القس لوسيان جميل
كيف نقرأ الكتاب المقدس وسائر الكتابات المقدسة بعلمية
المقدمة:اعزائي القراء ! بهذا اقدم لحضرتكم شبه دراسة فكرية وواضحة ومبسطة يمكن ان تضاف الى دراسات اخرى اكاديمية في مجال الكتاب المقدس.علما بأن ما اقدمه هنا ليس لعامة الناس، بل لأهل الاختصاص من دارسي الكتاب المقدس في المعاهد الاكليريكية، سواء كانوا من حاملي شهادات عليا في مجال الكتاب المقدس،او من الذين بقوا على معلوماتهم الكتابية التي اعطيت لهم في معاهدهم الاكليريكية Séminaires،كما اني اقدم هذه الدراسة لجميع الحاصلين على علوم لاهوتية وكتابية، في المعاهد الاكليريكية او في الجامعات التي تعطي مثل هذه العلوم.
اقسام هذه الدراسة:اما ما اريد ان الفت اليه الانتباه من الآن هو اني سأقسم هذه الدراسة المنهجية العلمية الى قسمين اساسيين هما:قسم القراءة التي تهيمن عليها العقائد المسيحية وقسم القراءة المستندة الى منهجية انثروبولوجية انسانية، وكما سنرى لاحقا، لكي نعمل في النهاية مقارنة بين المنهجيتين من حيث علمية ومنطقية كل من هاتين المنهجيتين والأسس الخاصة بها.
المنهجية الأولى العقائدية والحرفية:ان المنهجية الأولى العقائدية لقراءة الكتاب المقدس هي المنهجية السائدة في الكنيسة حتى يومنا هذا.مع تعديلات طفيفة تحاول عقلنة قراءة الكتب المقدس بشيء من العلمية الظاهرية فقط متجاهلين حقيقة الكتاب المقدس التي تختلف عن منهجيات المعرفة الأخرى في زماننا، ومنذ زمن بعيد. علما بأن سفر التكوين، وما فيه من حيث مبناه الظاهري من اساليب معرفية صادمة وقريبة من الأساطير، صار السبب منذ زمن ليس ببعيد في اعادة النظر في القراءة الحرفية للكتاب المقدس وإحلال القراءة العلمية مكان القراء الحرفية، ولكن مع بعض التحفظ. علما بأن هذا التحفظ كان ولا زال ناتجا عن هيمنة العقائد التي سميت بالإيمانية على اية دراسة للكتاب المقدس، لكي لا تتعارض هذه الدراسة مع العقائد في مبناها وفي معناها الذي لا يختلف عن مبناها الا قليلا. علما بأن التحفظ المذكور لم يأت من منطق العلم، لكنه اتى من منطق مشيئة السلفية الكنسية ورجال دينها الذين كان ولا زالوا متشبثين بالفكر الذي بنوه في القرون الوسطى ضمن الامبراطورية الرومانية المسيحية الثيوقراطية. وإذن، وعلى الرغم من ان الكنيسة كانت قد فتحت المجال امام مفسري الكتاب المقدس لأن يأخذوا بالحسبان ما سمي بالأساليب الانشائية المختلفة Genres littéraire الا انه يبدو ان المساحة العلمية التي سمحت بها الكنيسة كانت ضيقة جدا. وذلك، ونقولها ثانية، بسبب طبيعة المعتقدات التي حسبتها الكنيسة ملهمة من الله مبنى ومعنى. ولهذا منعت الكنيسة اي تقرب واي اجتهاد قي الكتاب المقدس يمكن ان يتعارض مع اية عقيدة.وهكذا بقيت الكنيسة بعيدة عن حقيقة الكتاب المقدس،ولاسيما العهد الجديد، كما بقيت بعيدة بالفعل ذاته عن الايمان الحقيقي الذي بغيابه الطويل حصلت كارثة ايمانية كبيرة في الكنيسة لا زالت قائمة حتى يومنا هذا، هذه الكارثة التي نشعر بها خاصة بعد الاحتلال الأمريكي، وما نجم عنه من تدهور حالة التماسك الايماني، وحتى ألانتمائي بين المكون المسيحي، فأصبحنا بعد الاحتلال نرى اناسا لا يهمهم سوى الحصول على كعكة المحاصصة القومية او الطائفية المزيفة والتي صارت حصة المسيحيين لأقوياء العراق و لسراق حصص الأخرىين. اما وحدة الكنيسة، او الكنائس وخيرها، ووحدة الوطن وخيره، فيبدو انه صارت في خبر كان. ففي الحقيقة ما حصل للمسيحيين، جراء ضعف ايمانهم هو انهم تفرقوا شذر مذر في كل اتجاه، كمسبحة انقطع خيطها وتبددت خرزاتها في كل اتجاه.
القراءة الحرفية للكتاب المقدس:لقد رأينا اعلاه العواقب الوخيمة لضعف ايمان المسيحيين، لكننا هنا نسأل ونقول ترى ما هي الأسباب التي ادت الى ضعف الايمان هذا. اما نحن فنجيب بأن ضعف الايمان عند اية جماعة، ومنها الجماعات المسيحية في كنائس الشرق، وفي كنيسة المشرق التي تضم اغلبية المسيحيين، فيعود الى اسباب كثيرة، سوف لن نتطرق اليها كلها، لكننا نكتفي بالأسباب الحقيقية العامة،وهي ان كنيستنا الملقبة بالكنيسة الكلدانية، وتحت تأثير بعض الأساقفة الذين لم يعودوا عراقيين من زمان بعيد، قبلت الكنيسة الملقبة بالكنيسة الكلدانية ان تتحول الى كنيسة قومية سميت بكنيسة الكلدان وصارت طقوسها طقوسا كلدانية،مقابل الكنائس التي انتحلت القومية الآشورية، والكنائس الأخرى التي انتحلت سياسيا القومية السريانية. اما القومية الآرامية فجاءت على لسان السياسيين بشكل خاص.
نتيجة الاتجاه اعلاه:اما نتيجة هذا الاتجاه الذي فرضه المحتلون على من اراد الاشتراك في سياسة المحتل،فقد تسبب في ان تنحرف اهداف كنائسنا من كنائس تحفظ الارث الانقلابي المسيحي حيا وفاعلا، وكنائس تسعى الى مواكبة التقدم الحضاري، لكي تستطيع ان تتبنى هذا التقدم وتعمل في الوقت نفسه على ادخال الروحية المسيحية على كل المستجدات الحضارية التي تدخل الى المجتمع.لذلك نلاحظ ان هم الكنائس الشرقية الوحيد هو الحفاظ على الصيغ الايمانية والأخلاقية والطقسية التي كانت قد وضعت لأجيال انسانية مسيحية هي غير اجيالنا اليوم ولزمن حضاري ليس زمننا. فصرنا نراوح في مكاننا ونمضغ علكة الآباء التي مضغوها، وان كانت قد صارت علكة ممجوجة.
كما ان الكنيسة السلفية الطائفية، حتى وان هي صارت كنيسة قومية بقدرة قادر، لم تعد تعمل سوى ان تمتص ليمونة معصورة، كان آباؤنا قبلنا قد عصروها ولم تبقى فيها فائدة تذكر، غير التفاخر بطقوس لم نعد نفهم منها شيئا،ليس بسبب لغتها الميتة حسب، ولكن ايضا بكون ان هذه الطقوس لم تعد تستجيب الى حاجاتنا الأساسية المسيحية في مغادرة الحضارة القديمة ورموزها، والانتقال الى الحضارة الجديدة، التي تتطلب ان نتجاوز كل السلبيات الحضارية التي مر بها اسلافنا وعاشوا بموجبها، ومنها ان رجال الكنيسة تحولوا الى سلاطين من حيث عقليتهم المستبدة ومن حيث الأساليب القسرية المبنية على الثواب والعقاب، والتي تستخدمها السلفية الكنسية لبسط سيطرتها على المؤمنين، او بالأحرى على المنتمين وإدامتها. هذا فضلا عن تعكز السلفية بعكاز الالوهية التي تدعي انها القيمة عليها، و الاتشاح بوشاح الروحانية الالهية وما يقابلها من احاطة اسرارنا بأبهة وأنوار يحسبها البعض ممثلة للأبهة الالهية، كما ان رجال الكنيسة الكبار يجللون انفسهم بوشاح كنسي رهيب، ويضعون على رؤسهم تيجانا يريدوننا ان نحسب انها تيجان ترمز الى خدمتهم الالهية، بينما هي لا ترمز سوى الى السلطة الإمبراطورية التي لم يكن يسوع المصلوب والمحكوم بالإعدام هو الذي اعطاها لهم، لكن من اعطاها لهم كان قسطنطين الملك وخلفاؤه.وهكذا الصولجان ايضا. اما الصليب الذي يهزونهم بيدهم من حين الى آخر، بمناسبة ومن دون مناسبة،على اساس هم يباركون الشعب به، لكن بالحقيقة ان هذا الصليب الذي يضعونه على صدورهم ويباركون به المؤمنين، ليس غير مخدر لهؤلاء المسيحيين،الذين لا يمكن ان يفهموا من الصليب المستخدم اثاء الاحتفال بالطقوس الدينية غير انه يعطي البركة والحماية للمؤمنين،ولا احد منهم يفهم ان هذا الصليب قد حمله يسوع ومات مصلوبا عليه لأنه فضح زيف رجال الدين اولئك وعرى ضعف الأمة التي لم يكن قد بقي فيها شيء يدل على انها امة الله، كما كانوا يدعون.
اما اذا تعمقنا في سبب تعطل تراثنا الذي ابقيناه على حالته منذ القرن العاشر تقريبا وحتى اليوم، بحجة انه تراث الهي وقومي لا يجوز ان يمسه اصلاح او تطوير، ولا يجوز ادخال اي تأويل حضاري او تأوين عليه من اجل مراعاة الحالة العلمية التي تسود مجتمع البشر في الوقت الراهن، بحجة تافهة هي عدم تشكيك الناس او العوام او الضعفاء، في حين ان السلفية لا تبالي بتشكيك العلماء والمتنورين حضاريا وعلميا. علما ان التأويل يعني التحول من المعنى الظاهري القصصي شبه الاسطوري الى معنى النصوص الباطني،والانتقال مما يسمى ايضا المبنى الظاهري الى المعنى الداخلي للنص الكتابي. بالفرنسية يقال Interprétation اما تأوين النص فيعني الانتباه الى الزمن الحضاري الذي كتب فيه النص الكتابي من اجل قراءة هذا النص قراءة تتلاءم من الزمن الحضاري الذي يكون القارئ فيه، حيث ان اية قراءة لا تأخذ الزمن الجديد بالحسبان تسمى قراءة مفارقة للزمن Anachronique وتسمى اية مفارقة زمنية Anachronisme
2- منهجيتنا المعاصرة:اما نحن المعاصرين الذين يعرفون ان حياتهم الحضارية، وبالتالي حياتهم الايمانية هي في مسيرة دائمة نحو التغيير الحضاري والإيماني، انما نتبع منهجية غير سلفية وغير عقائدية وغير جامدة، لكي نستطيع من خلالها ان نقرأ كتاباتنا المقدسة بكفاءة. وعلى الوجه التالي:
أ- القراءة الأنثروبولوجية:وهنا بدءا نسأل ونقول: ترى ما هي القراءة الأنثروبولوجية، ونجيب: ان القراءة الأنثروبولوجية هي القراءة التي لا تتجاوز حدود معرفتنا الانسانية كبشر.ولذلك تتطلب القراءة الأنثروبولوجية منا ان نسعى الى تجنب اي نص قصصي او غيبي او من حضارة لم تعد حضارتنا،وتبني قراءة علمية انثروبولوجية لا تتجاوز مداركنا الانسانية، وعليه يكون يكون المطلوب منا ان نرفض وجود كتاب مقدس يقال لنا انه كتاب الاله السماوي، سواء كان هو العهد القديم ام العهد الجديد، وسائر الكتابات المقدسة الأخرى مثل العقائد.وعليه يكون علينا قراءة اي نص مقدس قراءة تأويلية تميز بين ظاهر النص ومعانيه الخفية الباطنية.
ب - قراءة منهجية علمية:من المعروف ان قراءة الكتب المقدسة والكتابات الأخرى ذوات الصبغة المقدسة كانت الى وقت قريب قراءة تقليدية وكأنها تاريخ حقيقي واقعي، وذلك عند مفسري الكتاب المقدس وعند اللاهوتيين، كما كان الحال مع مفسري الكتاب المقدس ولاهوتيي العهد القديم، مع فارق في المادة الايمانية القدسية وطبيعتها الجديدة.اما اليوم، ومن زمن لا بأس به،وحتى قبل انعقاد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بمدة لا بأس بها، نرى كيف غلبت الحضارة العلمية على حضارة الجهل، كما نرى ايضا ان الرؤيا العلمية للأمور لم تعد تنحصر ببعض العلماء، لكنها صارت شائعة بين الجماهير في الغرب والشرق معا.
المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني: غير اننا نلاحظ ان التغيير العلمي والحضاري جلب معه مآسي وويلات كثيرة، ومنها الحربان العالميتان:الأولى والثانية وانسلاخ شرائح كبيرة من العمال والمثقفين والعلماء عن كنيسة يسوع مبتعدين عن الايمان والممارسات الدينية،الأمر الذي جعل البابا النبوي يوحنا 23 يقرر عقد مجمع مسكوني يهدف الى حث الكنيسة على مواكبة ما يجري من تغيير وتطور على صعيد الفكر والأخلاق والمعرفة العلمية، دون ان يمس المجمع العقائد الايمانية الا بشكل غير مباشر، العمل الذي بدأ به المثقفون المسيحيون واللاهوتيون الذين كانوا متضايقين من جمود كنيسة ما قبل المجمع.وهكذا دخل التحليل العلمي الى الفكر الكنسي، وحدثت في الكنيسة، ولاسيما لدى العلمانيين المؤمنين، تغييرات عديدة على مستوى الفكر اللاهوتي وعلى مستوى الطقوس الدينية، وخاصة على مستوى الأسرار المقدسة، ومنها سر القربان الذي يحتفل به في القداس الذي حدثت فيه اصلاحات جذرية كثيرة. كما حدثت تغييرات عديدة وعميقة في مجال الاكليروس. علما انه لولا الردة الكنسية منذ ايام يوبيل نهاية اللألف الثاني لميلاد يسوع، لكانت الكنيسة قد واصلت مسيرتها نحو مزيد من العلمية في لاهوتها وقراءتها لكتبها المقدسة.
ج- قراءة تاريخية حضارية:القراءة التاريخية الحضارية تعني ان نأخذ بالحسبان مسيرة التاريخ الحضاري لنستطيع فهم كتابات كتبنا المقدسة وكتابات آباء الكنيسة الأقدمين وما يسمى بتعليم الكنيسة.اما اذا لم نأخذ بالحسبان هذا التاريخ فإننا لن نفهم شيئا من حقيقة كتاباتنا المقدسة، لا بل سنحول هذه الكتابات الى اساطير، بكوننا قرأنا الشكل الخارجي دون المضمون.فالتاريخ الحضاري يقول لنا ان ايمان البشر يتبع حضارتهم وزمنها وصورة الهها ورموزها.وهكذا فحضارة الانسان البدائي كانت خاصة بالإنسان البدائي وبآلهته وبرموزه الأخرى الوثنية. اما الحضارة التي تلتها تاريخيا فهي حضارة الأمة الدينية الواحدة وحضارة الاله الواحد الذي يُعد اله تلك الأمة الثيوقراطية.اما بعد ذلك فتأتينا الحضارة المسيحية التي هي حضارة الاله الواحد ايضا، لكن صفات هذا الاله لم تعد صفات تحصر الاله بأمة واحدة،وانما يكون الاله اله جميع البشر واله جميع الشعوب والأمم، لكي يستطيع ان يعطي الكرامة لكل هؤلاء البشر المذكورين دون تمييز بين انسان وإنسان. ولذلك ارتدى الاله في المسيحية صفة الأب الذي يساوي بين جميع ابنائه البشر. فهل فهمنا ماذا يعني اخذ التاريخ الحضاري بالحسبان للوصول الى الفهم الصحيح للكتاب المقدس؟
د- قراءة بنيوية: ان اسهل مثل لفهم البنيوية في نظري هو مثل الكلمة. ففي الكلمة نجد مبنى الكلمة نفسها وظاهرها المرئي والمسموع والمكتوب، كما نجد فيها معنى الكلمة، سواء كان ماهية او جوهرا او كان شعورا انسانيا، كما يحدث عندما نلفظ كلمة الوردة مثلا، حيث ينحصر المبنى بصوت الكلمة او برؤية الحروف التي ترمز الى الكلمة، في حين يدل المعنى على جمالية الوردة وطيب رائحتها. وعليه فان مثل الكلمة يسري على كل الكلمات التي نقرؤها او نسمعها. كما يسرى على النصوص المكتوبة، ومنها نصوص الأسفار المقدسة وكتابات الآباء التي تحتاج الى ان نغادر ظاهرها ونلج الى معانيها الداخلية المستترة، الأمر الذي يتطلب مجهودا في تقصي وتعقب حقيقة الأسفار المقدسة وحقيقة مفرداتها. كما يقتضي، من الكنيسة خاصة، دراسة معمقة وغير ارتجالية لهذه الأمور لكي تستطيع ان تقضي على الاشِكال الناجم عن الفهم الحرفي للعقائد.
ه- قراءة جدلية: قال الفيلسوف اليوناني القديم هيروقليطس ان الوجود في حركة مستمرة ويجب ان نفهمه وهو متحرك. ثم قال مثله المشهور بأننا لا نسبح في عين ماء النهر مرتين. اما ارسطو فيتكلم عن المادة الثابتة والتي تحمل صورة معينة، حيث ان هذه الصورة تبقى في مادتها حتى تأتي صورة جديدة افضل منها فتزيحها وتأخذ مكانها.وهذا هو ما يسميه ارسطو الصيرورة Le devenir،هذه الصيرورة التي تعطي للمادة ماهيتها الجديدة والتي تجعل من المادة والصورة الجديدة جوهرا جديدا.اما السيرورة فهي نوع من تحرك المادة نفسها، ليس فقط من مكان الى آخر ولكن ايضا من حالة عرضية الى اخرى، بدون ان يحدث عليها تغيير ماهوي- جوهري.فالصيرورة اذن و السيرورة يحدثان كليهما في عالمنا الانساني حسب، حيث لا نستطيع مثلا ان نتكلم عن الصيرورة بشأن يسوع العقيدة التي تقول فيه ان شخصه الالهي يجمع طبيعتين مختلفتين هما الطبيعة البشرية والطبيعة الالهية. مما يعني اننا لا نستطيع ان نتكلم عن طبيعة يسوع بحسب ظاهر نص البشارة في انجيل لوقا.غير اننا هنا فقط نريد ان نلفت نظر القراء الى ان مسيرة التاريخ والصيرورة الجدلية (الديالكتيكية) لا تتوقف مع صورة الاله الأب لجميع البشر،ولا مع يسوع الذي بأعماله الانسانية الثورية جسد البنوة الرمزية لله قصار يسوع وظيفة وخدمة تسمح لكل مؤمن ان يسمي نفسه ابنا لله على غرار ما كان يسوع بالحق والحقيقة، وليس كما جعلت منه الكنيسة والعقيدة القصصية ابنا لله بالطبيعة الالهية.اما خدمة يسوع لإخوته البشر فلم تتحقق دفعة واحدة، بل جاءت مرحلة بعد مرحلة، حيث كان على المؤمنين الحقيقيين ان يكتشفوا في كل مرحلة من مراحل ما بعد الثورة الفرنسية احد اوجه يسوع المحررة للمسيحي من الثيوقراطية المسيحية الإقطاعية ومن فكرها ورموزها وطقوسها وأخلاقها ايضا. ولذلك نقول ان كل مرحلة كان من شأنها ان تقضم شيئا من السلفية الثيوقراطية وتتقدم مرحلة في درجة البنوية الالهية التي ترضي انساننا في اعماق نفسه المجذوبة بالمقدس الذي يسكن باطن نفس الانسان، بمقدار ما يفسح له المجال بذلك. فالقراءة الصحيحة للكتب المقدسة هي التي توصل الى الفهم الصحيح لكتبنا المقدسة وحتى للعقائد الايمانية.
2019
3233 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع