لطيف عبد سالم
سلوكيات تقوض المستقبل
يرى المتخصصون أنَّ " الغش في الامتحان " يُعّد أحد الجرائم التي يرتكبها بعض الطلاب؛ لأجلِ النجاح والتفوق مِنْ دُون جهد أو عناء. وَمِنْ المؤكّـد أنَّ هذه الفعالية غير المشروعة بفعل تعارضها مع مبدأ تكافؤ الفرص، لم تكن وليدة اليوم كما يتبادر إلى ذهن البعض، إذ إنها ظاهرةَ قديمة قدم مدارسنا ذاتها، على الرغم من معرفة ممارسيها من تصنيفها ضمن السلوكيات المشينة. ومن المعلوم أنَّ هذه الظاهرة الخطيرة كانت تمارس في الأمس البعيد بأساليب تقليدية، لا يتعدى ما تباين من آلياتها الركون إلى الطريقة الأكثر انتشاراً والمتمثلة في استخدام أوراق صغيرة الحجم يشار إليها محلياً باسْم " البراشيم "، بالإضافة إلى طرق أخرى كالكتابة على المقاعد أو على اليد، فِيما يلجأ بعضهم إلى اعتماد الملابس أو الأدوات الدراسية مثل الاقلام والمساطر والممحاة وسطاً لتسجيل ما يعتقدون مهماً من المعلومات. وأدهى مِنْ ذلك امتلاك بعض الطلاب الجرأة التي تدفعهم إلى تبادل أوراق الاجابة ذاتها فيما بينهم.
لا رَيْبَ أَنَّ التقنياتَ الحديثة كان لها دور مهم ومؤثر في انتشار ظاهرة الغش في الامتحان؛ بالنظرِ لتوظيف مزاياها الفائقة في تسهيل عملية الغش إلى الحد الذي جعلها آلية مألوفة يمارسها الكثير من طلبة اليوم الذين تفننوا في ابتكار أحدث الوسائل، فضلاً عن توصلهم إلى أكثر الطرق فاعلية في تنفيذ هذه المهمة التي تفضي إلى المساس بمنظومة التقاليد والقيم المتعارف عليها في مجتمعنا، إلى جانب تقويض نوعية التعليم وإهدار الفرص التي من شأنها المساهمة في تنشيط وتحفيز موجبات تقدم البلاد ورقيها.
الْمُثيرُ للاهتمام أَنَّ ظاهرةَ الغش بدأت تتنامى في بلادنا بشكل واسع خلال السنوات الماضية؛ إذ لم يقتصر انتشارها على المراحل الدراسية في القطاع التربوي فحسب، بل تجاوزتها إلى الأروقة الجامعية بعد أنْ وصلت خطورتها من حيث المبدأ إلى استغلالها في إعداد مشاريع طلبة الكليات وبحوثهم، حيث تقوم مكتبات متخصصة - تتباهى برفع شعار مشروع تخرج جاهز ومفصل على القياس - ببيع أبحاث ومشاريع تخرج على وفق نوع التخصص وحجم البحث أو المشروع إلى مَنْ يحتاج مِنْ طلبة الجامعات - مقابل أسعار يتفق عليها - بعيدًا عَنْ رقابة الإدارات الجامعية، فأصبحت الكثير من البحوث والمشاريع المقدمة من بعض الطلاب لأساتذتهم، ليس للطالب فيها من جهد أو دراية سوى اسمه المثبت على غلاف الدراسة التي لا يعرف عما فيها شيئًا. وقد يكون من بين العوامل المساهمة فِي ضعف رقابة الإدارات الجامعية على تلك الأنشطة هو تركيز كلياتها على الجوانب النظرية، وتجاهلها الجوانب العملية، الأمر الذي أدى إلى خيبة الطلبة في إعداد مشاريع تخرجهم؛ بالنظر لضعف الطلبة من الناحية العملية والفنية والتقنية.
لعلَّ المذهلُ في الأمرِ أَنَّ هناك أساتذة يبيعون طلاباً جامعيين أبحاثًا تخرج مقابل ثمن؛ إذ يمتلك غالبية هذا النوع مِن " الأساتذة النبلاء " مكاتب تجارية تبيع بالباطن مشاريع تخرج وبحوثًا على نحو غير شرعي!!.
في أمان الله.
800 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع