المهندس الاستشاري
فارس الجواري
طيران الخدمات العامة ... ممكن في عراق مابعد الانتخابات ؟
كم تمنيت وانا اتابع البرامج الانتخابية للمرشحين لدورة مجلس النواب 2018 ان يتضمن موضع يخص تطوير قطاع النقل الجوي في العراق ! لما له من اهمية قصوى في خدمة المواطن او المجتمع وايضا لتزايد حركة الاشخاص وتنقلاتهم بين المدن بغرض العمل أو السياحة , وسيكون تأثيره مباشر واضح على التقدم الاقتصادي للعراق ايضا باعتباره الشريان الحيوي الذي يمده بأسباب الديمومة والحياة.
أن عملية الارتقاء بقطاع النقل الجوي ليواكب حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العراق يجب ان يتضمن الاحتياجات العامة للمجتمع وهي عديدة , سنتطرق لواحدة من هذه الاحتياجات المهمة ألا وهي :
" الربط الجوي للمركز بالمحافظات والاقليم "
وهو حق طبيعي خصوصا لبلد مثل العراق مليء بالموارد البشرية الفائقة القدرات والموارد المالية التي تفوق موارد جميع دول المنطقة وبعض الدول الأوربية , لذلك تبرز الحاجة إلى فكر تخطيطي يدرس نشاط هذا المجال الحيوي ويضع الحلول الخاصة بها ,لكي لا يحُرِمً مواطنينا في جبال قلعة دزة وغيرهم من سكان الجبال العالية من خدمة وصول الطبيب الطائر وتسويق فواكهم اللذيذة لأبن مدن الوسط والجنوب , وكذلك البدوي الذي يعيش في صحراء البادية الغربية من وصول الخدمات والاحتياجات إليه, وكذلك ابن الفرات الاوسط والجنوب كون ان وجود هذا النشاط سيجلب تغيُّرات عديدة في أسلوب حياة النــاس , لذا أصبحت الحاجة ملحة في ان تبادر وزارة النقل بطرح مشروع حكومي او استثماري لتأسيس شركة خدمات جوية يشمل نشاطها أعمال خدمات نقل الركــــــــاب والبضائع في تلك المناطق الى المركز وبالعكس , وايضا الخدمات المقدمة بمجال الزراعة لتسويق المحاصيل الزراعيـــة والخضروات بالسرعة الممكنة والتكاليف المناسبة وهو بحد ذاته تشجيع لتطوير النشاط الزراعي في البلد , كما أن تكنولوجيا عالم الطيران دخلت الحياة العامة للناس ايضا من خــــــــــلال استخدامات الهليكوبترات الواسعة سواء في عمليات الصيانــة والتنظيف لخطوط أبــــراج الضغط العالي الناقل للكهرباء بين المحافظات لتوفير الطاقة الكهربائية المهدورة اثناء النقل أو من خلال تقديم خدمة الإسعاف والإنقاذ الجوي في تلك المناطق التي اذا لم يصعب الوصول اليها فالتاخير بالوصول ممكن يسبب خسارة ارواح بشرية .
تجارب العالم في هذا الموضوع عديدة ومتنوعة فقد أفتتح العالم في بداية العشرينيات من القرن الماضي التدخل الأصطناعي في تمطير الغيوم بواسطة الطائرات ليصل إلى تحدي تعديل المناخ وفي هذه الأيام يقوم البريطانيون في محاولة تكوين الغيوم, وتعمتد هولندا في تصدير منتوجاتا الزراعية على شبكة واسعة من الطائرات توصل الألبان واللحوم والزهور والمنتوجات الحرفية الريفية بما يوفر لإقتصادها مليارات الدولارات .وحتى الدول الافريقية الفقيرة مثل كينيا أسست وحدة الطبيب الطائر لإيصال خدماتها الصحية إلى القرى الي لا يمكن الوصول المناسب لا بالطرق الأخرى لوعورة الطرق وكثافة الغابات وخطورتها استخدمت لذلك (8-7) طائرات سسنا صغيرة في المشروع , هذا كله يشجعنا ان نعمل على الاستفادة من هذه التجارب لتطبيقها داخل العراق .
أصبحت الكلف المادية للتنقل جوا أوفر قياسا بأجور النقل بالسيارات في بعض , حيث أوجدت بعض دراسات الجدوى أن المعدل الآن للتنقل بطائرة صغيرة بمحركين هو 2.67$ لكل ميل بحري (1852متر) لخمسة عشر راكب أي 12 سنت/كم/راكب وبطائرة النقل المتوسط بطائرات B737-400 هو 10سنت /كم/راكب , كم من الخدمات كانت ستقدمها هذه الطائرات للدولة ( او المستثمر ) وللمواطنين من تواصل للأطراف بالمركز وتسريع التطور المتبادل وتقليل الفوارق بينهما , فكم من المرضى مات في النواحي البعيدة لعدم وجود وسيلة نقل سريعة تنقذ حياته , وكم هي الأراضي الخصبة التي أُهملت لعدم إمكانية الوصول لها واستزراعها بسبب وعورة الطريق وحسابات فشل التسويق لاحقا , كل هذا وغيره يشجعنا ان نركز ونهتم بموضوع طيران الخدمات العامة , ويفضل أن يكون تجارياً وليس حكومياً حيث أثبتت التجارب أنه من أنجح الاستثمارات في تاريخ الطيران " الاقتصادي الخاص " ، كما أنه من أربح القطاعات وهو دائماً في مقدمة استرجاع الادخار, في ماليزيا مثلا هناك شركة حكومية وشركة خاصة تحت مسمى «إير إشيا»، وقد بدأت عملها مع «العربية» منذ خمس سنوات ولديها الآن 120 طائرة وعائداً اقتصادياً مهماً للمستثمرين، سواء في ماليزيا أو خارجها، كما شغلت مطارات كثيرة كبيرة وصغيرة، وهناك بالمقابل الشركة الحكومية تنتظر من الحكومة أن تدعمها كل سنة وأن توظف وتسرح موظفين، أن التجارب في العالم أثبتت أن الشركات الجوية الخاصة تعمل بشكل جيد ومربح أكثر من الحكومية.
ألم يحين الوقت لنرى مثل هذه الشركات عندنا في ((عراق الاصلاح )) ونبدأ بداية عملية صحيحة لخلق مجتمع عراقي مرفه وينعم بالعيش الرغيد حاله من حال باقي المجتمعات في العالم.
المهندس الاستشاري
فارس الجواري / 1 ايار 2018
2954 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع