الدكتور/ مؤيد عبدالستار
تمثال المرأة الخاشعة / المصلية / العابدة ، راكعة تعتمر رداء واسعا – جبة ، تنورة ، عباءة - شاع في الحضارة السومرية منذ ثلاثة الاف عام قبل ميلاد المسيح ،وظهر لاول مرة قبل ذلك بعدة قرون في مدينة سوسة / عيلام ، بلاد الكورد الفيليين / ايران .( جدير بالذكر ان بلاد الكورد الفيليين او بلاد اللور – لورستان – انقسمت بين ايران والعراق بعد رسم الحدود بين الدولة الصفوية والعثمانية واخذت شكلها النهائي بعد الاحتلال البريطاني لايران والعراق اوائل القرن العشرين ).
لا بد من الاشارة الى ان تطور النحت رافق نشأة وتطور المدينة كما جرت تحولات كبرى في حقل العمارة والادارة / تنظيم السلطة ، والفنون خلال عصور التمدن الاولى .
تطورت المنحوتات واصبحت على شكل مسلات ، مزهريات واواني مزخرفة ، تماثيل بسيطة دائرية الشكل ، ثم تطور الحضور الانساني ليصبح واقعيا ، مع شكل وجه حقيقي وتشكيل الجسم بشكل يشبه الجسم الحقيقي نوعا ما .
ان افضل تمثال لهذه الحقبة هو تمثال الملك / الكاهن ، المنحوت في عدة نماذج عثر عليها في بلاد الرافدين .
اما في سوسة / عيلام - ايران ، فان الشكل الاساسي للنحت تطور حين نحتوا الحيوانات باوضاع مثيرة وحيوية ، على سبيل المثال الضفادع التي تتسلق الضفاف وتتحفز للقفز ، او الدب الذي يجلس على مؤخرته ويحاول فتح صندوق يحمله بمخالبه، اما التماثيل الوحيدة للبشر فهي تماثيل المصلين ، كانت شائعة في الالف الثالثة قبل الميلاد ، وظهرت لاول مرة في مدينة سوسة في عيلام / ايران ، علما ان مدينة سوسة هي المدينة التي عثر فيها على مسلة حمورابي وهي الان محفوظة في متحف اللوفر ايضا .
التمثال الاول الذي عثر عليه في مدينة سوسة لانسان يصلي عثر عليه في موقعين صنع من مادة المرمر ، وهو حجر متوفر ويسهل نحته ، لـه قيمة أكبر من حجر الكلس الذي كان يستخدم في النحت بشكل واسع اواخر الالف الرابعة قبل الميلاد .
ان وضع الركوع للمصلي – العابد – في الرداء ( العباءة ، التنورة ، الجبة ) كان خاصا بعيلام ، كما عثر على تمثال من هذا النوع في منطقة تل اغراب في منطقة ديالى / العراق .
هذا التمثال لامرأة تضم يديها او تحمل وعاء تقدم فيه قربانا .
ان تماثيل المصلين في مدينة سوسة لها عيون على شكل حبة اللوز ، وانوف معقوفة ، والشعر معقود برباط يتدلى الى الخلف على شكل دائري، وايدي مضمومة تسند الصدر المرتفع .
انه تمثال فريد ، اكبر من التماثيل الاخرى ،نـقـش فوق صخرة واحدة ، يحتل كتلة الحجر بشكل جديد ، الذراعان منفصلان عن الجسد ، والاصابع ترتفع الى الحنك .
التمثال يحاول اظهار خشوع – المصلي – في حالته الحقيقية ، الواقعية ،الاصابع الصغيرة تتشابك ، والابهامان يلتقيان اسفل الحنك ويظهر الوجه في حالـة انـتـباه خاص .
الحـنـك والذراعان أطول قليلا من الواقع .
ان هذا التمثال يبقى أجمل تماثيل مدينة سوسة /عيلام في ذلك العصر و أحد أهم و أفضل التماثيل القديمة التي تعبر أو تمثل المصلي كما يقول العالم المختص بالاثار العيلامية بيير اميت
ينظر : متحف اللوفر / باريس .
المصدر المشار اليه في تعريف المتحف :
Amiet Pierre,Elam , Paris 1966
1047 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع