بدري نوئيل يوسف
نقرأ ونسمع كثيرا عن الحوادث المرورية والمآسي، التي يتعرض لها الأطفال الراكبين في المركبات أثناء سيرها، نتيجة إهمال سائق المركبة ومعه الأطفال، غالبا ما تنتج هذه الحوادث وتكمن المشكلة في عدم تطبيق أنظمة المرور، وعدم ضمانة وحرص السائق على سلامة الأطفال، وبالإضافة للعقوبات والجزاء الغير رادعة التي لا تجبر السائق على تطبيق النظام والقوانين المرورية.
عندما يقف مراقب فوق رصيف أي شارع في محافظة السليمانية، يرصد ويراقب حركة المركبات خاصة الخصوصي منها، يلاحظ الأطفال الراكبين مع اقربائهم، يشاهد العجب وتقشعر الأبدان، يجد الاطفال في حركة دائمة لا تهدأ ولا تستقر، منهم من يتنقل بين كرسي وآخر من الأمام للخلف أو العكس، ومنهم من يطل برأسه ونصف جسمه للخارج من النافذة الجانبية، ومنهم من يفتح سقف المركبة ونصف جسم الطفل للخارج يلوح بيده كأنه عائد من معركة منتصراً، والغريب والعجيب يشاهد بعض السواق من يضع طفلا صغير في حضنه وهو يقود المركبة.
كذلك مركبات الحمل (البيكاب) نشاهد عدد من الاطفال يجلسون داخل حوض المركبة الخلفي ومنهم واقفين أو جالسين على حافة الحوض والمركبة تسير، هؤلاء الاطفال لا تتجاوز اعمارهم بين عام واثنا عشر عام، ولا يدرون أنهم معرضين لوقوع حادثة، أما الطفل الأقل من عام تجده في حضن امه أو المربية الاسيوية، والأغرب هذه الخاتون تجلس في المقعد الامامي، والمركبة تحوي على نظام البالون airbag،الذي يسمح ركوب الاطفال في المقعد الخلفي فقط،وكذلك لا تربط حولها حزام الامان وتلاعب الطفل كأنها في حديقة المنزل.
أما عند إشارة المرور تشاهد بعض الاطفال من يفتح أقرب باب إليه من أبواب المركبة ثم يغلقه، سواء كانت المركبة في حالة سير أو توقف، مازحا مع الراكبين داخل المركبة وهم غارقين في الضحك والمرح.
أما الاطفال المتسولين أو البائعين عند الاشارات المرورية، منهم من يحمل قنينة فيها ماء يعمل ماسحاً ومنظفاً لزجاج السيارات، ومنهم يبيع اللبان(العلكة)، أو قناني المياه الصحيّة، أو علب المناديل الورقية، وهم يمتهنون التسول بطريقة غير مباشرة، يشاركهم فتيات صغيرات اعمارهم متقاربة لعمر الصبيان يتسولن أو يشاركن الصبيان ببيع الحاجات، هؤلاء الاطفال يمضون اكثر من عشرة ساعات عند اشارات المرور، وتزداد اعداد الفتيات الصغار المتسولات يوما بعد يوم، ذلك وضع خطير لما يمكن ان تتعرض له الفتاة الصغيرة من اخطار الشارع والاستغلال لبراءتها، في ظل انعدام ردود الأفعال من الجهات المعنية تجاه ظاهرة اطفال الاشارات المرورية، وأكثر ما يزعج سائقي المركبات هم الأطفال الذين امتهنوا مهنة المسح، بعد رش الماء على الزجاج الامامي للسيارة وعدم امكانية تنظيفه لان لون الاشارة تغير للأخضر، وكذلك الناقرين زجاج السيارة متوسلين أن يقبل السائق ببضائعهم ولو لم يكن محتاجا إليها، فيما تشير الظروف المحيطة بهؤلاء الأطفال إلى حرمانهم التعليم والصحة الوقائية.
كما يشاهد السائق وحرمه (زوجته) جالسين في المقعد الأمامي، يدخن سيجارته وقد ملئ السيارة بدخان سيجارته ونسى اطفاله يستنشقون الدخان، تجده منصرفاً إلى مكالمات الجوال أو الاستماع إلى الأغاني التي يصدح بها مسجل سيارته بصوت عالي، ويهز رأسه طربا على انغام الموسيقى ويتمتم كلمات الاغنية ولا يفهم منها شيئا، المبكي والمحزن أن يكون السائق هو القريب لهؤلاء الأطفال، إما يكون الوالد أو الوالدة ومرات يكون الاخ الكبير أو الاخت الكبيرة، كل هذه الفوضى تحدث داخل المركبة والسائق لا يهتم بمن يتضرر نتيجة إهماله، وغير مهتم بما يجري حوله من عبث الأطفال وتصرفاتهم الصبيانية، بالإضافة الى عدم احترامه انظمة المرور، وإن وجد شيء في النظام يمنع عبث الاطفال فإنه لا يطبقه.
أما اثناء الاحتفالات القومية أو الاعياد يلاحظ مئات المركبات ملئ بالأطفال وأجسامهم خارجة المركبة، يحملن الاعلام و الشعارات يلوحون بها، بالإضافة لقيام الشباب داخل الحافلات بالرقص والغناء وسائق المركبة يهز كتفه طربا على انعام الموسيقى، ومن يضمن سلامة هؤلاء الشباب.
ترك الاطفال يعبثون داخل السيارة وعدم استخدام المقاعد الخاصة بهم وشد حزام الأمان، جزء من الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة حوادث المرور ويعرض الأطفال لخطورة أكبر، والمهم وجود رقابة صارمة في قوانين المرور وضبط السرعة ومنع قيادة المركبة تحت تأثير شرب الخمور.
أولياء أمورهم مسئولين مباشرة عن حماية هؤلاء الأطفال وهم أمانة في أعناقهم، ولأي سبب من الأسباب لا يجوز التفريط فيهم، وفي حوادث المرور يُعدُّ فقدان الطفل لحياته أو إصابته مأساة لأسرته، فهذه مأساة عظيمة إذا كان احد الوالدين أو الأخوة المتسبب في الحادث بسبب الإهمال أو التقصير، ومسئولية الدولة من خلال أنظمتها وقوانينها المختلفة مسئولة عن حماية الأطفال، لأنهم أمانة وعليها مراقبة تطبيق قوانينها، وعدم التسامح مع مَن لا يلتزم بأنظمة المرور، فهي مسؤولية الجميع دون استثناء، فدوائر المرور مسئولة عن حماية الأطفال من الناحية المرورية، والأسرة أيضا مسئولة عن حماية هؤلاء الأطفال من جميع النواحي سواء في المنزل أو المدرسة أو في أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المختلفة، لكي يعطى للطفل الحماية الكافية حتى سن الثانية عشر من عمره، توصي الدراسات الى ضرورة استعمال المقعد المناسب وضرورة ركوب الأطفال فى المقاعد الخلفية هذه لحماية أكبر، وبحسب عمر ووزن الطفل تصنع مقاعد الأطفال الخاصة .
يا مرور ... ويا أولياء الامور ... رفقا بأطفالنا.
2115 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع