المعماري / أيوب عيسى أوغنا
خبير ومحكم دولي و خليجي معتمد
مسقط / سلطنة عمان
هوايتي الغوص (سكوبا) وأخطر ما تعرضت له فيها من مخاطر
أخطرها (سكوبا دايفينج) السباحة وركوب البحرمن هواياتي المفضلة , ولكن الغوص Scuba Diving
ونظرا لحصولي على عضوية نادي النفط المخصص لكبار منتسبي شركة نفط عمان , نتيجة قيامي بتصميم عدة أقسام في النادي القديم , تم منحي عضوية شرف , وخاصة وأن العضوية لخارج منتسبي الشركة مقتصرة على رؤساء البعثات الدبلوماسية و الوزراء وكبار رجال الدولة , كان لي الشرف للأستمتاع بجميع الفعاليات الرياضية المتوفرة ومنها الغوص , ونظرا لوجود نادي الغوص على النظام البريطاني المعروف
British Sub Aqua Club , The Governing Body of Underwater Sport in UK.,the World
بحرفيته وتتطلب العضوية فيه الى عدد كبير من المتطلبات و التمارين والأختبارات في المسبح و عرض البحر و بعد أجتيازها يتم تحرير عضوية مبتدأ ( نوفيس ) , يسمح له بالغوص الى أعماق لاتتجاوز 9 متر وبمرافقة عضو محترف ( دايف ليدر) , وبعد عدة أختبارات و عدد معين من عمليات الغوص , يتم أجراء أمتحان تحريري و عمليات تعلم أنقاذ
Novice Diver , Sports Diver , Dive Leader Dive Marshal , etc..
لغريق وسحبه خارج الماء و أعطاؤه الأسعافات الأولية و التنفس عن طريق الفم للفم و الضغط على الصدر لأنعاش القلب , وبعد أتمامها بنجاح , يحصل على عضوية ( سبورت دايفر ) يمكنه الغوص مع غواص آخر بنفس الدرجة , ويختلف هذا النظام عن النظام الأمريكي المعروف ( بادي ) والعضوية فيه سهلة الحصول بعد بعض التمارين و الأختبارات السريعة , يمكن نيلها حتى في نفس اليوم . وتمكنت من نيل العضوية ( سبورت دايفر) والغوص ويحظر الغوص منفردا , وانما دائما يكون للغواص ثنائي يسمى (البودي) وتشمل الأختبارات أيضا على عملية مشاركة لأستعمال جهاز التنفس للآخر في حالات توقف أو أنتهاء الأسطوانة من الهواء المضغوط أثناء عملية الغوص تحت البحر . وعمليات الغوص تتم أيضا في
الليل بأستعمال مصابيح خاصة ( تورج) , وبضؤها تبدو الأحياء البحرية و المرجان بألوانها الزاهية , ويمكن الأقتراب من أنواع السمك حتى بلمسها لأنها تكون نائمة بعيون مفتوحة , ونتيجة لذلك تتحرك بسرعة البرق بعيدا عن الخطر . والأسطوانت تكون مملوؤة بالهواء المضغوط وليس كما يعتقد البعض بأنها أوكسجين , وتتم ملأ الأسطوانات وتجهيزها للأستعمال والتأكد من أمتلاء الأسطوانة بالنسبة المسموح بها بأستعمال الأجهزة التي يحملها الغواص , ويتأكد من نسبة نفاذ الهواء لأكمال عملية الغطس و الخروج الى سطح الماء بالقرب من القارب الخاص للغواصين , وعادة يتم أعطاء أشارة خاصة بنجاح العملية للمراقب في القارب و مساعدته لرفع الأجهزة والأسطوانة قبل أن يتمكن الغواص من الصعود الى القارب بسلام مع رفيقه .
والمطلوب الصعود التدريجي بسرعة فقاعات الهواء , وبالنسبة للحاجة للوقوف في مراحل للتخلص من النيتروجين في الدم حسب العمق الذي نزل فيه الغواصين الأثنين معا وحسب قوائم يتعلمها الغواص , وعادة تكون بالتوقف لعدة دقائق ولسهولة العملية يتم التشبث بحبل المرساة وهذا يجعل خروج الغواص على الجانب المحمي من القارب من الأمواج وحركة البحر , تسمى ديكومبريشن ستوبس , وأقل عمق لايحتاج فيه التوقف هو = 9 متر. وهو العمق المسموح به للغواص المبتدأ ( نوفيس) . والمعروف أن الضغط على جسم الغواص يزداد تحت الماء , أكثر من ما هو على سطح الأرض , فعلى سبيل المثال يكون الضغط الى عمق = 10 متر تحت سطح الماء هو ضعف ضغط الهواء على سطح البحر , وهكذا يزداد بنسب حسب العمق , ويتضرر جسم الغواص أذا لم يكن ضغط الرئتين وباقي الفراغات الهوائية في الجسم معادلا لضغط الماء , ويسمى هذا الضرر بارتروما ( البيندز) , أي الرضح الضغطي أو الكبس . وفي حالة الصعود المفاجيء بدون التوقف لتعديل الضغط على الرئتين ليكون متناسبا مع تناقص ضغط الماء , تؤدي الى حالة خطيرة تسمى الأنصمام الهوائي ( نايتروجين ناركوسيس) حين يتنفس الغواص جزيئات من الهواء تحت الماء أكثر من ما يتنفسه على سطح الأرض , ونظرا لكون الهواء مضغوطا , وحينما يعلوا بصورة سريعة فأن الهواء في الرئتين يتمدد , وتندفع فقاعات الهواء وخاصة النيتروجين الى مجرى الدم ويمكن لهذه الفقاعات أن تسد مجرى الدم وتتسبب في شلل أو موت الغطاس . وتسمى نايتروجين ناركوسيس , ويتوجب نقل الغواص الى داخل حجرة أزالة الضغط مباشرة لمعالجة الحالة الخطيرة . وفي هذة الحجرة يتم يعود الغواص الى الضغط الذي يجعل الفقاعات الهوائية تتكثف بحيث يذوب الغاز في الدم , ويعود المريض الى حالته الطبيعية , وفي بعض الحالات الخطيرة يتعرض جسم الغواص الى ما يسمى بمخدر النايتروجين تسبب فقدان القدرة على التفكير وحالة تشبه السكر وفقدان السيطرة .
Decompression stops, Decompression Sickness ( DCS, Bends) . Nitrogen Narcosis
Pulnorary Embolism ( Rapid Ascend). Decompression Chamber .
ولنرجع الى أخطرالحالات التي كنت فيها داخل هذه الحجرة الكئيبة , وأشكر ربي للنظر أليها وأنا سالم معافى , وأذكر تلك الحادثة بالتفصيل , كنا محظوظين كنادي للغوص بالقرب من عدد من المواقع الرائعة للغوص في مياه صافية و تتكاثر فيها أنواع مختلفة من الجزرالمرجانية و الأحياء البحرية , والأسماك المختلفة , وحتى أسماك القرش بأنواعها ( ولكن ليس الخطير منها المسمى بالقرش الأبيض) , ونظرا لوفرة الأسماك , لم تكن أسماك القرش ومنها الهامر هيد ( ذو رأس المطرقة) , تشكل خطرا على الغواصين , وحتى ألتقينا بحوت ضخم بطول حوالي 15 متر يسمى ( همب باك وايل ) وعادة يقوم بأستعراض خارج الماء وبالرغم من ضخامته يقفز بكامل وزنه خارج الماء .
الى سطح القارب . وبالرجوع الى الحالة الخطيرة التي أودت بي ورفيقي ستيف الى داخل حجرة أزالة الضغط ( دي كومبريشن جامبر) وحدثت في نزولنا الى البحر وبدأ عملية الغوص كالعادة , وكان الموقع يتميز بجمال و كثرة أنواع الكورال والأسماك كما موضح في الصور أعلاه وخاصة وأننا نزلنا الى عمق 25 متر أقصى عمق يسمح به النادي للغواصين , وكان على سفح الجبل , وألتهينا بالنظر و لمس أنواع عديدة التي تتفاعل مع عملية اللمس بحيث تنقبض وتنكمش وتدخل الى حجرها , وعندما نظرت الى جهاز الكشف عن نسبة الهواء في الأسطوانة , لم أصدق عيني بأن العداد أشارالى اللون الأحمر , ولكنني أنتظرت عدة ثواني لأختبر ما سيحدث لي , وكانت النتيجة كوقع الصاعقة بأن نفسي أنقطع وكأنني أختبر حالة وفاتي وأنا حي بكامل قواي العقلية , وأشرت فورا بكف يدي أمام حنجرتي التي هي تدل على أنقطاع الهواء , وقبل أن يستجيب للأنذار سحبت صمام الهواء من وجهه بعنف و ضغطتها على وجهي وبدأت أستنشق ألذ و أحلى هواء في حياتي وأعادني الى الحياة مرة ثانية !!.. وعملية المشاركة في التنفس من نفس الصمام يتم أختبارها في التمارين في التأهيل والحصول على رخصة الغوص , وبدون شك كان رفيقي سيتبادرالى أعطائي الصمام بنفسه بعد أدراك الوضع الخطير, ويتم الصعود كالعادة والغواصين الأثنين ممسكين ببعضهم الآخر وتبادل الصمام والوقوف في المحطات المطلوبة , وأن أنتهاء الهواء في جهازي كان نتيجة أستنشاقي كمية أكبر من الهواء من غواص محترف كستيف , لأن الخبرة و عدد مرات الغوص يجعل الغواص في حالة نفسية مريحة لاتتطلب الكمية الكبيرة لغواص غير محترف ( سبورت دايفر) مثلي .
ولكن نتيجة أندفاعي نحوه بسرعة و أضطرابي لأنقاذ نفسي من الهلاك , تم الكبس على زر زيادة الهواء في سترة النجاة في جهازي , أدى الى صعودنا الى الأعلى بسرعة وأنا لاأزال متمسك به ونحن نرتفع كالباراشوت الى سطح الماء متخطين مراحل الوقوف , ورفيقي مندهش لما يجري ولم تفيد محاولته أخراج الهواء من سترته ليقلل من سرعة الصعود ولم أتمكن من الضغط أنا أيضا على زر أخراج الهواء من سترتي لتفادي الخطأ الفادح الذي سببته في هذا الوضع الخطير لكلينا , ولم تفيد عملية فتح الفم التي يقوم بها الغواص لأخراج الهواء الزائد من الرئتين وتخفيف الضغط عليها في هكذا حالات للصعود المفاجيء , وربما هذا على الأقل كان تفاديا لتمزيق الرئتين من الضغط الزائد و المتزايد عليها نتيجة لذلك .
وتمت العملية بسرعة ربما بضعة دقائق أو أقل , بعدها وجدنا أنفسنا فوق سطح الماء , ورفيقي ستيف بدأ يلوح بيده لطلب النجدة وخاصة وأننا كنا بعيدين عن القارب ولكن أمام مرأى الآخرين و تم بسرعة تحريك القارب بأتجاهنا لأننا لم نتمكن من السباحة , وبعد نزول عدد منهم الى الماء و مساعدتنا للتخلص من أجهزة الغطس و صعودنا الى سطح القارب , وتم التعرف على حالتنا الخطيرة ونحن في حالة ذهول و صدمة كبيرة أفقدتنا الحركة و حتى النطق , ومن حسن الحظ كنا آخر من يقوم بالغوص , بعد الآخرين , ولذا تم الأتصال بالراديو للنادي لحالة أستغاثة و بسرعة تم أيصالنا الى النادي , وكانت سيارة أسعاف تنتظرنا و عدد كبير من رواد النادي والجميع في حالة ترقب وخشية من حالة غرق أو ما شابه . وفي المركز الطبي لشركة نفط عمان , تم وضع أجهزة الأوكسجين على وجوهننا وبدأنا بالشعور ببعض التحسن , ولكن الطبيب طلب طائرة هليوكوبر من شرطة عمان السلطانية لتنقلنا الى القاعدة البحرية في وودام , وهذا تم بحرفية من هؤلاء المختصين وبعد حوالي 20 دقيقة على متن الطائرة تم نقلنا الى مركز العمليات و وتم وضعنا في حجرة معدنية ( دي كومريشن جامبر) و سد الفتحة الشبيهة بفتحات الغواصات , وبعد حوالي ساعتين تم فتح البوابة الحديدية و نحن نتفس الصعداء من رجوعنا الى حالتنا الطبيعية وقوانا الجسمية والعقلية . وخروجنا الى الهواء الطلق ونحن لانصدق بنجاتنا من موت محقق , سواء بالغرق أو أنفجار رئتينا !!..
وبعد عدة أسابيع من مراقبة طبية لعدم وجود أو ظهور أية أعراض غير طبيعية تم أعطاونا الضوء الأخضر وبشهادة صحية , يمكن بعدها مزاولة الغوص مرة ثانية , ولكن حظي لم يكون كحظ صديقي ستيف لأنه بعد أجراء التحقيقات عن الحادث الخطير من قبل اللجنة المكلفة من نادي الغوص , أعترفت بأنني كنت المسبب للحادث لخطأ أرتكبته , وتم منعي من الغوص لمدة ستة أشهر من النادي , وكانت تلك آخر عملية غوص مع النادي , والمرة التالية كانت في سفرتي الأولى الى أستراليا , حيث قمت بالغوص في مدينة كيرن سنة 1980 و المطلة على ما يسمى بالحاجز المرجاني العظيم / جريت باريير ريف المشهور و
City of Kern , Great Barrier Reef , North Australia
الذي يعتبر من أحدى عجائب الدنيا , وولكن في سفرتي الثانية الى أستراليا سنة 2018 مع أبنتي وارينا للألتحاق بجامعة موناش لدراسة الهندسة المعمارية , أخذتها الى مدينة كيرن لرؤية الجزر المرجانية قبل أن تتعرض أكثر للضرر من التلوث و زيادة درجة حرارة البحار, ومع الأسف أصبت بخيبة أمل لأندثار معظم تلك الجزر وقلة الأحياء البحرية التي شاهدتها في المرة الأولى وكانت تشبه غابات كثيفة كغابات أفريقيا !!..
المعماري / أيوب عيسى أوغنا
خبير ومحكم دولي و خليجي معتمد
مسقط / سلطنة عمان
2035 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع