د.طلعت الخضيري
جلسات تحضير ألأرواح ألحلقه التاسعة
هنري دونان ألقلب ألرحيم
ألمقدمه : أقدم للقارء ألكريم ألسيره ألذاتيه لشخصيه خالده أسست ألصليب ألأحمر ألدولي وما تفرع منه بعدذلك من فروع في جميع أنحاء ألعالم أمثال ألهلال ألأحمروغيره.
س - نرحب بضيفنا ألكريم ، إننا نرى أليوم ، و بعد رحيلك بنحو قرن من ألزمن ، ما تركته لنا من أعمال ألرحمه ،والمساعده ،وإسعاف ألمرضى، ألتي نشاهدها في ألعراق وسوريا أليوم ،ومنها إسعاف ألنازحين والمشردين من مدنهم ، من شيوخ وأطفال ونساء، هنيئا لك ياسيدي لهذا ألإرث ألعظيم ألذي قدمته للإنسانيه جمعاء ، ولم تفكر بتمييز عرقي أوديني أو مذهبي.
ج- شكرا على شعوركم ، وأتمنى من الله ألفرج لشعوبكم ألمنكوبه.
س- تفضل بتعريف نفسك.
ج بكل سرور، أنا سويسري ألجنسيه ، ولدت في مدينه جنيف سنه 1828 ، وتوفيت سنه 1910 عن82 عاما من العمر. أبي كان رجل أعمال ، ونحن من ألمذهب ألبروتستانتي ،و كان والدي محب لعمل ألخير، فكان يرعى دور ألأيتام ونزلاء ألسجون ، وكانت والدتي أيضا ترعى ألفقراء وألأعمال ألخيريه ألأخرى.
س- وماذاكانت نشأتك ودراستك؟
ج- لم تكن دراستي موفقه ‘ فقد أضطررت وأنا في سن ألواحد والعشرين أن أترك ألدراسه في ألمعهد ، لأن درجاتي كانت واطئه ، وبدأت ألعمل في إحدى ألبنوك في شعبه تصريف ألعمله ، وعندما كنت في سن ألثامنه عشره ، كان لي نشاط في جمعيه خيريه لمساعده ألمحتاجين ، ثم أسست مع بعض أصدقائي ألشباب جمعيه خيريه سميناها ( جمعيه يوم ألخميس) لمساعده ألفقراء وزياره نزلاء ألسجون وغيرها من أعمال ألخير.
في سنه 1852 أسست مع أصدقائي أول جمعيه لإيواء ألشباب مع نشاط إجتماعي لهم إختصرناها بأحرف(واي أم سي أي)، والتي انتشرت بعد ذلك إلى جميع أنحاء ألعالم.
س- حدثنا رجاء عن عملك في ألجزائر ، والذي بسببه أسست جمعيه ألصليب ألأحمرلاحقا؟
ج- في سنه 1853 سافرت إلى ألجزائر للعمل في شركه إستثماريه سويسريه ، و نجحت في عملي ، وفي سنه 1856 أي بعد ثلاث سنوات أسست هناك شركه خاصه بي ، وامتلكت أرضا لزراعه ألحنطه مع عدد من ألطواحين ، بعقد تم مع ألسلطه ألفرنسيه ألمستعمره لذلك البلد ، وتم الخلاف بيني وبين السلطه ، فلم تكن بنود ألإتفاق بيننا قد حددت بوضوح حدود ألمزرعه ، أو إستغلال ألمياه ، وفكرت أن أحل ألمشكله بصوره جذريه بمقابله إمبراطور فرنسا( نابوليون ألثالث )،ألذي كان يتواجد في منطقه أللومبارديا في شمال إيطاليا ، وهو يحارب دوله ألنمسا ، ألتي كانت قد احتلت مسبقا معظم ألأراضي ألإيطاليه.
س-إذا توجهت بصفتك رجل أعمال إلى إمبراطور فرنسا ، ليحل ألنزاع ألذي كان بينك وبين ألسلطه ألإستعماريه في ألجزائر.
ج- نعم هذا ما حدث , وكان جيش ألإمبراطورألفرنسي قد تمركز
قرب قريه صغيره في شمال إيطاليا إسمها( سولفرينو) ، وقد صادف وصولي إلى معسكرألإمبراطور بعد معركه كانت قد دارت بين ألجيشان ألفرنسي والنمساوي وسميت (معركه سولفرينو) ، ومررت بإرض ألمعركه ألتي إمتد عليها ألمئات من جثث ألقتلى والجرحى ، من ألطرفين ألمتقاتلين ، بعد إنتهاء ألمعركه ، وتركوا بدون إسعاف أو عنايه. وكان عددهم مايقارب الثلاثه وعشرون ألف .
س- وما ذا كان بوسعك أن تفعله؟
ج- ذهبت ألى مدينه كاستليوني ألمجاوره ، وجندت ألنساء والفتيات لنعود جميعا إلى أرض ألمعركه ، و رفعت شعارا هو( كلنا أخوه) لإسعاف ومعالجه جميع ألجرحى من ألطرفين وبدون تمييز،
وحصلت على موافقه إمبراطور فرنسا على إطلاق سراح
ألأطباء ألنمساويون لديه ، لمعالجه جميع الجرحى ، بالتعاون مع ألأطباء ألفرنسيون ، واشتريت من مالي ألخاص ، ألحاجات ألطبيه وإقامه مستشفيات ميدانيه ، وأعتقد أنه كان ألحدث ألأول في تأريخ ألإنسانيه في علاج ألجرحى والمرضى بدون تمييز مابين جرحى ألطرفان ألمتقاتلان.
س- حدثنا كيف أسست مؤسسه ألصليب ألأحمرألدوليه.
ج- بعد رجوعي إلى سويسرا ، ألفت في سنه 1862 كتاب سميته ( ذكرى معركه سولفورينو) ، والتي ترك بعد إنتهائها ، ثلاثه وعشرون ألف قتيل وجريح على أرض ألمعركه ، وبدون عنايه لولا تدخلي كما أسلفت. وأكدت في كتابي على وجوب إصدار قوانين دوليه و جمعيات ، تتبنى معالجه ألموضوع ، وأرسلت كتابي إلى معظم حكام أوربا وساستها ، وسافرت إلى جميع أنحاء أوربا أشرح تلك ألمبادء.
وتجاوبت ألجماهير والساسه على ندائي ، ومنهم ألقاضي كوستاف مونييه ، رئيس جمعيه ألترفيه ألأجتماعي في جنيف ، والتي وافقت جمعيته على مبادئي . واختارت لجنه ، وكنت أحد أعضائها ، لدراسه ألموضوع والبت به,وأخيرا وافقت ألجمعيه على قرار أللجنه ألإيجابي ،وأعلن في 17 فبراير لسنه 1863 تأسيس ألجمعيه ألعامه لمنظمه ألصليب ألأحمر ألدوليه.
وفي 22آب سنه( 1864)أقر ألبرلمان ألسويسري رسميا ، مع 12 دوله أخرى ، كيان منظمه ألصليب ألأحمرألدوليه.
س- إذا تحقق حلمك فهل كوفئت على عملك؟
ج- على عكس ما تضن ، لقد تم اضطهادي من قبل ألسيد مونيه ألذي كان قد سندني في السابق ، وشاركني عضويه إداره المنظمه ، وكانت ألبدايه إنني أتهمت بخساره شركتي في ألجزائر ، وأفلست شركتي بعد أن أفلس ألبنك ألذي كان يسندها ماليا في جنيف ، واتهمت بالإهمال وإنني قد تسببت في خسارتها ، وبسبب حقد ألسيد مونيه تم عزلي من إداره جمعيه الصليب ألأحمر ألدوليه ، ثم من جعيه ألشباب (واي أم سي أي)، واضطررت إلى ترك بلدي والعيش في باريس وانا في حاله ألفقر.
س- وهل تم تقديرك من قبل أي سلطه وأنت في تلك ألحاله ألمؤلمه ؟
ج- إستلمت سنه 1901 جائزه نوبل للسلام ، وذكر في أسباب منحها مايلي:
( ليس هناك رجل آخر يستحق ألتقدير أكثرمنك. لأنك وقبل أربعون سنه أقمت تلك ألمنظمه ألعالميه ألعظيمه ،لإسعاف ألجرحى على أرض ألمعارك , ولولاك لما ظهرت على سطح ألأرض ما قدمته في ألقرن ألتاسع عشر ذلك ألمشروع ألإنساني ألعظيم).
وتوالت علي ألتهاني والتقديرـ فقد منحت سنه 1903 شهاده ألدكتوراه ألفخريه من أعظم جامعات ألمانيا،أي جامعه هايدلبرغ.
س- وكيف كانت نهايتك؟
ج- عشت في دار للمسنين في هايدن ، وقد عانيت من أمراض نفسيه مختلفه ، وتوفيت في 30 أكتوبر سنه 1910 وتم دفني حسب طلبي في مدينه زوريخ في سويسرا.
س- هنيئا لك يا سيدي على تحقيق أفعالك ألإنسانيه ، والتي عمت أنحاء ألكره ألأرضيه قاطبه ، وليتذكرإخواننا أليوم أللاجئون في وطني والمناطق ألمنكوبه ألأخرى ،عندما يستلموا إغاثه ألجمعيه ألتي أسستها أنت ، بمجهودك وتضحياتك ، ذلك ألرجل ألذي ضحى بماله وسعادته في سبيل إسعاد ألآخرين أيام ألمحن.
1156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع