عبدالله عباس
العراق والارضية المعقدة امام بناء الديمقـــراطية (2– 4 )
منذ 1964 وانا امارس العمل الصحفي وكمراقب للوضع السياسي في العراق ‘الصورة التي تكونت لدي لتقييم نشاطات الاحزاب العراقية ‘ الصورة تقول ان نسبة كبيره من ( الاشراقات ظاهرة في شعاراتهم ) ليس الا ادعاء وان تلك الاحزاب تقودها قيادات تنطق بروح العصر و في عقلهم جذور الانتماء للطائفة و العشيرة وحتى في المدن الانتماء للمحلة له اولوية في بناء حسابات المستقبل ‘ وان حصاد نضال تلك الاحزاب بيمينهم ويسارهم هي تضحية بـ( أولاد الخائبة – كما يقول البسطاء العراقيين ) .
اما عند التصفح بالصفحات التي تتعلق بالعمل لبناء اسس المجتمع الواعي بمستوى متطلبات العصر وتطوراته يبعد المجتمع من كل ظواهر التخلف ( جزئيات من العناوين الانتماء : العشيرة و الطائفة والمنطقة .....الخ ) تمهيدا لوضع نهج يصل بالمجتمع رغم تنوعاته الى الوعي ‘يقف موقف الجماعي المتساوي في الانتماء للوطن و الدولة التي ترعى الوطن والناس ويكون الفرد في الوطن ضامن حريته الفردية دون ان يدفع الى ظاهرة يشعرالفرد الاخر (المتمسك بجزئيات الانتماء ) ان حرية المواطن المقابل له تم اكتسابه على حسابة ‘ العراق من اوائل دول المنطقة التي ظهرت فيها الاتجاه اليسار ‘ عندما تقراء تضحيات وشجاعة الشباب اليسار في العراق وتقارنه بماحصل لليسار ( فكر وحاملي الفكر و المكاسب كان المفروض ان يحصل علية اصحاب الافكار ) علية تصاب بخيبة امل ‘ وبالمقابل عندما تتفحص ختام نضال قادتهم ( عدا الرعيل الاول من مؤسسي الاتجاه اليسار المنظم ) يزيد خيبة الامل ‘ فقط في العراق حصل تحريف علني وعلى رؤس الاشهاد ‘ خط اليسار وافق ان يكون تابع لاتجاهات قومية متطرفة ويقبل ان يقوده ‘ واثناء فك الارتباط نشاز ذلك ‘ لم يختار اليسار العراقي المنظم تصحيح الاخطاء بل لجئوا الى حضن الجبهة التي صنعتة الامبريالية العالمية جمع فيها خليط غريب من اقصى اتجاه تطرف ديني وقومي وليبرالي مخلص للغرب الامبريالي وكان واضح امامهم الهدف من هذا الخليط الغريب ليس اسقاط الحكم في بلدهم ‘ بل اسقاط وطنهم وارادتهم الوطنية واسس دولتهم ‘ بذلك شاركوا مشاركة فعلية في العمل ‘ عند دراسته الان وفي المستقبل كحدث تاريخي لا ترى فيه اي تبرير يبرئهم عن كل مايحصل منذ 9 نيسان 2003 في العراق من الفساد والقتال و اضعاف الارادة الوطنية و وحدة شعبه حيث شاركوا عمليا في : وضع الدستور الملئ بالالغام و شاركوا في وضع كل القوانين العرجاء الذي يؤدي يوميا الى خراب العراق ‘ وهم لايزال مشاركين في هذه اللعبة مخادعين انفسهم و الناس على اساس سيكون لهم شأن في بناء الديمقراطية عن طريق صناديق الاقتراع .
اننا عندما نختار اتجاه اليسار كدليل واضح على فشل اكثرية الاحزاب العراقية اتجاه اليسار في العراق كان معروفا تاريخيا في طليعة اتجاهات مهتمة بتوعية القاعدة الشعبية ‘ ولكن مع الاسف ان هذا الاتجاه ومنذ وقوعهم اختيارا منهم في اخطائهم الكبيره بعد انقلاب 14 تموز 1980 اصبح قادة هذا الاتجاه مهتمين بالوصول الى مراكز الحكم اكثر من اهتمامهم بالقاعدة الشعبية .
عندما نطالع تاريخ الاحزاب المعروفة على الساحة العراقية بكافة اتجاهاتهم الليبرالية و اليساريه و اليمينيه والقوميه ...لاترى وثيقة تتحدث عن حصول تغيير المسؤول الاول فيهم عن طريق الاختيار من القاعدة ‘ واذا حصل هذا التغير كان يحصل عن طريق الانشقاقات او الانقلابات الدموية احيانا ( كما حصل في الحزب الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني والبعث )
على الجيل العراقي الجديد الذي رأى على اقل تقدير ماحدث ويحدث بعد 9 نيسان 2003 ‘ اذا يرى امامه المجال للتوجة نحو تحقيق مايسمعه عن الانفتاح الفكري وتجاوز التخلف ورواسب الماضي عن طريق احترام مبدأ الرأي والرأي الاخر و الابتعاد بالوعي العصري والانساني عن العنف ‘ وان لاتاخذهم فقط الالوان الزاهية في مايروج له الغرب الذي اسقط كل تاريخ بلدهم عندما سلموا كل شيء بيد من فتح لهم باب وطنهم تحت عنوان ( منظمات المجتمع المدني ) اذا لم تكون هذه المنظمات نابعه من داخل أرادتهم الوطنية .
• الاحزاب المتواجدة الان وقصر
النظر ادعاء للتغيير الجذري ..
يصاب الانسان بحيره عندما يسمع او يطلع على الشعارات البراقة والاقوال المنمقه حول العمل الجاري من اجل البدأ بتاسيس قاعدة ديمقراطية في العراق الموحد المتعدد الذي يضمن للجميع حرية العمل والاختيار الفكري والانتماء المرتبط بوحدة الارادة الوطنيه ‘ ونقارن ما يدعي مع تصرفات الاحزاب الموجودة على الساحة ومشاركة في مايسمى بـ( العملية السياسية ) ورغم ان جميعهم يدعي رفض الطائفية و العنصرية و المناطقية ‘ ولكن واقع تكوينهم ومواقفهم العملية تؤكد التناقض مع يدعونه .
ولابد ان المواطن العراقي يعرف ان اكثرية تلك الاحزاب المشاركة في العملية ( عدا الاحزاب الكردستانية والحزب الشيوعي العراقي ) ظهروا في الساحه كافرازات اولا لاخطاء النظام بعد التغيير الذي حصل في البلد بعد عام 1968 و بعضهم تم صناعتهم في الخارج و ليس لقياداتهم اي تاريخ ممكن ان يحسب لهم اي حساب ضمن تقييم الحركة الوطنية العراقية من بينهم مهما يدعي الانتماء الوطني فان الشخصيات الذين يقودهم واسماء تنظيماتهم تؤكد تمسكهم بالطائفية قبل الادعاء بالانتماء بالوطنية العراقية تاريخا و الانتماء الوطني لوحدة شعبه بل هم فرضوا انفسهم على المحتل الامريكي علنا ان يتعامل معهم على هذا الاساس من بعد 9 نيسان 2003 .
لنضع النقاط على الحروف في هذا البحث دون اللجوء الى التلاعب بالكلمات لتسمية الاشياء باسماءها ‘ لابد من العوده قليلا الى الوراء للتذكير بالخطوات الاولى لتاسيس القانوني والدستوري الذي ادى الى ظهور العراق الجديد تم على بقايا عراق التاريخ الذي كان ساحة للصراع الفارسي والعثماني و بعد ذلك ونتيجة لتامر التحالف ضد التعاون العربي مع الحلفاء لاسقاط العثمانيين تحت عنوان ( الثورة العربية ) حيث بدل الوفاء بوعدهم لتاسيس ارادة عربية موحدة ‘ نفذوا عهد سايكسبيكو كان احد افرازاتها عراق اخر غير عراق التاريخ ( بعكس اصحاب الادعاء انه ماكان هناك شيء في التاريخ كان اسمه العراق ) ‘ من المعروف عندما تم تاسيس هذه الدولة الجديدة ‘ لم يكن وضع سكانها كحال شبه الجزيرة العربيه التي قسمت ايضا لدويلات وامارت حيث ان سكان تلك الاراضي كلها من العرب والمسلمين ‘ بعكس دولة العراق التي لحقت بها جزء من ارض ووطن لشعب اخر غير العرب وهي كوردستان وطن الشعب الكردي الذي تجزأت من قبل الحلفاء كحال الامة العربية .
هدفنا للتذكير بهذا التاريخ هو اشارة الى ان العراق الجديد وخلال اثنا عشر عام الذي حكم فيها الراحل الملك فيصل الاول ‘ تم خلالها وبذكاء و دقة تاسيس الكثير من الركائز لدولة عصرية يضمن وحدة الارادة الوطنية وبالتالي العمل باتجاه ظهور وحدة المصير الاختياري بين كل الطوائف و الاعراق داخل حدودها المعترف بها دوليا كان من الممكن ان يكون انطلاقة لتاسيس العراق الديمقراطي ‘ حيث كتب الملك فيصل الاول عام 1933 رسالته التاريخية التي يعترف فيها ان الناس الذين يعيشون ضمن حدود العراق الحديث ليسوا اناس متجانسين خالي من العقد و يعترف بجرئه ان الشعب الذي يحكمه يتكون من العرب وهم من الطائفتين السني والشيعي بالاضافة الى قومية اخرى وهم الكرد و يقول بحزن عميق مايلي : ( ان البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية ‘ فهي والحالة هذه مبعثره القوى ‘ منقسمة على بعضها ‘ يحتاج ساستها الى ان يكونوا حكماء مدبرين ‘ وفي عين الوقت اقوياء مادة ومعنى غير مجلوبين لحسيات او اغراض شخصية او طا ئفية او متطرفة ‘ يداومون على سياسة العدل والموارنة والقوة معاً ‘ على جانب كبير من الاحترام لتقاليد الاهالي ‘ لاينقادون الى تاثيرات رجعية او الى افكار متطرفة تستوجب رد الفعل ....الخ ) ( 1 )
وللبحث صلة
1263 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع