د. ضرغام الدباغ *
لا يمكننا النظر إلي الموقف في العراق إلا كحزمة واحدة ومحصلة لعوامل كثيرة، وسوى ذلك اجتزاء للحقائق المادية الموضوعية. ومن أهم تلك الحقائق الموضوعية :
1.لا يختلف إثنان أن الوضع في العراق قد بلغ ذروة خطيرة ولكن بأي مؤشرات ... وصوب أي أتجاهات ..؟
2.بكل موضوعية يمكننا أن نقرر بجلاء ووضوح تام أن مجموع العملية السياسية التي بدأت بعد الاحتلال لم تفض إلى شيئ. وهذا الشيئ الذي كان من يعول عليه من يعول، ويشحن ويحرك من يحرك، ويدفع الأمور وصولاً إلى إدخال قوى احتلال إلى العراق، لقد أتضح أن تلك القوى لم يكن في برامجها فقرة إنمائية، عمرانية، بل لم يهمها سوى تدمير العراق وفقاً لمصالح تكتيكية واستراتيجية، للقوى الأجنبية التي عملوا وسعوا في ركابها.
3.أن قوى التدخل الأجنبية في الشأن العراق قد أدركت، أن مسار العملية السياسية قد بلغ منتهاه على جميع الأصعدة، ولم يعد بالإمكان المضي إلى أبعد مما وصلوا إليه.
4.وكتحصيل حاصل لهذه العملية لم يعد بالإمكان بقاء القوى الضالعة في ركاب الاحتلال على مسرح الأحداث السياسية، لذلك فإن فكرة تغيير الأطقم السياسية لا يبدو كافياً، لأن ما حصل هو كارثة كبيرة بكل المقاييس، ولا يمكن اعتبار الحالة الكارثية لتي يتمرغ بها العراق منذ ثلاثة عشر عاماً أخطاء عابرة، في بلاد تحطم كل شيئ فيها، حتى البنى الارتكازية التي بناها العراق منذ عشرينات القرن الماضي.
5.ويتفق الجميع أن أبرز وأخطر ما خططوا لتدميره في العراق هو ضرب الوحدة الوطنية العراقية الخالدة، عندما قامت هذه الفئات بعمليات التحريض والشحن الطائفي خدمة للمصالح الأجنبية، ومن غير الأجنبي يقسم الشعب إلى طوائف وأعراق ومناطق، وها هي الجماهير العراقية تنهض غاضبة بقوة يد واحدة، بعد أن شعر الجميع، نعم نقول الجميع دون استثناء بالخطر على الوطن. فوحدة الوطن فوق برامج وتوجهات الأحزاب وفوق الأمزجة.
6.شعر العراقيون أنهم تعرضوا لعملية غدر، وتلاعب بعواطفهم الدينية / الطائفية، والمنطقية، وخاطبوا جهات أجنبية خبيثة الضمير الفردي فيهم دون المصلحة الجمعية، وركزوا على ما يؤدي إلى التفريق لا إلى التوحيد، على العارضي لا على الجوهري، واليوم وعندما أدركت الجماهير فساد كل هذه العملية من لبها إلى أساسها وفشلها الذريع، وأنها لم تؤد إلا التقاتل، وتشيع الضحايا بصرف النظر تحت أي شعار، فكل شعار لا يعبأ القوى العراقية جميعها هو شعار حتماً ليس شعاراً وطنياً ولا يفيد العراق.
7.إن بلداً شرعت فيه القوانين التي تؤدي إلى تمزيقه تحت شتى الذرائع، إذ سنت التشريعات التي تهمش وتقصي وتبعد وتستثني، فكيف يمكن بهذه الحالة إقامة مجتمع يتجاوز محنه وينطلق لتحقيق مستقبل يليق به.
8.إن الإصلاح كتشخيص أو كعلاج، فات أوانه، ومنذ سنوات طويلة كان كل من يراقب الموقف بموضوعية يدرك مآل هذه العملية السياسية الفاشلة، لأنها تأسست على قيم دينية / طائفية، ولأنها مركبة على أساسات فاشلة، ولا يمكن لها أن تقيم بنياناً يستند ويقوم على أسس فاشلة وهشة ضعيفة.
9.إن الجماهير العراقية بكل أطيافها اليوم تريد التغير ... نعم التغير وليس الإصلاح، فالإصلاح فقرة لها مغزى سياسي، والجماهير لم تعد تثق بالسياسيين على مسرح السياسة، لفئة لم تعد تصلح لشيئ بعد كل الذي حصل.
10.إن هذا النظام الذي أنتجه الاحتلال بكل فحواه ومحتواه لا يورث، (والنتيجة خير دليل)، سوى الإرهاب والفساد وتدمير البلاد.
11.الحكومة الحالية، وبصرف النظر عن نوايا رئيسها، فالنوايا لا تنفع بشئ في يوم كهذا. والحكومة هي استحقاق يعرف الجميع كيف تم التوافق عليه، لم تصل حكومة إلى الحكم طيلة ثلاثة عشر عاماً بصورة شرعية، وإنما كانت توافقاً بين القوى الأجنبية المهيمنة على المقدرات العراقية.
12.من هنا فان المطالبة بالتغير ولابد أن يكون التغير شاملا لكي يرتقي العراق فوق محنته وبمنهج واضح ودقيق ونبدأ عملية إقلاع في بناء عراق ديمقراطي حديث، لابد له أن ينطوي في أساسه على استبعاد الإرادة الأجنبية في تقرير شؤون العراق..
13.تاريخ الحركة الوطنية العراقية عريق يمتد لقرابة القرن، والحركات الوطنية العراقية تضم حركات وأحزاب وقوى وطنية وقومية واجتماعية / اشتراكية لا تفرق بين عراقي وآخر، واليوم نناشد جميع هذه القوى أن تتجاوز التجارب السلبية السابقة، وتتجه معاً صوب بناء عراق جديد ديمقراطي .
ــــــــــــــــــــــــــ
•الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق.
•المقال جزء من مقابلة تلفازية يوم 29/ آذار / 2016
1289 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع