القوانين الكونية التي تسود عالمنا الكوني والأرضي والإنساني القسم الثالث

                                            

                       القس لوسيان جميل

القوانين الكونية التي تسود عالمنا الكوني والأرضي و الإنساني القسم الثالث

تابع

قانون وحدة الكون: للكلام عن هذه الفقرة بعمق نقول:اذا كنا نستطيع ان نستفيد من ظاهرة مادية العالم والكون والإنسان، على المستويين الفكري واللاهوتي، فإننـا نرى ان ظاهرة وحدة الكون كله، بمجراته ونجومه وكواكبه، وبالمادة التي يتكون منها، تضاهي في اهميتها وحدة عالمنا الأرضي المادية، اذا لم تتفوق عليها كثيرا، وخاصة من حيث صفة الشمولية التي تتمتع بها، وكذلك من حيث وحدة القوانين المهيمنة على الكون وعلى كل جزء منه، او على اية بنية من بناه، او بعدٍ من ابعادِه، بحسب منظورنا البنيوي. 

فكرة التماثل: ولكن، بما ان الكون بعيد جدا عن الانسان، على الرغم من ان الانسان وعالمه الارضي جزء لا يتجزأ من هذا الكون، يكون على العلماء والمفكرين ان يستخدموا فكرة التماثل Analogie، لكي يستطيعوا ان ينطلقوا مما عرفوه على الارض، ويطبقوه على الكون الكبير، الأمر الذي سوف نستفيد منه كثيرا من الناحية المعرفية Epistémologique والتي تساعد ايضا على السيطرة العملية على قوانين الكون والعالم الارضي على حد سواء. اما هذه السيطرة فتكون في امور كثيرة، تخص القوانين الفيزيائية والكيميائية والحياتية، او البيولوجية التي نجدها على ارضنا وفي كوننا.
تصعيد الاكتشافات العلمية: وهكذا يستطيع ان يعود العلماء، بعد كل اكتشاف كوني، الى تصعيد اكتشافاتهم وتحصيل اكتشافات جديدة على الارض، في حركة مكوكية بين الأرض وسائر اجزاء الكون، حتى وان كنا نحن البشر، هنا على ارضنا, لا نستطيع حتى ان نتخيل حقيقة الكون الذي يكاد يكون غير متناه في وسعه وحجمه وكتلته، وفي كل ما يملكه من اسرار، قد لا تفوق قدرات الانسان المعرفية، ولكنها، مع ذلك تبقى اسرارا وخفايا، حتى يحل زمن معرفتها، ولاسيما ونحن نعرف ان قدرات التخيل عند الانسان محدودة نسبيا، وذلك لارتباط قدرات معرفتنا بالحواس، ولاسيما في كل ما يتعلق منها بالمسافة والأرقام والأحجام. فالعلماء بالحقيقة، لا يستطيعون بسهولة، ان يتخيلوا حقيقة الكون الكبير والكون البعيد، وكذلك حقيقة البنى المجهرية Micro structures، على الرغم من انهم يمتلكون اجهزة متطورة ومعرفة معمقة وجيدة عن بعض اسرار عالمنا. ولذلك سوف نبقى نحن نستخدم بعض الفلسفات حتى يقَيَضُ لنا ان نستخدم العلوم، ولاسيما علوم الانسان، لمعرفة عالمنا الأرضي وكوننا.
حقيقة وحدة الكون: اما هذه الحقيقة، اي حقيقة ظاهرة وحدة الكون، فإنها تعني ايضا كم ان هذا الكون واحد، في كل ما يملك ويحتوي، الأمر الذي يساعد المفكرين والعلماء، على فهم الكون بشكل افضل، كما يساعدنا على الابتعاد عن الغيبيات التقليدية التي كانت مسيطرة على فكر الأجيال السابقة لجيلنا العلمي الحالي، ويعين علماء الكون Cosmologues والباحثين عن معرفة حقيقة هذا الكون، وعلى فهمه بشكل افضل، فضلا عن المساعدة على فهم طبيعة ارضنا وما عليها، حتى ان معرفتنا الانسانية في زمننا اخذت شكل خطين: خط صاعد ينقل ما نعرفه عن ارضنا بشكل علمي الى عوالم أخرى، وخط نازل ينقل الينا بعض ما بدأ العلماء بأجهزتهم المتطورة يعرفونه عن الكون. ويقينا ان قانون التماثل هذا يساعد العلماء كثيرا في بحثهم النازل والصاعد، على معرفة حقيقية بشيء من اسرار الكون وأسرار عالمنا الارضي، ومن ثم يساعد ايضا على معرفة الكثير من اسرار عالمنا الانساني الغامضة.
الارض ليست من طينة غريبة: غير ان وحدة الكون تقول لنا ايضا، ان الارض ليست من طينة غريبة عن الكون كله، وان كانت ترتدي صورة قد تكون مختلفة عن صور سائر الأجرام السماوية. فقد تكون الأرض قد سبقت امكنة اخرى كثيرة في التطور وإخراج مكنوناتها الى الوجود الفعلي، ومن ذلك وجود الأحياء والإنسان عليها، ولكن لا شيء يمنع من تخيل وافتراض وجود اجرام سماوية، في الكون الفسيح، سبقت الأرض في مجال اخراج امكانياتها الى حيز الوجود الفعلي.
الانسان وعالمه الأرضي: اما وحدة الكون هذه فتقول ان سائر الكواكب الأخرى، ربما تحصل في بعضها نفس الظواهر الحياتية التي حصلت على ارضنا، الأمر الذي يجعلنا نرفض فلسفيا ان يكون انساننا هذا استثناء من القانون الذي يقول ان البشر، كل البشر، هم من طينة مادة الأرض الواحدة، الأمر الذي يعني بأن البشر، في اي كوكب كانوا، لا يمكن ان يكونوا سوى كائنات متماثلة Analogues.
ارضنا والكواكب الأخرى: وهنا لا يسعنا سوى ان نقول ان كثيرا من الحقائق والوقائع التي توجد على ارضنا قد توجد في كواكب أخرى، على مبدأ وحدة الكون ومنشئه الواحد، وعلى مبدأ تماثل الوجود الكوني على مساحة الكون كله، سواء كان الكون الذي نتكلم عنه قريبا ام بعيدا. علما اننا نعرف بأن وجود الكائنات الحية على الأرض، ووجود الانسان وتطوره، لم يتحقق الا بعد ان سنحت له الظروف بذلك.
كل شيء مبرمج سلفا: ويقينا نرى ان ما يحدث بالنتيجة في عالمنا، وحتى في مجتمعاتنا، مبرمج سلفا، ولا يحتاج الى اي تدخل من خارج الكون: تدخل الله مثلا! غير اننا نعرف ايضا ان الطبيعة ليست مبرمجة حسب برمجة كومبيوترية، تعطي النتيجة بشكل لا يقبل الخطأ في كل ما هو مطلوب، وعلى الفور، لكنها مبرمجة حسب قانون الاحتمالات العددي،الذي هو قانون ادق وأعقد مما نجده في الكومبيوترات، لأن هذا القانون يقوم بحساب الصدف، وتعدد امكانيات الحياة. اما قانون الاحتمالات الذي نحن بصدده، فهو يستطيع ان يحسب حساب الطوارئ وحساب الزمن، وحساب حضارة اي انسان وأية جماعة في مجتمعه الانساني، وحساب الحرية الانسانية التي يصعب وضعها في قوالب ثابتة، وكذلك حساب البيئة التي يعيش فيها الانسان، او تعيش فيها الجماعة البشرية، وغير ذلك من التفاصيل، مما يتطلب من الانسان ان يتكيف بحسب مكانه الجديد، وحضارته الجديدة وبيئته المتعددة في الحالات الكثيرة جدا التي يوجد فيها الانسان. كما ان هذا القانون يأخذ بالحسبان امورا كثيرة، كمسألة ان يأتي نسل الأحياء: النباتات والحيوانات والبشر منظما تنظيما كافيا بحيث تتحقق ادامة النسل، بشكل كفء، كل حي بحسب نوعه ونوع بيئته.
قانون الاحتمالات العددي: وعليه، فإذا دققنا اكثر بهذه المسألة لوحدها، لاحتجنا الى كتاب كامل لنفهم ما يحدث، ولاحتجنا ان نكون علماء نحن ايضا. لكننا يمكننا ان نعد قانون الاحتمالات العددي القانون المسيطر على كل اعمال البرمجة التي نجدها في عمل الطبيعة، هذه البرمجة التي تًدخل سيرورة حياة الانسان نفسه ضمن قانون الاحتمالات هذا.
لنستعين بمثل: اما لفهم دور هذا القانون فنأتي بمثل بندقية صيد يكون فيها مثلا حوالي 150 رصاصة في الخرطوشة الواحدة. ففي هذه الحالة لا يعرف الصياد ايا من الرصاصات سوف تقتل الطير الذي يريد ان يصيده، ولكنه يأمل كثيرا ان تصيب هذا الطير احدى الرصاصات. اما في حالة ان تكون في يده بندقية هوائية تكون فيها رصاصة واحدة، فان صيد الطير يصبح متوقفا على مهارة الصياد نفسه، وفي هذه الحالة ينقص حظ صيد الطائر كثيرا.
اي كمبيوتر يعمل هذه البرمجة: فأي كومبيوتر يستطيع ان يعمل هذا العمل الجبار يا ترى؟! ملايين من النباتات وملايين من الحيوانات وملايين من البشر يخضعون لبيئات مختلفة ويخضعون لقانون واحد يتفرع الى قوانين كثيرة تداري، لا نقول كل حالة بمفردها، ولكن تداري كل هذه الاختلافات وتصل بهم الى نتائج حسنة، اذا لم نقل لا يوجد احسن منها. وهنا علينا ان نعرف بأن اجهزة القمار الحديثة تعمل على برمجة اجهزتها وفق قانون الاحتمالات هذا، بحيث يحصل المبرمج ( صاحب الكازينو ) على النتيجة التي يريدها من الربح والخسارة. لكننا اليوم نفهم ان قانون الاحتمالات في الطبيعة يتفوق على اية برمجة ملايين المرات، بحيث يجعلنا نؤكد ان الانسان لن يصل الى مضاهاة الطبيعة مهما تقدم العلم.
قانون الجاذبية: ما نراه ان قانون الجاذبية يتبع اية وحدة مادية، سواء كانت ارضية ام كونية. ولذلك نرى ان الجاذبية ظاهرة من ظواهر المادة، وأنها ليست شيئا مضافا الى المادة لأية غاية كانت، وإنما هي ظاهرة مرافقة للمادة، على الانسان ان يأخذها بالحسبان، من اجل فهم ما يجري في العالم وفي الكون. غير أن الجاذبية ليست القانون الوحيد الذي يصاحب المادة، وإنما جميع القوانين التي تهيمن على عالمنا المادي: القوانين الكبرى والقوانين الصغرى الدقيقة والدقيقة جدا، تصاحب المادة ايضا، الى الدرجة التي لم يعد بالمستطاع ان يدخل عنصر جديد الى مادة الحياة. وهنا قد يطلب المؤدلجون منا برهانا على ما نقول، ولكننا نجيبهم بقولنا: هل يا ترى يحتاج شروق الشمس من الشرق وغروبها من الغرب الى برهان؟ ومع هذا نقول بأن القارئ الكريم، ومن خلاله المشككون سوف يجدون براهين وبراهين على كل ما نقول، باستثناء براهين السلطة التي ليست براهين على الاطلاق، وإنما هي املاءات اعتباطية لا غير.
النظرية الكمية: قرأت في احد الأيام التي ليست بعيدة من هذا اليوم الذي اكتب فيه الان، في نهاية 2014 وبشكل سريع، وبدون ان تكون لي المعلومات الرياضية الكافية، عن نظرية اينشتاين النسبية. هذا وقد لاحظت ان العلماء ادخلوا نظرية جديدة اخرى هي نظرية سموها " الكوانتوم " او النظرية الكمية، كما فهمنا من هنا ومن هناك. ثم لاحظت وجود علاقة بين هذه النظرية والجاذبية الأرضية، الأمر الذي اعتبره كاتب ذلك المقال الذي قرأته، بمثابة اضافة جديدة على نظرية آينشتاين.
دور الجاذبية في توحيد الكون: هذا وعلاوة على اني اعترف بأني لم افهم لب القضية اقول بأن للجاذبية دورا كبيرا في اي حساب رياضي يعمل في كافة المجالات، ولاسيما في مجال الذرة. والآن ارى خصوصا ان اهمية الجاذبية تكمن في انها تجعل كوننا كونا واحدا،لأنها تربط كل جزء من الكون بعضه ببعض. فهل يا ترى نفهم هنا ما نقول؟ ربما جميع القراء يفهمون ما نكتبه الآن، ولكن هل يمكننا ان نتخيل ما نكتبه؟ على الأكثر لا احد بيننا يتخيل ذلك، بسبب كبر الكون وعِظَمِه، هذا الكون الذي يكاد ان يكون غير متناه، كما يقال، حيث لا تعد المسافات بين الأجرام السماوية بالسنوات ولا بالقرون، لكنها تعد بالسنوات الضوئية. وعليه يمكننا ان نستفيد من فكرة الجاذبية من اجل معرفة ان الكون كله من طبيعة واحدة، طالما انه يخضع للقوانين عينها، ومنها قانون الجاذبية والقوانين الأخرى التي صارت معروفة. ولهذا ايضا نرى ان الانفجار العظيم Big Bang يكون مفهوما، بمعنى اننا نستطيع ان نقول عنه انه حقيقة واقعية Réaliste، وليس مجرد نظرية. علما بأننا سنعود الى الانفجار العظيم عندما نتكلم عنه بشكل مباشر.
يتبع ...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع