حديث الكتب والذين يكتبون

                                           

                         عائشة سلطان

تتسبب معارض الكتب في فتح شهية الناس لشراء الكتب والقراءة، خاصة أن الإعلانات التحريضية لا تتوقف عن الطرْق على أذهانهم، هذه المعارض نفسها تفتح شهية المثقفين لما هو أكثر، كما تفتح شهية دور النشر والكُتاب كذلك، معارض الكتب فاتح شهية قوي فيما يخص الثقافة والقراءة والمعرفة، باختصار علينا أن نصفق لمعارض الكتب.

وأن نكون ممتنين لها ولمن اخترع فكرتها، وبالمناسبة فمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب أكمل 5 قرون منذ إقامته للمرة الأولى، علينا أن ننحني للتجارب العظيمة دائماً، وأن نتعامل مع المعرفة بعناية فائقة واحترام شديد، فالكتب أصبحت معيار مفاضلة بين الأمم والشعوب!

لا مؤسسة ثقافية ولا نشاط ثقافياً على امتداد العام يوازي ما تقدمه هذه المعارض خلال سبعة أيام فقط! فهي تثير من القضايا ما يعتبر أحياناً مسكوتاً عنه أو متجاهلاً بحكم الحرج وتشابكات العلاقات والمصالح، وبحكم القفز على الضرورات والاكتفاء بمناقشة ما لا ضرورة له وما دونها طلباً للسلامة!

اليوم نحن بإزاء قضية المحتوى فيما تقدمه دور النشر والكتاب، وحين تتحدث مجموعة من المهتمين والصحفيين والقراء عن هذا المحتوى، لا بد أن يتداولوا مثل هذه التوصيفات للكتب التي أصبحت شائعة مثل: كتب فارغة من المضمون، كتب سيئة، كتب لا قيمة لها، كتب تجارية، كتب ركيكة، كتب عبارة عن فقاعات، كتب لم يؤلفها أحد (هذا أغرب توصيف يمكن أن تسمعه.

فتشعر أنك بإزاء فيلم غامض)، وقد تسمع اعتراضاً واستياء ونقداً وآراء لم تكن تتخيل أن هناك من يعتنقها، خاصة إذا كنت كاتباً أو كان هؤلاء أعضاء في تجمع قرائي أو من الذين ينتمون لقبيلة القراءة أكثر مما ينتمون لأي شيء آخر، هناك قراء متمكنون من ناصية القراءة على دور النشر والكتّاب أن تحترم وجودهم وذائقتهم وأحكامهم!

سينبري الآن أحد القراء الكرام أو أحد عشاق الجدل أو أحد محبي الفلسفة أو الاعتراض ليسأل: ومن يحدد إذا كان هذا الكتاب سيئاً أو عظيماً؟ ولماذا لا يترك العنان للكتب والأفكار بجميع أشكالها ومستوياتها أن توجد على المنصات؟ ولماذا نصادر أفكار الآخرين عندما لا تتفق مع أفكارنا؟

كل هؤلاء لهم الحق فيما سيدلون به، ففعل القراءة والكتابة هو فعل إطلاق الأفكار من قفص العقل واللسان، المهم أن نطلق أفكاراً حقيقية، وأن يطلقها أشخاص حقيقيون أصحاب تجارب إنسانية مؤثرة، أشخاص مُلهِمون، مهنتهم أن يكتبوا ويقرعوا الأبواب المغلقة، أشخاص ليس شرطاً أن يكونوا كباراً أو فلاسفة.

ولكن أن يعرفوا على الأقل الفرق بين الفكرة المضيئة المؤثرة كنجمة وبين علبة الكوكاكولا وكيس البطاطا، في الإبداع الحرية هي أن تخوض الطرقات كلها وترى ما لم يره الآخرون، ثم تكتب عنه بطريقتك الخاصة والملهمة والممتعة، مهم جداً أن نعرف أن الكتب حياة أخرى، والقراءة متعة وليست عبثاً، حتى حين نكتب عن التفاهة!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1149 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع