الدكتور مهند العزاوي*
مفهوم وخصائص السياسة العامة الحكومية
القاعدة الذهبية أننا كلما ازددنا إمعانا في الماضي والحاضر ازددنا بصيرة بالمستقبل
تعتبر السياسات العامة للحكومات بأنها مجموعة من النشاطات (القوانين، اللوائح، المراسيم، الخطط، الأفعال، والسلوك) التي تختارها من خلال إدارتها للمجتمعات. تعد الحكومات بصفة عامة نشطة في بلورة وصناعة وتطوير السياسات العامة فكل سنة تصدر العديد من اللوائح والقوانين والمراسيم عن السلطات التنفيذية بالتنسيق مع السلطات التشريعية، تعقبها بعد ذلك مجموعة من التعليمات والإجراءات المفسرة والموضحة من قبل الإدارات التنفيذية
وإن موضوع السياسات العامة، يشكل مطلب ينبغي فهمه و استيعابه بشكل جيد ضمن الواقع المعاصر، لأنه يؤدي بنا إلي معرفة الأدوار الرسمية و الغير الرسمية في عملية رسم السياسات، ويعيننا على القيام بالواجبات وتحقيق الأهداف ، لأن السياسة العامة تمثل الدائرة المركزية التي تهم المواطن من النظام المجتمع (صحة، إسكان، تعليم، غذاء، طرقات، مواصلات، أمن، رفاه اقتصادي و اجتماعي...). وبما أن الحكومات تمتلك السلطة على مجموع أفراد المجتمع ومخولة عنهم، لذلك فإنها تضع السياسات العامة التي تتناول أفعالها وتصرفاتها ودوافعها، ولا تشمل السياسات العامة أفعال الحكومات فحسب بل تشمل امتناعها عن فعل أشياء في حالات معينة.
وتعرف السياسات العامة بأنها تلك (النشاطات الحكومية أو القرارات اللازمة لتنفيذ البرامج التي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، اقتصادية و اجتماعية، وتوضع السياسات الحكومية عادة باسم الجمهور، وتبادر بها الحكومات، ويحاول كل من القطاعين الخاص والعام فهمها، وتشير إلى ما تنوي الحكومة فعله أو الامتناع عن فعله)
و يشمل تحليل السياسات العامة مجموعة مرتكزات أساسية متجددة : التدخلات الجماعية المنتجة لوسائل حقيقية موجهة للقطاعات المختلفة، طرق واليات الحكومة في تدخلاتها العمومية، المعلومات المطلوبة والخطوات المنهجية في صنع السياسات العامة، مخرجات هذه السياسات وتقييمها ومتابعتها.
مفهوم السياسة العامة
تعرفُ السياسةُ العامة في اللغةِ الإنجليزيّة بِمُصطلح (Public policy)، وهي عبارةٌ عن نظامٍ معينٍ تسعى الحكومة المحليّة في الدولة إلى تطبيقها، والتحقق من التزامِ الجميع فيه سواءً أكانوا أفراداً أم مؤسسات، وأيضاً تُعرفُ السياسةُ العامة بأنها برنامجُ عملٍ حكوميّ يحتوي على مجموعةٍ من القواعد، والتي تلتزمُ الحكومة بتطبيقها في المجتمع، ومن التعريفات الأخرى للسياسة العامة: هي مجموعةٌ من الاتجاهات الفكريّة التي تسعى الحكومة إلى تنفيذِ الهدف الخاصة بها، من خلال الاعتماد على مجموعةٍ من الوسائل والأدوات، وقد تشملُ السياسةُ العامة تقديم مجموعةٍ من الفوائد العامة، مثل: توفير طُرق نقل مناسبة مما يساهمُ في تقديمِ العديد من الخدمات للمجتمع.
وعرف(جيمس أندرسن)السياسة العامة بأنها:(برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع)، كما عرفها(ديفيد أستن) بأنها:(توزيع القيم في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة, من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعة لتلك القيم في إطار عملية تفاعلية بين المدخلات والمخرجات والتغذية العكسية) ،كما يرى(جابرييل ألموند) بأن السياسة العامة تمثل:(محصلة عملية منتظمة عن تفاعل المدخلات - مطالب + دعم - مع المخرجات - قرارات وسياسات... - للتعبير عن أداء النظام السياسي في قدراته الاستخراجية والتنظيمية, التوزيعية الرمزية)،لذا فأن صنع السياسة العامة تتضمن العديد من المتغيرات من توفير الموارد والإجراءات التي تقوم بها مؤسسات وأشخاص كل حسب موقعه في النظام السياسي ككل, ويجري بالتفاعل مع الظروف البيئية كالثقافة السياسية والظروف الاجتماعية والاقتصادية, والمؤثرات الرسمية وغير الرسمية التي تؤثر في هذه العملية.
اذن السياسة العامة محصلة عملية منتظمة يتفاعل بها عدة عناصر كالمدخلات او المرتكزات والمطالب الضرورية التي تراها الدولة من خلال التوجه الاستراتيجي فضلا عن توفير الدعم والموارد والميزانية والقرارات الحاكمة لتنفيذ تلك سياسات، فالسياسات هي الوسيلة التي يتم بواسطتها تحقيق الأهداف والغايات التي تم تبنيها في الخطط الاستراتيجية، وادارة الأداء هي الطريقة التي يتم بواسطتها مراقبة وتقييم تنفيذ السياسات، ومن ثم انعكاس ذلك التقييم في التخطيط الاستراتيجي وبالتالي في صياغة سياسة أخرى
لماذا نحتاج إلى سياسة؟
يمكن القول إن التخطيط الاستراتيجي إذا أُنجز بشكل شامل يعتبر كافيا بالنسبة لحكومة لبلوغً غاياتها وأهدافها، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ. ببساطة، لا يمكن من الناحية العملية تطوير جميع السياسات الضرورية لتنفيذ الخطة الاستراتيجية كجزء من عملية التخطيط السنوي، فالسياسات بحاجة إلى أن يتم تطويرها والتشاور بشأنها وتنفيذها وتعديلها ضمن عملية مستمرة، وليس فقط ضمن دورة التخطيط السنوي. وقد تكون هناك حاجة إلى تطوير سياسات جديدة للتكيف مع عدد من العوامل المختلفة، مثل: رؤية الدولة، مبادرة من المجلس التنفيذي، مطلب مجتمعي، الخطة الاستراتيجية، متطلبات فدرالية، أحكام قانونية، ضغوط من العامة أو المتعاملين، مبادرة دولية، الحاجة لسياسة جديدة، أحداث خارجية أو بيئة متغيرة، كالتقدم التقني والتكنلوجي، التكيف مع تغيرات في سياسات دوائر أخرى، ضغوط الموازنة المالية
خصائص السياسة العامة
تحقيق المصلحة الوطنية؛ إذ تسعى السياسةُ العامة إلى ضمانِ تحقيق مصالح المواطنين بما يتناسبُ مع حاجاتهم، ويحافظُ على حقوقهم، لذلك لا تقتصرُ السياسةُ العامة على فئةٍ معينةٍ من الأفراد، بل تشملُ كافة فئات المجتمع.
تعتمدُ السياسةُ العامة على مجموعةٍ من الإجراءات المدروسة، والتي تساهمُ في تنفيذِ كافةِ الأهداف الخاصة بها.
تستخدمُ السياسةُ العامة مجموعةً من الموارد البشريّة، والطبيعيّة، والصناعيّة، والتي تساعدُ على ضمانِ الوصولِ إلى النتائج المطلوبة بنجاح.
تهتمُ السياسةُ العامة في الجمعِ بين كافة المؤسسات الحكوميّة، وتكليفُ كلٍ منها بمجموعةٍ من المهام والوظائف، التي تساعدُ على تطبيق السياسة العامة بنجاح.
كلٌ هدفٍ من أهداف السياسة العامة يعتمدُ على مجموعةٍ من المعايير، والتي تقدمُ الأدوات المناسبة لتحقيق الأهداف بطريقةٍ صحيحة.
ملزمة للجميع بصرف النظر عن مشاركتهم فيها أم لا
عملية معقدة للغاية وهادفة ومقصودة
تنتج مخرجات ذات طبيعة عملية ولها آثار مستقبلية فهي تهتم بوضع توجهات لفترات مقبلة
تتضمن أفضل استخدام أو توظيف ممكن للإمكانيات المتاحة أو الموارد المتاحة
تحتل عملية صنع القرار أهمية متزايدة في العلوم الاجتماعية والإنسانية خصوصا في مجالات السياسة والإدارة الحكومية ويهتم علماء السياسة والإجماع خاصة في الدول المتقدمة بصورة خاصة بنماذج ومداخل ومفاهيم لغرض صنع وتنفيذ القرارات في مؤسساتها المختلفة ويحاولون التوصل إلى طرق ومبادئ عملية يستخدمها الإداريون، وصانعوا السياسة لمواجهة المشاكل والمواقف التي تتطلب إتخاذ قرار معين، ونتيجة للتقدم الملحوظ الذي أحرزته العلوم السلوكية ، التي أثرت حقل العلوم السياسية بجملة من الاختيارات لدراسة القرارات وسلوك الهيئات والمؤسسات الحكومية، وسياستها المختلفة على أساس كونها مجموعة قرارات يساهم في صنعها مجموعة من الجهات الرسمية والغير رسمية، ويعد رسم السياسات واعداد البرامج الحكومية مقرون، بالتطبيق الناجح والإجراءات التنفيذية لكي يواكب العملية المعقدة في الاعداد والصياغة وتحقيق النتائج المرجوة التي تحقق تقدم للمجتمع والدولة معا.
*رئيس مركز صقر للدراسات والبحوث الاستراتيجية – خبير استراتيجي
671 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع