عبدالله عباس
بعد انسحاب ادارة ترامب من اتفاق خمسة زائد واحد :
..................
المــطلوب بــدلاَ من ارضاء الاشرار دعم وحــدة ارادة شعوب المنـطقة
منطلق موقف الادارة الامريكية من التغيير الذي حصل في ايران واالذي ادى الى سقوط حليفه المخلص شاه ايران هو ضمان مصالحها في منطقة الشرق الاوسط بحيث تبقى المهيمن الاول فيها والقوى الاقليمية توابع لها مقابل هذا تقوم امريكا بحمايتهم ‘ ومنذ ذلك التاريخ 1979 مافعلتها الادارة الامريكية معروف للجميع ‘ اما يجهض الثورة الايرانية او ان يؤدي الحصار او خلق الازمات بتخطيط مباشرمنها وبدعم من حلفائها او اشعال الحروب بالنيابة.
في البدايه تم توريط العراق في الحرب ضدها دام ثمانية اعوام والان في ( سوريا ) على أمل أن تجبر القيادات الايرانية للتوجه نحو الاداره الامريكيه للتفاهم معها فيؤدي بالنتيجة ان تعود ايران حليفه لها او توزيع الادوار بحيث يصل الطرفين الى تفاهم لتقاسم النفوس والهيمنه في المنطقة ‘ وبمراجعة المراحل التي مرت منذ ذلك الوقت نرى ان الهدف الثاني اقترب في بعض الانعطافات ومن خلال الاحداث الهامة في المنطقة كحدث افغانستان و احتلال العراق ‘ ولكن تمسك ايران باولويات توجهاتها الاسترتيجية ليكون ( القوة الاقوى ) بدل القوة المهيمنة اقوى من خارج المنطقة بالاضافة الى نجاح الحكم في ايران من استفادتها من ثغرات في العلاقات الدولية استطاع توضيفها لفتح خطوط علاقات مع دول هامة صاعدة، كروسيا والصين والهند، و السير بتطوير برنامجها النووي والصاروخي باتجاه تسلّح يبدل قواعد المواجهة ‘ فهذا التطور وضع الادارة الامريكية خلال رئاسة اوباما أمام خيارين ، إما التصعيد والسعي إلى كبح طموح الحكم في طهران ، وصولاً إلى إسقاطه ، أو القبول به واقعاً متحققاً والعمل إلى إيجاد التسوية المقبولة معه ‘ بحيث بدأ يظهر لمراقبين الوضع أن أوباما تصرف باتجاه عمل مرن عسى أن يؤدي الى إقناع المتنفذين في طهران الى تحويل قوة ايران الى شريك منتج يعوّل عليه ، فسعى جاهداً إلى اتفاق يؤدي الى هذه النتيجة ‘ فكان مشاركة الادارة الامريكية بجد في مباحثات خمسة زائد واحد الذي ادى الى اتفاق نووي مع أيران والذي كان من نتائجة ان تتخلى الادارة الامريكية عن الضغط الاقتصادي على ايران ‘ ولكن عندما خسر الديمقراطيين انتخاب رئاسة الادارة الامريكية وجاء بالمرشح الجمهوري ( وهو تاجر وشرير ) في نفس الوقت ‘ بداء عملة اولا بمسعى يهدف اساسا تفتيت منجزات سلفه الرئيس السابق باراك أوباما حيث ركز على ان ما فعلة سلفه مع ايران هو صفقة تتعارض مع المصلحة الأميركية .
وألأن فعل ترامب فعلته وانسحب من الاتفاقية النووية مع إيران ونفذ ماوعد به مصدر الشر ضد استقرار منطقة الشرق الاوسط لصالح ( الكيان العبري الاستطاني ) ‘ و لم يؤيده الا بعض الدول في المنطقة الذين يفضلون تحالفهم مع الادارة الامريكية رغم كل ما فعلتها هذه الادارة من الشر تجاه شعوب المنطقة وهم واقفون دون تردد ضد كل من يرفض هيمنة الاشرار بقيادة امريكا و لصالح الحركة الصهيونية العالمية ‘ في حين ان الحلفاء التأريخين للارادة الامريكية في اوربا وقفوا موقفا اشرف من مواقف هؤلاء الامراء ...!! بل أن هناك توقع بأنه في حالة التزام ايران بشكل ثابت بالاتفاقية فأن اوروبا ( دول موقع على الاتفاق و اعضاء اتحاد الاوروبي ) لايدعمون خطوات التاليه من الادارة والتي تؤدي الى زعزعة السلم و الامن الاقليمي وبالتالي دولة ايران .
• الخطر الايراني ..!
كتبنا قبل عام وجه نظرنا حول كيفية مواجهة المخطط الامريكي الذي يريد ان يعيد هيمنته على ايران بالاضافة الى الحصار و التامر من جهة وخلق الفوضى و الحروب بالنيابة بعنوان ( الخطر الايراني برسم امريكي ) وقلنا : كتب كثيراَ عن ايران مابعد الشاه وإنتصار أول ثورة إسلامية فى العصر الحديث، البعض قال ان ما حدث كان بسبب عوامل داخلية، كانت ذات أثر أكبر من العوامل الخارجية في هذه التغييرات ، فقد شهدت ايران تحولات سياسية مهمة بعد التوجه الى بناء نظام تختلط فيه القيم الدينية والديمقراطية، نظام يتم بموجبه الوصول الى السلطتين التنفيذية والتمثيلية عبر صناديق الانتخاب، وهو أمر فرض مبدأ التداول على السلطة وحرية الصحافة وتعددها، وتشكيل منابر وجماعات سياسية، تطرح برامج وتوجهات عقائدية وسياسية متباينة، وهو الامر الذي يعبر عنه، الانقسام الكبير الظاهر في ايران بين التيارين الاصلاحي والمحافظ، وكل واحد من هذين التيارين يضم طيفاً واسعاً من الاتجاهات والجماعات والشخصيات،ويرى البعض أن النظام رغم هذا لم يقدم نموذجاً من الحرية والمواطنة وضمان لحقوق الإنسان داخل بلد متعدد الاعراق ، فالقومية الكردية والاذرية و طوائف مذهبية ودينية تواجه الاضطهاد بشكل واضح من الآكثرية الحاكمة، بدل العمل لمعالجة هذه المشاكل، ركز النظام ولايزال على بناء القوات وتطوير الاسلحة ، بذلك ليعطي إنطباع لدى دول المنطقة، أن ماحدث فى ايران، لم يغيير شيء جوهري في سياسة نظام الشاه بالنسبة لتوجهات الحكام الجدد تجاه الخارج، والتوجهات والأطماع الاقليمية على وجه التحديد، الشيء الوحيد الذي تغير من هذه الناحية هو : أن ايران الشاه كانت تتوجه إلى تحقيق طموحاتها في المنطقة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث كان أعداء ذلك النظام يلقبونه بحارس المصالح الامريكية في المنطقة ولكن النظام الجديد يبحث عن طريقة لفرض الهيمنة أو تقاسمها مع القوى الاخرى ....، خلاصة القول ان السياسة الاقليمية الايرانية تقوم على الاحتياجات والمصالح والبحث عن الهيمنة الاقليمية بدل التعاون البناء ، بل وفي بعض الاحيان تمارس سياسة براغماتية ، لاتخلو من تعارضات مع الايمانات الايدولوجية والشعارات السياسية المعلنة..
وفي ما يخص العراق كان من الواضح ومنذ بداية احتلاله من قبل امريكا ، كانت ايران شبه مرحبة بهذا الحدث رغم عداوتها المعلنة لامريكا التي لقبها منذ سقوط الشاه بالشيطان الاكبر، لان عند ايران (الحكام) إضعاف العراق أمر لازم للإبقاء على توازنات القوى في المنطقة، ولكن الإضعاف بدون التقسيم بسبب التركيبة السكانية للإيرانيين والتي تتهدد في حالة إنشاء دولة كردية فى أقليم كردستان العراق، ولكن الادعاء بأن خروج أمريكا من العراق يؤدي إلى تحول هذا البلد إلى إحتلالها من قبل الايرانيين كلام فيه مبالغة ، صحيح أنه في العراق تباع السلع إلايرانية في كل مكان، ويمكن مشاهدة السياح والحجاج الايرانيين في كل مكان. كما يمكن مشاهدة العلم الايراني الذي يرفرف فوق مبنى القنصلية الايرانية من كل ركن في البصرة بجنوب العراق وفى أربيل عاصمة أقليم كردستان، ولكن من الصحيح أيضاً أن عرب العراق ورغم أن أكثريتهم ينتمون إلى المذهب الشيعي، رغم ذلك ثمة عامل واحد لا يزال قائما لحد الآن بوسعه إيقاف التوسع الايراني في العراق، وهو ليس القوات الامريكية بل النزعة القومية العراقية من جهة و الغطرسة ونزعة كره العرب في إيران نفسها من جهة اخرى، وكان كثير من الساسة الحاليين الذين أمضوا بعض الاوقات في المهجر في ايران كانوا يشعرون بحماقة ايديولوجية وغطرسة قومية تأتي من جانب رعاتهم الايرانيين، اذن بذلك سيكون من الثابت أن اكثرية العراقيين يدركونَ جيدا ان تغيير الامريكيين بالايرانيين هو ليس الحل الافضل ، هذا بالاضافة أن في العراق سياسيين وطنيين متنفذين يدركون أن تخويف الحس الوطني للعراقيين باحتلال وسيطرة الايرانيين ، صناعة أمريكية فى الاساس طريقاً لإبقاء العراق أولاً ومن خلاله المنطقة فى وضع قلق وغير مستقر تحت سيطرة طموحاتها
الخطورة تكمن في، أن اذكاء مواقف إنهيار الثقة وعدم البحث عن المصالح المشتركة بين إيران ودول وشعوب المنطقة ليس إختيار إرادة الشعوب وإنما مخططاً له خارج هذه الإرادات ، حتى وعندما تأتي مقارنة بين خطورة القوى العالمية المهيمنة وقوة إيران ، تتم تلك المقارنة بتوجيهات الأول ومنسجمة مع مصالح أصحاب القرار في بعض دول المنطقة كان ولايزال ذيل ذليل لامريكا وموافقة تماما لادامة هيمنتها على المنطقة ، وعندما يوجه أحدهم سؤال إلى القارئ : هل أنت مع المشروع الأمريكي الذي يريد إعادة رسم خريطة المنطقة من الخارج، ام إنك مع المشروع الإيراني الذي يهدف الى تقويض الدول الاقليمية من الداخل ..؟ ومع أن المنطق يقول أن لمواجهة المشروع الإيراني هناك أكثر من خيار وبأقل خسارة إذا أخذنا إعتبارات التأريخ وحقائق الجغرافيا ومصلحة شعوب المنطقة في الحرية والإستقلال والبناء، ولكن الغربيين الهوى يعتبرون أن مسايرة المشروع الأمريكي هي أهون الشرين ! وذلك من خلال العزف على بعض الاوتار العاطفية وإثارة الحماس تجاه قضايا لها حساسية تعرف القوى المهيمنة تأثيراتها على التحريك..وفي النتيجة يظهر أن تلك المواقف تعطي نتأئج معاكسة ولصالح تيار التعصب في إيران وفتح الطريق لتصالح الآضداد على حساب طموح الشعوب فى حرية الإختيار ومن ضمنهم الشعب الإيراني .
من هنا يرى المنتمين الى الارادة الحره لشعوب المنطقة أن المصالح المشتركة أنية ومستقبلية بيننا وبين إيران كثيرة بحيث نستطيع من خلال التركيز على المشتركات بيننا ودعمها نكون معاً قوة لايستهان بها ضد الغرباء الطامعين في الإستغلال الحقيقي لشعوبنا، ولكن نرى أن الغرباء وفي مقدمتهم أمريكا تشجع الحديث عن نقاط الاختلاف ومايبعث على التشنج وأن التركيز الأمريكي على خطر ايران على المنطقة عموماً وعلى العراق خصوصاً تدخل ضمن هذا البرنامج، وحتى لو فرضنا وجود خطر ايراني في تصرفات النظام الحالي، فأن الفرص لمعالجة ومواجهة هذا الخطر من خلال إرادات الخير لشعوب المنطقة أسهل بكثير وبأقل خسارة، بل ممكن إنهائها لصالح الاستقرار الحقيقي للمنطقة دون تدخل طرف ثالث .
• نهاية متوقعة
بعد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية يعتقد البعض بان ضرب ايران وتدميرها يحدث بين لحظة و اخرى حالما يسمعون اي موقف متشنج من داخل امريكا حتى لو لم يكون ذلك الموقف له اي علاقة باي جهة رسمية في الادارة الامريكية ‘ يعلن ا قتراب احتلال طهران كما حصل لبغداد ....! لذا نراهم عادوا الى تصعيد الحملات التحريضية ضد ارادة ايران ليجعل هذا النهج طريقا لاشعال حرب بالنيابة من قبل حلفاءها ومستلزمات ومبررات اعطاء الشرعية للذين سيحاربون ايران بالنيابة متوفر وذي حساسية ومؤثرة عنوانه ( الطائفية ) تحت اسم هلال ايراني لتطويق الطرف الاخر .... ولكننا نرى سيكون النهاية المتوقعة للصراع مع ايران عناوينها يوحي بالسير ( الجماعي – روسيا والعراق والنظام السوري وتركيا وامريكا من خلال مايسمى بالتحالف الدولي الحاصل على شرعية المنظمة الدولية ) لانهاء قوة داعش في المنطقة و بعد ذلك اعتبار هذا المكسب الجماعي اساساً لحل ازمة سوريا التي لايمكن دون صوت وقوة العمل السياسي المؤثر لايران ‘ ليكون هذا منفذ وحجة للادارة الامريكية الاقتراب من وضع اساس لتفاهم مباشر معه واعتراف لايران بانها قوة اقليمية لايمكن التعامل معها فقط بروح العدوانية لان بذلك سيكون لامريكا وعلى طول الصراع هلاك في اكثر من جبهة لان حلفاء التقليدين لامريكا في المنطقة مقتربين الى حافة الافلاس والتاثير الذي تريدها الادارة الامريكية من طموحات استراتيجية طويلة الامد من خلال رؤيا مصدر القرار والربح والخسارة كما يراها الطرفين : مصدر القرار وجماعات ضغط في قلب امريكا نبضها مرتبط باستقرار الشرق الاوسط ..... والله اعلم
• وقبل الختام :
قاله ( اينشتاين ) في حينه : مأساة عالمنا المعاصر أن عضلاته تبدو أحياناَ أقوى من فكره .... والسلام عليكم .
673 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع