاد والخمسة الاخرى اناث، وكان اكبر الاولاد درس الابتدائية فى مدرسة التطبيقات النموذجية وفى متوسطة النعمان وثانوية الاعظمية المسائية الفرع الادبى تخرج منها سنة 1963 وكان ومنذ طفولته ذكيا ونشطا فى اللون الرياضى وكان طموحه حيمنا اجرى معه لقاء معلم مدرسة التطبيقات لنشرها فى نشرة خاصة بالمدرسة لازالت المجلة موجودة لدينا عن طموحه المستقبلى فاجابه بانه يرغب ان يكون ضابط بينما اجاب صديقة هاشم العانى بانه يرغب ان يكون طبيبا وتحقق للاثنان ذلك الطموح ولكن انتماءه المبكر لحزب البعث جعل اهتمامه بنشاط الحزب اكبر من اى شئ اخر عدى الرياضة فكان مولعا بها وخاصة كرة القدم التى تقدم فيها ليصبح ضمن فريق مدينة يغداد مع صديقه عصمة السيد لاعب فريق المصلحة وشقيق المصارع الدولى قاسم السيد وفى عام 1960تم اعتقاله فى مدرسة الخيالة فى منطقة الكسرة لقيادته مظاهرة فى الاعظمية ضد الزعيم عبدالكريم قاسم عندما اقدم الاخير على اعدام ناظم الطبقجلى ورفاقه، وهذا ليس الاعتقال الاول بل الثانى ففى عام 1956 على اثر مشاركته فى مظاهرة فى الاعظمية للتنديد بالعدوان الثلاثى على مصر ولمدة بسيطة، ليكون احدالبعثيين مع القادة الاخرين احد المناضلين الشجعان فى الاعظمية بعد ذلك قدم الى الكلية العسكرية بعد نجاح ثورة رمضان 1963 وتم قبوله فيها ولكن بسبب أحداث تشرين بعد قيام عبد السلام عارف بالتامر على الحزب فى 18 تشرين الثانى عام 1963 لم يتسنى له دخول الكلية العسكرية، وعلى اثر ذلك قدم اوراقه المدرسية وشهادة تخرجه الى كلية اللغات جامعة بغداد قسم اللغة الفرنسية فى نفس السنة، وتخرج من كلية اللغات ( اللغة الفرنسية )، وفى بداية السنة الثانية فى الجامعة تم اعتقاله بتهمة الاشتراك فى تنظيم سرى ممنوع للانقاض على السلطة بقيادة الرئيس احمد حسن البكر وصدام حسين عام 1964فى الخامس من شهر ايلول مع شقيقه فلاح الذى كان يقود الخط الطلابى فى كلية التجارة واستمر الاعتقال مدة ستة اشهر، وفى السنوات التى تلت ذلك برز نشاطه الطلابى وتعرف على المرحوم صدام وتمت اللقاات معه لحين انبثاق ثورة تموز فى عام1968 بقيادة حزب البعث، وفى بدايتها كان احد القادة المعروفين فى تنظيم الاتحاد الوطنى لطلبة العراق ولنشاطه وشجاعته والخصائص الاخرى التى يتمتع بها فضل المرحوم صدام ان يكون بمعيته وسمى مرافقه الاقدم الذى وبوجوده بجانب القائد برزت عنده الخصائص الاخرى اولها الشجاعة الاخلاص والوفاء والامانة فى مسؤولية الكبيرة وهى المحافظة على امن المرحوم وسرية
المعلومات الذى يتطلبه الواجب وتفانيه فى عمله فى ايصال كل المعلومات التى من شانها ان تخدم الحزب ورعايته ومساعدته لكل الناس الذين هم بحاجة للمساعدة ووضع ذلك بالمرتبة الاولى لعمله الى جانب ايجاد الوسائل التى تمكن الناس من حل مشاكلهم الاجتماعية والمالية والوظيفية، هذا الى جانب خدم الرياضة والرياضيين من خلال موقعه الى جانب القائد مفضلا ذلك على نفسه وعائلته واقربائه فكان كل شئ بعد القائد وكان مسؤولا عن طاقم حماية النائب وعن تلبية مطلبات عائلته وكان كتوما الى ابعد الحدود لاسرار العمل وفيا ومخلصا ومدافعا عن حياة القائد التى حاول الكثيرون للنيل منها بصورة او باخرى وخصوصا بعض القادة العسكريين وكان لاينام ليلا وهو بجانب غرفة المرحوم، وله من الصفات التى تجعله ان يوصل المعلومات اليه التى لاتثيره وان تجعله فى حالة متوترة وكان يدفع بالتى هي احسن كى يجعل رئيسه فى وضع نفسى جيد ولم يتناول فى ذلك الوقت الكحول ولكنه كان يدخن باعتدال محافظا على لياقته وصحتة ولم يكن متزوجا فى مراحله الاولى فى عمله مع النائب الى عام 1972 حيث اقترن بزوجته وكانت من نفس محلتنا فى الاعظمية وشقيقة المناضل البعثى المرحوم رعد صبرى وله منها ولدان علي وحسين وثلاثة بنات رنا وسلافة ورغد , لقد كان اخى صباح اقرب الى اصدقائه وهم من عامة الناس من اشقاءه وعائلته وكان يدعوهم الى بيته ليتحدث اليهم عن امور الثورة والحزب وكانت هوايته مساعدة الرياضيين للدراسلت العليا فى المدارس الاوربية وكان يدير العمل الرياضى بصورة غير مباشرة...
واسس عدد من الاندية واخرها نادى الشباب الذى ضم ابطال الرياضة فى مدينة الثورة وجمع الرياضيين من كل الاصناف فى النادى واستثناهم من خدمة العسكرية لكى يحافظوا على بطولاتهم وهيئ الى كل من يريد العمل فى الرياضة, الوظيفة التى تجعله عنصرا نافعا فى مجتمعه الرياضى ومنحهم المبالغ ودور السكن والقبول فى الكليات والمعاهد والبعثات الدراسية ولا يستثنى منهم اى انسان ليس له علاقة بالحزب فكان صديق للكل البعثى وغير البعثى وكان يشاركه فى ذلك صديقه واخيه ناطق شاكر الذى له ايضا دورا فى مساعدة الرياضيين عن طريقه واخيه سعدون عشرات مثلهم , ولكن المرحوم صباح ميرزا محمود كان استثناءا عاش وفيا وامينا لاسرار الرئيس صدام التى حية وتعرض صباح الى نكسات لايعرفها غيره ومات وماتت معه تلك الاسرار كره بجلطة دماغية أصابته بالشلل وبدأ يستعيد قواه وظل فتكللت باصابته وذاكرته وكلامه ثاقباً ..
أقدمت القوات الاميركية بعد الأحتلال اعتقاله وزوجته وأولاده علي وحسين، أطلق سراحه بسبب ما كان يعانيه من الشلل،وأطلق سراح زوجته بعد ستة أشهر، وأطلق سراح حسين بعد أكثر من سنة ، وفارق صباح الحياة في عام 2005 ولازال أبنه علي في الحبس ،ثم أطلق سراح علي بعد ستة أشهر من وفاة أبيه..
هذه لمحة مختصرة عن صباح وقد ذكرني أحد قادة الجيش بأن صباح كان مدرسة في الأخلاق مبيناً بأنه كان يلتقي به في نادي الصيد وكلمة سيدي لا تغيب عن المخاطبة وهم كانوا في الزي المدني بالرغم من مكانته ومنصبه، انهم بالتاكيد ابناء الاعظمية التى لاتنام الا والناس ناموا على خيرها واصولها ومعدنها فهى الحوض التى جمعت الفقيه ابو حنيفة النعمان صاحب المذهب الحنفى والمتصوف بشر الحافى وابطال السياسة والرياضة والشعر والادب والرسم والغناء الفلكلورى ( المقام ) ورؤوساء عشائر العراق اللذين سكنوها لكى يعلموا اولادهم اصولها ناهيك عن رجال الاعمال وكبار التجار، انها المياه الصافية التى يستسقى منها ابنائها لمرور نهر دجلة فيها عاش اهاليها وهم ناذرين الغالى والنفيس فى سبيل ان يكون العراق رائعة مدن العرب وعالم من عوالمها المشرق الذى كان العرب الاخرين يطمحون للوصول ليها، انها منبع لكل ماهو حضارى ولكل ماهو انسانى لايحمل سوى الحب والامل للاخرين وحين اقول ذلك فاننى قد اخترت احد رموزها فى النصف الثانى من القرن الماضى وهم كثر عاشوا فى شوارعها وازقتها وفى مدارسها وكلياتها ولا يزال الكلام الكثير سوى اتحدث به عن اخي صباح لكى يكون ابناء الاعظمية على بينة منها وان يستذكروها دائما لان الايام القادمة لاتبشر بخير نحوها ولان من عاش فى اجوائها قد لايتمكن من العودة اليها او الكتابة عنها ولكننى اقول وبالحاح بان من يملك اية ذكريات عن البطل المرحوم صباح ميرزا ان يسعى الى تدوينها دفاعا عن مدينة العلم والسياسة والدين والشرف والوفاء الاعظمية الغالية، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
584 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع