ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
إحسان شيرزاد ١٩٢٠-٢٠١٥ الاستاذ الدكتور المهندس المعماري والوزير العراقي الكردي الكبير
كم كنت سعيدا ، وأنا أزور أخي وتلميذي الاستاذ الدكتور عبد الفتاح علي البوتاني (رئيس الاكاديمية الكوردية ) في اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق يوم الاثنين الخامس من آب 2019 برفقة اخي وتلميذي الدكتور زهير النحاس .. وسعادتي إزدادت عندما أطلعني على صالة كبيرة تضم مكتبة ، ومقتنيات الاستاذ المهندس والوزير والسياسي العراقي الكوردي الاستاذ الدكتور إحسان شيرزاد .
وهذه المكتبة ، وهذه المقتنيات أهداها (رحمة الله عليه) الى مكتبة الاكاديمية الكوردية . والاستاذ المهندس إحسان شيرزاد تبوأ مناصب وزارية عديدة في الدولة العراقية منها وزارات الأشغال والاسكان والبلديات العامة خلال فترتي رئاستي الفريق عبد الرحمن محمد عارف 1966-1968 و المهيب أحمد حسن البكر 1968-1979 .فبين 10 مايس 1967 الى 10 تموز سنة 1967 تسنم منصب وزير البلديات والاشغال العامة في وزارة الفريق عبد الرحمن محمد عارف . وبين 19 ايلول سنة 1967 الى 22 حزيران سنة 1968 اصبح وزيرا للبلديات والاشغال العامة في وزارة الفريق طاهر يحيى وبين 29 اذار سنة 1970 الى 11 تشرين الثاني سنة 1974 كان وزيرا للبلديات.
ايضا المرحوم الاستاذ احسان شيرزاد شارك في المفاوضات التي جرت بين القيادة الكردية والحكومة المركزية العراقية ببغداد ، والتي تكللت بالنجاح حين تأسس الحكم الذاتي لكردستان العراق في 11 اذار سنة 1970 .
والمرحوم المهندس الاستاذ إحسان شيرزاد ، هو إحسان محمد حمادي لطف الله افندي (1920-2015) ، من مواليد قلعة اربيل. كان والده مختارا لمحلة السراي في القلعة، وبعد إكماله الدراسة الثانوية بأربيل سنة 1942 انتقل إلى بغداد ليدرس الهندسة في كلية الهندسة ببغداد - قسم الهندسة المعمارية والتي تخرج فيها بدرجة امتياز سنة 1946.
حين زرت (متحف وارشيف تربية اربيل ) رأيت صورا له وهو من اوائل خريجي (مدرسة اربيل الاولى ) ..اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في اربيل وسافر الى بغداد ودخل كلية الهندسة ببغداد وتخرج فيها ثم سافر الى الولايات المتحدة فنال شهادة الماجستير في الهندسة المدنية- إنشاءات من جامعة ميشغان سنة 1950. كما حصل على شهادة بكالوريوس قانون من كلية الحقوق بجامعة بغداد سنة 1962، وبامتياز أيضاً. و انتمى للدراسات العليا بدراسة مراسلة من دون اقامة الى كلية الادارة - جامعة كاليفورنيا وحصل على شهادة الدكتوراه سنة 1987.
بعد عودته الى العراق استقر ببغداد وعين مدرسا في كلية الهندسة سنة 1950، ونال الاستاذية سنة 1965 ، وتقاعد وحصل على لقب استاذ متمرس سنة 1988 وله بحوث اكاديمية اصيلة منشورة في مجلات متخصصة محكمة كما ان له مقالات واصدارات اخرى وتربت على يديه اجيال من المهندسين عبر سنوات طويلة .. وكان يعد من ابرز اساتذة الهندسة المعمارية في العراق وله مذكرات بعنوان (معنى أن تكون مثقفا ( .
كما أن له بصمة واضحة في حياة العراق السياسية وقد خدم العراق وخدم شعبه الكردي وكانت له إسهامات في الميادين السياسية والنقابية والاجتماعية وقد رأيت الكثير من اوسمته وتكريماته التي حصل عليها طيلة حياته التي امتدت تسعة عقود ونيف .كما رأيت له صورا مع شخصيات عراقية وعربية وعالمية مهمة لها دورها .
هذا فضلا عن انني رأيت الكثير من المذكرات التي كان يسهم في التوقيع عليها وكلها تدعو الى نيل الكورد حقوقهم كما ترون الى جانب هذا الكلام وهي المذكرة الموقعة في مصيف حاج عمران يوم 24 ايلول سنة 1971 والتي وقعها مع عدد من قادة الحركة الكردية وفي مقدمهم المرحوم الملا مصطفى البارزاني وولديه الاستاذ مسعود والمرحوم الاستاذ ادريس والدكتور محمود عثمان والاستاذ نافذ جلال والاستاذ عزيز شريف والاستاذ دارا توفيق والاستاذ عزيز عقراوي ومحمد محمود عبد الرحمن وصالح اليوسفي.
ومما جاء في المذكرة التي كتبت في حجي عمران يوم 24 ايلول 1971 والموجهة الى الحكومة المركزية ببغداد :" نحن الموقعين ادناه المجتمعين في حجي عمران برئاسة السيد مصطفى البارزاني قد اقلقنا تردي العلائق بين الحركة القومية الكردية والحكومة وخطورة الوضع واقرت المذكرة تحمل الحركة القومية الكردية للسلبيات التي نشأت من جراء حادث بك جفت وملابساته ومنع تكراره واجراء تحقيق مع متسببيه وتوقيفهم وسحب جليل فيلي ورفع يده كليا من مسؤولية لجنة خانقين ومنع كل تجمع او تجول بالسلاح في كافة ارجاء المنطقة ،واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع وشجب مبدأ استعمال القوة الا في حالة الدفاع عن النفس ولايجوز تبرير استعمال القوة والتجنب المطلق لكل احتكاك مع القوات الحكومية المسلحة وفسح المجال للسلطة المركزية للقيام بواجباتها والاحترام المطلق لسيادة القانون ومنع كل تعاون مع ايران في اي مجال كان وتكليف كلا من عزيز شريف وعزيز عقراوي واسماعيل عزيز ورشيد سندي بالعمل على اعادة الاوضاع الطبيعية الى المنطقة واعادة التعاون مع السلطة واختيار لجنة للمتابعة وتنفيذ هذه القرارات من السادة عزيز شريف والدكتور محمود عثمان وعزيز عقراوي وادريس البارزاني ومسعود البارزاني وتجتمع تحت اشراف السيد مصطفى البارزاني لتحديد المسائل الاساسية وينبغي العمل على كشف وازالة جميع السلبيات والعقبات التي تعرقل التعاون على المضي في طريق آذار التاريخي وبالنظر الى النشاط التآمري الذي يهدد استقلال العراق وضد الاستقرار ينبغي التعاون مع السلطة وسائر القوى الوطنية لكشف واحباط كل محاولات التآمر والتخريب " .
رحم الله الاستاذ احسان شيرزاد وجزاه خيرا على ما قدم لقد كان انسانا وطنيا مخلصا لشعبه وللعراق .
614 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع