أحمد الملا
بات من الواضح أن دعوة الإصلاح والتغيير التي طالب بها الشعب العراقي منذ شهور عندما خرج في الساحات ليطالب بتغيير المفسدين ومحاسبتهم وتقديمهم للعدالة, باتت تلك المطالب سلّماً يتصارع على تسلقه زعماء وقادة الكتل والأحزاب التي تشارك في العملية السياسية وما يقف خلفهم من دول راعية لهم, من أجل الوصول إلى " كعكة " الحكم التي من خلالها ستكون السرقات والإختلاسات وعقد الصفقات الفاسدة والمشبوهة بالإضافة إلى تمرير مشاريع الدول الراعية لتلك الأحزاب.
وما يحدث الآن من تناكفات سياسية تحت يافطة " الإصلاح " وتقلب المواقف بين من حملوا تلك اليافطة ما هو إلا دليل واضح على كذب ونفاق ودجل أصحاب تلك الدعوات المساهمين والمشتركين في تلك المسرحية السمجة, حيث نلاحظ إن من يدعوا للإصلاح وحشد الناس وإعتصم من أجل التغيير – ظاهراً – يسحب النواب الذين يمثلونه من الإعتصام الذي نظموه داخل قبة البرلمان ليوجه ضربة مبرحة للجهة التي نظمت لهذا الإعتصام!! بينما نجد أن هؤلاء النواب المعتصمين لم يقفوا سابقاً مع الإعتصامات خارج أسوار المنطقة الخضراء, وسبب ذلك التباين والإختلاف في المواقف هو اختلاف الإنتماء والولاء للأجندات الخارجية هذا من جهة ومن جهة أخرى هو محاولة التفرد بــ" كعكة " الحكم أو الإستحواذ على أكبر قدر ممكن منها.
فالإختلاف الحاصل الآن بين الكتل والأحزاب البرلمانية على سُلّم الإصلاح الذي يحاول الجميع تسلقه من خلال إسقاط أحدهم الآخر والذي يشبه إلى حد كبير سُلّم المصارعة الحرة, حيث تصارع طرفان أو أكثر على تسلق السُلم ومحاولة إسقاط المنافسين من أجل الوصول إلى الجائزة, فهذا التناكف والتصارع والإختلاف من أوضح المصاديق على كذب ودجل وعمالة وتبعية أصحاب دعوات الإصلاح, لأنهم لو كانوا جادين في الإصلاح والتغيير لتوحدت جهودهم وفق رؤية معينة وممنهجة من أجل إحداث التغيير الذي يطالب به الشعب حتى وإن كان ذلك يؤثر عليهم من حيث التمثيل الوزاري الذي يطالبون بجعله تكنوقراطياً.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على إن التحالف الوطني الآن في حالة من التشقق والتشرذم وأن كل كتلة منضوية تحت لواءه هي كتلة تابعة لجهة أو أجندة تختلف عن الأخرى, وكما بينا إن ما حصل في الإعتصامات التي حصلت على أسوار الخضراء وفي داخل البرلمان من اختلاف تسبب في خلق أزمة جديدة جعلت التحالف الوطني الآن منقسم على نفسه حتى وصل الأمر إلى التهديد والوعيد, لأن الدول الراعية لكتل هذا التحالف يوجد صراع فيما بينها, وهذا ما أوضحه المرجع العراقي الصرخي في استفتاء " أميركا والسعودية وإيران....صراع في العراق" حيث قال ...
{{... 3ـ القراءة الأولية للأحداث الأخيرة تشير إلى:
أ ـ إنّ التظاهرات والاعتصامات الأولى عند أبواب الخضراء كانت بتأييد ومباركة ودعم القطب الثالث الجديد المتمثّل بالسعودية ومحورها الذي يحاول أن يدخل بقوةٍ في العراق والتأثير في أحداثه ومجريات الأمور فيه، منافساً لقطبي ومحوري أميركا وإيران.
ب ـ أما الاعتصام الثاني للبرلمانيين فالظاهر أنه بتأييد ومباركة ودعم بل وتخطيط إيران لقلب الأحداث رأساً على عقب وإفشال وإبطال مخطط ومشروع محور السعودية وحلفائها، وقد نجحت إيران في تحقيق غايتها إلى حدٍّ كبير.
جـ ـ أما الاعتصامات الأخيرة عند الوزارات فلا تختلف عن سابقاتها في دخولها ضمن صراعات أقطاب ومحاور القوى المتدخلة في العراق فلا يُرجى منها أيّ خير لشعب العراق.
د ـ أرجو وأدعو الله تعالى أن تحصلَ صحوةُ ضميرٍ حقيقية عند الرموز والقيادات المؤثرة فتكون صادقة وصالحة لقيادة الجماهير نحو التغيير والإصلاح الجذري الكلي وتحقيق الخلاص، وسنكون جميعا معهم...}}.
وهذا يعني إن الإصلاح الذي تنشده الكتل والأحزاب هو إصلاح خاص بها وليس للشعب, بحيث تكون نتائجه ايجابية لها ولمن يرعاها من دول وأجندات خارجية, لذا فإن الإصلاح الحقيقي يكمن في تطبيق مشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي والذي دعا فيه إلى تدويل قضية العراق وأن يكون تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع الدول العربية, و حل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد ويكون أعضاء هذه الحكومة من العراقيين الشرفاء غير المرتبطين بأجندة أو دول خارجية, وهذا هو الإصلاح الحقيقي وإلا فإن العراق إلى الهاوية .
1029 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع