عدنان حسين
يوم دخل رونالد ريغان إلى البيت الأبيض ليحتلّ مقعد الرئيس الأربعين للولايات المتحدة كان في عمر 70 سنة، فسجّل لنفسه أنه الأكبر سنّاً بين الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه. الآن سيُسجّل لدونالد ترمب أنه المتقدم على ريغان في هذا المجال، إذ سيدخل إلى البيت الأبيض وهو في سن الحادية والسبعين.
ليس هذا فقط ما يجمع بين الرئيس الأسبق الراحل ( توفي في 2004 عن 93 سنة) واالرئيس المنتخب للتوّ الذي سيكون رقمه الخامس والأربعين في سجلّ الرؤساء، فكلاهما قد فاز عن الحزب الجمهوري المعروف بيمينيته. كما ان كلّاً منهما كانت له تجربة في مجال التمثيل (ريغان) أو العمل التلفزيوني (ترمب).
عهد ريغان تميّز بتحولات كبيرة في السياسة الدولية، وأثمر تغيّرات كبيرة هي الأخرى في الخريطة السياسية الدولية بلغت ذروتها بتفكك منظومة الدول الاشتراكية الواحدة بعد الأخرى انتهاءً بانهيار الاتحاد السوفييتي. وعندما غادر ريغان البيت الابيض بعد ثماني سنوات كانت الريغانية التي وعدت بمحاربة الشيوعية ومعاداة الاتحاد السوفييتي وتفكيك حلف وارشو، قد تحققت.
يبدو دونالد ترمب، بأفكاره المتطرفة على صعيد السياسة الخارجية، شديد الشبه برونالد ريغان. لكن ما الذي يمكن أن يفعله ترمب تطبيقاً للافكار التي طرحها خلال حملته الانتخابية؟
بدل الاتحاد السوفييتي توجد الآن الصين بوصفها الدولة المتحدّية، أو أقلّه المنافسة، اقتصادياً للولايات المتحدة التي وعد ترمب في "خطاب النصر" أمس بأن يجعلها الأفضل: "لن نقبل لأميركا بأي شيء أقل من الأفضل"، وبأن يُبقي اقتصادها "أقوى اقتصاد في العالم"، واعداً مواطنيه بالعمل على "إصلاح البلاد وإعادة البنية التحتية، وخلق فرص عمل للملايين"، و"مضاعفة النمو الاقتصادي".
إذا ما أراد ترمب وضع هذه التعهدات موضع التنفيذ سيجد نفسه في مواجهة مع الدول الأخرى ذات الاقتصادات القويّة، وهي جميعاً تعيش الآن واحداً من أسوأ الأوقات في ظل أزمة اقتصادية شاملة لا تبدو في الأفق ملامح التعافي منها قريباً أو على المدى المتوسط. الخطاب الانتخابي لترمب يشي بأنه يمكن أن يكون على هذا الصعيد مثل سائق بلدوزر أعمى.
على صعيد آخر فإنه بدلاً من الشيوعية التي كرّس ريغان كل جهوده لمحاربتها، ليس أمام ترمب غير الإسلام الذي سعت الأوساط الأميركيّة المتطرّفة، وترمب قادم منها، لجعله العدوّ الأول للولايات المتحدة، متذرّعةً بالإرهاب الدولي الذي تقف وراءه جماعات الإسلام السياسي المتشدّدة. ولابدّ أن نفهم أنّ انتخاب ترمب بدلاً من هيلاري كلينتون إنّما يُعبّر عن نزعة متطرّفة لدى المجتمع الأميركي هي ردّ فعل على التطرّف الإسلامي الذي كلّف الأميركيين الكثير من الأرواح والأموال ابتداءً منذ واقعة 11 سبتمبر 2001. والأرجح أنّ ترمب واليمين الأميركي المتطرّف سيعملان على رفع درجة المواجهة مع الإسلام إلى مستوى الحرب المقدّسة. هذا ما يتعيّن أن نتنبّه له بكلّ حواسّنا لندرك أنّ منطقتنا قد تكون مقبلة على حقبة أكثر اضطراباً في عهد أميركي جديد يدفع نحو النزوع للتعويل على استخدام القوّة أكثر.
خيارنا، لتجنّب المزيد من الحرائق وأنهار الدم، أن نواجه، حكومات ومجتمعات، المنظمات الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسي المتطرّفة، وانتهاج سبيل الاعتدال، والتحوّل الى النظام الديمقراطي الذي من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار، بأدنى الحدود في الأقل.
700 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع