عبدالله عباس
خواطر حول ما يحدث حولنا : محاربة الفساد بين ( نكتة العصر ) وحلم الطيبين
في مسلسل ( عوالم خفية ) الذي عرض خلال شهر رمضان في العديد من الفضائيات العربية للفنان عادل امام ‘ وفي حلقته الاخيره جرى حوار بين ( مسؤول كبير ) من نوع ممكن في هذا العصر تسميتهم بخريج الدورات الامريكية لمساعدة الدول الخائبه ‘ و بين الصحفي المشاكس ( حسب تسلسل الاحداث المسلسل ) .
يقول المسؤول ما معناه : ( نحن ايضا نحارب الفساد ‘ ولكن الفساد الذي يحدث في مواقع بعيدة عن مصادرنا المسؤولة عن القرار وتنفيذ القرار ‘ اما الفساد الذي يحصل في عقر دارنا ‘ بصراحة نغض النظر عنه ‘ فقط نكون دقيقين و حذرين جدا بأن لايخرج خارج دائرة القرار ) ويضيف موجها كلامه الى الصحفي : ( الصحيفة التي تنشر فيها غسيل الفساد الوسخ نحن نمولها ‘ ولكن لان نشاطكم لم يقترب عن مايحدث في غرف مصدر القرار ‘ نحن نشجع معالجتها بانزال عقوبة على الفاسدين خارج بيتنا الحصين ,,,, نحن لسناخسرانين في ذلك ‘ بل بالعكس نشجع ذلك لان كلما يشدد حربكم ويتم معاقبة المسؤولين عن ذلك بتوجيهنا نبعد الشك عن الاقتراب من سور مصدر القرار ) ‘ طبعافي المسلسل ‘ و ( فقط في المسلسل ولم ولن يحصل هذا في واقع جنة الشرق الاوسط كلها مهما يكون الخيال والحلم المؤلف خصبا ومؤثراَ ....! ) ان الصحفي يتحدى ( المسؤول الديناصور الذي واضح انه هو مسوؤل عن مصدر واصدار القرار ) ويشرح له بالدلائل ان فساده ومن معه الاقوياء في موقع المسؤولية مكشوف وستحاسبون .‘ وكما قلنا فقط في المسلسل ‘ يدخل العدل وبالقوة ويسحب الديناصور الفاسد صاغراَ أمام القضاء لينال جزاءه ... وسبحان الله على هذا الحلم الجميل .
توقفت على هذا المشهد من احداث المسلسل اولا ‘ لانه ذكرني بانحطاط اخلاق اجهزة المخابرات في الكثير من دول منطقتنا ‘ يطبقون كل توجيهات المصادر الغربية عموما و الادارة الامريكية ومصدر قرارها القبيح في كل تصرفاتها ‘ يشجعون الفساد ‘ و عندما يقترب رائحته الكريهة لمخططهم الفاسد ‘ هم وليس غيرهم يشجعون عقاب الفاسدين ‘ ودائما يشجعون مصادر المعلوماتية ( الاعلام – الصحافة ) لفضح هؤلاء ‘ عندما يظهر اي توجه في تلك المصادر المعلوماتية متصوراَ ان ( مصدر القرار متورط في دعم الفساد ) ‘ فأن المصدر يظهر من انيابه الحاده ويهدد الاعلام اولا فاضحا ان الاعلام ممول منهم لذا عليهم فهم حدودهم في التصرف على ساحة اعلان المعلومات ...!
وشيء بشيء يذكر كما يقول المثل ‘ في بداية ستينات القرن الماضي ظهر في منطقتنا حركة تدعو الى التغيير و التوجه نحو الاهتمام بوعي الناس وفتح الابواب امامهم للاطلاع على متغيرات الحياة و اطلاق حريات العامة ‘ فكان الكتاب المبدعين من الادباء والفنانين في المقدمة ‘ وكانت بيروت عاصمة لبنان مركز انطلاق الدعوات التجديدة تلك ‘ فكانوا يصدرون المجلات والصحف والدوريات ويفتتحون المعارض والندوات والمسرحيات ....ألخ ‘ وعندما توسعت الحركة لتشمل الكثير من بلدان المنطقة ‘ وتوسعت الدعوة للتغيير الى مجالات اوسع من عالم الابداع و اثلافة ليشمل الدعوة الى اعادة النظر في القوانين و الدساتير وظهور دعم اليسار للحركة ‘ عند ذلك شعر المصدر القرار ( الخارج ...!! ) بأن هذا التوسع مضر بستراتيجيتهم في المنطقة ‘ تم تسريب وبشكل واسع وعلى لسان احد المسؤولين ( على اساس من الزعلانين ) من مخابرات الامريكية ‘ معلومة تقول : ان المطبوعات الداعية للتغير في بيروت و وابرز الداعين في الوسط الثقافي في تلك الدعوة مدعومين من المخابرات الامريكية ماديا وبمبالغ طائلة ..!! ‘ فكان نتيجة اغلاق تلك المطبوعات ( تحت تاثير الخجل من الفضيحة ان صح التعبير ) واذا لاتخونني الذاكرة انتحر ابرز كاتب من الكتاب الطليعيين في الحركة نتيجة الفضيحة تلك ... فكانت تلك المرحلة الحساسة في تأريخ المنطقة ‘ ان اعلان هذه المعلومة ‘ كان اول بذرة لزرع الشك والريبة بين الناس عموما وبين رعيل الداعي للتغيير ‘ وبالتالي ادى ذلك الى ظهور و تشجيع دعوات العبثية بدل الدعوات للتغيير التي تؤدي الى التقدم والبناء
***
عند الاعلان عن تأسيس ( هيئة النزاهة ) في العراق الجديد متابهيا حكام المحاصصة على اساس انهم يحاربون الفساد ‘ عرفت أن للهيئة موقع الكتروني ينشر فيه نشاطاتهم ‘ ففتحت الموقع وتوقفت على عنوان ( صدور الحكم على مجموعة من مزوري الشهادات الدراسية ) ‘ وقبل ذلك ‘ نشر خبر في صحف بغداد وعلى لسان بعض اعضاء البرلمان ( على اساس هم نزيهين ويكشفون الفاسدين ) يتحدث عن وجود مئات من الاشخاص الواصلين الى مواقع المسؤولية بدا بموقع المدير العام الى وكيل وزارة الى الوزير وعضو البرلمان شهاداتهم مزورة ‘ وانا اقرأ العنوان واتحول الى تفاصيل الخبر حسبت ان الهيئة تسير على الطريق الصحيح وتكشف الفاسدين ونعرفهم باسهم وعنوانهم ‘ فكانت النتيجة الاحباط حيث ان تفاصيل الخبر لم يتجاوز سوى سطرين : ( حكمت المحكمة على التالية اسماؤهم بالسجن لمدة ثلاثة الى اربعة اعوام بتهمة تزوير شهادة الابتدائية ليتم تعينهم حراس او معين - فراش -....) والاسماء لم تتجاوز اربعة من اولاد الخائبة ..!!
***
ارى ان ظهور اعمال الدرامية كمسلسلة ( عوالم خفية ) رد فعل حلم المقهورين ...! ‘ لان الفساد في هذه المنطقة مخطط له بشكل منظم اذا دخل اي شخص او جهة عوالمها ‘ امامها ثلاث اختيارات ‘ اما يمجدها والامرهم لله ..!! او يعرضها بشكل يؤدي الى دفع الناس الى التيهه يفرح الفاسدين ليموت الناس قهراَ ‘ واما يحلم ( كما حلم معدي مسلسل الانف الذكر ) يخلق ( صحفي بطل شجاع ..!! ) ياخذ دور الاحزاب الوطنية والديانات السماوية داعيا الى النزاهة ‘ يكتب ويكشف و يجبر ( القضاة ) و الجهات الامنية يحاكموا الفاسدين وبسرعة قياسية ينتقمون منهم و و ...ألخ
• ونموذج العراق الرائع
أينما تبحث عن العراق الجديد ‘ الذي جددته فعلا الادارة الامريكية الشريرة وبتخطيط من الحركة الصهونية العالمية لكي لايعود الى اي شيء يذكره بالتاريخ في صفحاته الايجابية يفرح الاجيال القادمة من بعد 9 نيسان 2003 ‘ تاتي ظاهرة ظهور آفة الفساد المالي التي تنخر في جسم الدولة العراقية الجديدة ، سواء من داخل هذا الجسم ، أو من خارجه ‘ الظاهرة الابرز الذي يجري حديث عنه كواقع خطط لها ليديم الى مالانهاية ....
تعالو ا ‘ واطلعوا على تقارير الصادرة عن "منظمة الشفافية الدولية"، التي تقول أن الفساد المالي في العراق أصبح لا مثيل له في التاريخ. كما أن العراق يحتلُّ أدنى درجة في قائمة الشفافية الدولية ‘ واشار اكثرمن تقرير أنه حذَّرت "منظمة الشفافية الدولية"، من أن عمليات إعادة إعمار العراق ، يمكن أن تتحول إلى أكبر فضيحة فساد في التاريخ ، مما أضاع على العراق أكثر من 1815 مليار
تحت عنوان محاربة الفساد منتشر ‘ تمثل مصادر القرار الامريكي ‘ اسخف تمثيلية ‘حيث يعملون حالهم حال الفاسدين متنفذين في العراق مدعين محاربة هذه الظاهرة رهيبة ...!! وهم مخططين له من ضمن القرار تدمير العراق
هناك برامج و ندوات في الاذاعات وقنوات الفضائية الامريكية موجهة منذ قبل احتلال ينشر ويبحث بالارقام الفساد ويستطلع اراء المواطنين ويحرك عواطفهم تحت عناوين براقة ( رأيك ) ..!! ( أرفع صوتك ) وكل من يدير هذه التوجهات هم جزء من الفساد بداءت صفحاته التنفيذية منذ تاسيس مجلس الحكم برعاية بريمر ‘ عندما انعم ( حسب القانون والدستور.....!! ) كل من شارك في العملية السياسية و مؤسستها انعم عليهم برواتب وصلاحيات و تقاعد ضخامتها لايعني شيء الا تشجيع الفساد ‘ الى حد ان اصحاب هذه المكاسب اصبحوا حيتان يهددون مستقبل الاجيال العراقية القادمة وهم ايادي طويلة لانتشار الارهاب وعندما يرفع اي صوت لمعالجة هذه الظاهرة ‘ هم وراء اشتعال نار الارهاب ودون خوف وحتى غطاء يشجعون مصادر الارهاب لتحرك ويعرف كل ذي بصيرة كيفية ونوعية العلاقة بين الارهاب والفساد الاداري والمالي الذي زرعه مصدر القرارالامريكى بالوعي الكامل وهدف اوضح ‘ فالفساد المالي في العراق لم يكن عراقياً صرفاً، ولكن أمريكا متمثلة بالمستثمرين ورجال الأعمال وبعض السياسيين، كانت عنصر فساد مالي كبير في العراق الجديد وبشكل منظم ‘ وهناك وثائق تؤكد دور عدد من منتسبي الجيش الأميركي لهم اليد في تسهيل امور الفاسدين ومساعدتهم حيث هناك وثيقة مرسلة إلى الكونغرس الأميركي، تضم أسماء 35 ضابطاً ومتعاقداً ومقاولين ومؤسسات دولية، وردت فيها أسماء المشتركين بقضايا الفساد .
• ..والختام
وكما قلنا ‘ عندما كنا نتابع حلقات ( عوالم الخفية ) و سرعة فضح الفاسدين وسرعة القاء القبض عليهم و عقابهم بسرعة وبشكل يفرح المثاليين والحالمين بعالم خالي من الفساد ‘ وبعد كل حلقة نراجع ما يحصل عندنا من بناء الفاسدين ونصور ( جائع الذي كان ياكل ولمدة ثلاثة ايام قدر صغير من البامية في لندن ويسمى مناضل ضد الديكتاتور ) والان يملك اكثر من ( فيلا ) في نفس لندن ‘ تكريما لمحاربتة ( فساد الديكتاتور ) اتذكر مقولة ( برناردشو ) العظيم قائل : الحقيقة بذاتها افضل نكتة
ولكن لاادري لماذا لانترك الحلم ليتحول الى فضيلة ...؟
644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع